Skip to main content

Full text of "1079 Pdf عقيدة المسلم لمحمد الغزالي"

See other formats










www.nahdetmisr.com 













الشيخ محمد الغزالى . 
داليا محمد إبراهيم . 

الطبعة الأولى وليو ۳١٠۲م‏ . 

Y. Y/ Mof 

ISBN 977-14-2123-9 

دار لهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع . 
٠‏ المنطقة الصناعية الرابعة 

. مدينة السادس من أكتوير‎ 
AYY «YAS — AYY AV vs 


6 ش كامل صدقى - الفجالة - القاهرة . 

0%. AAño — 01: AATV om 

X/04YY%0 : asu 

ص.ب: 58 الفجالة - القاهرة. 

. ش أحمد عرابى - المهندسين - الجيزة‎ ١ 
Publishing@nahdetmisr.com 

Y /VEVYAVE — VEVUÍVE ت‎ 

SAO 

ص.ب: ١؟‏ إمبابة . 

كافةإصدارات شرك ة نهضة مصر للطباعة والنشر 
والتوزيسسع تجدونهساعلى موقسع الشركسة بالعنوان التالى 
www.nahdetmisr.com‏ 4,1 المجانى 07775666 





۰۲/۸۳۲۰۲۹٩٦ فاكس‎ 


ويسم الكتساب: 
A‏ 
E‏ 
ار عسخ‌النشسر: 
y,‏ اکسم آل یسسسداع : 
«قحسر قيمالدولى: 























لس اس[ الرئيسسى : 


















سر كزالتوزيع: 









© نات أرة اللعسامسسة: 





القدمة 


هذه بحوث فى العقيدة دفعتنى إلى كتابتها قلة الرسائل التى تُعْنى بهذا اللون 
من علوم الدين . وتعرضه فى أسلوب يتفق مع حاجة المسلمين المعاصرين 

وقد رأيت أن أسوق الأصول العلمية لعقيدة e‏ 
الناس قراءته من هذه الأصول فى مظاتها من ثقافتنا الدينية . 

لا لأنى ساتی بجديد فى هذا الميدان . بل نزولاً على منطلق التجارب ‘ 
وانتفاعًا بما اكتنف جوانب التاريخ الإسلامى من أحداث » وتوخيًا للسير فى هدى 
النصوص انجردة من الكتاب والسنة . 

فالذى يقرأ شيئًا عن عقيدة المسلم فى العلم الموسوم ب «علم الكلام» أو «علم 
التوحيد» » لا يعوزه أن يسجل ملاحظات مهمة عن المسائل التى خاض فيها 
العلماء » والنمجادللات التى دارت بينهم ¢ gals‏ التى تمخضت عنها مناظراتهم 6 
وعن أثر ذلك كله فى إيمان العامة والخاصة جميعًا ! . 

والذى آخذه على منهج البحث فى «علم الكلام» - فى حدود ما درسنا من 
كتبه- أنه : 

-١‏ نظرئ بحت » يُنظّم الملقدمات ويستخلص النتائج »كما تصنع ذلك 
الآلات الحاسبة فى عصرنا هذا » أو الموازين التى تضبط أثقال الأجسام » ثم 
تسجل الرقم » وتقذف به للطالبين . 

كذلك سارت الاستدلالات فى هذا العلم الخطير » فتكلمت عن الله - سبحانه 
وتعالى - » وعن صفاته الكريمة » وانتهت إلى حقائق جيدة » يستريح إليها العقل 
الخصيف . 

بِيِدَ أن الإسلام فى تكوينه للعقيدة يخاطب القلب والعقل » ويستثير العاطفة 
والفكرء ويوقظ الانفعالات النفسية مع إيقاظه للقوّى الذهنية . 


A nn 


وقد es‏ - عن كثب - ما تخلفه دروس التوحيد من كتبه المقررة Las‏ 
كنت أجد فارقًا SÍ‏ -لذى السامعين - بينها وبين شروح امعادلات البرية Aza‏ 

كلاهما ترويض للعقل » مبتوت الصلة بالفؤاد . فكأن الطالب يذكر طائفة من 
الأدلة على الوجود الدائ ثم «لواجب الوجود» » ولا يستشعر فى قرارة نفسه عظمة 
الخالق المتعال ال ا نحو مر سواه » وألهمه 
فجوره وتقواه . 

أفهكذا تدرس العقيدة ؟ وقد فزع العامة إلى علوم التصوف يستكملون منها ما 
عر عليهم إدراكه فى علم الكلام » ولكن التصوف ميدان كثير المزالق » وشطحات 
السائرين فيه أكثر من سدادهم . 

ولاشك أن هذا العلم أنعش عاطفة الحب الإلهى ؛ وربط قلوب الناس ربطًا رقيقًا 
ببديع السموات والأرض .» إلا أن مخاطر الشغل به تجبعلنا نتوجس منه . 

وقد حاولت فى أثناء الكتابة عن عقيدة المسلم أن أرطب جفاف التفكير العقلى 
برشحات من المشاعر الحيّة » ولم أتكلف لذلك إلا أن أجعل نصوص الكتاب 
والسنة us Lei‏ : 

فلا يستكثرن القارئ إيراد الشواهد منها ء فإن لذلك حكمة مقصودة تعرف يعد 
مطالعتها فى سياقها . 

+ وللظروف التى نشأ فيها «علم الكلام » أثر سيئ فى سرد حقائقه وصوغ 
دقائقه » فإن جحيم السياسة » وتطاحن الأحزاب dal‏ أرسل شواظًا من 
الأحكام الإسلامية Ye‏ إلى اليوم نشقى بها ء برغم القرون الطويلة التى 
مرّت عليها !! . 

وفى ضجيج الخصومة السافرة يعسر البحث عن الحقيقة! ولو أمكن الوصول 
aras ie ll‏ الاقتناع tle‏ 

ومن الغفلة أن نحسب تكوين العقيدة يتم فى مجلس مناظرة , da‏ فيها 
النصوص » وینشد فيها Was 3 Lie‏ بالألفاظ Hass‏ منطق «أرسطو» 
فى الخاتلة وإيقاع الخصم أمام العامة! . 

وعفا الله عن أجدادنا » فقد pa‏ بذلك ٠‏ وأعاتهم عليه أن الدولة الإسلامية 
كانت a‏ العالّم . 


للم بي ب A a‏ 


فلا بأس على رجالها أن يشتغلوا بالترف العقلى . وأن يحوّلوا فراغهم من الجهاد 
فى سبيل الله إلى الجهاد فى هذا الميدان الخطر» فانشغلوا بأنفسهم عن أعدائهم » 
ثم ذهب الرجال وبقى الجدال . . بقى إلى اليوم يهدّدُ وحدة الأمة ويهزٌ كيانها! . 
ومع أن الدولة الإسلامية E‏ على قدميها أمام الصليبية الغازية » واقترب الخطر 
على الإسلام من صميم عقائده وصميم دياره » فإن الريح النّتئّة لهذا الجدل ما 
تزال تهب من بعض الجماعات التى تحترف ‏ للأسف الشديد ‏ خدمة الإسلام . 

ولا أحسب أمة تحتاج إلى وحدة الأفكار والمشاعر مثل هذه الآمة الإسلامية . 

فإذا نشب خلاف على شىء ما » فإن تحويل هذا الخلاف من الأدمغة المفكرة 
إلى صفوف الأمة › Ana‏ > الله ورسوله جيك وجماعة المسلمين ... 

يقول الأستاذ الجليل « أحمد عزت باشا» - معلقًا على الخلافات الناشبة فى 
علم الكلام : «كانت هذه الخلافات فى الأصل ما لا ينبغى أن يتجاوز حدود 
المناظرات المنطقية والعلمية والفنية » ولكنا أقحَمُنا اسم الله فى مناقشاتنا التى لا 
معنى لها . 0 

فحاول كل فريق منا إسناد الكفر والإلحاد إلى الفريق الآخرء IH U‏ 
البدائى خصومة دينية لا تهدأ . 

فاختلاف الجهمية والمعتزلة نشأ ‏ فى أصله ‏ عن التعبير بأن العبد خالق لفعله » 
بدل التعبير بأنه فاعل لفعله » وعن تصور الاستقلال التام فى الإرادة البشرية . 

وهذه العقيدة  the‏ كانت أو صوابًا ‏ صالحة لتكون موضع مناقشة علمية . 
يستطيع فيها الطرفان مناقضة بعضهما بعضا ونقده؛ بل استجهاله واستحماقه! 
ولكن المسألة لم تقف عند هذا الحد . 

فقالت القدرية : إن عدم القول بعقيدتنا يعنى إسناد الظلم إلى الله فى 
عذاب الآخرة . 

وقال معارضوهم : إنكم تنكرون عموم القدرة والإرادة الإلهية . » وهذا كفر. . 

Yi Las‏ هذا الخلاف » ثم توسّعٌ على مرور الزمن » حتى تولدت منه مبادئ 
غريبة غير معقولة . .» 


SS ee SSS 


والولع بالخلاف سَّرى حتى ضضم إلى العقائد أمورًا مضحكة . 

فهناك خلاف بين المعتزلة وأهل السنة على حقيقة السحرهء وعلى تكون 
السحب » فأى Ma Liz‏ 

وبين المسلمين اليوم نزاع يفصم وحدتهم حول ما دار بين على بن أبى طالب 
وغيره من الصحابة فى مسائل الخلافة . 

فهل على وجه الأرض أمة تجتر ماضيها السحيق لتلوك منه خلافات قاسية 
كهذه الأمة؟ 

ولاذا نقحم هذه الأمور إقحامًا فى شثون العقيدة؟ . 

ولماذا لا تبقى فى نطاق الذكريات التاريخية التى ترس OS‏ تاريخ لتؤخذ منه 
العبرة فحسب؟ 

وما صلة الإيمان بالله واليوم الآخر بحُكمنا أن هذا أصاب » وهذا أخطأء والله 

یقول : تلك أُمَة قد خلت لھا ما کسبت ولکم ما کسبتم ولا تسألون عَمًا کانوا 
(we: ¿a do den‏ 

وإنى لأقرأ فى صحفنا الدينية اليوم نزاعًا بين أتباع السلف والخلف - كما أسموا 
أنفسّهم - وأسمع ألفاظ الكفر تتبادل كما تتبادل الكرة أرجل اللاعبين be‏ 
رأسى عجَبًا » إن أعراض المرض لا تزال تعرو الأمة المنهوكة » وما تزال بحاجة إلى 
عناية الراشدين الخلصين من الأطباء الماهرين 

KEG 

وقد استقرّت رواسب هذا LE‏ العامة » ثم سيطرت على 
سلوكهم بعد ما أخذوا أسوأ ما فيها » ورفضوا أفضل ما فيها . 

فإذا احتلف القدامى : هل العمل ضرورة للإيمان أو كمال فيه؟ ترجح لدی 
العامة أنه كمال فقط . 

فيستفيد الجتمع من هذا الخلاف ترك العمل! . 

وإذا اختلف القدامّى : هل للإنسان قدرة وإرادة يفعل بهما ويترك؟ أو هو مقهور 
مكتوف اليدين؟ ترجح لدی العامة أن المرء لا عزم له ولا حول ولا طول . فيستفيد 
الجتمع من هذا الخلاف سقوط الهمة Spey‏ العزيمة! . 
A un ne an Su‏ 


وإذا تجادل القدامى : هل للمسلم حق الالتجاء إلى الله دون وساطة yA Lal‏ 
ترجح لدى العامة أن المسلم لا يستغنى عن معونة الأولياء » وأنه إذا ذهب إلى 


ربه من دونهم فالويل له! ; 
فيستفيد المجتمع من هذا الخلاف شيوع الشرك » وضعف الصّلة برب الأرض 
¿sd‏ 


وهكذا لصقت بامجتمع الإسلامى مجموعة خسائس لاشك فى أنها بعيدة الأثر 
فيما لحقه من اضمحلال وهوان . 

وقد بذلت جهدى ‏ حين تصديت لتصوير عقيدة المسلم - أن أتجنب أشواك هذا 
الخلاف » فإذا استطعت طيّه فى السياق المطرد ؛ طويته وتجاهلته . وإذا اضطررت 
إلى خوضه عالحته على 35 » وذكرت ما استبان لى ‏ أنه صواب e‏ وقد أستجهل 
الطرف المقبل ولا أكفره » لأن اجهل الفاضح کماظهرلی ol‏ كثي رمن 
المشكلات العلمية المبهمة . 

وربما حت فى أخلاق بعض المجادلين عوجًا » وفى أسلوبهم عنقا » فأوثر مغفرة 
هذا على مقابلة السيئة بمثلها ؛ لأننا أمة فقيرة جدا إلى التجمع والائتلاف . فلندفع 
ثمن هذا من أعصابنا , والمرجع إلى الله . 
| *- وإذا كان علم التوحيد على النحو الذى وصفناء فإن كتبه التى تشيع 
الآن فشلت فى أداء رسالتها شكلاً وموضوعًا . 

فمن ناحية الشكل لا معنى البتة لعرض علم ماء فى توزيع مضطرب بين متنٍ 
وشرح وحاشية وتقرير » وفى لغة ركيكة اللفظ » سقيمة الأداء » لغة Lois‏ 
البلاغة العربية على عهد الحكم التركى . 

وتطور الأدب فى عصرنا هذا لا ينكر » وقد بلغ من تعكن الؤلفين والمتأدبين فى 
اللغة العربية أن تناولوا الموضوعات التافهة فأخرجوها فى ألبسة زاهية » ووجُهوا 
ألوف القراء - بسحر بيانهم ‏ إلى ما يريدون . 

فهل يبقى الكلام فى العقائد وحدها حكرًا على هذا النمط الزرى من الحواشى 
والمتون؟! 


/ ع 


على أننا إذا تغاضيّنا عن الشكل » وتعرضنا للجوهر بالنقد والتمحيص › لا 
نلبث أن ندرك أن هذا الجانب الإلهى من الثقافة الإسلامية طغت عليه الفلسفات 
الغربية التى نقلها السريان عن اليونان وغيرهم . 

فإذا بعلوم العقيدة تتحول عن مجراها العتيد » وإذا بكتب التوحيد تزدحم 
باصطلاحات الفلاسفة وطرائق ق تفكيرهم . 

ويبدو أن الأسلاف الباحثين فى هذه الناحية من الإسلام قد فتنهم SEEN‏ 
بما نقله إليهم التراجمة من ثمرات العقل اليونانى . 

ولستا يعلد اف على y Jul a da‏ کم وإن US‏ نتوه بدلالته على 
مدى الحرية التى منحها الإسلام أتباعّه » وعلى أن الدائرة التى يعمل فيها العقل 
الإسلامى تسّعٌ العام أجمّمَ » فليست مغلقة على عصبية جنسية أو فكرة ة محلية . 
غير أن عناصر العقيدة كادت تتيه وسط هذا الركام من النقول والأقيسة 
والمصطلحات » فوجب تجميعها فى نسق متقارب . 

ثم إن غرسها فى الأفئدة لن يثمر ويزدهر إلا بأسلوب الإسلام نفسه . 

ومن العجيب أنك تقرأ فى أمهات الكتب الكلامية » وتطوى الصفحات 
الطوال » فلا تكاد تعثر على أية أو حديث ؛ إلا اقتياسات يسيرة ؟ » تبدو كالزهرات 
المنفردة فى الأرض السبخة . 

رما استراح عشاق البحث الفلسفى اجرد لهذه الكتب » ولا عليهم! لكن هذا 
لا يغنينا عن عرض العقيدة الخالصة من خلال حقائق تتصل عن قربٍ 
بمصادرها الأولى « واللّه قول الحق وهو يهدى السبيل & (الأحزاب : )٤‏ . 


محمد الغزالى 





الله 


هذا الاسم الكريم عَلَمّ على الذات المقدسة التى نؤمن بها ونعمل لها » ونعرف 
أن منها حياتنا وإليها مصيرنا . 

والله - تبارك وتعالى ‏ أهل الحمد والمجد » وأهل التقوى والمغفرة » لا نحصى عليه 
ثناء » ولا نبلغ حقه توقيرا وإجلالا . 

لو أن البشر- منذ كتب لهم تاريخ » وإلى أن تهمد لهم على ظهر الأرض حركة- 
نسوا الله وكفروا به » ما خدش ذلك شيئًا من جلاله » ولا نقض ذرة من سلطانه » 
ولا oye Lay Gab Wye Slee ye ELS US‏ كبريائه » فهو سبحاته ‏ أغنى 
بحوله » وأعظم بذاته وصفاته » وأوسع فى ملكوته وجبروته من أن ينال منه وهم 
واهم ste‏ جهل جاهل . 

ولئن كنا فى عصر عكف على هواه » وذْهًل عن أخراه » وتنكر لربه ‏ إن ضير 
ذلك يقع على أم رأسه » ولن يضر الله «Una‏ 
وین افا من حا فی ال بر ملو وی کل اد نرد ی کب م 
من تولأه أنه يضله ويهديه إلى عاب السعير (EA: hl) E‏ 





وجوده 


وجود الله تعالى من البداهات التى يدركها الإنسان بفطرته » ويهتدى إليها 
بطبيعته . وليس من مسائل العلوم المعقدة » ولا من حقائق التفكير العويصة . 

ولولا أن شدة الظهور قد تلد الخفاء » واقتراب المسافة جد قد يعطل الرؤية »ما 
اخحتلف على ذلك مؤمن ولا ملحد . 
أفى الله شك فَاطر السّموات والأرض © (إبراهيم: )٠١‏ 

وقد جاءت الرسل لتصحيح فكرة الناس عن الألوهية . 

فإنهم وإن عرفوا الله بطبيعتهم إلا أنهم أخطأوا فى الإشراك به » والفهم عنه . 
«(هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أَنّما (or: paty) ol al] go‏ 
có y‏ لا إِلّه إلا الله واستغفر لذنبك 4 (محمد: )٠١‏ 

والبيئة الفاسدة خطر شديد على الفطرة » فهى تمسخها وتشرد بها » وتخلف فيها 
من العلل ما يجعلها تعاف العذب وتسيغ الف . 

وذاك سر انصراف فريق من الناس عن الإيمان والصلاح » وقبولهم للكفر 
والشرك! مع منافاة ذلك لمنطق العقل وضرورات الفكر وأصل الخلقة . 

«إنى خلقت عبادى حنفاء كلهم » فأتتهم الشياطين › فاجتالتهم عن دينهم › 
وحرمت عليهم ما أحللت لهم ..» . 

وقد اقترنت حضارة الغرب ‏ التى تسود العالم اليوم - بنزوع حاد إلى المماراة فى 
وجود الله › والنظر إلى الأديان ‏ جملة - نظرة añ‏ »أو قبولها کمسکنات 
اجتماعية لأ نصارها والعاطفين عليها . 

ولاشك أن امحنة التى يعانيها العالم الآن أزمة روحية » منشؤها كفره بالمثل العليا 


an se au rn nme 


فلا نجاة له مما يرتكس فيه إلا بالعودة إلى هذه المثل » يهتدى إليها بفطرته » كما 
يهتدى سبيله الجنين فى ولادته » والفرخ من بيضته ‘ 

ومتى هُدی العالم إلى الفطرة ؛ هدى إلى الإسلام » فإن الإسلام هو دين القطرة . 

ولا بأس من سوق طائفة من الدلائل التى تفتق للذهن الغافل منافذ يبصر بها 
ويلتفت لا وراءها . 

(أ) إن الإنسان لم يخلق نفسه » ولم يخلق أولاده » ولم يخلق الأرض التى يدرج 
فوقها , ولا السماء التى يعيش تحتها . 

والبشر الذين ادعوا الألوهية لم يكلفوا أنفسهم مشقة ادعاء ذلك . 

فمن المقطوع به أن وظيفة الخلق والإبراز من العدم » لم ينتحلها لنفسه إنسان 
ولا حيوان ولا جماد . 

ومن المقطوع به كذلك أن شيئًا لا يحدث من تلقاء نفسه » فلم يبق إلا الله . 
وقد قرر القرآن الكريم هذا الدليل : 
el‏ خلقوا من غير شىء أَمْ هم الْخَالقونَ (2© أم حَلَقوا السّموات وَالْأَرْض يل لأ 
يوقنون 4 (الطور: 15 -5”) . 

ويلفت أنظار العرب إلى مظاهر الإبداع فى المجتمع الساذج الذى يحيون فيه . 
لأفلا Sao‏ 
Stell‏ كيف نصبّت 09 Sy‏ الأرض كيف سطحت © (الغاشية :19 )۲١‏ . 

ويسمى هذا الدليل : دليل الإبداع . 

(ب) لو دحل المرء دارا » فوجد بها غرفة مهيأة للطعام وأخرى للمنام 2 وأخرى 
للنظافة » وأخحرى للضيافة El...‏ > جزم بأن هذا الترتيب لم يتم وحده ء وأن هذا 
يفعل . والناظر فى الكون وآفاقه » والمادة وخصائصها » يعرف أنها محكومة بقوانين 
مضبوطة » شرحت الكثير منها علوم الطبيعة والكيمياء والنبات والحيوان والطب » . 
وأفاد منها الناس أجل الفوائد . 


Eee a ai للم‎ 


وما وصل إليه علم الإنسان من أسرار العالم » حاسم فى إبعاد كل شبهة توهم 
أنه وجد كيفما اتفق 

كلا . إن النظام الدقيق الختفى فى طوايا الذرة ؛ مطرد فيما بين أفلاك السماء 
الرحبة من أبعاد . 
U5)‏ جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا 69 وهو 
اذى ¿la EN far‏ أن يذ کر أو اراد شكورًا © w:o)‏ 
ll ug sl any‏ فيه بأمره ولتبتغوا من فضله SIA‏ 
لآيات لقوم يتفكرون » (الجائية : 018-17 . 

وفى القرآن الكريم آيات شتى ٠»‏ تقرر هذا الدليل » ويسمى : دليل العناية . 

ee ee)‏ - أعنى هذه الكواكب التى تخمترق 
أعماق اجو والتى تلتزم مدارا واحذًا لا ت: تنحرف عنه يميئًا ولا يسار » وتلتزم سرعة 
واحدة لا تبطيع فيها ولا تعجل »ثم نرتقبها فى موعدها امحسوب فلا تخخالف عنه أبدًا ؟ 

إن الكرة تنطلق من أقدام اللاعبين ثم لا تلبث أن تهوى بعد تحليق » أما هذه 
> الحجم » الحى منها والميت » المضىء منها والمعتم ؛ فهى معلقة لا 
تسقط »ء سائرة لا تقف . كل فى دائرته لا يعدوها . 

وقد المشاة والركبان على أرضنا وهم أصحاب بصر وعقل . 

أما هذه الكواكب التى تزحم الفضاء ab‏ ولا تصطدم . 
ll je jo eel y‏ «م والقمر قدرناه منازل 
> عاد كالعرجون القديم 9 لا الشمس ينبغى لها أن تدرك Y‏ سابق 
shel‏ وکل فی فلك یسبحوت © (ir YA: q)‏ 

من الذى هيمن على نظامها وأشرف على مدارها؟ بل من الذى أمسك 
بأجرامها الهائلة » ودفعها تجرى بهذه القوة الفائقة؟ 

إنها y‏ ترتكز فى علوها إلا على دعائم القدرة »ولا url Y‏ أعارها لها 
القدر الأعلى . 


A 


الله يسك السّموّات وَالأرض أن تزو 9 a a o 5 oy‏ من 

(4) 1 bt) Gly gb إن كان حليما‎ 

ما كلمة الجاذبية فدلالتها العلمية كدلالة حرف «س» على امجهول . 

نها رمز لقوانين تصرخ باسم الله » ولكن الصم لا يسمعون! 

يسمى هذا الدليل : دليل الحركة . 

د) لاشك أن لوجود كل واحد منا بداية معروفة . 

نحن قبل ميلادنا لم نكن شيئًا يذكر : هل أن على N N‏ 
کن شِيعًا مذَكُورا 4 (الإنسان: )١‏ . 

عناصر الكون الذى نعيش فيه كذلك »لها بداية معروفة . 

علماء الجيولوجيا يقدرون لها أعمارًا محدودة ؛ مهما طالت » فقد كانت قبلها 
. وكان هناك ظن بأن المادة لا تفتّى » اعتمد عليه فريق من الناس فى القول 
. العالم » وما يتبع هذا القدم الموهوم من أباطيل . 

دلى أن تفجير الذرة هدم هذا الظن » ولو لم يتم تفجيرها ما قبلنا هذا الظن على 
حقيقة ثابتة . فإن المفتاح الذى يفتح على العالم أبواب الفناء ليس من 
ورى أن يضعه الله فى أيدى العلماء . 

عدم اهتداء الناس إلى ما يدمر مادة الكون ؛ لا يعنى أن مادة الكون غير قابلة 
ار والغتاء . 

لم لا يكون ذلك حصانة أقامها القدر الأعلى » حتى يمنع العالم من 
حار؟ . إننا جازمون بأن وجودنا محدث » لأن تفكيرنا وإحساسنا يهدينا لذلك . 
معقول أن يتطور العدم إلى وجود تطورًا ذاتيًا . 

له إذا وقعت حادثة لم يظهر فاعلها قيل : إن الفاعل مجهول . ولم يقل أحد 
إنها ليس لها فاعل . فكيف يراد من العقلاء أن يقطعوا الصلة بين العالم 
؟ إننا لم نكن شيمًا فكنا . 

مَنْ كوننا؟؟ فل الله ثم ذرهم فى خوضهم يلعبوت ) (الأنعام : )٩١‏ . 

يسمى هذا : دليل الحدوث . 


le u ii 


نشوء حياتنا هذه ودوامها يقومان على جملة ضخمة من القوانين الدقيقة » 
يحكم العقل باستحالة وجودها هكذا جزاقًا ! 

فوضع الأرض أمام الشمس مثلاً .. . ثم على مسافة معينة لو نقصت - بحيث 
ازداد قربها من الشمس - لاحترقت أنواع الأحياء من نبات وحيوان . 

ولو بعدت المسافة لعم الجليد والصقيع وجه الأرض » وهلك كذلك الزرع 
والضرع . . أفتظن إقامتها فى مكانها ذاك لتنعم بحرارة مناسبة جاء خبط عشواء؟ 

وحركة المد والجزر التى ترتبط بالقمر !! أفما كان من الممكن أن يقترب القمر من 
أمه أكثر » فيسحب أمواج امحيطات سحبًا يغطى به وجه اليابسة كلها . ثم ينحسر 
عنها وقد تلاشى كل شىء؟ 

من الذى أقام القمر على هذا المدى المحدود ليكون مصدر ضوء لا مصدر هلاك؟ 
إننا على سطح هذه الأرض نستنشق «الأوكسجين» لنحيا به ونطرد «ثانى أكسيد 
الكربون» الناشىع من احتراق الطعام فى جسومنا . 

وكان ينبغى أن يستنفد الأحياء ‏ وما أكثرهم ‏ هذا العنصر الثمين فى الهواء » 
فهم لا ينقطعون عن التنفس uf‏ 

الكن الذى يقع أن النبات الأخضر يأخذ «ثانى أكسيد الكربون» ويعطى بدله 
«أكسجين» » وبهذه المعاوضة الغريبة يبقى التوازن فى طبيعة الغلاف الهوائى الذى 
يحيا فى جوفه اللطيف الحيوان والنبات جميعا !! 

أفتحسب هذا التوافق حدث من تلقاء نفسه؟! 

E al‏ أسرح الطرف فى زهرة مخططة بعشرات الألوان . ألتقطها بأصابع 
عابثة من بين مثات الأزهار الطالعة فى إحدى الحدائق . . 

ثم أسأل نفسى : بأى ريشة نسقت هذه الألوان؟ إنها ليست ألوان الطيف 


> 


وحدها . إنها مزيج رائق ساحر من الألوان التى تبدو هنا محففة » وهنا مظللة » وهنا 
مخططة » وهنا منقطة . 

وأنظر إلى أسفل » إلى التراب الأعفر الذى اطلع على هذه الألوان ؛ إنه - بيقين 
- ليس راسم هذه الألوان » ولا موزع أصباغها . 

هل الصدفة هى التى أشرفت على ذلك؟ أى صدفة؟ 

إن المرء يكون غبيًا جدا عندما يتصور الأمور على هذا النحو. . . 

وألوان الزهرة هذه ملاحظة شكلية ساذجة بالنسبة إلى ملاحظة قصة الحياة فى 
أدنى صورها . 

إن إنشاء الحياة فى أصغر خلية يتطلب نظامًا بالغ الإحكام . 

ومن الحمق تصور الفوضى قادرة على خلق «جزىء» فى جسم دودة حقيرة ؟ 
فضلا عن خلق جهازها الهضمى أو العصبى . 

فما بالك بخلق هذا الإنسان الرائع البنيان الهائل الكيان . 

ثم ما بالك بخلق ذلكم العالم الرحب . . ؟؟ 

لماذا يطلب منى - إذا رأيت ثويًا مخيطًا أنيًا ‏ أن أتصور خخيطًا قد دحل من تلقاء 
نفسه فى ثقب إبرة » اشتبكت من تلقاء نفسها فى نسيج الثوب » أو أخذت تعلو 
وتهبط صانعة الصدر والذيل والوسط والأكمام والأزرار » والفتحات والزركشة 
والمحاسن . .؟ إلخ . ا ا 


sr A a A al 
الألباب . . لنفرض أن الآلة الكاتبة فى أحد الدواوين وجدت بجوارها ورقة‎ 
مكتوب عليها اسم (عمر) » ماذا يعنى هذا . . .؟‎ 

أحد أمرين : أقربهما إلى البداهة هو أن خبيرًا بالكتابة طبع الاسم على الورقة . 
والأمر الثانى أن حروف الاسم تجمعت وترتبت وتلاقت هكذا جزافًا . 

إن الفرض الأخير معناه من الناحية العلمية ما يأتى : 

الابتداء بكتابة العين » أو سقوط حرفها وحده على الورقة دون وعى يجوز بنسبة 
١‏ إلى YA‏ وهو عدد حروف الهجاء العربية - . 


ee nn er 








وسقوط حرفى العين والميم يجوز بنسبة )١(‏ إلى ۲۸×۲۸ 

ونزول الحروف الثلاثة بعوامل الصدفة المحضة يجوز بنسبة ١‏ إلى 7/7/8178 
أى بنسبة ١‏ إلى 1١961‏ 

وليس أغبى فكرًا ممن يترك الفرض الوحيد المعقول ويؤثر عليه فرضًا أخر لا 
يتصور وقوعه إلا مرة بين اثنتين وعشرين ألف مرة . 

والصدف حين Je las‏ القرطاش كلمة عمر أقرب إلى الذهن من تصور 
الصدف .هذه تخلق قطرة ماء فى المحيطات الغامرة » أو حبة.رمل فى الصحارى 
الشاسعة . . إن العلم برىء من مزاعم الإلحاد » ومضاد لما يرسل من أحكام بلهاء . . 











عقيدةالألوهيّة عند الفلاسضة والعلماء 


معرفة الله سبحانه وتعالى - مركوزة فى كل طبع » واسمه الكريم معروف فى 
كل لغة » واحتلاف الأجناس والألسنة لم يصرف الأفشدة والأفكار عن هذه 
الحقيقة الواحدة . 

بيد أن هذه المعرفة المتصلة برب العالمين لم تأخذ امتدادها الكامل وسماتها 
الراشدة » ولم تبرأ من الأوهام وتبعد عن الأهواء ‏ إلا عندما تلقاها الناس مصفاة 
من ينابيع الوحى » وسمعوا آیاتها تثلى من أفواه الأنبياء . 

ولكن ذلك لم يمنع الكثير بمن لم يدخلوا فى نطاق الرسالات الأولى » أولم 
تبلغهم ‏ على وجه صحيح ‏ هدايات القرآن الكريم » أن يفكروا فى الله من تلقاء 
أنفسهم » وأن يطلقوا لعقولهم عنان البحث . 

والفلسفة الإلهية حافلة بالكثير من هذه الأفكار » كما أن علماء الكون فى 
العصر الأخير قد تكلموا عن الله فى حدود ما هداهم إليه البحث اجرد فى آفاق 
الطبيعة وأسرارها » وقوانينها . 

والفلاسفة القدامى أسمّوًا الله : الصانع » والعقل الأول » وواجب الوجود » 
وسبب الأسباب » وغير ذلك من الأسماء التى اصطلحوا عليها . 

كما أن للعلماء المحدثين تصورات فى الألوهية التبس فيها الحق بالباطل 
كما سترى . 

وعلة هذا اللبس » أن هداية السماء لم تصحب العقل فى سيره . 

. العقل بالمبدأ الواجب » وأخطأ فى التفاصيل المتعلقة به‎ AS 

امهم أن العقل الذكى والبحث النزيه » والفكرة المبرأة عن الغرض » المستقيمة 
على النهج » تتأدى بأصحابها- حتمًا- إلى الله » وتوقفهم خاشعين أمام الشعور 
الغامر بعظمته وجلاله . 

وإن من الغباوة والبلادة أن يظن السفهاء من الناس أن الإيمان وليد استغلاق 


ee 


الذهن » أو أن استبحار العلوم واتساع المعارف الإنسانية يخدش قاعدة الإيمان » 
ويوهى الصلة بالإله الديان . 

قال «هرشل» ‏ من فلاسفة القرن الثامن عشر : (إنه كلما اتسع نطاق العلوم ؛ 
تحققت وكثرت الأدلة على وجود حكمة خالقة قادرة مطلقة وعلماء الأرضيات 
والهيئة والطبيعيات والرياضة يهيئون بمساعيهم واكتشافاتهم كل ما يلزم لإنشاء 
معبد العلوم؟ إعلاء لكلمة الخالق» . 

وانظر إلى ما دون من آراء لسقراط عن تلميذه أفلاطون : 
«هذا العالم يظهر لنا على هذا النحو الذى لم يترك فيه شىء للمصادفة » بل كل 

جزء من أجزائه متجه نحو غاية » وتلك الغاية متجهة إلى غاية أعلى منها› 
وهكذا يتم الوصول إلى غاية نهائية منفردة وحيدة» . 

من أين نشأ هذا النظام الكامل فى تفرعاته » المحفوف بالعظمة والجلال من 
ala‏ كافة؟ ليس من الممكن أن يحمل ذلك على المصادفة > 

فلو أمكننا أن نقول : إنه نشا من تلقاء نفسه » لصح لتا أن نقول : إن ألواح 
«بوليكلت» و «زونكريس» حدثت من تلقاء نفسها . 

وإذا ما نظرنا إلى أن العناصر التى تحتوى عليها الكائنات كثيرة إلى درجة لا 
يمكن أن يحصرها العقل » كان من الحال أن نحمل وجود ذلك كله على المصادفة ‘ 
فلابد إذاً من وجود عقل أعلى . . . وهو الصانع الوحيد . 

لأن الطبيعة أثر يتجلى فيه الاتحاد الدال على وحدانية الصانع » الذى Jay‏ 
حكمه كتنفوذ الفكر فى الخال ar oy‏ 

وهو حاضر غالب أى عالم قادر ‏ ومع هذا » فمن المستحيل إدراكه 
بالحواس . .. فهو كالشمس التى تمس جميع الأبصار» لكنها لا تبيح لأحد أن ينظر 
إليها ٠‏ أه . من تاريخ التصوف للأستاذ «محمد على عينى بك» . 

وقد شرح «لابلاس» دليل الحركة الكونية » وأبان قوة هذا الدليل فى حسم 

الشبهات التى يثيرها الجاحدون » فقال : 

«أما القدرة الفاطرة فقد عينت جسامة الأجرام الموجودة فى المجموعة الشمسية 
و ئ en‏ ودن 


وكثافتها » وثبتت أقطار مداراتها » ونظمت حركاتها بقوانين بسيطة › ولكنها 
حكيمة » وعينت مدة دوران السيارات حول الشمس » والتوابع حول السيارات بأدق 
حساب » بحيث إن هذا النظام المستمر إلى ما شاء الله لا يعروه خلل» . 

هذا النظام المستند إلى حساب يقصر عقل البشر عن إدراكه » والذى يضمن 
استمرار امجموعة إزاء مالا يعد add Vy‏ من المخاطر الحتملة , لا يمكن أن يحمل 
على المصادفات فى نظر «لابلاس» إلا باحتمال واحد فى أربعة تريوليونات . 

وما Wa a‏ ما أربعة تريوليونات؟ إنه عدد من كلمتين » ولكن لا يمكن أن 
يحصيه امحصى إلا إذا لبث خمسين ألف عام » يعد الأرقام ليلاً ونهارًا على أن يعد 
فى كل دقيقة ١6ل‏ علدا . 

وقال سبنسر: 

«إننا مضطرون إلى الاعتراف بأن الحادثات مظاهر قدرة مطلقة متعالية عن 
الإدراك . وأن الأديان كانت أول من قبل هذه الحقيقة العلوية ولقنها . ولكنها 
نشرت أول الأمر ممزوجة بالأباطيل» . 

وسبنسر هذا غير متدين . 

إن العقول السليمة تتلاقى على الحق » وكلما ازدادت علمًا كان تلاقيها على 
الحق أيسر وأقرب . ومن أجل هذا رأينا العلماء بعد ذلك الانتكاس المادى الذى 
اعترى بعضهم فى أواخخر القرن التاسع عشر يرجعون إلى التلاقى على الحق » 
ويكادون يجمعون اليوم إجماعًا بلسان أكابرهم على أن هذه القوانين والنواميس 
التى نشأت على أساسها الحياة وتطورت » تنطوى على وحدة فى القصد والإرادة ء 
والعناية » والحكمة . يستحيل معها على العقل السليم المفكر أن يؤمن بأن هذه 
الحياة خلقت وتطورت بالمصادفة العمياء . فهذا اللورد «كلفن» العالم الإنجليزى 
الكبير يعلن هذا الإيمان على الناس » ويسخر من القائلين بالمصادفة فى gl‏ هذه 
الحياة » ويعجب من إغضاء بعض العلماء عما فى آثار الحكمة والنظام من حجة 
دامغة » وبرهان قاطع على وجود الله ووحدانيته ؛ حيث يقول : «يتعذر على 
الإنسان أن يتصور بذاية الحياة أو استمرارها دون .أن تكون هناك قوة خحالقة مسيطرة . 
(1) التقول المعزوة لأولئك العلماء عن كتاب «الدين والعلم» للمشير أحمد عزت باشا مع تعليقات يسيره له . 


A لو‎ 


وإنى لأعتقد من صميم نفسى أن بعض العلماء فى أبحاثهم الفلسفية عن الحيوان 
eee‏ مفرطًا عما فى نظام هذا الكون من حجة دامغة » فإن لدينا 
فيما حولنا براهين قوية قاطعة على وجود نظام هذا الكون من حجة دامغة . فإن 

لدينا فيما حولنا براهين قوية قاطعة على وجود نظام مدبر وخير . وهى براهين تدلنا 
بواسطة الطبيعة على ما فيها من أثر إرادة حرة » وتعلمنا أن جميع الأشياء (الحية) 
تعتمد على خالق واحد أحدى أبدى) . 

وهذا «أينشتين» العظيم يأتى من بعد «كلفن» ليقول : 

age Op‏ ار الذي ف م خو ان عل بان Yo EU‏ مرل لر 
كنه ذاته Us ige‏ » ويتجلى بأسمى آيات الحكمة وأبهى أنوار الجمال . 

وإننى لا أستطيع أ O‏ أتضورعانًا tim‏ لا يدرك أن المبادئع الصحيحة لعالم الوجود 
مبنية على حكمة تجعلها مفهومة عند العقل . فالعلم بلا إيمان يمشى مشية 
الأعرج ٠‏ والإيمان بلا علم يتلمس تلمس الأعمى» . 

فهل تريد أحسن من هذا التلاقى بين عقول العظماء وبين القرآن الذى يقول 
لنا : iy abl cade LOYD‏ عباده الْعلّماء إن الله عزيز 5 ¿(YA = bt) G‏ 

ولبعض الناس ‏ مع إيمانهم بالألوهية ‏ أفكار خاطئة فى تصورها ؛ كتب 
«كميل فلامريون» فى كتاب ( الله فى الطبيعة ) : « إذا انتقلنا من ساحة 
المحسوسات إلى الروحيات فإن الله يتجلى لنا كروح دائم موجود فى حقيقة كل 
شىء . ليس هو ساطانًا يحكم من فوق السموات » بل نظام مستتر مهيمن على 
جميع الموجودات! $ 

ليس مقيمًا فى جنة مكتظة بالصلحاء والملائكة!! بل إن الفضاء اللانهائى مملوء به . 

فهو موجود مستقر فى كل نقطة من الفضاء » وفى كل لحظة من الزمان » أو بتعبير 
أصح : هو قيوم لانهائى » منزه عن الزمان والمكان والتسلسل والتعاقب . ] 

ليس كلامى هذا من جملة عقائد ما وراء الطبيعة المشكوك فى صحتها » بل من 
النتائج القاطعة التى استنبطت من القواعد الثابتة للعلم؟ كنسبية الحركة وقدم القواتين . 

إن النظام العام الحاكم فى الطبيعة » وآثار الحكمة المشهودة فى كل شىء › 


geben ee a a 


المنتشرة كنور الفجر وضياء الشفق فى الهيئة العامة » لاسيما الوحدة التى تتجلى 
فى قانون التطور الدائم » تدل على أن القدرة الإلهية المطلقة هى الحوافظ المستترة 
للكون » هى النظام الحقيقى » هى المصدر الأصلى لجميع القوانين الطبيعية 
وأشكالها ومظاهرها ) . 

والقائل فيلسوف ينكر اليهودية والنصرانية » ولا يعرف الإسلام ؛ ولكنه يعرف 
الله الواحد من إدمانه النظر فى العلوم والأكوان » وأمثاله كثيرون . 

وفكرة هذا العالم عن الألوهية تظهر فى فلسفة وحدة الوجود . 

وهى فلسفة ندّت عن الصواب » وإن تعبّق بها بعض القدامى من فلاسفة 
الهنود » وسرت عدواها إلى التصوف الإسلامى » فشردّت به عن الحق » وعن 
تعاليم الإسلام . وأفكار أولئك الباحثين لو أنها ضبطت بتعاليم الوحى » ومشت 
فى هدى الشريعة ؛ لاستقامت مع ما ذكر القرآن الكريم عن الله عز وجل من 
صفات » وما نسب إلى ذاته العظمى من نعوت Jud, SHH‏ . . ! 

وحسب أولئك ‏ وإن لم يعرفوا الحق كاملاً ‏ أن لاح منه بريق فأقروا ولم ينكروا . 

ولئن صدقوا ما عرفواء إنهم أهل للإيمان الصحيح الكامل »لو أتيحت لهم 
alí‏ » ويسرت لهم he Yu,‏ لو أتيحت لهم معرفة الإسلام الصحيح من خلال 
الكتاب والسنة . 

ومع زحمة الوجود بالدلائل المؤيدة لعقيدة الألوهية » وانتصاب الشواهد المتكاثرة 
فى الآفاق ترشد الناس إلى رب العالمين » فإن العالم لم يخل من منكرين يجحدون 
الحق ويكفرون بالله . 

وقد استقصينا أقوال هؤلاء فلم نر بها إلا الإنكار امجرد والعناد السمج . 

يقول «يوخنز » عميد العلماء الماديين فى العصر الماضى : «من الممكن إرجاع 
ظهور الأجرام السماوية وانتشارها وحركاتها إلى أصول بسيطة من الممكنات » فلا 
يبقى إذا محل للاعتقاد فى قوة خالقة مشخصة» . 

ويقول : «إن الإنسان محصول الادة وليست له خاصة فكرية غلى النحو الذى 
يصور الروحانيون » 

ويقول ماضيًا فى إنكار الروح » ومصورا العقل الإنسانى بصورة مادية : «إن 
الكبد والكليتين تفرزان مادة مرئية دون أن نعلم نحن بذلك . 


qq‏ ____—_—_ ل 


أما الحركة الدماغية فلن تكون خارج إرادتنا وإدراكنا » والدماغ يفرز قوة بدل 
المادة (!) ...) . 

ويقول « بروسيه» مؤيدًا هذا التتفسير المادى للروح والعقل : «إن الذكاء 
والحساسية عمل من أعمال الأجهزة العصبية » كما أن تحويل المأكولات إلى دم 
يندفع فى العروق » عمل الأجهزة الهضمية والتنفسية . .» . 

كتبت جريدة طبية مقالة ذكرت فيها أن «الفكر تركيب يشبه حمض فورميك 
والتفكير تابع للفوسفور! . 

والفضيلة والصداقة والشجاعة ما هى إلا تيارات كهربية للأعضاء الإنسانية» . 

يبدو أن ذلك الفيلسوف يقر مرغمًا ‏ من قبيل إنطاق الحق له (بأنا) التى 
lay‏ )0 

ثم إنهم يقولون : «إن القوة لا تنفصل عن المادة ‏ كما يقررون ‏ فأين مادة القوة 
التى يفرزها الدماغ؟» . 

الحتى أن الإلحاد الذى يشيع بين طوائف المتحذلقين والمتنطعين لا يستند البتة 
إلى ذرة من المعرفة أو التفكير السليم . 

هذه هى الصورة التى يقدمها الملحدون للإنسانية ومعنوياتها ! » وهذه هى أدلتهم 
على إنكار ما وراء المادة » وعلى رفضى الإيمان بالله العلى الكبير . 

وقد سميناها أدلة تجورًا » وإلا فأى أمارة على الفهم الصحيح فى هذا اللغو 
القبيح؟ ومتى كان التشكيك والفرض والتوهم أدلة محترمة؟ 

إنه من المقطوع به عقلاً أن العدم لا يتحول إلى وجود ولا يخلق وجودا . 

فإذا قيل : إن العالم مفتقر فى إحداثه إلى سبب ٠‏ وإن الأحياء محتاجة فى 
وجودها إلى خالق ؛ قيل : بل يجوز أن يتم ذلك من تلقاء نفسه . 

وإذا كانت حركة المرور فى القاهرة - مثلاً- تتطلب فرقة من:الجنود لتنظيمها 
وإلا لسرت الفوضى فى أرجائها » فهل يستغرب القول بقدرة منظمة مشرفة على 
الألوف المؤلفة من الكواكب السيارة فى الفضاء؟ 


. أى : أنه يعترف من حيث لا يدرى بأن هناك روحاً ء لأن هناك من يلاحق الحركة الدماغية ويبدى بشأنها رأياً‎ )١( 


و و ی Soe‏ 


وهل يعتبر القول بأن المصادفات الخصصة هى التى تتولى هذا التنظيم . . هل 
يعتبر إلا لغوًا ومجوثًا ؟ 

ثم ما هذه السخافات الزاعمة بأن الفضائل والرذائل اهتزازات كهربائية للأعضاء 
والأجهزة الجثمانية! ؛ لأنه لا روح كما يقولون ! . 

يجيب «كميل فلامريون» ‏ متهكمًا فيقول ‏ : «ما معنى إفراز القوة ؟ ولم لا يفرز 
الدماغ كيلومترات أو فراسخ؟» . 

ويقول المشير ( أحمد عزت باشا ) : «من حيث إنه لا روح ولا نفس ناطقة » 
فمن الذى يشعر با تفرزه الحركة الدماغية؟ ومّن الذى لا يشعر بها؟ وما معنى 
كلمة «نحن» التى يستعملها ذلك المتكلم؟ (يوخنز السابق) . 





لا ريب فى وجود الله 


نيويورك ‏ رويتر - استفتت مجلة «كوليرز» المعروفة عددًا كبيرًا من علماء الذرة . 
والفلك 6 وعلم الأ حياء «البيولوجيا» والرياضة . 

«فأكدوا أن لديهم أدلة وقرائن كثيرة تثبت وجود کائن أعظم ينظم هذا الوجود » 
ويرعاه بعنايته ورحمته وعلمه الذى لا (Ji‏ 

ويقول الدكتور «راين» إنه ثبت من أبحاثه فى المعامل : أن فى الجسم البشرى 
روحًا أو جسم آخر غير منظور . 

وقال عالم آخر : «إنه لا يشك فى أن الكائن الأعظم ‏ وهو ما تسميه الأديان 
السماوية «الله» ‏ هو الذى يسيطر على الطاقة الذرية وغيرها من الظواهر والقوانين 
الخارقة فى هذا الوجود» . 

2 e 

ونشرت جريدة (المصرى) هذا التلغراف الذى أذاعته (رويتر) على العالم كله . 
وقد قرأته كغيرى » وشعرت بعاطفة من السرور تغمرنى ؛ لأن أولى العلم وأرباب 
البحث لمسوا ‏ ولا أقول عرفوا ‏ آثار الحقيقة العليا » وبدأ إيمانهم بالله يتركز على 
أساس من التجربة المادية والإحساس النفسى . 

أتعرف ما الإلحاد؟ أن يسفه المرء نفسه » ويركب رأسه » ويغمض عينيه عن كل 
ما حوله , ثم يصدر الأحكام جزافًا ء لا تخضع لمنطق » ولا يربطها فكر سليم . 

وعندما جاء القرآن الكريم ليأخذ بأيدى الناس إلى الحق المبين لم us mild‏ 

ولم يزد أن طلب إليهم فتح أبصارهم على آفاق السماء » وفجاج الأرض » 
eles‏ الأشياء : 
AS‏ السموات والأرض ... ©(يونس: )1١١‏ . 


Ze 


«( أولم ينظروا فى ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شىع. .. » 
(الأعراف : 186) 


0 


:أو لم يتفكروا فى أنفسهم ما خلق اللّهِ السّموات والأرض Y Legs Lay‏ بالحق 
وأجل مسمى . .. 4 (الروم :8) . 

فإذا أرسل المرء es‏ الفاحصة يستقصى بها أنباء الوجود » ويستكنه أسرار 
الحياة » فسيرجع - بعد جولة Au‏ بهذه الحقيقة المشرقة اللامعة . 

الحقيقة التى أجملتها الآية الكريمة : 9 الله خالق كل شىء وهو على كل شىء 
وكيل 69 dl‏ السّمُوَات والأرض والّذِين كفروا بآيات الله أولعك هم 
الخاسرون 02 قل أَفغير الله تأمروتى أعبد أيْها الجاهلون ) (الزمر : (xe ٠۲‏ 

إن للا لحاد شبابًا مسوخًا فى بلادنا » يعرف قشورًا من العلم » ويتعلق بأوهام لا 
وزن لها عند أولى الألباب . 

تراه يتكلم عن الألوهية والدين والوحى » فيلوى لسانه بعبارات مشحونة بالغرور 
cles Vig‏ . 

وليس وراءها إلا ما يذكرك بقول الله : ا ومن النّاس من يجادل فى الله بغير 
Je‏ ولا هدى GD ee US Yy‏ 36( عطفه ليضل (AAA: NG A Joe ye‏ 

إلى هؤلاء الشباب من يظنون العلم طريق الإلحاد » نسوق إليهم نتائج البحوث 
التى وصل إليها سادتهم عن أصل الحياة . 





$ 19 jua (aL 


قال الإمام الغزالى فى (الإحياء) : «اعلم أن أظهر الموجودات وأجلاها هو الله 
تعالى » وكان هذا يقتضى أن تكون معرفته أولى المعارف وأسبقها إلى الأفهام ‏ 
وأسهلها على العقول » ولكن ترى الأمر بالضد من ذلك! فلابد من بيان السبب فيه . 

وإغا قلنا : إنه أظهر الموجودات وأجلاها A‏ لا نفهمه إلا بمثال sae‏ إذا رأينا 
إنسانًا يكتب أو يخميط - مثلاً - كان كونه حيًا عندنا من أظهر الموجودات! 

فحياته وعلمه وقدرته وإرادته للخياطة أجلى عندنا من سائر صفاته الظاهرة والباطنة 3 

إذ صفاته الباطنة كشهوته وغضبه وخلقه وصحته ومرضه . كل ذلك لا نعرفه A‏ 

وصفاته الظاهرة لا نعرف بعضها » وبعضها نشك فيه كمقدار طوله واختلاف لون 

بشرته » وغير ذلك من صفاته . 

أما حياته وقدرته وإرادته وعلمه وكونه حيوانًا ؛ فإنه جلىُّ عندنا . وإن كنا لا نرى 
بأعيننا حياته وقدرته وإرادته . 

فإن هذه الصفات لا تحس بشىء من الحواس الخمس » ولا يمكن أن تعْرف حياته 

وقدرته وإرادته إلا بخياطته وحركته . 

ولو نظرنا إلى كل ما فى العالم سوى هذه المظاهر لم نعرف به شيئًا من صفاته . 

فما عليه إلا دليل واحد هو عمله بيديه »وهو مع ذلك الدليل الواحد على 
وجوده یوصف بأنه موجود جلئ واضح 

فماذا يقول المرء فى وجود الله الذى لا تحصى أدلته لكثرتها ؟ 

وماذا يقول فى أوصافه التى يشهد كل شىء بعظمتها ؟ 

إن وجود الله تعالى وقدرته وعلمه وسائر صفاته يشهد له - بالضرورة - كل ما 
نشاهده وندركه بالحواس الظاهرة والباطنة . 

كل ما نشاهده من حجر ومدر» ونبات وشجر وحيوان » وسماء وأرض » 
وکوکب » وبر وبحر » ونار وهواء » وجوهر وعرض . , 

بل أول شاهد عليه أنفسنا نحن وأجسامنا وأوصافنا » وتقلّب أحوالنا وتغير 
قلوبنا » وجمیع أطوارنا فى حركاتنا وسكناتنا . 


i 


وأظهر الأشياء فى علمنا أنفسنا ء ثم محسوساتنا بالحواس الخمس ء ثم مدركاتنا 
بالعقل والبصيرة . 

وكل واحد من هذه المدركات له مدرك واحد » وشاهد واحد » ودليل واحد » وجميع 
ما فى العالم شواهد ناطقة » وأدلة شاهدة » بوجود خالقها ومدبرها » ومصرفها ء 
ومحركها » ودالة على علمه وقدرته ولطفه وحكمته » والموجودات المدركة Wr y‏ < 

ob‏ كانت MSL she‏ ظاهرة عندنا e‏ وليس يشهد إلا شاهد واحد . وهو ما 
أحسسنا به من حركة يده . 

فكيف لا يظهر عندنا ما لا يتصور فى الوجود شىء ‏ داخل نفوسنا وخارجها - 
إلا وهو شاهد عليه؟ وعلى عظمته وجلاله؟ 

إذ كل ذرة فينا نحن البشر تنادى بلسان حالها » أنه ليس وجودها بنفسهاء ولا 
حركتها بذاتها ‏ وأنها تحتاج إلى موجد ومحرك لها . 

يشهد بذلك أولا تركيب أعضائنا ؛ وائتلاف عظامنا ولحومنا » وتكوين أعصابنا » 
وانسياب شعورنا » وتشكل أطرافنا وسائر أجزائنا الظاهرة والباطنة . . . 

فإنا نعلم أنها لم تأتلف بأنفسها ء كما نعلم أن يد الكاتب لم تتحرك بنفسها . 
ولكن لا لم يبق فى الوجود شىء مدرك › محسوس أو معقول » حاضر أو غائب إلا 
وهو شاهد ومعرف له عظم ظهوره سبحانه » فانبهرت العقول ودهشت عن إدراکه» . 

ثم قال الغزالى موضحًا علة هذا القصور : 

«ذلك » وما تقصر عن فهمه عقولنا له سببان : 

أحدهما : خفاؤه فى نفسه وغموضه ء وذلك لا يخفى مناله . 

وثانيهما : ما يتناهى وضوحه . . .!! 

إن الخفاش يبصر بالليل ولا يبصر بالنهار ؛ لا لخفاء النهار واستتاره ؛ لكن لشدة ظهوره » 
فإن بصر الخفاش ضعيف » يبهره نور الشمس إذا أشرقت » فتكون قوة ظهوره مع ضعف 
بصره سبيًا لامتناع إبصاره » فلا يرى شيئًا إلا إذا امتزج الضوء بالظلام وضعف ظهوره . 

فكذلك عقولنا ضعيفة » وجمال الحضرة الإلهية فى نهاية الإشراق والاستنارة » وفى 
غاية الاستغراق والشمول . . حتى لم تشذ عن ظهوره ذرة من ملكوت السموات والأرض : 

فصار ظهوره سبب خفائه » فسبحان من احتجب بإشراق نوره » واختفى عن 
البصائر بظهوره . 
)١(‏ فى المثال السابق . 


A ا‎ ann 


Y y‏ يتعجب من اخحتفاء ذلك بسبب الظهور » فإن الأشياء تستبان بأضدادها ء 
El tdo le Leg‏ 

ع الأشياء فدل بعضها دون بعض Es af‏ التفرقة عن قرب ¢ ولكن 
¿es‏ الدلالة على نسق واحد أشكل الأمر . 

Zen,‏ نور الشمس المشرق على الأرض lee‏ كان Saal‏ جحوده لو أنه ed‏ البقاء 
وما أكثر الكافرين به » لكن لنور الشمس Ye‏ أخرى 

. الشمس‎ ein Zus, ee نعلم أنه‎ bb 

فلو كانت الشمس دائمة الإشراق لا غروب لها »لكنا نظن أنه لا هيئة فى 
الأجسام إلا ألوانها : وهى السواد والبياض وغيرهما . 

فإنا لا نشاهد فى الأسود إلا السواد , وفى الأبيض إلا البياض . 

فأما الضوء فلا ندركه وحده . 

ولكن لما غابت الشمس وأظلمت لمواضع أدركنا تفرقة بين الحالين . 

. الخروب‎ dis فعلمنا أن الأجسام كانت قل استضاءت بصوء » واتصفت بصفة ة فارقتها‎ OF Leaded 

عرفنا وجود النور بعدمه › alls Ls Ly‏ عليه لولا عدمه | إلا بعسر شديد . 

وذلك لمشاهدتنا الأجسام متشابهة غير مختلفة فى الظلام والنور. 

هذا مع أن النور أظهر المحسوسات » إذ به تدرك سائر المحسوسات » فما هو AL‏ 
فى نفسه هو مظهر لغيره . 

انظر كيف تصور ادان بسبب ظهوره لولا طريان ضده؟ 

فالله تعالى هو أظهر e Y‏ وبه ظهرت الأشياء كلها كلها » ولو كان له عدم أو غيبة 
أو تغير لانهدمت السموات والأرض Js:‏ الملك والملكوت » ولأدركت بذلك 
التفرقة بين الحالين . 

ولو كان yan‏ الأشياء موجودا به » وبعضها موجودا بغيره ؛ لأدركت التفرقة 
AN ee oye‏ 

ولكن دلالته عامة فى الأشياء على نسق واحد » ووجوده دائم فى الأحوال 
يستحيل خلافه . 

فلا جرم أورثت شدة الظهور خفاء » فهذا هو السبب فى قصور الأفهام . انتهى ما 
جاء فى «الإحياء» مع تصرف لإيضاح المقصود . 





هوالأول 


بد الله سبحانه وتعالى بمتد فى القدم » بحيث لا يتصور قبله وجود قط . 
دام كل وجود قد نشأ عنه » فالله تعالى أسبق منه » ونحن لا نعرف عن 

. إذ عهذنا بالوجود قد حدث بعد ميلادنا‎ E 

» بن كعب (رضى الله عنه) » أن المشركين قالوا للنبى له : انسب لنا ريك‎ A 

rara a a e Doa al OA Pe 

> یولد إلا وسیموت › ولیس شیء يموت إلا سیورٹ » إن الله تعالى 

ت ولا يورث . 

As ab Sood‏ أَحَد 4 (الإخلاص : 4) قال : لم يكن 0 a teak‏ عديل 

os ph ales 

ye ll a‏ نظروا إلى الألوهية بعقولهم القاصرة » وقاسوا وجودها المطلق 

جودنا المحدود » فتوهموا أن له أولاً . 

ى الأمر كما يتوهمون . إن لوجودنا المادى أولاً ؛ لأننا نحس بذلك وندركه 

ن » ونجزم باستحالة غيره . 

لوجود الإلهى فقديم لا أول له . 

. تمر بالخناطر هواجس فنتساءل عن أسرار هذا الأزل الغامض على عقولنا » 

بن استشراف العقل إلى اكتناه ما يعجزه » ولا يقدح ذلك فى صحة الإيمان . 

, أبى هريرة رضى الله عنه » «أن ناسسًامن أصحاب رسول الله بيج سألوه: إنا 
أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: أوجدتموه؟ قالوا: نعم قال: ذلك صريح 
» (أى : كراهتكم لتلك الوسوسة صريح الإيمان » والصريح : الخالص من 
de‏ 


رواية أخرى : «الحمد لله الذى رد كيده.الشيطان. إلى الوسوسة» . 


مدي و و 


وعن ابن مسعود ‏ رضى الله عنه ‏ : «....قالوا:يارسول الله إن أحدناليجد فى 
نفسه مالأن يحترق حتى يصير حممة, أو يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن 
يتكلم به» قال: ذلك محض الإيمان» . 

إن تاريخ الإنسان والعالم والخياة كلها جد بعد عدم » لا يُدرى مداه . 

ورما استطاع الإنسان إدراك أعراض يسيرة فى بيئته احدودة » أعراض تمس يومها 
الحاضرء أو أمسها القريب» أو غدها الموشك . 

وقد يكون من هذه الأعراض المدركة جملة من المعارف النافعة . 

ثم تقف بعد ذلك أشعة بصيرته فلا تستطيع حراكًا ولا إدراكا . . 

فإذا كانت تلك حدود قدرته العقلية فى عالم الشهادة ؛ فلا جرم أنه يكون فى 


عانم الغيب أعجزء وعن فهمه أقصر . 

وراكب a‏ التجوال فيها » فإذا بدا له أن يقذف بنفسه فى أغمار 
اليم فقلما يعو 

10 قوته الحدودة کبصرنا الذى لا يقرأ إلا على أشبار» فإذا ابتعد الخط 
عنه مسافة لم يميز منه Ge‏ 


كذلك لا يستطيع العقل أن يدرك إلا فى دائرة وجوده الضيقة : وما أوتيتم 
من الْعلّم إل ليلا (الإسراء (Ao:‏ 

ومن ثم فنحن نؤمن بقدم الذات الإلهية وامتداد هذا القدم فى أغوار الأزل 
الذى لا نعرف عنه كنهه . 

... ذلك وطبيعة الوجود المحدث تقتضى البداية والنهاية » أما من وجوده من 
ذاته فحقه أسمى من أن يسبقه أو يطرأ عليه عدم . 











peed hy 


وألله ‏ سبحانه - باق Kuf‏ » إنه ليس جسما فيموت » ولا مادة فتتحلل وتذوى › 
إنه الدائم الذى يصير إليه كل شىء . 
(AA: TEE‏ 
ak oe oly agi ae ty Ses Yosh oll Se FFs)‏ 
(0A : Oa)‏ 
وذو الوجود الخالد المتأبى على الفناء قد on‏ للأخيار من عباده الخلود فى 
جنات النعيم . 
فهذا الفضل الممثوح لا يعنى dt of‏ حقيقا | بوصف الباقى والآخر. 
فالأمر كما قلنا : إن وجود الله - عز وجل - واجب له من ذاته لا ينقك . 
Saf us‏ 
أما ما عداه فهو صفر إن لم تدركه نعمة الوجود المفاض عليه من الخالق 
جل علاه . 








حاجة العالع إلى الله 


قد يشرف المهندسون والبناءون على تشييد عمارة ضخمة » ثم ينفضون أيديهم 
منهاء أو يموتون عنها . وتبقى العمارة بعدهم أمدًا بعيدًا » قائمة الجدران » 
مستوية الأركان . 

إن هذه العمارة لم تخلق من عدم » والفمّلة فيها لم يزيدوا أن ضموا حجر 
wafers‏ ثم انتهى عملهم إلى هذا الحد . 

أما بناء هذا الكون I AT el‏ أرضه oe‏ 
للعمران » فهو عمل آخر أساسه الإبداع من العمل المطلق . 

وكما أن العالم فى وجوده احتاج إلى ربه » فهو فى بقائه يحتاج إليه سلظة بعد لحظة . 

ولا توجد ذرة فى الأرض ولا فى السماء تستمد وجودها من ذاتها » حتى 
يتصور استغناؤها بنفسهاء بل على العكس » هذا الوجود المفاض عليها يتلاشى 
ويضمحل إذا شاء مفيضه أن يحرمها منه » مثلما يتقلص الظل إذا ذهب ما يلقيه . 

لن يكون نهار إلا مع وجود الشمس .ء ولن يكون عالم إلا مع وجود الله . 
(e ¿E ay ait >‏ الئاس أنتم الفقراء إِلَى الله واللّه هو 


.. 0.3.0 


de fo es Uy 0 بخَلق جَديد‎ ol a لق الْحَمِيهُ © إن يَشَآ‎ 


بعزیز € (فاطر : ۱١‏ -۱۷) . 

فالعقول وما يتردد فيها من أفكار » والقلوب وما يتجدد فيها من مشاعر » 
والأجسام وما يتدفق فيها من دماء » وما يتحرك فيها من أجهزة وعضلات »فی 
كل بلد ؛ بل فى كل قارة » منذ بدء الخلق وإلى قيام الساعة » ما نعرف وما لا 
نعرف » إغا يقوم بقيام الله عليه » ولو شاء تركه لأصبحنا ولا وجدنا y‏ نفكر فيه 
lab‏ فنينا لأننا سنكون فنينا فعلاً . 

إن الأرض التى تسير عليها بقدميك لا تمسك نفسها تحتك . فهى لا تشعر 
بك » ثم هى لا تصنع شيئًا من الحبوب والفواكه التى تغلها 


اا ب Se‏ 


فَأَنّى لها الخلق والإتقان وهى جامدة هامدة لا تحس ولا تعلم؟ 

إن الإمداد الإلهى وحده » هو الذى قام ويقوم بما ترى ٠»‏ قيامًا لا تتوهم معه غفلة 
ولا تفريط ولا فتورء وإلا لهلكنا واختل كل شىء !! 

الفارق بين وجودنا ووجود الله » أن الله تبارك وتعالى ‏ وجوده واجب له من ذاته . 

أما نحن فليس لنا من ذواتنا شىء قط » إن منحنا نعمة الوجود يقينا ما بقيت 
مُعارة لنا » وإلا اختفينا فلم يمسكنا شىء . 

ومن هنا نعرف أن لله صفات كثيرة » توضح معالم كماله » نذكر منها ما يلى : 





ليس كمثله شسى 
e . +‏ م« 


مخالفة الذات الإلهية لغيرها من المحدثات ظاهرة » والبداهة تقضى بأن بين 
المخلوق والخالق أمذدًا بعيدًا » وأن الخالق لا يشبه شيئًا من خلقه » لا فى ذاته » ولا 
فى صفاته . 
وقد وصف الله عز وجل نفسه بصفات كثيرة » من الصعب إدراك حقيقتها 
على النحو الذى ندرك به أمورنا المعتادة » يل هذا مستحيل! . 
من أين للتافه أن يعرف كَنّه العظيه؟ 
إن النملة لا تعرف حقيقة الإنسان » فحدود عالمها الذى تعيش فيه تقفها دون 
ذلك . والطفل - فى المرحلة الأولى من عمره ‏ لا يعرف ما الرجولة »ولا ما يصحبها 
من سعة عقل » واستحكام إدراك . 
يل إن الإنسان عاجز عن إدراك حقيقة الوجود المادى الذى يعيش فيه » فكيف 
يعرف ما وراءه من غيوب؟ 
إذا قيل : إن الله I‏ » فليس ذاك بأذن كآذاننا . أو يرى » فليس ذلك بعين 
كأعيننا . وإذا قيل : إنه بنى السماء » فليس على النحو المألوف من BASS‏ فَعَلة 
واستحضار أدوات . وإذا قيل : يده فوق أيدينا » فليس الوصف لخارحة كأعضائنا . 
والذى نوقن به ابتداء » أن صفات المحدثين وأحوالهم لا يجوز أن تنسب إلى الله ؛ 
فهو- سبحانه وتعالى- غَيْرُ مخلوقاته . 
وشأن الألوهية أسمى مما تتصور الأذهان الكليلة والعقول القاصرة . 
وقد وردت فى الوحى الكريم كلمات عن الوجه » واليدين ٠‏ والأعين والاستواء على 
العرش » والنزول إلى السماء » والقرب من العباد . . el.‏ » حاول كثير من المسلمين 
استكناه دلالتها واستكشاف حقيقتها » فلم يرجعوا إلا با لحيرة » حتى قال قائلهم : 
نهايةإقدام العقورعقالٌ وآخِرسْ فى العالمين ضلال! 
ولمنستفدمنبحثناطولعطرنا سوىأنجمّغنافيهقيلوقالوا! 
وكممنجبالقدعلاشرفاتها رجسال”فبادواوالجبالجبال! 


eee يب‎ ten 


ولا غرو» فإن البحث عبث فيما لا يملك المرء وسائل الخوض فيه . 

إن الكيمائى قد يعرف خواص سائل أو غاز يقلبه تحت يده » ويُجرى عليه ما 
شاء من تجارب - فكيف يجوز للعباد أن يتدخلوا بالبحث النظرى فى شأن الألوهية 
لينكروا أو ليثبتوا؟ وشأن الألوهية بالنسبة إليهم عزيز المنال» والحق يقول ‏ فى 
كلامه عن ذاته وصفاته ‏ : Spt call o>‏ عَلَيِك الكتاب منه آيات a e‏ 
EEE ee y USS al‏ 
Je se ae‏ 
LS) es go‏ (آل عمران : ۷) 

وعلى ذلك فكل ما قطعنا بشبوته فى كتاب الله وسنة رسوله ما وصف الله به 
نفسه وأسئده إلى ذاته ؛ قبلناه على العين والرأس » لا تتعسف له تأويلاً ولا نقصد 
به تجسيمًا ولا تشبيها » ويحتاج الكلام فى هذا الموضوع إلى زيادة بيان : 

إن اللغات من وضع الناس على مر الزمان . 

فنحن العرب وضعنا كلمة «أذن» مثلاً لهذا التجويف أيمن الوجه أو أيسره الذى 
نسمع عن طريقه الأصوات ونتبين الكلمات . . 

وقد وضع غيرنا من أبناء اللغات الأخرى كلمات تدل على هذه الحاسة غير الكلمة 
المتداولة بيننا » والمهم أن هذه الألفاظ الموضوعة استحدثها الناس لمفاهيم مادية أو معنوية 
مارسوها وألفوها » ومن هنا فامجىء بهذه الكلمات للدلالة على أمور مغيبة ليس إلا من 
قبيل التقريب للذهن » ولا يمكن أن تكون هذه العبارات التى صنعناها نحن بيانًا 
للمحسوسات أو المعقولات المأنوسة لنا فى عالمنا وصفا حقيقيا لعالم ما وراء المادة . 

على ضوء هذا الملحظ نفهم حديث أى لغة عن الله جل شأنه ‏ وعن صفاته 
o Y O e Ll‏ لا يعدو تقريب الحقائق المطلقة Bi‏ المحدود . 

والله أكبر من أن تحيط بعظمته عقولنا . أو تستوعب كمالاته أقدارنا . 

ولغات البشر أجمع قوالب صا حة لما يدور فى حياتهم من تفاهم » ولكنها دون ما 
ينبغى لذات الله من تجلية وإدراك . 

وقد اتفق ق المسلمون سلفهم وخلفهم على ذلك . ولكن اخحتلفت مناهجهم فى 
التنزيه والتمجيد . 


un 


فمنهم من وقف عند ظاهر النص . ولكنه قال : ليس هذا الظاهر على ما تألف 
فى فهمنا المادى للأمور. 

ومنهم من قال : إن هذا الظاهر ليس مرادًا والمقصود كذا . . . 

والهدف واحد تقريبًا . 

إذا جاء فی ne Je eed: Wee SU AL‏ 4 (طه : 4*) قال 
الأولون : إن له عيئًا ليست كأعيننا . 

وقال الآخرون : إنما هى الرعاية والحفظ . . . 

كلا الفريقين يوافق الآخر على تنزيه الله ونفى شبهه بالحوادث » ولكن أسلوب 
التنزيه عند هذا غيره عند ذاك . 

RER 

وكنت أود لو كف المسلمون الأوائل عن خوض معارك الجدل فى الموضوع PH‏ 
استبان بعضهم وجهة نظر الآخر بدقة . 

وأنا شخصياً أوثر مذهب السلف . وأرفض أن يشتغل العقل الإسلامى بالبحث 
المضنى فيما وراء المادة . وأرتضى قبول الآيات والأحاديث التى تضمنت أوصافًا لله 
جل شأنه ‏ دون تأويل . 

ولئن كنا نسلك هذا المسلك فى تقديس الذات ونسبة الصفات . إننا لا نحب 
أن نتخذ منه ذريعة لتكفير من قصدوا إلى تنزيه الله عن طريق التأويل » وصرف 
الآثار الواردة إلى امجاز لا إلى الحقيقة . 

فإن الذين أَوُلُوا فعلوا ذلك حشية أن يؤول أمر الألوهية إلى مثل ما عليه اليهود 
والنصارى » من تجسيم زرى » وأحوال مضحكة . 

إن التوراة تحكى : أن صراعًا نشب بين الرب ويعقوب »لم يفلت منه الرب إلا 
بصعوبة » وبعد ما قدم ليعقوب لقبه المعروف «إسرائيل» » وكلام الإنجيل عن الله 
يخيل إليك أنه رب أسرة من ولد ووالدة ! 

فجنوح المؤولين - عندنا - إلى الجاز » قد يكون هناك ما يُعتذر به عنهم . 

بيد أننا لاحظنا أن هذا التنزيه والتأويل والانصراف الدائم عن الحقيقة إلى امجاز 
قد جنى على أصل الإيمان لدى جمهور العامة » وجعل فكرتهم غامضة عن إله : 


Pe a ee,‏ تت 


لا هو فى السماء ولا هو فى » ليست له يد » ولا عسين » ولا وجه Y‏ 
يوصف بفرح ولا رحمة ولا ضحك » ولا ولا » مما وصف به نفسه . 

والخطة المثلى أن نتقبل ما ورد به الشرع وألا نتكلف علم ما لم نطالب بعلمه ما 
يدق عن الأفهام . 

وهناك فرق بين أن يحكم العقل باستحالة شىء وأن يعلن عجزه عن فهم 
شىء . فالعقل يحكم بأن اجتماع النقيضين مستحيل . 

فالضوء ۔ مغلا د لا يكون موجودًا وغير موجود فى وقت واحد . 

ولكن العقل الذى يحكم باستحالة هذا » يعجز عن فهم حقيقة الضوء . ما هى؟ 
وما كنهها؟ وما انتقالها بهذه السرعة الهائلة؟ 

وهذا العجز الظاهر لا يمس حقيقة الضوء » ولا يمس وجودها . 

فعدم علمك بشىء » ليس علمًا بعدم ذلك الشىء . 

وللأستاذ عبد الكريم الخطيب كلام فى هذا الموضوع ننقله إتمامًا للفائدة . .. 
قال : والذات الإلهية ليست ذاتًا مبهمة مجهلة . كما أنها ليست محدودة مجسدة . 

هى «ذات» لا كالذوات التى يراها الحس أو يتخخيلها الوهم ؛ لأنها لو وقعت فى 
دائرة الخيال - مهما امتد واتسع - كانت بهذا المعنى محلدة مقيدة . . 

وذات الله - مع أنها فوق أن تدرك » وفوق أن تحد - قد وصفت فى القرآن بصفات 
كثيرة كالإرادة » والعلم » والقدرة » وغيرها . وهى صفات كاملة الكمال المطلق . 

ومع هذا فلابد أن تضاف إلى «ذات» كما تضاف مثل هذه الصفات وغيرها إلى 
ذواتنا . مع الفارق البعيد بين كمالها فى ذات الإله » ونقصها فى ذات الإنسان! 

جاء فى القرآن الكريم كثير من هذه الآيات التى تضيف إلى الله صفات عاملة 
فى الوجود . كقوله تعالى فى أول ما نزل من الكتاب : 9 اقرأ باسم ربك الذي 
Lap gh‏ لظ 
ples gl le OLY le‏ )3 :01( 

ففى الآيات تعريف بذات الله » وأنها تخلق وتعلم . 

وكقوله تعالى : ف( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر 6(البقرة : )١١‏ . 


ہے ی ی ت ی 


قالله ‏ سبحانه وتعالى ‏ مريد > وبإرادته تتعلق مصاير الأمور . 

وکقوله جل شانه : ¡US Jeri ds dll‏ وما تغيض الأَرحام وما تزداد 
و كل شىء عنده بمقدار EN ED‏ الكبير المتعال )(الرعد :۸ )٠١‏ . 

فالله فى هذه الآيات يعلم وهو حكيم . . . وكل شىء عنده بمقدار؛ وقد وصف 
تقهسه بأنه الكبير المتعال . 


وكقوله سبحانه : الله تطيف بعباده يرزق من يشاء وهو الْقَوِى 
العزيز »(الشورى : ؟1) . فالله لطيف . وقوى . وعزيز . 

وكقوله تعالى SS tors} eh NT IP:‏ )5 الله 
و الله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير (الجادة : )١‏ . 

. الإله ذات تسمع کل شیء وترى كل شىء‎ ls 

ويقول جل شأنه : 
< إن الله لا يَحْفَئ عليه شیءَ فى الْأَرْض ولا فى السّمَاء (ك) هو اذى يصوركم فى 
ايرام يف يشَاء لا إل إلا هو ازير الحكيم )(ال عمران (so:‏ 

وأكثر فواصل القرآن تنتهى بصفة من صفات الله تعالى . أو المزاوجة بين 
ia‏ من صفاته . 

فمن النوع الأول قوله تعالی : إن الله کان بکل شیء علیما )(النساء : ۳۲) . 

. )155 : شىء مُحيطا #(النساء‎ Je ait OWT yD: Sar وقوله‎ 

ومن النوع الشانى وهو الأعم الأغلب قوله تعالى : 8 وكان الله غفورا 
(ar) leery‏ اله كان علا كبيرا (الساء :  » )۴١‏ واللّهِ واسع 
Me‏ (البقر : 140). 0 کان 


RER NE ولا شك أن هذه الصفات - - كما قلنا‎ ٠ 
. الوجود بهذه الصفات . وأن تلك الصفات لابد أن تضاف إلى ذات تقوم بها‎ 


ل A‏ ا 


وأكثر من هذا » فقد جاء فى القرآن آيات تذكر «للذات» يدا » e‏ ويدين › 
وأعيئًا كقوله تعالی : de de Ly: O E‏ 
أيديهم (الفتح : )٠١‏ . وقوله : IG D‏ اليهود يد li a‏ عُلْت أيديهم ولُعنوا 
بما قَالُوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشناء 4 (للائدة : 54) . 

(tv : #(هود‎ bach Má وقوله : واصنع‎ 

كذلك ورد فى السنة المطهرة أحاديث تذهب هذا المأهب e‏ كقول الرسول 
الكريم : « خلق آدم على صورة الرحمن» وقوله يخ : «لاتزال جهنم تقول:هل من 
مزيد حتى يضع رب العزة قدمه فيها. فتقول قط قط (كفى كفى) وعزتك. فيزوى 
بعضها إلى بعضء وقوله: «قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن يصرفه كيف 
يشاء) !!. 

فهذه الآيات وأمثالها لا يمكن أن يقرأها قارئ أو يستمع إليها مستمع دون أن 
تتحرك فى ذهنه صور لهذه الصفات » وأن يكون لهذه الصفات متعلق بأى «ذات» 

قال : ويصح لنا أن نسأل : أكل ما ذكر عن ذاته وصفاته فى كتاب الله » وفى 
حديث الرسول يلغ من الوضوح والجلاء بحيث لا يحتاج إلى سؤال أبدًا ؟ 

ونستطيع أن نقول فى الإجابة عن ذلك : نعم . 

فإن مفهوم الألوهية حين يعرف الإنسان الطريق إليه » وحين يتلقاه بقلبه 
ويستقبله بفطرته ‏ لواضح أشد الوضوح . إذ هو الكمال المطلق الذى يسمح للإنسان 
أن ينطلق إلى ما لا نهاية فى السمو والارتفاع بمقام الذات ... وكلما انتهى إلى 
غاية مد بصره إلى غيرها وهكذا أبدًا . 
ليس كمثله شىء وهو السّميع البصير (الشورى : (١‏ 

وفى هذا «المفهوم» عاش الصحابة والتابعون ‏ رضوان الله si‏ - لا يسألون : ما 
يد الله ؟ وما عينه ؟ وما قدرته؟ وما علمه ؟ 


فلقد هدوا بفطرتهم ألا جواب لهذه الأسئلة إلا ما يجده zu‏ ء فى 3 قلبه وفى als‏ 
كله »من تقديس الله وجلاله » ولسبه ة الكمال المطلق كله إليه ! 


A 2 





ولقد هدوا بفطرتهم أيضًا إلى أن العقل لا يستطيع أن يدرك كنه صفة من هذه 
الصفات . ولا أن يمسك بها على أية صورة . فإن أية صورة لن تكون هى أيدًا ما 
دام الكمال المطلق هو صفتها . 

و«الله» الذى جاء القرآن ليدل الناس عليه › ويعرفهم به ويدعوهم إلى إفراده 
بالوحدانية واعمتصاصه بالعبادة - هذا الإله لابد أن يكون له مفهوم فى عقول الناس 
حتى يعرفوه » وحتى يأنسوا به » وينظروا إليه فيما يأخذون أو يدعون من أمره ونهيه . 

ومن هنا كان لابد أن تقيم الشريعة الإسلامية (مفهرمًا) للإله فى عقول الناس 
كى يكون (الله) حقيقة يؤمئون بها » ويتعاملون معها . 

فما المفهوم الذى جاء به القرآن لذات الإله؟ 

أهو مادى؟ أو معنوى؟ . وهل هو محدود أو مطلق؟ 

لقد OLS‏ صنيع الإسلام فى هذا الأمر الخطير آية oh‏ ومعجرة ة المعجزات 
الدالة على صدق الرسالة المحمدية » وعلى أنها متلقاة من أجكم الحاكمين رب 
العالمين! وننظر فئرى عجبًا عجابًا... حكمة بالغة » وتدبيرًا محكمًا . 

UL‏ : لم يكن مفهوم الألوهية - فى شريعة الإسلام ‏ مقهومًا مادياً ؛ لأنه لو 
كان كذلك لتمجسد الإله . ولو تجسد لتحدد . ولو تحدد لوقع فى دائرة الس ؛ وفى 
محيط النظر . ولأصبح شيئًا من الأشياء . . يحويه مكان وتفرغ منه أمكنة » ويرآه 
خلق ويغيب عن خلق . وذلك مما يذهب بجلال الذات » وينزل من قدرها » 
ويسقط من هيبتها . إن أكبر شىء نرأه » ونرى امتداد سلطانه فى الوجود هو 
(الشمس) وقد كانت لهذا إله الآلهة فى وقت من الأوقات . | 

ولكن العاقل الرشيد لا يقبل أن يكون الإله محيرًا » يحضر ويغيب . 

وهذا إبراهيم - عليه السلام - وقد نظرإلى النجم » ثم إلى القمر. . فلما أفلا 
قال : لا أحب الآفلين © (الأنعام : */) . والحب هنا إجلال وتقديس . ثم نظر إلى 
الشمس » فلما أفلت التمس الإله فى وقت غير الكواكب والشموس ... ٠‏ 
ee we‏ 
من امش ر كين (الأنعام : ۷۸ <( . 
EY‏ 





ثانيًا : لم يرتض الإسلام أن يكون مفهوم الإله أمرًا «معنوياً ؛ » وفكرة مجردة 
مطلقة لا يدل عليها وصف . ولا يُدرك لها واقع تتجلى فيه . فإنها لو كانت كذلك 
لا أمسك بها عقل » ولا اطمأن إليها قلب » ولما وجد الإنسان لمثل هذه الفكرة المجردة 
fer [HT‏ فى كيانه » ويؤثر فى سلوكه . . 

ومن أجل هذا لم يكن مفهوم الإله - فى شريعة الإسلام - هذا أو ذاك »لم 
يكن Er‏ مادياً » كما لم يكن فكرة مجردة . 

وإنما اختار الإسلام لمفهوم الإله - فى أذهان البشر - مقامًا وسطًا بين هذين : 
بين التجسيد والتجريد . 

فحيث ينظر الإنسان إلى الله فى القرآن الكريم يجد «الله» سميعًا » بصيراء 
Ute‏ > قادرا » حکیمًا » مريدًا » يحيى ويميت » وهو على كل شىء قديرء قائم على 
الملك مستتو على غرشه + ولللالكة al doo Sl‏ لا مون الها 
أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . 

وهذا من شأنه أن يخيل للإنسان صورًا ما «للذات » . 

ثم ينظر المسلم فى كتاب الله فيرى «الله» «ليس كمثله شىءا . . 

ويعمل هذا المفهوم عمله فى تفكير الإنسان » فتأخذ تلك المفاهيم التى كانت قد 
بدت تتشکل وتتجسد ۔ تأخذ فى «الذوبان» كما تذوب صخور الثلج فى عباب الحيط . 

ذلك فى إيجاز ‏ هو الذى يقع فى إدراكى للمفهوم الذى أراد القرآن أن يقيمه 
فى عقول الناس وقلوبهم . . 

وذلك المفهوم ee‏ » ونتجه إليها ونرفع 
لها صلواتنا ودعواتنا . 

أما حقيقة هذه الذات العظمى فأمر وراء كل ما نتصور . 

eh‏ بد من أن نتصور فقد أسعفنا القرآن لكريم بالقدر الضرورى 
الذى يسد حاجتنا فى هذا المقام » فجعل للإله مفهومًا غير مجسد «ذانًا» لها العلم 
والقدرة والإرادة والسمع والبصر وغير ذلك من صفات الكمال التى تليق برب 
العالمين . .. الله ذات .. . ولكن ليس كمثله شىء!! 


 _ — HH حب‎ 


la Y (49 ¡Gun la 


وقف مرة الأستاذ «آيُنشتاين» العالم الكبير عند درج صغير فى أسفل مكتبه 
وقال : «إن نسبة ما أعلم إلى ما لا أعلم » كنسبة هذا الدرج إلى مكتبى» » ولو 
أنصف لقال : إنه أقل من هذه النسبة . فإنا لا نعلم أى شىء هو؟ 

إننا نعيش فى عالم مملوء بالحقائق والقوى » ولا نعلم أى شىء . 

وهذا فى الدنيا التى نعيش فيها » ونلمسها » ونزاول شئوننا فيها » فكيف بالعوالم 
الأخرى البعيدة عنا ؟ 

نقول : إن العالم مكون من ذرّات » ونقول : إن الذرّة مكونة من إليكترونات » 
أو من نواة وشحنة كهربائية سالبة وموجبة . . 

ويتغير رأينا فى تكوين الذرّة بمعدل مرّة فى كل أربع سنوات » ونتبجح فنعمل من 
الذرة قنابل ذرية » ونحن لا نعلم عن حقيقتها شيئًا . 

نقول : إن الأجسام تسقط لقانون الجاذبية » والمصباح يشتعل بالكهرباء » ونسخر 
الكهرباء فى إيجاد الحرارة » والبرودة » والحركة » وإيجاد الأمواج واستقبالها . 

ولكن ما الكهرباء؟ لا نعلم عن حقيقتها شيئًا » وإنما نعلم كيف تستخدم . 

بل الحياة نفسها لم نعرف حقيقتها » وإن كانت تسكن قينا » وكل ما حولنا لا 
نعلم حقيقته » وإنما نعرف أعراضه . 

وبعبارة أخرى نعرف «كيف» ولا نعرف «ما » و« لاذا» . 

ما ا لحب » ما الجمال » ما القبح » ما الحرية » ما كل شىء معنوى ؟ 

كل هذه لا نعرف عن حقيقتها EL‏ 1 

وكل ما يستطيعه العقل » أن يعرف صفاتها . 

ما الدين » ما الخوف » ما الأمل » ما الشجاعة ‏ ما الفضيلة » ما الرذيلة؟ لا شىء 
غير الصفات . 


: للأستاذ أحمد أمين‎ )١( 


و ل ع ع $$$ 


قد نعلم أن اثنين واثنين أربعة » ثم تعلم أجزاءها ومضاعفاتها . 

. فنعرف أعراضها » ولا نعرفها‎ Lod sl. Ul 

وكأنه منحنا عقلاً ليس من طبيعته أن يعرف شيئًا عن الحقائق ! 

وكل الذى يعرفه الإنسان لو كان ذكياً ‏ أن يوجه سلوكه فى الحياة حسب 
طبائع الأشياء وحقائقها . 

ولذلك أنصف أصحاب مذهب «الْبّراجماتزم » إذ أنكروا قدرة العقل: على معرفة 
الحقيقة » وقصروه على معرفة الوسائل للغايات . 

والذين يشتغلون بالعلوم » ويقولون : إنهم وضعوا قوانينها كقوانين الجاذبية 
وقوانين الطبيعة والكيمياء » لا يزعمونها شرحًا للحقائق ولكن شرحًا لأوصافها › 
وحتى هى شرح لصفاتها الظاهرة » لاصفاتها الباطنة . 

إنك تقول : إن فلاثا يحبنى » وفلانا يكرهنى . 

ولكن » ما حقيقة الحب والكره؟ لا نعرف . 

قد تكون معرفة الفن أسهل من معرفة العلم » أو بعبارة أخرى أسهل من معرفة 
الحقيقة ؛ لأن الفن عمل » والعلم فهم » ونحن على العمل أقدر منا على فهم الحقائق! . 

ولذلك سهلت ال حياة » لأنها فن » وصعبت معرفة الحقائق ؛ لأنها علم . 

إنك تستطيع أن تعلم أنك إذا صنعت القطار على نمط صحيح لا يصطام ولا 
تخرج عجلاته » وتستطيع - بقدر الإمكان - أن تتقى الأحداث » وتستطيع أن 
تترقب النجاح فى عمل إذا سرت فيه سيرًا حسئا ؛ لأن هذه كلها فن لا علم . 

وحتى أنت ‏ فى هذه عرضة للخطأ ؛ فقد يحدث ماليس فى الحسبان » 
(lacas e ol yo Ji y‏ بجاموسة مارة ‏ عرضا ‏ فى الطريق . 
وتصطدم سيارتك بما لم تقدر مطلقا أنها تصطدم به . فكيف الحقائق امجهولة؟ 

إن كان ذلك » فكيف تأمل أن نعرف العقل والنفس » وحقيقة الشعور » وما إلى ذلك؟ 

كل ما نتحدث به عن هذه الأشياء ألفاظ جوفاء » وتشدّق سخيف . لا حقيقة وراءه . 

ولو أنصف مؤلفو المعاجم » ومحاولو التعريفات لكفوا عن ذلك ؛ لأنهم لا يصلون 
إلى حقيقته » وإنما يدورون حول أنفسهم . 


ولو دققت النظر فى تعريفاتهم » لوجدتها تعريقًا بالمثل » لا تعريفا بالحقيقة . 
وأكثر الناس يعيشون بعقيدتهم لا بعلمهم » وبخرافاتهم وأوهامهم لا بعقلهم › 
فكيف وعقلهم لا يدرك حقيقة ما حوله؟ 
إن كان هذا حقّاً » فكيف يحاول العقل الإنسانى البحث عن الله؟ 
إنه يكون كقوم لم يعرفوا أرضهم » فبحثوا عن المريخ » أو لم يعرفوا ما أمامهم ) 
فحاولوا أن يعرفوا ما فوقهم . 
ويعجبنى ما ينسب إلى الإمام على كرّم الله وجهه » فى الله تعالى : «إنه لا تدركه 
الشواهد » ولا تحويه المشاهد » ولا تراه النواظر » ولا تحجبه السواتر » لا بذى عظم تناهت 
به الغايات » فعظمته تجسيدً » ولا بذى كبر امتدت به النهايات فكبّرته تجسيما» . 
كما يعجبنى قول ابن أبى الحديد : 
pee fe‏ نيت A ml‏ 
E E IC a‏ 


A na i LS 


. 


3 


A liste St a ie 
A Er Fe a 
ul u gg gen 
egal ee 
ish ns yoga 


AAA AAA ig std 
eee 


s 


L 


: وقوله أيضًا‎ 
ÁS في داج‎ 
Ya na EAE ei لك‎ 
Lu Ar, id gl 5 
A AAA a as 
Bier 


Ba a 


وما نقلنا آنفًا عن الأستاذ «أحمد أمين» تحديد حق للنطاق الذى يصل فيه عقل 
الإنسان وينتج . 

وقد زينت الحرية العقلية التى أتاحها الإسلام للباحثين تجاوز هذا النطاق فعدوا 
قدرهم » وخاضوا فى بحوث لا طائل تحتها . . وبلغ بهم التيه فى ميدان النظر أن 
تكلموا فى ذات الله » هل صفاتها عينها ؟ أوغيرها ؟ أو لا عين ولا غير؟ 

ومضى بهم الجدل المحض إلى غير قرار! 

وأى قرار فى أمر لا يمكن أن تصل إليه الأفكار؟ 

إن هذا البحث لو كان فى ذات الإنسان لكان عسيراً » فكيف يُسمح به فى 
ol‏ الله - جل وعلا - ؟ 

إن علماء المسلمين الذين كتبوا فى العقائد لم يقصدوا إلا الخير . 

ولست أظن أن واحدًا من الأولين والآخرين عمد إلى تشويه الدين أو مسخ آثاره 
فى الأفئدة . 

وقد تأدّى الجدل ببعضهم إلى التقاذف بتهم مريبة . 

وقد نبت فى هذا العصر قوم يريدون إقحام العامة فيما لا يطيقون من بحوث » 
فبلبلوا الأفكار فى وقت نحتاج فيه إلى تجميع الشمل وتركيز القوة ضد الحضارة 
المادية التى تريد أن تطوى أعلام التوحيد وتستأصل شأفة الإسلام . 

ومادام هناك من يعتنق مبدأ التأويل ويستمسك به » فليس من السائغ أن نرميه 
بالإفك ونسلخه من الملة كما يفعل الجهال . 


وحسبنا أن نذكر الحق ا مجرد » وأن نعرّف الناس جميعًا أن الله - عز وجل - 


ليس كمثله شىء » ثم لنطهر أنقسنا من الخلاف فى الحظوظ والأهواء . 





الفنىالمُطلق 


الله سبحانه وتعالى ‏ واسع الغنى » وليست سعة غناه راجعة إلى أنه يملك 
هذا العالم بسماواته وأرضه وما حوى من معادن نفيسة وعناصر غالية . 

ولا لأنه لا يملك عددًا لا يحصى من الجن والإنس والملائكة . لا . . لا . 
فالغنى الإلهى أعظم من ذلك وأمجَد ! . 

een Î‏ »أو لأنه 
يحكم الألوف المؤلفة من الناس . 

فإذا فقد ذلك لم يصبح على شىء من الغنى » إذ انهارت الدعائم التى يقوم 
عليها . وقد يكون الملكوت الواجب الذى نعرف أقله ونجهل أكثره مظهرًا للغنى 
الإلهى العظيم . 

لكن الله - عرز وجل - يستطيع أن يفنى ذلك أجمع » ولا ينقص غناه المطلق 
شيئًا البتة !! ويبقى قائمًا بنفسه e‏ مستغنيًا عن خلقه » ومستكملاً نعوت قداسته » 
ومستعليًا فى أنوار جلالته . 

إن العرش فما دونه صفْرٌ إلى جانب الذات العليا » وتسبيح العباد من بدء الخلق 
إلى قيام الساعة » أولغو الفجار فى هذا الأمد الطويل » > لا يُضفى ولا ينتقص من 
عظمة الحق شيئًا . 

وقد جاء فى الحديث القدسى : «یا عہادی » لو أن أولكم وآخركم ؛ وإنسكم 
وجنكم .» كانوا على أتقى تقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك فى ملكى شيمًا L.‏ 
عبادى لو أن أولكم وآخركم ؛ وإنسكم وجنكم » كانوا عل أفجر قلب رجل 
منكم ما نقص ذلك من ملكى شيئًا » . 

الخلوقات جليلها ودقيقها تقوم بالله - عز وجل - ما الله فقائم بنفسه مستغن 
بذاته عما سواه . 





إنمااللهإلدهواحد 


ليس لهذا العالم إلا إله واحد » يخضع له Be‏ 
Tee‏ 
عدا 60 وكلّهم آيه يوم القيامة فردا ©(مريم : 47 -ه 4( 

mn en ib 

E ا‎ a 
أن حجرًا من الأرض - بل الأرض كلها - تصلح لتكون إلهًا ؟؟!‎ - 

وعبدوا صنقًا من الحيوان وقدسوا نسله - كما يفعل الهندوك إلى اليوم - 
هناك عجل - مهما زاد لحمه وشحمه - يصلح لمنصب الألوهية؟ فما الذى يوضع 
odas‏ فى أطباق الآكلين ؟ 


A AA 
edly وقد ادعى بعض الناس الألوهية لنفسه » كفرعون حاكم مصرء وكهذا‎ 
ويميت قال‎ il al ll az 

.(roA: وأميت 6 (البقرة‎ Po úl 

فظن هذا المغفل أن السلطة ألتى يستمتع بها والتى تجعله يقتل من الرعية ما 
a ee‏ 

وهذا الظن يبقى فى رأس صاحبه حتى يقطعه جمهور الثوار» ويرمون به 
فى الأقذار . 

وبعض الدهماء من اليهود والنصارى ضلوا فى فهم أنبيائهم » ورفعوهم إلى 


مصاف «الآلهة» » مع أن هؤلاء المرسلين ليسوا إلا عبيدًا موهوبين » وقد كذبوا بهذا 
على أنفسهم وعلى الواقع . 

فمن الحماقة أن تظن فى بشر- مهما علا شأنه- أنه خلق كوكبًا من الكواكب » 
ولاذا نذهب بعيد؟ » إن أحدهم لم يخلق ذبابة أو ما دونها » فكيف ge AR‏ 
يعجز عن أى خخلق؟ 

بل إن جرثومة من آلاف الجراثيم التى تكمن فى بطن ذيابة » لو سلبت أحدهم 
صحته ما قدر على ردها !! فمن أين بعد هذا ينسب إلى الألوهية؟ . 





عيسى ابل مريم 


لم تصادف خرافة من الرّواج فى العالم مثل الخرافة التى تعد عيسى إلها لهذا 
العالم » أو شريكا فيه مع الله !! 

وهذه الخرافة تتسع وتضيق حسب اختلاف الأهواء والآراء . 

فتارة تعتبر هذا العالم خاضعًا لإشراف شركة مساهمة : من الله » ثم من 
عيسى وأمه » والروح القدس . 

وتارة تضبق فتعتبر هؤلاء الشركاء شعَبًا شتى لحقيقة واحدة » أو مظاهر متعددة 
لإله واحد » على نحو يعجز العقل عن تصوره . 

وذلك كله شرود عن الصواب وضلال كبير. 
pill a aD‏ قَانُوا Of‏ الله هو ll‏ : ۷۲) . 
Oy 1 yall as yo‏ الله الث تَلانة وما من إِلَّه إلا إل (ve: atts). Ly‏ 

وعيسى بشر يأكل ويشرب ويقذف من جسمه بالفضلات الحيوانية » فكيف 
io ae as‏ الإنسانية » أو يزعم له ما هو فوقها؟ . 
N a‏ من قبله الرسل وأَمُهُ صاديقة كَانَا يأكلان 
الطّعام 6 (المائدة .(vo:‏ 

ثم هو عبد يعنو وجهه لربه الأعلى » ويذل فى ساحته ؛ ويسمع ‏ فى صمت 
وإقرار ‏ هذا التقرير الخطير : 
فل فمن ملك من الله شَيْعًا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مَريم وأمّه ومن فى 
IN‏ جمیعا (vs aust)‏ 

وعيسى نفسه يعرف أنه وأمه عبدان فقيران لله . ويوم الحساب يقران بذلك 
ويستنكران عُلوٌ الغالين فيهما . 
a eee une ze,‏ 


أقول ما ليس لى بحق © (المائدة: )1١15‏ . 
ció‏ لذ ما أمرتنى (mv) les‏ 

والواقع الذى يعلو به صوت البديهة : أنه من المستحيل جعل عيسى إلها » يخاق 
ويرزق » ویحیی ويميت » ویدبر شئون البلاد والعباد » وأمر السماء والأرض de‏ . إلخ ؛ 
لأنه فى حياته عبد ضعيف .» وبعد ماته رفات موارى فى حفرة من التراب . 

ومؤلهو عيسى يشعرون بذلك جيدًا . 

ومن ثمٌ فهم يلتمسون له القوة ‏ التى تبعل منه UG‏ من طبيعة أخرى غير 
طبيعته العاجزة كإنسان » وذلك بالتحايل على إيجاد نسبة بينه وبين الله سبحانه 
وتعالى هى نسبة البنوة - كأنه ولئ عهد!! » وزين لهم هذا التخبط أن عيسى ولد 
من أم فقط . 

والحق أن النسبة بين الله وبين خلقه كافة هى نسبة الموجد المتفضل بالإيجاد › 
الختار فيه أتم اختيار» على عالم لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعًا » ولا مونًا ولا حياة 
ولا نشور . وإن كل صامت وناطق فى هذا العالم يدين لله بكيئونته » وهو Legh‏ 
أو كرهًا يسبح بحمده ويذل لربوبيته !! 

والله - سبحانه وتعالى ‏ قد يجعل بعض مخلوقاته أرضًا » ويعضها سماء) 
بعضها ترابًا وبعضها ذهب » بعضها نبانًا وبعضها حيوانًا » بعضها إنسًا وبعضها جنا . 

وقد يمنح بعض البشر والملائكة مواهب تميزهم عن أقرانهم ثم يختارون رسلا لعناده . 

وأيا ما يفعل ربك بخلقه » فإن ذلك ما يمس أصل النسبة المقررة بين العالم 

وموجده العظيم = 

أئذا جعل المهندس بعض أحجار البيت دعائم مختفية فى الطين » وبعضها 
الآخر شرقات تعلو فى الفضاء » ظنت الأحجار العالية أنها قد تحولت مهندسًا 
أو شبه مهندس . 


أى سخف هذا الذى يجعل بعض الق شركاء فى الألوهية ؛ لأنه منح فضل احترام؟ 

كيف يتصور فى بديع السموات والأرض أن يكون والدًا لتلك الأجساد التى 
ذرأها؟ وما عيسى فى جانب الملكوت الضخم؟! 
« وقَالوا الرحمن ولّدا سبحانه بل yo o ales‏ 0 9 لا يسبقونه بالقول وهم 
yal‏ 0 يعملوت 4 (الأنبياء : 5؟ (We‏ 

وشأن الألوهية le sel‏ يهرف به الجهلة من ولادة ويئوة واتصال وأنسال!! 
Oe gles Coe no fay y‏ يَشَاء سبحاته هو اللّهُ الواحد 
القهار #(الزمر: ؛) . 

ولو كانت ولادة عيسى من أم فقط - ترشحه للألوهية - بصفة البنوة - لكان 
آدم أولى dis‏ بها c‏ بل لكان الملائكة المقربون أولى بذلك a‏ 

فهم من اللا الأعلى » وليس من الحمأ المسنون . 





مغالطة 


قرأت فى مذكرات الدكتور «شبلى شميل» كلمة لمواطن نصرانى استعار لنفسه اسم 
مسلما » واجتتهد أن يوفق بين الإسلام والنصرانية فى حقيقة لاعيسى ابن مریم»!! 

وقد بنى هذا الكاتب فكرته - على أن كلتا الديانتين تتضمن حقائق مبهمة . 

فإذا كان الغموض يكتنف أوصاف المسيح وعلاقته برب العالمين فى النصرانية » 
فكم فى الإسلام من تعاليم غامضة؟! فهذه بتلك! ar‏ ولا داعى لاعتبار التثليث 

قال الكاتب : «جهل أكثر كتاب المسلمين عقيدة النصارى فى الإله الواحد. 
الذى ليس بادة ؟ كما جهل أكثر LES‏ النصارى عقيدة المسلمين » ولكن لظهور 
الصعوبة فى فلسفة العقيدة النصرانية يقول النصارى : إن فى الدين شيئًا هو فوق 
العقل » ويعدون ذلك من مفاخرهم فى تدينهم . 

فيظن المسلم أنهم يريدون بقولهم فوق العقل أنه غير معقول » وليس هذا هو 
المراد » بل المراد أن العقل لا يكاد يدركه . 

وكان مثل هذا القول شائعًا ومعروفًا عند المسلمين أيضًا . 

ولكن بعض كتابهم فى هذه الأيام الجديدة , قاموا ينادون بأن الدين الإسلامى 
وحده دين العقل » ويفسرونه بأن العقل يدرك كل شىء فيه . 

ولسنا ندرى كيف يدرك العقل أمور العالم الغيبى » مثل أنهار اللبن والعسل التى 
فى الحنة » ومثل عالم الأرواح المجردة وعالم الملائكة؟ 

ولا نعرف كيف يستطيع أولئك العقلاء تفسير النار التى رآها موسى فما أتاها 
نودى يا موسئ AD‏ أنا ربك فاخلع نعلي نعليك إنك بالواد المقدّس (\¥e V1: du $b‏ 

Jas يدرك حقيقة هذا النداء الذى سمعه موسى فخحرٌ صعقا ؟ » وأى‎ fae cl 


واو 


يدرك حقيقة نفخ الله فى فرج مريم؟ » كما جاء فى القرآن امجيد بنص هذه الآية : 
لإ ومريم ابنت عمران الى أحصنت فرجها فَنفَخْنا فيه من روحتا »(التحريم : 11) . 

النصراتى يقول : الإله واحد كما يقول المسلم . 

ثم يقول النصرانى : إن عيسى كلمة الله وروح الله » وهكذا يقول المسلم أيضا . 
والنصرانى يقول : إن مريم عذراء حملت بعيسى الذى هو روح الله وكلمة الله من 
غير أن يمسها بشرء وهكذا يقول المسلم أيضا . 

فأنا أسأل إخوانى المسلمين أن يبينوا لى الفرق أولا بين هذه التعابير» وأن 
يفهموها جيدًا قبل أن يجادلوا النصارى على التعبير بالأب والابن والروح القدس » 
وقبل أن يسألوا عن هذه الفلسفة التى تبين أن هذه الكلمات الشلاث تدل على 
حقيقة واحدة ظهرت فى ثلاثة مظاهر » وما نار موسى عن القارئ ببعيد» . 

هذا الكلام ينطوى على مغالطة بينة » ولقد أوضحنا فى الفصل السابق أن هناك 
فرقا بين ما يصعب على العقل إدراكه » وبين ما يجزم العقل باستحالته . 

ففى عالمى الغيب والشهادة حقائق شتَّى نوقن بوجودها وغبهل كنهها » وجهلنا 
يكنهها لا يخدش وجودها الثابت . 

وفى عالمى الغيب والشهادة كذلك أمور نحكم بامتناعها » ولا يمكن تلبيس 
الممكنات الغامضة بالمستحيلات المعدومة . 

والقول بأن الثلاثة واحد » كالقول باجتماع النقيضين ؛ ليس مسألة غامضة » بل 
مسألة مستحيلة بالبداهة . 





عرض واقعى وجدل نظرى 

باستقراء التاريخ وأحداثه ؛ لا نجد دعوى يؤبه لها من أحد يزعم أنه إله مع الله . 

al‏ ذلك عنهم » إما متهمون أبرياء كبعض الرسل والملائكة » وإما 
مخلوقات لا تحس ولا تعقل . كالأحجار والأبقار » وإما حكام سفلة ¢ كفراعنة مصر 

وقد قام العلماء بيحوث جدلية ليثبتوا أنه ليس هناك مع الله إله آخرء وإن كان 
الواقع العملى ينطق بذلك » فنحن فى Lillo‏ المادى لم نجد هذا الآخر المزعوم » 
وفيما وراء المادة لم يحاول هذا الآخر أن يتصل بنا . 

: العالمين‎ y والمرسلون قاطبة أكدوا  واحدا بعد الآخر  أنهم جاءوا من عند‎ 
(rea oyó Y Y Y a y 2 o yd 

فما الذى أخرس هذا الإله الآخر عن ذلك التحدى ليشكو ما وقع به من ظلم؟ . 

الحق أن الملك كله لله ء وأن الآلهة الأخرى الموهومة ليست إلا خيالات عقول 
مريضة » وأسماء لا مدلول لها أبدًا . 
[ ألا إن لله من فى السَموات ومن فى الأرض وما يبع الُذين دعوت من دون الله 
شركاء إن يتبعون إلاً الَن إن هم إلا يخرصوت 6 ¿(UE y)‏ 

وأما الفروض التى ذكرها العلماء لنفى التعدد فى الألوهية ؛ فهى تقرر لجملة من 
الحقائق التى لا مراء فى ضرورة توافرها لمن يجب اعتباره إلها . 

إن كان هذا الإله موجودًا مع الله فما موقفه منه؟ بل أولاً ‏ ما منزلته منه؟ 

إن كان دونه منزلة ومكانة فليس بإله › وإن كان أعلى منه فهو أحق 
منه بالألوهية . 

وإن كان مثله فما الحدود والفواصل بين عمليهما واخنتصاصيهما؟ . 

وكيف ينفذ أمرهما معاً فى الإحياء والإماتة » والإشقاء والإسعاد » وغير ذلك؟ 


اتخ DIS Lay ly o a‏ معه Coy a JS Cual 1) ye‏ حَلَقَ ولعلا بعضهم 
بعض ls all lora‏ يُصفون 6 (المؤمنون : ‚(at‏ 
كان فيهما آلهة إل الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عمًا يصفون 4 

ا لګ ۰ (الأنبياء : ۲۲) 
لى أن نظام العالم يطرأ عليه فساد فى سمائه أو أرضه . 
سنن الكون الماضية قاطعة بصدورها عن إله أحد فرد صمد . 


. )158 : واحد 9 إل هو الرحمن الرّحيم © (البقرة‎ all Xe) 





la! 


بعد الاستقراء التاريخى والاستعراض RA‏ 
جزم بأنه لا إله إلا الله » ونوقن بأنه لا شىء فى العالم يرقى عن مستوى العبودية 
الذليلة لهذا الإله الواحد القهار . 

غير أن البشر ‏ وإن أحسوا بصوت الفطرة يصرخ فى أعماق نقوسهم معلنًا هذه 
الحقيقة الواحدة ‏ يأبون إلا أن يليسوا الحق بالباطل » وأن يشربوا هذا التوحيد 
الواضح بما يفسد صفاءه » بل بما يجتث جذوره! . 

فهم يعترفون - برغم أنوفهم أن الله هو الخالق الرزاق » والنصارى المشركون 
NY‏ أظنهم يزعمون أن عيسى بنى أفقًا من السماء » أو أرسى ركنا من 
الأرمن » أو ززق آمة من الناش» أو أنبت حمقلا من Se‏ أو حديقة من 
الفاكهة . . كلا كلا . فالله وحده رب هذا كله . 

ومع هذا الاعتراف فهم لا يوحدون الله فى العبادة » ولا يتوجهون إليه بالطاعة » ولا 
يتزلفون إليه بهذه الشهادة التى تنبعث من فطرتهم » بل يذهبون إلى غيره بكل هذا . . !! 

ومن هذا الغير؟ ولم تنصرف إليه وجوه الخلق؟ 

لقد احتال المشركون لتبرير شرودهم ء بأنهم لم يذهبوا بعيدًا » وبأن أولئك ae‏ 
اتجهوا إليهم من دون الله ء إغا هم «مفاتيح» لاإله الأكبر لجأوا إليها لتوصلهم إليه 
قال ما نستطيع أن نسب إلى حجر أو بش خلا أرقا ولا أن بحد تفرد له 
بهذا العمل » ولكننا اتخذنا بناته وبنيه وسطاء خخير له . . 
ly do‏ انَحَذُوا من دونه أولياء ما تعبدهم إلا de 0 Ús As‏ زلفئ © (الزمر: م) . 

وهذا الصنيع الطاد los‏ 

فليس لله بئات ولا 9 ری ا وا رو ا 
وا اة 

ولكل بشر ‏ فى الأولين والآخرين ‏ أن يتقدم بسؤاله إليه مباشرة . 

وإذا أذنب Gh als‏ كله أن يتصل بربه معتذرًا مستغفرًا . لا يحمل توبته أحد من الناس . 


والذى شرع لعياده الدين من ar: li su‏ على لسان رسله هذه الحقيقة . 

ولو أن لله ولدًا أو شريكا ‏ سبحانه وتعالى عن هذا الإفك لما ضارتنا عبادته 
> قل إن کان للرحمن Si,‏ العابدين € (الزحرف : )۸١‏ . 

لكن هذا محض الكذب والدجل » فكيف نتورط فيه؟ 

والمؤسف أن البشر لما اختلقوا على الله هذه الفرية ‏ فرية الشركاء والوسطاء ‏ ظل 
الضلال ينحدر بهم من ظلمة إلى ظلمة حتى نسوا الله نفسه ‏ الذى اتخذوا 
الشفعاء سماسرة له » وذكروا ما دونه من أصنام أو من أنبياء أو من أولياء . 
«( وإذًا ذكر اللّهِ وحده اشمأرّت wall gb‏ لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الّذين من 
دونه إذا هم يستبشروت 6 (الزمر: £0( . 

ومن هنا ظفر هؤلاء الشركاء بنصيب الأسد فى كل شىء » فى العبادة 
والإخحلاص ٠‏ والسؤال والنذر » والحب والحماسة » ولم يبق لله من ذلك شىء يذكر . 
وَجَعَلُوا لله مما ذا من الْحَرث والأنعام نصيبا فَقَانُوا هذَا للّهِ برعمهم وَهَذَا 
لشركائنا فَمَا كَانَ لشركائهم فلا يصل إِلَى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم 
ساء ما يحكمون 6 (الأنعام : 14) . 

وفى الحديث القدسى : «إننى والإنس والجن فى نبأ عجيب » أخلق ويعبد 
غيرى وأرزق ويشكر سواى» . 

ولقد سرت هذه اللوثة فى العقائد حتى كادت تفسد على الناس حياتهم ومصيرهم . 

وحسب الدنيا ضلالاً » أن تعمى عن إشراق التوحيد فى أنحاء الوجود . 

وإنك لتأسى إذ ترى للوثنية الخرفة أجيالاً تزحم مناكب الأرض . 

وللنصرانية المشركة أقطارًا تسودها الأوهام . 
TE‏ 

وشيوع هذا الشرك فى العالم هو الخطوة المؤدية حتمًا إلى جحود مبدأ الألوهية ء 
وعدم الإيمان بالله العظيم . 





مُقارنات بين الشركاء والعبيد 


أراد a‏ وجل - أن يُعرّفَ سفهاء المشركين بأقدار الآلهة التى عبدوها من 
دون الله » فردد هذه المعبودات المظلومة بين صنفين : 

إما أن تكون من جمادات » قالعبيد أوسع قدرة من هذه الآلهة » لأن لهم جوارح 
يستخدمونها فيما يشاءون . 

أما هذه الأصنام المعبودة فماذا لها؟ 
ET lp‏ 
O gry OT‏ بها 4(الأعراف : 140) ليس لها من ذلك شىء . 

وإما أن تكون هذه الآلهة المزعومة تملك ما ذكر من أدوات ومشاعرفماذا يمنحها 
ذلك من فضل؟ 

سيكون الآلهة والعبيد سواء فى القوى الذاتية والمنزلة الكونية » فأى 
ألوهية تلك؟ 
yd 28 il‏ دون الله عاد اكم tó‏ جوا كم إن كم 
صادقين © (الأعراف : 154) . 

وليست طبيعة الإنسان أن يقف حاسرًا قاصرًا أمام ألوهية هى دونه أو هو cia‏ 
فإذا دعاها كانت بين أمرين : إما ألا تسمع وإما ألا تجيب . 
«إن تدعوهم لا يسمعوا دَعَاءَكُم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة 
يكفرون بشرككم ولا (VE: BU) pode Se Clty‏ 

ولذلك فإن من النقائض أن تتعلق النفس البشرية بهذه الأوهام والأباطيل . 

لقد كثر فى القرآن الكريم ضرب الأمثال » وسوق الأدلة واستثارة الانتباهء واستنهاض 
الكرامة الآدمية » حتى تقوم من هذه الوهدة التى تذل فيها لمن هو دونها أولمن هو مثلها . 


A 


وأفاض القرآن فى استقصائه للمعانى التى تصون الوجه من دنس الشرك » وفى 
مخاطبة العاطفة الإنسانية بأسلوب رائع فى رقته » واضح فى غايته . 
a tere «‏ 
a JE LS ds a a y‏ يَستويان ملا 
الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلّمون )(الزمر : ۲۹) . 

والحق أن التوحيد روح الإسلام » وجوهر عقيدته » ومنحور عباداته المنوعة » ومبدأ 
التوحيد يسرى فى تعاليمه كافة سريان الماء فى النبات أو الأعصاب فى البدن . 

وقد وضح القرآن الكريم حقيقته » وبسط فکرته ؛ وناقش ما قد يعرض له 
أو يعارضه » حتى ليعتبر التوحيد الإسلامى أصرح وأكمل ما أسسه دين فى قلوب 
بنيه » ودمغ البشر جميعًا بطابع العبودية لله وحده » وانتزاع كل شعور يتجه يالمرء 
إلى تقديس كائن ما هنا أو هناك - كل ذلك من عناوين الإسلام الأولى وليس 
من إشاراته الثانوية أبدًا . 
ل bl‏ من يشرك باللّه فقد حرم الله عليه اْجنّة ومأواه الثّارومًا للظالمينَ من أنصار» 

(vr : (اللائدة‎ 

والله ‏ وحده ‏ هو الضار النافع » الخافض الرافع؟ الذى يخذل أو ينصر » ويعطى أو يمنع . 

وليس لأحد بعده تعقيب على حكمه » وليس من شأن ملك فى السماء أو نبى 
فى الأرض التدخل فى مشيئة الله . 

فهى التى تحكم أبدا » وإليها يحتكم أولاً وآخرًا . 

وأولياء الله أو أعداؤه لا Dye‏ رغباتهم على الإرادة العليا & 

«ولذلك فإن من إخلاص التوحيد أن نكل ما فوق قدرتنا وإرادتنا إلى الله 
وحده » des 53 Oly‏ حوفنا ورجاعنا به) . 
«( اليس الله HK‏ عبده (vé‏ 


a a leere‏ كُاشفات ضره 
و آرادنی برحمة هل هن ممسکات رحمته قل حسبى الله عليه يتوكل المتوكلون » 
(YA: az)‏ 

للمؤمن قبلة واحدة يوليها وجهه , ويهب لها فؤاده » ويبثها نجواه وشكواه » 
ويعرف على أشعتها طريقه فى ظلمات الحياة . 

: بالا‎ Ae gl de auto e al, Le dls ¿ojal 

وله عواطف تيش بالأمن والقلق » والسخط والرضاء ء والحب والبغض » 
والوحشة والأنس . 

ومهما اضطربت فى نفسه هذه المشاعر المعتادة؟ OLS‏ ضوابط اليقين تحكمها , 
وعرفانه بريه هو الذى ينقضها أو يبرمها . 

وقد كان إمام الأنبياء يغرس هذه المعانى فى قلوب المؤمنين حين كان يدعو فى تهجده . 

«اللهم لك أسلمت » وبك آمنت » وعليك توكلت » وإليك أنبت » وبك 
خحاصمت » وإليك حاکمت » فاغفر لى ما قدمت وما أخرت » وما أسررت وما 
أعلنت las e‏ أنت أعلم به منى » أنت المقدم وأنت المؤخر »لا إله إلا أنت» . 

هذه الضراعة الحارة النابضة هى آية التوحيد الكامل . 

إذا مشت عصارتها فى القلوب هزتها بالحياة والنماء » وإذا فرغت الأنفس منها 
زوت » والتوت ؛ وخبطت فى عماء ما يعله عماء . 

stats bol pi a SUL Boag 
. تكشف التجارب فى معامل الكيمياء عن ميزان الغازات والسوائل الختلفة‎ 

وما يعرف الإيمان والكفر» وما يتكشف الإخلاص والنفاق » وما يتميز الخبيث 
والطيب إلا فى هدى هذه التجارب التى تكفل القدر بإجرائها : 
فإ وتبلوكم بالشر وَالْخيرٍ فتنة ويا ترجعوث (الأنبياء : ه؟) . 


HER 


,ما 


m 


وإذا ريت المرء يحب غير الله أكثر ما يحب الله » ويخاف العبد أكثر ما يخاف 
الرب » ويتعلق قلبه بالناس أكثر ما يتعلق برب الناس » ويصدر عمله ابتغاء رضاهم 
أكثر ما يتطلب ثواب الآخرة . 

فإذا نزلت به نكبة كان تفكيره فى فلان قبل تفكيره فى الله » وإذا أصابه حير 
كان حمده لفلان أسبق من شكره لله . . . 

فاعلم أن هذا الشخص قد أشرك . . . 

ولئن كان بعض العلماء يقول : إن الشرك فى العمل غير الشرك فى الاعتقاد › 
وإن هذا شرك أصغر وذاك شرك أكبر . 

الحقيقة : أن المسألة أصعب مما يتصورون وبما يصورون للعامة . 

فالشرك عين حمئة قذرة » إذا انفجرت فى قلب وبدأت تسيل قطرات راشحة 
توشك أن تتحول سیلاً کاسحًا » ويومئذ لا يبقى فى القلب إيمان e o‏ ويتحول ما 
يسمونه شركًا أصغر إلى عين الشرك الذى يعده الإسلام أقبح الكبائر . 

إنالأمورصطصغيلثرها ممايهيهس يج لهالعظيم 

والإسلام يوم حارب اللات والعزى » ومناة الثالثة الأخرى » لم يحاربها لذواتها , 
ولم تكن بينه وبينها عداوة شخصية؟ إنما حاربها لأنها احتلت من قلوب الملتفين 
بها مكانة السيد المتصرف من عبيده الأذلين . 


فكل ما يصرف القلوب مثلها عن الله فهو صنم . 

وكل من تكون فى قلبه منزلة لشىء ما غير الله » مثل منزلة هذه الأصنام فى 
قلوب المشركين القدامى » فهو ولا كرامة ‏ مثلهم » يحسب منهم ويحشر معهم . . 
ولا عجب فالخمر لم تحرم لعينها » وإنما حرم المسكر من كل شراب . 

والإيمان بالله لا تتفاوت حقيقته » وإن اختلفت نواقضه على توالى الأيام . 





توحيد العامة وما يعلوه من غبار 


ينبغى لهذه الأمة أن تكون مثلاً عاليًا فى إسلام الوجه لله » وإفراده بالنية 
والعمل » بيد أننا نلحظ - آسفين - أن هناك مسالك شائعة بين الجماهير الغفيرة 
من المسلمين » لها دلالتها الخطرة على فساد التفكير » وضلال الاتجاه » واضطراب 
المقصد . 

ولا نحب أن نوارب فى الكشف عن هذه العلة » فإن أى خلل فى دعائم 
التوحيد معناه الخبل الذى يدرك موطن القيادة الفكرية فى هذا الدين الحنيف . 

إذ التوحيد فى الإسلام حقيقة وعنوان » وساحة وأركان » وباعث وهدف » ومبداً ونهاية . 

ولسنا - كذلك - ممن يحب تصيد التهم للتاس » ورميهم بالشرك جزافاء 
واستباحة حقوقهم ظلمًا وعدوانًا . 

ولكننا أمام تصرفات توجب علينا النظر الطويل » والنصح الخالص » والمصارحة 
بتعاليم الكتاب والسنة كلما وجد عنها أدنى انحراف . 

لقد اهتمت حكومة إنجلترا - فى سبيل مكافحة الشيوعية - بالحالة الدينية » 
فی مصر! 

فكان بما طمأتها على إيمان المصريين(!) أن ثلاثة ملايين مسلم زاروا ضريح 
أحمد البدوى بطنطا هذا العام . 

والذين زاروا الضريح ليسوا مجهولين لدى - فطالما أوفدت رسميًا لوعظهم » 
فكنت أشهد من أعمالهم ما يستدعى الجلد بالسياط لا ما يستدعى الزجر 
بالكلام » وكثرتهم الساحقة لا تعرف عن فضائل الإسلام وأنظمته وآدابه شيعًا! . 

ولو دعوا لواجب دينى صحيح لفروا نافرين » وإن كانوا أسرع إلى الخرافة من 


الفراش إلى النار! 
وحسبك من معرفة حالهم : أنهم جاءوا الضريح المذكور للوفاء بالنذور والابتهال 
بالدعاء! 


ولن النذور؟ ولن الدعاء؟ إنه أول الأمر للسيد ‘ 


و ا 


فإذا جادلت القوم » قالوا : إنه لله عن طريق السيد اليدوى . 

وأكثر أولئك المغفلين لغطًا يقول لك : نحن نعرف الله جيد » ونعرف أن أولياءه 
a ee‏ 
حسناتنا » أو ليستغفروا لنا زلاتنا . 
(١‏ أم لهم شركاء شرعوا لهم مَن الدين ما لم يذ به الله (الشوری : )٠١‏ . 

بل المعروف من بديهيات الإسلام الأولى » أن الطلب ووسيلته جميعًا » يجب 
أن يكونا من الله . 
لإ إياك نعبد وإياك تستعين € (الفاتمة : ه) . 

«إذا سألت فاسأل الله » وإذا استعنت فاستعن بالله» . 

٠‏ يس من الضسحك أن نستنجد بقوم يطلبون لأنفسهم النجدة » وأن تتوسل يمن 
EEE‏ 
ويشافون ا (الإسراء : g (ov‏ 


BEE 
. إن المسلمين لما طال عليهم الأمد نسوا الحق‎ 
والمرء قد يعذر إذا ذهل عن شأن تافه » أو فاته استصحاب شىء هين » أما أن‎ 
. يذهل عن كيانه وإيمانه فهنا الطامة‎ 
وأحسب أن القرآن الكريم كان يقصد إلى التنديد بهذا اللون من إفساد التوحيد‎ 
: عندما قال‎ 
يعبدوت من دون الله فيُقول أنتم أضالتم عبادى هؤلاء آم هم‎ Bern) 


oo 


ee a Sa aa 1 GD السّبيل‎ 1 ¿Lo 
. )18- 19 : وكانوا قَومَا يورا . . . ©(الفرقان‎ Sa ولكن متعته ۾ وآباءهم > سوا‎ 


A nn 


أجل! لقد نسوأ loge SUI‏ قام عليه الذكر من Ao y‏ شامل . 

وليس يغنى فى الدفاع عن أولئك الحهلة من العوام . أنهم يعرفون الله » ويعرقوت 
أنه وحده مجيب كل سؤال » وباعث كل فضل » وأن من دونه y‏ يملكون من ذلك 
EI.‏ . فإن هذه المعرفة Y‏ تصلح ولا تقبل إلا إذا صحبها إفراد الله „Lest‏ 
والتوجه والإخللاص « Old‏ المشركين القدماء كانوا يعرفون الله كذلك . 
اال 


ومع © 8 callo‏ بصراحة 18 »فلم u Hee E‏ مؤمنين Ov.‏ 
الإيمان- إذا عرفت الله ú>‏ - ألا تعرف غيره فيما هو من شتو 


pa eee 00 00 re 


- 0 + Or + + . 


س foot he igh‏ سقو أله ابوت » 
(یونس : ۲۱ ۳۳) . 

إن العامة عندما يشدون الرحال إلى قبور تضم رفات بعض الناس . وعندما 
يهرعون pn ae‏ والأدعية إلى من يظنونهم أبوابًا لله » إنما Ops‏ فى 
حق الإسلام مآثم شنيعة 

نهم قلبنا عملهم هذا من جميع وجوهه فلن جد فيه ما يطمئن إليه مير 
المؤمن Sa‏ 

ومحبة الصالحين وبغض الفاسدين من شعائر الإسلام حقا . 

ومظاهر الحب والبغض معروفة . . . هى مصادقة للأحياء أو منافرة » واستغفار 
و لعنة 


إن 00 يصادق أفسق الناس »وقد يقطع والديه - وهما أحياء - ثم 
تراه مشمرًا مجدا فى الذهاب إلى قبر من قبور الصالحين؟ لا ليدعو له » ويطلب من 
الله أن يرحم ساكن هذا القبر» بل ليسأل صاحب القبر من حاجات الدنيا N‏ 
ما هو مضطر إليه » وذلك ضلال مبين ! . 


Be een الل‎ 


وبناء المعابد على قبور الصالحين تقليد قديم » وقد ذكر القرآن ما يدل على 
شيوعه فى الأم السابقة 

وفى قصة أهل الكهف تسمع قوله ‏ عز وجل - 
فَعَالُوا ابنوا عليه بنيانا ربهم أعلم بهم قَال الذي عَلَبُوا على أمْرهم لَتَحْذَنُ عَلَيْهم 
lis‏ (الکهف : ۲۱) . 

ويظهر أن اتخاذ الساجد على القبور كبناء التماثيل »لم يكن محظورا أول آمره 
إذ لم تكن له دلالة مثيرة . 

غير أن البشر سفهوا أنفسهم ؛ فالأحجار التى نحتوها للعظماء عبدوها ‏ أو على 
حد تعبيرهم اتخذوها إلى الله زلفى . 

والمعابد التى أقاموها على قبور الصالحين قدسوها AEN li aa‏ 

فلما جاء الإسلا م أعلن على هذين الظهرين من مظاهر الوثنية len ir‏ 
وشدد تشديدًا ظاهرًا فى محق هذه المساخر المنافقة 

وقد رأينا كيف أن النبى جي أرسل على بن أبى طالب -رضی الله عنه - وأمره 
أن یسوی بالأرض كل قبر وان يهدم كل صنم . 

فجعل الأضرحة العالية والأصنام المنصوبة سواء فى الضلالة . 

وقال النبى بي فى البيان عن سفاهة القدامى وفى التحذير من متابعتهم : 
«لعن الله اليهود والنصارى ء اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » ألا لا تتخذوا 
القبور مساجد › إنى أنهاكم عن هذا» . 

. عن وجهه فى مرض الوت ويكرر هذا المعنى‎ Eyal aby ONS 

وكأنه توجس شرا مما يقع به فدعا الله . 

«اللهم لا تجعل قبرى من بعدى وثنًا يعبد) . 

ومح كثرة الدلائل التى انتصبت فى الإسلام دون الوقوع فى هذا الحظور » فقد 
أقبل المسلمون على بناء الساجد فوق قبور الصالحين . وتناقسوا فى تشييد 
ا ae‏ » بل قد بنيت على 
ألواح الخنشب وجثث الحيوانات . 

ومع ذلك فهى مزارات مشهورة معمورة » تقصد لتفريج الكرب » وشفاء المرضى » 
وتهوين الصعاب ! 


وأحب ألا أثير فتنة عمياء بهدم هذه الأضرحة . 

فإن النبى ‏ يلغ امتنع عن هدم الكعبة وإعادة بنائها على قواعد إبراهيم OY‏ 
العرب كاتوا حديثى عهد بشرك . 

وجماهير العامة الآن ينبغى أن تساق سوقًا رفيقًا إلى حقائق الإسلام » حتى 
تنصرف - فى هدوء ‏ عن التوجه إلى هذه الأضرحة وشد الرُحال إلى ما بها من 


2 


¿Elo 
وإخلاص المعلم وأسلوبه فى الدعوة » عليهما معول كبير فى تمحيص العقيدة ما‎ 
. علق بها من شوائب وعلل‎ 


وقد تكون لدى بعضهم شبهة فى معنى التوسل > 

فلنفهم أولئك القاصرين أن التوسل فى دين الله » إإما هو بالإيمان الحق والعمل 
الصالح » وقد جاء فى السنة : 

«اللهم إنى أسألك بأنك أنت الله الذى لا إله إلا هوء الأحد الصمدء 
الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد» . 

فهذا توسل بالإيمان بذات الله . 

وجاء ‏ كذلك ‏ توسل بالعمل الصالح فى حديث الثلاثة الذين آواهم الغار. 
وجاء توسل بمعنى دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب . 

ودعاء المسلم للمسلم مطلوب على أية حال . 

ولا نعرف فى كتاب الله ولا فى سنة رسوله يل توسلاً بالأشخاص مهما علت 
منزلتهم - سواء أكانوا أحياء أو أمواتا - على هذا النحو الذى أطبق عليه العامة 
وحسبوه من صميم الدين » ودافعوا عنه بحرارة وعنف ضد المنكرين والمستغربين . 





حول توحبد العامة 


حجج القائلين بالوسيلة ويسردها على النحو الآتى : 

فلوذهب الإنسان إلى ربه وهو موقر بالسيئات »لم يجب له سؤالاً » ولم يسق له فضلاً . 

ومن ثم فعلى الإنسان أن يبحث عن وساطة مقبولة » كولى صالح مثلاً . 

؟- لا يسوغ القول ل بأن هذا شرك ؛ لأن النية هى الحكم على الأعمال» 
والمتوسلون لم ينوا شرك أو يرضوا به . 

. والأولياء‎ els YL الصحابة والفقهاء والآأئمة جميعًا كانوا يتوسلون إن الله‎ Y 
- وقد توسل عمر بالعباس عم النبى  صلى الله عليه وسلم‎ 

4- يتساءل الكاتب عن قول الله فى جدار الغلامين اليتيمين : D‏ 1559 أبوهما 
(a) EL‏ 

وفى قوله لنبيه يلغ ly bil Dels gta jalo IO:‏ 
الله (النساء 14) . أليس فى الآية ما ينص على التوسل ؟ 

وجاءتنا رسالة من أزهرى يقول فيها : إن أحد العلماء الرسميين يقول : إن 
e de‏ القبور واجب ؛ . ‘ ae vy‏ القبر تأثيرا أقوى من تأثیر At‏ 3 ولا 

LE‏ : : إن الآيات التى ER‏ بها we‏ نفى هذه المزاعيم نزلت فى 
E AE RN‏ الأعمى أن يتوسل به إلى الله » فرد الله 
عليه بصره . . إلخ . 

هذه هى جملة الشبه التى تعلق بها طائفة من الناس وبنوا عليها مسالك 


En 


فإن الجدل فيه طال مع وضوح الحق واستبانة النهج » ولم يبق إلا أن يحمل 
الناس حملا . 

وإليك البيان الحاسم لما سبق سرده من شبهات : 

فأما أن العاصى ليس له اللجوء إلى الله مباشرة « وأنه أولى به أن يستصحب 
أحد المقربين قبل مناجاة رب العالمين » فكلام لا أصل له فى الإسلام قط 

إن إبليس دعا ربه مباشرة وأجيب . .!! 
e JÚ En Dis la ILD‏ ى من المنظرين « إلى يوم 
اوقت الْمعلوم (الحجر: ۴۹ -۲۸) . 

والمشركون دعوا الله مباشرة وأجيبوا : 
«دعوا الله مخلصين لَه الدين لمن نيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين 29 فَلَمًا 
أنجاهم إذا هم يبغون فى الأرض بغير الحق #(يونس (WTC TY:‏ 

فهل عصاةة المسلمين يحرمون من حق أخذه إبليس وجنوده؟ 

إن أى مسلم يقع فى خطأ » فعليه أن يجأر بالدعاء إلى الله على عجل » من غير 
توسيط نبى » ولا ولى » ولا إنسان ؛ ولا شيطان . 
ط والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظَلّموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن 
-ه * ag‏ ع g‏ $5 > 
يغفر الذنوب إلا الله (آل عمران : )٠۳١١‏ . 

ثم إن الرجل إذا كان بحالة لا يقبل منه دعاء معها » فلن يقبل فيه دعاء غيره 
له ؛ ولو كان الداعى سيد الأ نبياء . 

ألا ترى كيف رفض استغفار الرسول - يلغ لعبد الله بن أبى؟ 

فأما المسلم المعتاد » فله - بل عليه - أن يدعو الله ء ولا ينظر فى هذا الضرب من 
العبادة إلى مخلوق أبدا . . . 


—— Er 


وصحيح أن إجابة الدعاء تقتضى الإخلاص والتقوى . 

ولكن ما صلة ذلك le‏ نحن فيه؟ 

أتظن أن الرجل إذا فقد الحرارة والصدق والتقى يذهب إلى ميت أو حى ليجد 
لديه العوض عما فقده؟ 

a ve eee هذا زعم‎ 

والقول بأن العمل لا ينظر إليه » وإغا تعتبر النية المصاحبة له » غير صحيح › 
فالعمل المقبول- ديئًا - يجب أن تتوافر فيه اول : النية الصالحة » وثانيًا : الصورة 
المشروعة . 

وفقدان العمل لأحد هذين الركنين يبطله 

فالعمل المتفق ظاهره مع الشرع إذا كان صاحبه مرائيًا أو منافقا يحبط أجره . 

والقصد الصالح إذا لم يجر فى طريقه الذى رسمه الدين فلا قيمة له ولا يلتفت 
إليه e‏ والتشريعات الوضعية لا تكترث بحسن النية عند ارتكاب محظور » وترى أن 
الجهل بالقانون لا يمنع من تطبيق القانون » وذلك سدا للاحتيال وحماية للحقيقة . 

فهل يكون دين الله أنزل من هذه التشريعات؟ 

وللاذا نستحى من وصف القبوريين بالشرك؟ › مع أن الرسول وصف المراثين به 
فقال : «الرياء شرك» . 

إن واجب العالم المسلم أن يرمق هذه التوسلات النابية باستنكار » ويبذل جهده 
فى تعليم ذويها طريق الحق » لا أن يفرغ وسعه فى التمحل والاعتذار! ولست من 
يحب تكفير الناس بأوهى الأسباب ولكن حرام أن ندع الجهل يفتك بالعقائد 
ونحن شهود . 

أى جريمة يرتكبها الطبيب إذا هو طمأن المصدور ومنع عنه pde‏ « وأوهمه أنه 
سليم معافى؟ إن ذلك لا يجوز . 

أما القول بأن الصحابة كانوا يتوسلون إلى | الله بأشخاص الأحياء أو الأموات 
فمنكر قبيح . 

وما يروى من شعر منسوب إلى الإمام الشافعى فمنحول لا أصل له . 

وقد ذكرنا - نحن- أن دعاء الإنسان لنفسه ولغيزه مطلوب . 


A ee ts 


وقد جاء ذلك فى القرآن على لسان النبيين والصا تين . 


فمن دعاء إبراهيم : 8 
ربنا اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب #(إبراهيم : )4١‏ . 
ومن أدعية نوح : 


ورب اغفر لى ولوالدئ ون دخل بيتى مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات 6(نوح :18) . 
eye il‏ مبُّونَا بالإيمان » 
(الحشر: )٠١‏ 

وقد أمرنا النبى us‏ أن يدعو بعضنا لبعض بظهر الغيب . 

ومن هذا القبيل » وفى ER‏ اميطاف العبيد لله pis‏ 
العباس » وكان المسلمون حوله Sy‏ . 

بين الزبير بن بكار فى الأنساب صفة ما دعا به العباس فقال : إن العباس لا 
zul‏ ستسقى به عمر قال : ۰ 

«اللهم e‏ لم ينزل بلاء إلا بذنب ء ولا يكشف إلا بتوبة » وقد توجه بى القوم إليك 

بمكانى من نبيك » وهذه أيدينا بالذنوب » ونواصينا إليك بالتوبة » فاسقنا الغيث» . 

وليس ذلك مقصورًا على أن يدعو من نتوسم فيهم الصلاح لمن نظن بهم 
التقصير فهذا خطأ » بل الأمر أعم . 

وأمر الرسول عليه الصلاة والسلام جمهور الأمة أن يدعو له : 

فما صلة ذلك بالتوسل على هذا النحو الجنون الذى سقط فيه العامة › وجاراهم 
عليه الكسالى والمرترقة والقاصرون من أدعياء العلم؟ 

ولست أدرى : ما علاقة التوسل بالآية الكريمة up:‏ الجدار فكان لغلامين 
et.‏ 


و "ل م عم وس 


ge mn u nn 


: GOTE 

e E ay 
. «قد» لأن للوراثة قوانين سنها رب الوجود الأعلى ولا تعرف بالضبط اتجاهاتها‎ 

وقد كان إبراهيم من نسل رجل كافرء وكان لنوح ابن عنيد الضلال . والله يقول 
فى ذرية نوح وإبراهيم- : فإ ومن ذریتهما محسن وظالم (ia) ga td‏ 

ومن المتتسبين إلى الأسرة النبوية فى هذا العصر من أساءوا إلى الإسلام 
والعروبة أشنع الإساءة : 

فإن كان السائل يقصد أن هؤلاء هم أصنام العصر الحديث الذين يتوسل بهم 
المتوسلون ¢ Aad‏ كفرنا بهم Laly‏ بالله وحذه . 

إن الحسين لم يدفع عن نفسه وهو حى » فكيف يدفع عن غيره وهو ميت؟ 

وقوله تعالى : ف( ولو أَنّْهِم إذ ظُلّموا أنفسهم جاءوك #(النساء: 54) . 


ليس تصريحًا ولا تلميحًا إلى جواز التوسل . 
والآية ناطقة بأن المجىء للظفر باستغفار الرسول ييل » وذلك بداهة فى أثناء 
الحياة لا بعد الموت . 


وللصوفية شطحات فى هذا الموضع أن صدقوا فيها فهى أحوال توقف عليهم 
وليس لدين الله بها شأن . 

ومصادر التشريع معروفة . 

ولم نعرف من مصادر التشريع أن all ÚS‏ رأى فى منامه كذا وكذاء أو أن 
فلاتا الجذوب خيل إليه فى أثناء زيارته للروضة النبوية كيت وكيت . 

ولقد كان ابن عمر لما فاض قلبه من حب الرسول يغ يتصرف تصرفات 
خاصة » فكان فى سفره ينزل حيث نزل e BE del‏ ويقعد حيث قضى حاجته 
ولو لم تكن له iz‏ 

واعتبر العلماء هذا كله عاطفة لابن عمر وحده.لا يلزم بها أحد » ولا توصف 
بأنها شرع . 


فإذا كان بعض الئاس يحكى أمورًا عن مجيثه للرسول فى قبره » وأنه سلم 
فسمع الرد ثم حظى بتقبيل اليدافهو بين حالتين : 

إما أن يكون كاذيًا فلا قيمة لكلامه . 

وإما أن يكون مجذوبًا تخيل فخال ولا قيمة لكلامه كذلك .. . 

ونحن لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لهذه الحكايات . 

أما ذلك الذى يوجب التوسل ويرى أن تأثير ا ميت أقوى من الحى فهو رجل مخيول! 

وزعمه بانتفاء الشرك ما دام الاعتقاد أن الفاعل هو الله كلام فارغ . 

وقد أبنا أن المشركين القدماء كانوا يعرفون أن الفاعل هو الله . 

وأن توسلهم كان من BOL‏ ما rand‏ إل ليقربوتا إلى A; di‏ ©(الزمر: ) . 

¥ 3F 3¢ 

وأن ندمهم يوم القيامة إنغا هو على تسويتهم الخلوق بالخالق : 
Ma E gs os dl ES a isp‏ 

وهناك عشرات الآيات تؤكد هذا المعنى . 

سيقول بعض الناس : إن القدماء كانوا يعبدون . 

أما عوام اليوم فهم يدعون ويسألون فقط , وشتان بين عباده الجاهلين وتوسل 
المحدثين بأولياء الله . 

ونقول : هذه مغالطة » فالسؤال والدعاء - بنص القرآن والسنة - عبادة محضة : 
A gel 6K WES}‏ 
جهنم داخرین 16( 

وفى الحديث «الدعاء مخ العبادة» . 

فلماذا نتوجه إلى البشر جا هو من خحصائص الألوهية؟ 

وإذا وقع الجهال فى تلك الخطايا بغباوتهم » فلماذا لا نسارع إلى إنقاذهم منها › 
بدل تزوير الفتاوى ؟ 

وقد تذكر فى هذا المجال قصة الأعمى الذى توسل إلى الله بنبيه ييه ليرد إليه 


Ben u ne u u 


ومع أن القياس - مع الفارق لو صحت القصة - فهذا الأعمى دعا الله » وأولئك 
الحمقى يدعوت غيره . 

إلا أن القصة نفسها ليست من قسم الحديث الصحيح . 

والاحتجاج بالآثار الضعيفة فى العقائد والأحكام لا يقبل من صاحبه . 

ومثل هذه الرواية قد تروج عند الوعظ بفضائل الأعمال . 

وآيات القرآن ينظر فيها إلى عموم اللفظ لا إلى خصوص السبب . 

وقد حرم الله الشرك على العرب فهو على غيرهم حرام . 

فالقول بأن الآيات نزلت فى أهل الجاهلية وحدهم جهالة لا نأبه لقائلها , ولا 
نقيم لها اعتبارا . 

رزقنا الله صدق التوحيد » وأحيانا وأماتنا عليه . 

جاء عن النبى 8 : «الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا فى الليلة 
الظلماء › وأدناه أن تحب على شىء من الجور» وأن تبغض على شىء من 
العدل Js:‏ الدين إلا الحب 

. تُبعونى يحببكم اللّهِ ويغفر لكم ذنوبكم‎ Ao pond a Of Bp : re 
. (: الله عور جيم عمران‎ 

يعنى أن إخلاص التوحيد يقتضى محبة العدل وكراهية الظلم . 

a e eee cba ohn‏ » فإذا كان حس الإسلام مرهقًا 
إلى هذا الحد فى تمحيص القلوب ونقد اتجاهاتها الخاطئة » فكيف يسوغ أن نأتى إلى 
رجل يجأر بالدعاء لغير الله » ويخاف ويرجو غير الله » ثم نقول له : لا بأس عليك؟ . 

إن موقف العالم السلم فى هذه القضية ليس موقف الحامى الذى يدافع pl ye‏ 
فيقف ساعة أو أكثر ليزيف التهمة ويؤول القانون!! بل موقف الذائد عن معالم الإسلام . 

فإذا كان لا يعاقب المتهم لأنه جاهل - كما يقولون ale‏ دين الله » ولا 
يتركه نهبًا للشياطين . 








القدرة 


العالم وما فيه من سكون وحركة » أثر لقدرة الله سبحانه وتعالى ‏ . وليست 
لشىء ما » قدرة ذاتية يستمدها من طبيعته الجردة . 

فإذا رأيت البذور تشق التربة » وتنمو رويدًا رويدا لتستوى على سوقها» فذلك 
بقدرة الله . 

وإذا رأيت الأمواج تلطم الشطآن رائحة غادية لا تهدأ حتى تثورء فذلك بقدرة 
الله » وإذا رأيت القاطرات أو الطائرات تنهب الفضاء » وتطوى الأبعاد » وتحمل 
الأثقال » فذلك بقدرة الله . 

وإذا رأيت البشر يموج بعضهم فى بعض » وينفعلون بالحب والبغض » والفرح 
والحزن » وينطلقون عاملين » أو يهدءون نائمين » فذلك بقدرة الله . 

وسواء شعرت أو لم تشعر » فنبضات قلبك فى حناياك » وسريان دمك فى 
عروقك . وكمون الحس فى أعصابك » وتجدد الحياة فى خلاياك » وانسكاب 
الإفرازات من غددك ؛ ذلك كله بقدرة الله . 

. الكون قادرًا بنفسه‎ ut Y 

فكما أن القدرة أبدعته أولاً من عدم , فقد أودعت فيه من إسرارها » وبشت فيه 
من آثارها » ما يدل عليها . 

وبعض الحاحدين من علماء الطبيعة يردون ما يقع تحت أبصارهم من هذه 
الدلائل الباهرة إلى مجهول محض ٠‏ أو قوى كامنة فى المواد والعناصر الختلفة . 

وهذا تخريف شائن » وتسفيه للعقل » ومغالطة للواقع . 

إن النور المتولد عن انتشار الكهرباء فى الأسلاك , والحركة الناشئة عن امتداد 
الأبخرة فى المواسير » والحديد المرتفع فى الجوء نتيجة تغيير المراوح الدائرة لمقادير 
الضغط ‏ حول الطائرة » كل أولئك لا يرفع قدر عتصر من العناصر BAR‏ فيهب 
له مرتبة الوجود المستقل » فضلا عن الإيجاد الرائع! 


سس 19 


لماذا يطلب منا أن نظن فى مواد التربة أنها ‏ بقدرتها ‏ خلقت النبات؟ 

ولو كان ذلك حقا » فما الذى يمنع التربة أن تكون إلها ؟ 

ولو كانت العناصر جميعًا بهذه المثابة مع حركاتها وسكونها » فأى خبط نقع فيه 
نتيجة هذا الفرض الأحمق؟ . 

أليس أقصر طريق نصل به إلى الحق أن ننظر إلى العالم كله » من أرضه 
لسمائه » على أنه صنع القدرة العليا » وأن كل ما يتجدد فيه إنما يقع تحت إشراف 

من المؤسف أن تكون السمة الغالبة على العلوم الطبيعية كافة أنها تقوم 
على البحث اجرد فى مادة الوجود» وعلى تعرف حقيقة العلاقات والروابط 

وقلما تلتفت إلى شىء بعد ذلك » إذا وفقت إلى نتائج معينة فى موضوع بحثها . 

وتنتهى أغلب هذه العلوم بمن يدرسونها إلى علم جيد بالمخلوقات » وجهل مطبق 
بخالقها ؛ لأنه لم ترد إليه إشارة ما فى غضون بحوثها الكثيرة المتشعبة . 

وهذه ‏ لا ريب - خياتة علمية » فإن دراسة هذا الكون العظيم تنفذ إلى صميم 
الفكر الحر بأشعة من الهدى والإيمان . وتجعل الإنسان يتطلع ‏ ملء الفؤاد ‏ 
بعواطف الرهبة والرغبة إلى هذا الخالق العظيم . 

وهذه البحوث امجردة تشعر بآثار القدرة الرائعة فيما تتناوله من نواحى الطبيعة » 
غير أنها تطويها طيّاً تحت أسماء مبهمة » وتستدرج المتعلم بإجراء الملاحظات 
والتجارب » ثم تشغله بتدوين zul‏ القريبة وحسب ! . 

أما الالتفات من وراء هذه الحجب الشفافة إلى عظمة الله جل جلاله ‏ فأمر لا 
يكترث له كثير من علماء الكون والحياة . 

وهكذا Js‏ بحوثهم مبتورة ؟ لأنها تنقصها الحلقة المفقودة بين الخلق والخالق ¿ 

من ذلك كله نعلم أن الله قدير على كل شىء » وأنه قوى متين » وأنه لا يؤوده 
تلق ولا أمر. 


Al a a eh nn a 


وما کان الله ليعجزه من شىء فى السّمَوات ولا فى الأرض كان عَلِيما قّديرا » 
(فاطر : )٤٤‏ 

والقدرة فى مجالها الواسع لا يعييها شىء البتة » وآثارها التى نشهدها تدل على 
طاقة لا تقف عند حدود . 

وليس معنى ذلك بداهة أن تخرج القدرة على منطقها . 

فيقال ‏ مثلاً : إنها لا تستطيع قلب الحقائق! 

وقد كان الدكتور «زكى ميارك» سخيفا » ولعله كان «سكران» يوم كتب فى 
(البلاغ) : إن الله لا يستطيع إخراجى من ملكه » وإن الله لا يستطيع الجمع بين 
النقيضين . .! 

والجنون فنون . 





الإرادة 


- سبحانه وتعالى  فيما تلق وفيما يخلق » وفیما دبر ویدبر به شون العالم‎ - allly 
» كان يصوغ الكائنات فى الأوضاع التى يريدها » ويضفى عليها الأوصاف التى يشاؤها‎ 
: ويبرزها فى الأوقات التى يختارها ء لا يستكرهه أحد على شىء من ذلك كله‎ 

وما ترى فى الأرض والسماء من تنوع فى الوجود » وتميز فى السمات » هو مظهر 
اللإرادة الحرة فى تعلقاتها كافة . 

فما أوجده الله فى هذا العصر كان من حقه الكامل أن يوجده فى الأيام الخالية . 

وما جعله الله کوکبًا متألقًا كان يستطيع جعله جندلاً باردًا . 

وتوزيع الصفات والأحجام والأحوال فى أنحاء الكون العريض ليس إلا المشيئة 
العليا لله عز وجل -. 

ولو أراد أن يخلق العالم الذى نعيش فيه على نحو آخر فى قوانينه وأنظمته 
وأحيائه وأشيائه كلها لفعّل . 

وإنك لترى انطلاق المشيئة دون أى عائق فى إخراجها الأصناف الختلفة من 
الأصل الواحد ! 

فالحقول المتجاورة تختلف محصولاتها IES y ÚS‏ 

» فروعها حلاوة وحموضة ء ولونًا ووزنًا فى النبات‎ alas Lil il, 
. ولَوّمًا ونيلا وذكاء وبلادة فى الإنسان والحيوان‎ 

ل وفى الأرض قط مَجاورات وجنات من أعناب وزرع وتخيل صنوان وغير 
نرا قن يماع A‏ 
قوم يعقلون ) (الرعد : ئ( . 

وقديمًا استدل الأثمة على عظمة الإرادة - فى هذا المعنى - بالنحل يأكل من 
ورق الشجر فيحوله شهدا » ويأكل منه الدود فيحوله حريرًا » وتأكل منه أطيار 
أخرى فتحوله قذرًا . 


en A 


وإذا اتجهت الإرادة إلى شىء فيستحيل أن يتخلف أثرها . 
Sl sd». (Vv :op) Gy CUES ah, yd‏ 
فيكو 6 (يس : 81) . 

فإرادة الله نافذة فى السماء والأرض .ء لا رادٌ لها ولا معقب عليها . 
وربك یخلق ما یشاء ویختار ما کان هم 4 (القصص (A:‏ 

وقد تطلق الإرادة على قصد الشىء بأسلوب سلبى . 

فأنت إذا خرجت من بيت يستطيع صاحبه منعك من الخروج منه ولكنه 
تركك » فهو بسكوته يريد خروجك . 

وإلى هذا المعنى يشير المتنبى - لما ترك سيف الدولة مغاضبًا - ثم قال - مبررا 
عمله - وملقيًا التبعة على صاحبه : 

إذاترحلتعنقوموقدقدروا الاتفارقههم؛ فالراحلونهمو 

ومثل هذا ترك امرئ يمشى فى طريق الضلالة ويهيم على وجهه , لآنه حرم 
أسباب اللطف» والله قادر على سوقها إليه لو شاء! 


ولعل ذلك تفسير قوله تعالى : 
» ولا يَحْزنك eya ul‏ الْكُفرِ إِنّهُمْ آن يَضروا الله شَيْمًا يريد الله ألا 
يجعل لهم حًا فى الآخرة lie vr‏ عظيم »(آل (AV: Olas‏ 
ona Ya Y‏ الّذينَ SAS‏ على a‏ إن 
NE lie “os‏ عمران : ۱۷۸) . 











| 


وشمول الإرادة وعموم القدرة ؛ وكون ألله ‏ سبحانه ‏ يفعل ما يريد متى يريد 
وكيف يريد » ليس معناه أن أمور الخلق والرزق » وشئون القبض والبسط » وحظوظ 
الرفعة والضعة » والإعزاز والإذلال » والنصر والهزيمة - أن هذه جميعًا تصدر على 
طريقة الارتجال السريع » أو الخواطر السانحة » أو تتم Lol‏ وتقع مصادفات عارضة! 
كلا . كلا . 

فإن الكون كله خاضع لشبكة دقيقة النسج من الأسباب cl oa‏ 
الغابتة الخالدة » والقوانين المترايطة المتكاملة »لا تضطرب ولا تختلف »ولو أجمع 
البشر على مناقضتها . 

فالنبات يتم نضجه بالإرادة والقدرة. . 

ولكن مظهر الإرادة والقدرة ‏ فيما نعرفه من غرس وسقى » وتعهد وزمان ب Ben‏ 

والجنين يكتمل بشرا سويا بالإرادة والقدرة . 

ولكن اكتماله فى أطوار وأحوال ء لابد من توافرها » ويستحيل أن.يولد بغيرها . 

وقول الله إنه يؤ تى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء . | 

لا يعنى أنه بين عشية. وضحاها ‏ يقيم دولة ويهدم أخرى . 
٠‏ فدون إقامة الممالك وقبل انهيارها توجد مقدمات طويلة تستغرق سنين 
أو عصورا » حتى تقع نتائجها اللازمة . ا ا 

وأصحاب العقول الضيقة والأفكار القاصرة يحسبون أن وصف الله عز وجل 
بأنه يقعل ما يشاء » معناه أن أحكامه فى عباده لا ضابط لها ولا رابط بينها . 

ولعلهم يقيسون سعة السلطان الإلهى على ما عهدوه من تصرفات ذوى 
السلطة فيهم . 

أولئك الذين يخبطون خبط عشواء ويعبثون عبث الحمقى . 


ا ا ا See‏ 





تعالى الله عما يظن الجاهلون علواً كبيرا . 

إن الأسباب والمسببات هى المفاتيح الملقاة بين أيدى البشر» ليصلوا بإرادتها إلى 
ما وراءها » من خير أو شر . 

وعموم المشيئة والقدرة مقيد de‏ شرع الله فى كونه » أو بين عباده من قوانين 
كونية » أو قوانين شرعية . 

كذلك ليس معنى أن الله يفعل ما يشاء أنه يثيب العاصى أو يعذب الطائع » 
أى إنه يجوز عليه الظلم » ويقع منه الغبن !! 

وهذا جهل شنيع » ونسبة ذلك إلى الله تكذيب لا قال فى كتابه العزيز. . 

ثم إن هذه العدالة مردها إلى ما ينبغى لله من كمالات بداهة . 

وليس مردها إلى أنه لو ظلم تعرض لعقاب أو سوال » فذلك مستحيل . 

ومن أين يحدث ذلك » وهو المتفرد فى الوجود بالألوهية » بين عبيد عَتّت له 
وجوههم » وذلت له رقابهم ؟! | | | 

إن بعض العامة من المسلمين يظنون فى انطلاق المشيثة أن السنن الكونية 
صفرء وأن العدالة العليا قد تتخلف » ونشأ عن هذا استهتار غبى بالأعمال 
والمسئوليات ؛ سنعالجه عند الكلام على القضاء والقدر . 





الحبساة 


مراتب الوجود تختلف رفعة وضعة : فالجماد أنزل رتبة من النبات » والحيوان 
أعلى درجة من النبات » والوجود الإنسانى أرقى من أنواع الوجود الأخرى . 

. واتصاف الله سبحانه وتعالى ‏ بالحياة معناه أن وجوده بلغ الغاية فى عظمته 
lly‏ ؛ فهو sr‏ »؛ ويعرف أنه موجود » وهو يهب الوجود لغيره عن إدراك واختيار» 
ومن ثم فهو حى . 

إن بعض الفلاسفة الذين يقولون بأن العالم معلول فى وجوده بغيره » ويسمون 

الخالق علة العلل أو مبدأ الوجود » يعطون صورة مبهمة عن هذا الوجود الأعلى . 

حتى لتحسب أن صدور الكائنات عن بارئها si‏ يشيه التفاعالات 

الكيماوية التى لا روح فيها ولا حياة معها » وهذا ضلال . 

فدلائل الحياة الكاملة تنبئق من الذات العليا انبثاقًا يتضاءل أمامه كل ما نعرف 
من صنوف ال حياة ودرجاتها الختلفة . 

أطلق لخيالك العنان » وتصور كل ما تنتجه الأيدى «الحية» من أعمال . وما 
تنشئه العقول «الحية» من أفكار » وما تهتز به الأفقدة «الحية» من مشاعر . 

واجعل هذا الخيال يضم أشتات ذلك من مشارق الأرض ومغاريها » ويستجمع 
ما حدث فى الأعصار الخالية » وما يحدث اليوم » وما سوف يحدث غدًا ؟ إلى أن 
يرث الله الأرض ومن عليها . . 

إن مظاهر هذه الحياة المفعمة بالقوة والإنتاج » لا تُعَدُ شيمًا مذكورًا بالنسبة إلى 
الحياة الإلهية الواسعة » بل هى أثر ضئيل من أعمال الحى الذى لا يموت » التى 
الى ينع من روحه فى الموات فيهتز» وفى الجماد فيتحرك : 
إن الله em ess a, gi‏ ومخرج os cl‏ 
al‏ 56 33 55 ن(الأنعام :40( 3 الله لا اله a Y‏ الحى ا (Yoo:‏ 


4g 


وو 


الكلسسسع 

الله تعالى عليم بكل شىء » لم يسبق معرفته جهل » ولا يعدو عليها نسيان ؛ 
ولا يمكن أن تخالف الواقع 

وعلمه محيط بالأمس واليوم والخد » بالظاهر والباطن » بالدنيا والآخرة . 

قد يعرف الإنسان شيئًا عن حاضره » وقد يذكر طرفا من ماضيه » وما وراء ذلك 
فهو بالنسبة إليه عماء . 

بيد أن الإنسان لا يذكر من ماضيه الطويل إلا قليلاً من الحوادث » ولا يدرى من 
تاريخ العالم الذى يعيش فيه شيئًا طائلا . 

لكن الله - وحده - يحصى أعمالنا الماضية ساعة ساعة » ويسجل أحوال 
pls‏ .الغابر de‏ دولة 2 وحادثة حادثة . 
Y US db gy see do JO Ay A Ji LJ‏ يْضل ربّى ولا 
ينسى © (طه : (oc o1۱:‏ . 

إنه علم يشرق على كل شىء » فيجلى بواطنه A‏ ويكشف بداياته 
ونهاياته » ويكتنه ذاته وصفاته . 

فالشهود والغيب لديه سواء » والقريب والبعيد والقاصى والدانى . 

ail‏ يرد علّم السّاعة وما تخرج من ثَمَرات من أَكْمَامها وما تحمل من أَننئ ولا 
تضع إلا بعأّمه © (فصلت : /4) . 

والعلم الإلهى يشرف على كل شىء إشرافًا تاما ء ويهيمن على أطوار الموجودات 
- ما يحس منها وما يتوهم - هيمنة كاملة . 

فعدد ما فى صحارى الأرض من رمال » وعدد ما فى بحار الدنيا من قطرات › 
وعدد ما فى الأشجار من ورقات » وعدد ما فى الأغصان من ثمار» وما فى السنابل 
من حبوب » وما فى رءوس البشر وجلودهم من شعر . 


ل 


ثم ما يمكن أن يطرأ على هذه الأعداد الكثيرة من أحوال شتى » وما تحتاج إليه 
و a aa pal‏ کو 
شعاع واحد من أشعة العلم التى Y‏ تدرى عقولنا من كنهها قليلا : 
ale Y‏ بذات a‏ 05 ألا يعم من خاق وهو 
اللُطيف OE wi)‏ 

وهذا العلم من خصائص الذات المقدسة . 

وقد ينير الله بعض العقول بحقائق يسيرة » على قدر طاقتها من المعارف 
الكونية » أو رشحات ضئيلة من الغيوب الخفية » حسب قواعد مدروسة ؛ وحكم 
مأنوسة . 

وما وصل إليه البشر من ذلك مقرر معروف » وما أوتوا إلا القليل . 

: الله -عز وجل فكما قال فى كتابه‎ Ui 
N Aare 
(04: ولا حب فى ظَلَمّات الأأرضٍ ولا رطب ولا يبس | لذ فى كتاب مين 4 (الأنعام‎ aby 





vo و‎ >ú 
. عن عائشة  رضى الله عنها  : «الحمد لله الذى وسع سمعه الأصوات»‎ 


لقد جاءت امجادلة «خَوْلّة» إلى رسول الله يق فى جانب البيت تحدثه » ما 
أسمع ما تقول » فأنزل الله عز وجل - : 
lr se es y‏ وتشتكى إِلَى ca dy de‏ 
تحاوركما إن الله سميع بصير © (الجادلة : )١‏ . 

أجل! فما من كلام يدور بين الناس » أو حديث يتجاذبون أطرافه إلا سبق وقعه 
إلى سمع الرحمن » جل وعلا » قبل أى شىء! 

ولا تحسبن أن الله حين يسمع نجوى جماعة يشغله ذلك عن سماع قوم آخرين . 
كلا » فما يشغله شأن عن شأن » وما تغيب عنه همسة وسط الضجيج › ولا 
تشتبه عليه لغة على اخحتلاف الألسنة . 

إنك ‏ بالوسائل التى هُدى إليها البشر ‏ تجلس فى المشرق فتنقل إليك محطات 
الإذاعة الأغانى والأحاديث من المغرب » طاوية الأبعاد الشاسعة . 

فما أدرانا بما وراء ذلك من أسرار الكون . 

وما أيسر ‏ فى منطق العقل ‏ أن يشرف رب الكون بسمعه على كل حركة وسكنة 
فى الوجود » تنبعث من مصدرها القريب أو البعيد » وليس ثم قرب ولا بعد بالنسبة 
إلى الله فيعلم كنهها » ويسمع صوتها » ويبصر وضعها! إن ربك يسمع كل صوت ٠‏ 

وهناك أصوات يسمعها ويحبها «ماأذن-مااستمع .الله لشىء أذن لنبى حسن 
الصوت يتغنى بالقرآن» يجهر به» . 

: تتلوه الألسنة؟ يكره صوت الفحش والسوء‎ » y يحب الله صوت‎ Sy 
Cm DS plo y Y Ss y al طلا يحب الله‎ 
. (A: eL) Lolo 

ولا تستكثر أن يقال لك : إن الله يسمع حفقان القلوب فى خفايا الخلق أجمعين . 


لس اس سخ 


فما القلوب إلا أثر قدرته » شحنها بالحياة ثم دفعها فهى تسير إلى أجل معلوم ع 
فكيف لا يسمع أثر ما أوجد؟ 

وكما أن الله يسمع كل شىء » فهو يشهد كل شىء ء ورؤيته تنظر فى أعماق 
الظلمات فتستشف كوامنها . 

فما هو بحاجة إلى ضياء يبصر به الخفى » أو مكبر يعظم به الدقيق . 

إذا كنت ثالث ثلاثة » فاعلم أن هناك رابعًا يببصر ما تفعلون » ويسمع ما تقولوت . 
a y o e Ur y dp‏ 
فی حکمه أحدا (الکهف : )۲١‏ . 
عندما أرصل الله موسى وهاروث إلى فرعونء توجسا من طغيانه + وقالا + 
u LS 5 BS Y UU @® ply of ff ale be of US Wy >‏ 
وأرئ (طه : (e >٥‏ 

إنه معهما , ومع كل كائن » من بدء الخلق إلى قيام الساعة » وما قبل ذلك وما 
بعد ذلك » يسمع ويرى ٠‏ 

وهو سبحانه ‏ قد ركب فى وجوهنا هذه العيون التى نقرأ بها ونكتب » وتشهد 
بها كما نشاء . 

ولكن ما قيمة رؤيتنا هذه إلى جانب الرؤية الإلهية الحيطة الشاملة . 

لو أن كل ذى بصر انتظموا صفّاً يستغرق محيط الأرض »ء ثم اجتهدوا فى روية 
ما حولهم » ما أبصروا شيئًا يذكر إلى جانب الرؤية الإلهية التى تستوعب جميع 
المدركات » من جميع الجهات » فى وقت واحد . 

سواء فيها المستخفى بالليل والسارب بالنهارء الخالى وحده ء والبارز للناس : 
«وما تكون فى شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا Le ÚS‏ 
شهودا )3 G A O piro‏ (يونس : “m‏ 

والإحساس بهذه الحقيقة جزء من الدين » بل هو قمته العليا : 

«الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه » فإن لم تكن تراه فإنه يراك» . 

وملاحظة العبد لله » أساسها شعوره al‏ سبحانه ‏ قائم على كل نفس ما 
كسبت » ومطلع على ما أسرت وأعلنت » وذلك وحده لب التقوى وسر الإخلاص - 


ne ee‏ مك 


الأكسلام 


هو وسيلة للإبانة عما فى النفس من معارف ونصائح ورغبات شتى » وتفهيم 

ولاشك أن الله . سبحانه وتعالى - مستحق لهذا الوصف : 

فقد عهد إلى ألوف من ملائكته » بالقيام على شئون الإحياء والإماتة » وفى 
أنحاء العالم العريض » كما عهد إلى ألوف وألوف منهم بشئون شتى » لا ندرى 
منها إلا القليل . وهذا التسخير الدائم خاضع لأوامر الله التى يتكلم بهاء خلقًا 
ورزقًا » ورفعًا وخفضًا » ومحوًا وإثبانًا » وتقديرا وتدبيرًا . . . إلخ . 
نهاية لها كذلك . 

إن أحدنا ‏ فى مباشرة أعماله الحدودة ‏ يحتاج إلى قاموس من الألفاظ . 

ألا ترى أن كلامه من السعة والاستبحار على النحو الذى يقول الله تعالى - 
فيه : ولو ألما فى الأرض من شجرة أفلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما 
dr DS Da‏ الله عزيز حكيم ‏ (لقمان : ۷( . 
طقل لو کان En ¿si y a oe Pell‏ 
(HE I alos‏ 

وكْشّبُ الله التى أنزلها على أنبيائه مظهر من مظاهر اتصافه جل شأنه ب «الكلام» . 

وقد كلم الله موسى تكليما » وسوف يكلم كثيرًا من عباده يوم القيامة 3 

وأرسل الروح الأمين بختام الوحى إلى صاحب الرسالة العظمى . 

فكان القرآن الكلمة الأخيرة فى هدايات الله لعباده . 


EN : 


)1١٠ لمت وك صقا ودلا لا مبدل لكلماته وهو المسميع العليم »(الأنعام:‎ Gi y 
أما حقيقة الكلام  كصفة الله فلا نقصر فيها ولا نطيل ؛ لأننا دون هذا‎ 
. لمجال بكثير‎ 
بيد أننا غيزم بأن الكلام الإلهى ليس ألفاظًا تصنعها الشفتان واللسان ؛ وتضبطها‎ 
. الرئتان والخنجرة والأسنان » فذاك شأن الإنسان لا وصف الرحمن‎ 





أنتأنتالله" 


إذا ما اتجه الفكر فى السموات حيث انتشرت النجوم فى الليل » وإذا ما كل 
البصر فيما لا نهاية له فى الأفاق المظلمة » وإذا ما خشعت النفس خشعتها من 
رهبة السكون الشامل » فإنك تشرف بوجهك الكريم من خلال هذه الآفاق » 
وتسمع صوتك فى ذلك السكون » ومس بعظمتك النفس الخاشعة المطمئنة . 

حينئذ تبدو الآفاق المظلمة كأنها باسمة مشرقة » ويتحول السكون إلى نبرات 
مطربة » تنبعث من كل صوب » وحينئذ تتغنى النفس الخاشعة لتقول : 

«أنت أنت الله» . 

وإذا ما كان المتأمل على شاطئع البحر الخضم » وأرسل الطرف بعيدا » حيث 
تختلط زرقة السماء بزرقة الماء » وحيث تنحدر شمس الأصيل no,‏ رويدًا كأنها 
VI‏ الملسجور » لتغيب فى هذا المتسع الملح الأجاج » وحيث تتهادى الفلك ذات 
الشراع الأبيض فى حدود الأفق الملون بألوان الشفق » كأنها طائر يسبح فى النعيم . 

إذ ذاك يشعر المتأمل بعظمة واسعة عظمة البحر الواسع . 

وإذ ذاك تقر العين باطمئنان الفلك الخارى على أديم الماء الممهد , وفى رعاية الله 
الصمد » حيث تكون مظهر العظمة » وحيث تطمئن النفس لرؤية ما تطمئن إليه فى 

إذ ذاك يدق الفؤاد بدقات صداها فى النفس «أنت أنت الله» . 

وإذا ما انطلقت السفينة بعيدًا فى البحر اللْجّى » وهبت الزوابع » وتسابقت 
الرياح » وتلبد بالسحب الفضاء » واكقهرٌ وجه السماء » وأبرق البرق » وأرعد الرعد » 
وكانت ظلمات بعضها فوق بعض » ولعبت بالسقينة الأمواج › وأجهد البحار 
جهده » وأفرغ الربان حيلته » وأشرفت السفينة على الغرق » وتربص الموت من كل 
صوب وحدب 


. من «خواطر نفس» للدكتور منصور فهمى‎ )١( 


إذ ذاك يشق ضياؤك هذه الظلمات والمسالك » وتحيط رأفتك بهذه الأخطار 
والمهالك » وتصل بحبال نجدتك المكروبين البائسين ٠.‏ 

وإذ ذاك يردد القلب واللسان «أنت أنت الله» . 

وإذا ما اشتد السقم بمن أحاطت به عناية الأطباء » وسهر الأوفياء » ونام بين 
آمال الخلصين ودعوات الحبين » ثم ضعفت حيلة الطبيب » ولم ينفع وفاء ال حبيب » 
واستحال الرجاء إلى بلاء . 

إذ ذاك تتجلى مستويًا على عرش عظمتك » والنواصى مماشعة » والنفوس 
جازعة » والأيدى راجفة » والقلوس واجفة لتقول : «أنا قضيت» » ويقول الطبيب 
والقريب والحبيب : «لك الأمرء أنت أنت الله» . 

وإذا ما باين الدنيا إنسان وباينته » إذ ينظر إلى المال فيلقاه فانيًا » وإلى الجاه فيلقاه 
ذاويًا » وإلى الأمانى فيلقاها زائلة » وإلى الآمال فيجدها باطلة » وإلى الشهوات 
فيجدها خادعة كاذبة » وإلى المسرات فيجدها آفلة غاربة . إذ ذاك يستغنى عن الجاه 
والمال ء وتشل فى نفسه حركة الآمال » وبين جاه يدول » وأمل يزول لا يملاً فراغ 
النفس إلا ذكرك : «أنت أنت الله» . 

وإذا ما وقعت العين على زهرة تتفتق فى الأكمام gfe‏ تلاقت العين بعين يملؤها 
الحين والابتسام » وإذا أعجب المعجبون بجمال الفجر المتنفس » وتغريد الطير 
المتريص » وعاود الصدر انشراحه » وملا القلب ارتياحه . 

إذ ذاك يشرق فى قلوبنا نورك الجميل » فنراك «أنت أنت الله» . 


فيما يمس النفس من مظاهر العظمة » ومظاهر السعة » ومظاهر الرحمة ء ومظاهر 
القدرة والقضاء » ومظاهر الدوام والبقاء » ومظاهر الجمال والجلال » اعتاد الناس أن 
يصفوك بالعظيمٍ 2 ers‏ والرحيم يمء والقادر والدائم 6 ae‏ والجليل 6 وأوتار 


القلوب 225 : « أنت أنت الله » أنت أنت الله» . 








ee 


الإيمان بالقضاء والقدر عقيدة من العقائد التى أسسها الإسلام على الإيمان 
بالله -عز وجل _» وبناها على المعرفة الصحيحة لذاته العليا » وأسمائه الحسنى 
وصفاته العظمى . 

ولاريب أن الإسلام قد أوجب لله نعوت الكمال.» وصفات الجلال والجمال » 
دواعى الحمد والتمجيد < 

ووافق العقل النقل فى ذلك كله ee‏ فصلت هذه الكمالات الواجبة لرب 
الوجود : N : de his 1 Y CO es ju ¿e sl yo‏ 

فكان فى عداد ما ينبغى الإيمان به والاطمئنان إليه »إن لله وحده صفات العلم الواسع › 
والإرادة الشاملة » والقدرة الكاملة » وأنه - سبحانه — U Jl‏ یرید »عالم lc‏ يفعل a‏ 

سواء فى هيمنته : دبيب النمال فى جحورها ؛ أو وثبات الأفلاك فى مداراتها . 

وشمول علمة يستغرق الأمكنة على تعدادها › والأزمنة على تطاولها 6 
فما تغيب عنه بقعة فى المشرق أو ذ فى المغرب » وما يغيب عنه يوم فى 
الأزل أو الأبد. 


وأحداث الحياة ‏ وما أكثر ما يلوح فى آفاق الحياة من خير وشر» وبأس ورجاء » 
وحزن شض » ذلك كله استوعبه العلم الإلهى عد وإحصاء : 
وما يرب عن رك من مال فى الأرض ولا فى السماء ولا أصغر من ذلك 
ولا کر إلا فی )9 0 

وفى صفحات هذا الكتاب ch‏ سطور القضاء والقدر » وعرفت مصاير الأمور ء 
ووُضّحَّت نهاياتها ‏ من شقاوة وسعادة . ولكن أَنّى لنا علم بذلك ؟ 


إنما الف جب اانه JA‏ الخلق رب ُْالعقلمين 
ل وم St‏ صفح ةالحاضِرحينا Ge day‏ 
ويتعلق القضاء والقدر ¿Us‏ الحياة وأحداثها 2 وأعمال الناس وتصرفاتهم على 
نحوين واضحين متميزين! لكل Lago pos‏ حكمه الخاص وآثاره التى تترتب 
عليه . 


وبين كلا القسمين فواصل قائمة » تجاهلها يُوقَعٌ فى الدين الغخموض 
والاضطراب £ ولذلك سنوضح حدود كل ei‏ ومعالمه : 





نحن مجبورون فى هذا كله 


هناك أمور تحدث وتتم بمحض القدرة العليا » وعلى وفق المشيئة الإلهية وحدهاء 
وهى تنفذ فى الناس طوعًا أو كرها > سواء شعر بها الناس أو لم يشعروا . فالعقول 
ومقدار ما يودع فيها من ذكاء أو غباء » والأمزجة وما يلابسها من هدوء أو عنف » 
والأجسام وما تكون als‏ من طول أو قصر » وجمال أو قبح » والشخصيات وما تطبع 
عليه من امتداد أو انكماش » والزمان الذى تولد فيه والمكان الذى تحيا به » والبيئة 
التى تنشأ فى ظلها » والوالدان اللذان ينحدر منهما , وما تتركه الوراثة فى دمك من 
pie‏ وميول والحياة والموت 2 والصحة oe als‏ 2 والسعة والضيق » ذلك ومثله لا 
:يد لللانسان فيه . 
فأضابع القدر وحدها هى التى تتحرك ظاهرة وباطنة »لتوجه الحياة كما يريد 
٠‏ صاحب الحياة . 


إن الله لا يخفئ عليه شىء فى الأرض ولا فى السّمَاء (2) هو اذى يصوركم فى 

الأرحام كيف يشاء لا إِلَ إلا هو الْعَزِيرٌ الحكيم ©(آل عمران: ه »1) . 

وغنئ عن البيان » أن شيئًا من هذا ليس محل مؤاخذة ولا موضع حساب » Lily‏ 
لفتنا النظر إليه لتعرف أن الحنسية التى تنتمى إليها » واللغة التى تنطق بها ء بل 
نوع التكوين الذى يوجد الإنسان عليه » ذكرًا كان أو أنثى . 

هذا شىء من الخنصائص التى لا قبّل لنا بها » ولا سبيل لنا إليها ء وفى مثلها 
يساق قول القرآن الحكيم : 
« ورك يخلق ما يشاء ويحتار ما كان لهم الخيرة سبحان الله pty as ¿JU‏ 
5 وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ® ya Y y Y gay‏ لَه الْحَمَد 
فى الأولئ والآخرة وله الحكم وإلّيه ترجعوث 4 (القصص :58 - (Ve‏ 


والإيمان بهذا الضرب من القدرواجب » والأدلة عليه متظاهرة من العقل 
والنقل . | 
وعلى المؤمن أن يوقن - من أعماق قلبه - أن هذه أمور مفروغ منها › مفرقة على 
ذويها » من قديم جفت الأقلام بها فلا راد لها . 
هذه أمور علمها الحق وأرادها » ونفذها استقلالاً » ولسنا منها فى قليل ولا كثير» 
وقد أحسن سلفنا الصالح الإيمان بها فكان أثرها فى مسلكهم رائعا . 
وإذ علم الواحد منهم أن أجله مكتوب لا ينقصه الإقدام ولا يزيده الإحجام 2 
gol‏ واجبه على وجهه الأكمل c‏ وفی أذنيه 1532 التوجيه الإلهى . 
Jey Gp a td ln 5 OY Canes oS}‏ الله فليوكلٍ المؤمنون © (التوبة : ١ه)‏ 
ومواضع الرجوع إلى القضاء والتسليم لله فيما أراد » كثيرة متنوعة » وهى تعطی 
الرجل صلابة وقوة واندفاعا 6 وتملؤه عزيمة وتحملا وجلادة : 





هنا إراه تناحسرة 


أما القسم الثانى من متعلقات القضاء والقدر» فهو يتصل بأعمال على عكس الأولى . 

ونحن نشعر حين أدائها بيقظة عقولناء وحركة ميولنا » ورقابة ضمائرنا . 

قماامدئ tn bag Cg ttle‏ تسبة القدر إليها؟ 

الط بتهل عدا : وستجيت على هذا التساول ها يلر شبة المشوشين هباة إن 
شاء الله . 

إتنا د نحس باستقلال إرادتنا وقدرتنا فيما نباشر من أعمال تقع فى دائرتهما » 


وكان يكفى ٠‏ هذا الإحساس Sub‏ على حريتهماءلولا أن هناك من يزعم أن 


ولكننا نطمئن إلى صدق هذا الإحساس » ونكذب ما يغض من قيمته بعد أن 
نرجع إلى القرآن الكريم نستفتيه فى ذلك . | 
ونحن ad‏ القرآن يؤكد هذا „ul‏ البديهى » وينوه بحرية الإرادة الإنسانية ‘ 
e 3‏ َك و 2 do ro - o re‏ 
<إ وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر #(الكهف : 15) . 
ولا ينخليها من المسئولية الواضحة على ما يصدر منها : 
adi)‏ ال بهتدی لنفسه ومن 
ash ey a‏ ا البتة مع استعباد 
الإرادة وتقييدها . . 
وإيقاع الجزاء كذلك لا يتوجه ويقر إلا فى هذا الحو الطلق الفسيح . 
وليس هنا موضع سرد الآيات الشاهدة لذلك » فالقرآن كله شواهد بينات 
ودلائل واضحات . 


A 


فما موقف العلم الإلهى من هذا النوع من الأعمال؟ هو الإحاطة التامة والشمول الكامل : 
ale y‏ عند ربّی فی کتاب لاً يضل ربَى ولا ينسى © (طه : 07) . 

ولكن كيف يتفق القول بحرية الإرادة والقول بأن أعمالنا لن تخرج عن دائرة 
العلم الإلهى الحيط الشامل ؟ 

والجواب سهل : قف أمام مرآة مجلوة صافية وأنت عابس الوجه مقطب الجبين 
فماذا ترى؟ سترى صورتك كما هى عابسة مقطبة . 

أى ذنب للمرآة فى ذلك؟ إن مهمتها أن تصف وأن تكشف وهى قد صدقت 
فيما أثبتت لك » ولو كنت ضاحك الوجه لأثبتت لك على صفحتها خيالاً 
ضاحكا لاشك فيه . 

كذلك صفحات العلم الإلهى ومرائيه لا تتصل بالأعمال اتصال تصريف 
وتعريك » ولكنه اتصال انكشاف ووضوح » فهى تتبع العمل ولا يتبعها العمل . 

غاية ما يمتاز به العلم » أنه لا يكشف الحاضر فقط » ولكنه يكشف - كذلك 
الماضى والمستقيل . | 

فيرى الأشياء على ما كانت عليه » وعلى ما ستكون عليه » كما يراها وهى 
كائنة سواء بسواء . . 

بقى بعد ذلك تفسير ما قررناه من شمول الإرادة العليا » ومن هيمنة القدرة 
العليا على الخلائق كافة » فما معنى ذلك وكيف يتفق مع حرية الإرادة الإنسانية ؟ 











oli‏ يضلمن ينشاء ويهدى من يشاء 


الخلب فى ذلك سهل كذلك » ولن تذهب فى بيانة إلى أبعد من كتاب اله 
لمن شاء أن age‏ 
ولقد يسرت اران للذ کر فهل من مد كر (القمر: ۱۷) . 

ونحن نجد أن إطلاق المشيثة فى آية › تَقَيّده آية أخرى يذكر فيها الاختيار 
الإنسانى صريحًا . 

أى إن إضلال الله لشخص .ء معتاه : أن هذا الشخص آثر الغئ على الرشاد › 
فأقره الله على مراده » وتم له ما يبغى لنفسه . . . 
ic‏ يوا ف امي مسد (o:‏ وانظر إلى ْ 

قيمة التنويه بالاتهاه البشرى المعتاد . 

Mie eee gas) 
(V0: Lad) aa تولّ‎ 

فهل بقى غموض فى إطلاق امشيقة ؟ لا . 

إن معنى قوله : #يضل من يشاء» لا يعدو قوله : 
«وما يضل به إل الاسقين © pals pill‏ 0 عهد (ve ra) ge an a‏ 

وكذلك الخال فى «ويهدى من يشاء» . 

انظر إلى قيمة الإرادة الإنسانية فى قول الحق وهو يتكلم عن إرادته : ظ قل إن 


اله cig 08 oo on‏ من تاب 69 الدين de Fe o gl‏ 
ألا بذكر الله تطمكن القلوب © WV: ded)‏ 086 . 
فهو يهدى إليه من أناب لإن الله لا يهدى القوم الفاسقين) . 





اجعل أيها القارئ هذا المصباح بين يديك » وسر فى نوره بين شتى السور فلن 
تجد فی دين الله قلقا أو اضطرابًا . 

وإغا القلق والاضطراب فى عقول الحمقى » وقلوب الغافلين . 

وهنا قد يسأل بعض الناس عن حدود الإرادة الدنيا والعليا فى الأعمال . ومع أن 
هذا السؤال لا مبررله » فنحن نتبرع بالإجابة عنه حتى يظهر السر فى نسبة 
الهداية والإضلال ؛ تارة لله » وتارة للإنسان . 

هل تعرف ما يفعله الفلاح فى حقله؟ إنه يلقى البذور» ويتعهد يتعهده بالسّقى وعلى 
الله الإنيات والإثمار . 

وتستطيع sol‏ تسمى الفلاح زارعًا ‏ وأنت صادق - لقيامه بالسبب . 

وتستطيع أن تسمى الحق ‏ سبحاته ‏ زارعًا لقيامه بالعمل . 
. © أفرآيثم ما تحرثُوت 0 أأنتم تزرعوته َم نحن الزارعون 69 لو نشاء لجَعلتَاه 
حطاما > (الواقعة : 58 16) . 

فما للإنسان فى سعيه مثل ما للفلاح فى زرعه . 

فازرع عمرك إن شئت - خيراً » فإن يد القدرة سوف تنميه لك ورا يانعًا . 


أو ازرعه - إن شئت شرا » فإن يد القدرة تنميه شوكا رائمًا 3 


« وقل اعملُوا فُسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنوث 4 (التوبة : a )٠١6‏ 





كذ ب ple‏ دين الله 


على أنه كثيرًا ما يحدث أن تختلط مظاهر الجبر الإلهى بمظاهر الاختيار 
الإنسانى فى أقوال عديدة لا نريد الآن أن نضرب لها الأمثلة . 

وإنما نريد أن ننبه إلى أن الحساب الأخروى شبيه بالمعادلات الرياضية ! يؤْخذ 
مته ما لله » ثم يحاسب العبد على ما قدمت يداه E‏ 
إن als‏ لا يظلم مثقال ذرة وإن تك > حستة يضاعفها ©(النساء : (e‏ 

ولكن فريقا من الناس زعم أن الله كتب كل شىء » ثم سخر الناس فى هذه 
الحياة لتنفيذه ؛ وأجبرهم على فعل ما يفعلون وترك ما يتركون : 

وكان صدى هذه العقيدة الخرافية أن نسمع إلى yan‏ الجهلة من الملتصوفين 
يرى المنكر أمامه فيهز كتفيه Suu‏ : (وضع العباد فيما أراد) . 

أو نسمع لأحد العصاة من المتبجحين وهو يقول لك - حين تنصحه - ME:‏ 
يهدينى الله . 

وقريب من ثرثرة هؤلاء المغفلين قول المشركين ‏ قديمًا فى الاعتذار عن ضلالهم. 
ولو شاء الله فعل بنا غير ذلك! . 

وقد زيف القرآن هذه الأباطيل فى غير موضع واحد من آياته البينات . 
« سيقول opal‏ أش ركو الَو شاء اللّه ما أش ركنا ولا آبَاونًا ولا حرمنا من شىء كذلك 
gl oy pill GUS‏ حَتَئ ذَاقُوا بسنا قل هل عندكم من علّم فد فتخرجره لنا إن 
Of bY Opes‏ أنتم إِلاّ تخرصوت ) (الأنعام : 148) . 

وانظر كيف يرفضص القرآن هذه المكابرة الآثمة »إذلا يلتفت للرد عليها حتى لا 
يكون نقاشها نوعًا من الاعتراف بها '. 
قال Sy WSN Sod ch ged ge Be Le tinal J at ah‏ 
حرمنا من دونه من شىء كذلك فعل al‏ من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ 
المبين #(النحل (YO:‏ 


وما أثر هذا البلاغ المبين عند الله وعند الناس » إنه أثر يقطع دابر ا نخحتجين . 
HN Jn eae he ol 55 py Ay‏ 
(Nee‏ 

ألا فليفهم ذلك النيام! ليفهم الشرقيون الكسالى من يصطنعون الفلسفة والإدراك ! 

ليفهم ذلك الذين آتاهم الله العزيمة والقدرة » فهانت عزائمهم » ووهت 
قدرتهم » وناموا فى ظلال الهزيمة والعارء على حين برز فى الحياة أصحاب الهمم 
الجبارة والسيق البعيد! 

ليفهم ذلك الذين ظنوا عقيدة «القضاء والقدر» ثغرة فى الإسلام ينفذوت منها 
إلى حماه الكريم و« ET‏ 





الاعتذاربالأقدار 


كثيرًا ما يعتذر الإنسان عن أخطائه بتهوينها أو تبريرها . 

وقد يعالج الخطأ النافه بخطيعة جسيمة . بأن يجنح إلى الكذب مثلاً » أو إلى 
الجدل الذى لا ينطوى إلا على الدّجل . 

قد يؤمر الإنسان بشىء ماء فِيعَاقَلُ عنه » ويخلد إلى الأرض ولا يؤديه » وقد 
يزجر عن شىء ما » فيخدع به وينزلق إليه . 

فإذا ما حلّثته فى صنيعه Julia‏ يذكر علته الحقيقية من كسل عن الخير» 
أو ميل إلى الشر . : 

بل قال- فى صفاقة- : ما حيلتى؟ إنى مقهور . . . معذور . . . 

53,0[ قول المشركين القدماء- لما نفرهم الرسول ‏ جيل - من عبادة الأصتام : 
LS Y‏ الرّحمن ما عبدتاهم ما لهم بذلك من علّم إن هم إلا يخرصون 69 
آم آتیتاهم Be NGO Sect ay eh ald a UES‏ . 

إن تجاهل الإنسان لما زوده الله به من قوة وتفكير » وما ذرأ فى طبيعته مز 
استعداد للرفعة والضعة » وما وهبه من حرية يتوجه بها إلى الخير أو الشر دون أى 
ضغط أو ظلم . إن ذلك التجاهل لا ينقص فتيلا من مسثوليته الملقاة على عاتقه ٠‏ 
مهما قارنه من المكابرة والمراء . 

وقد ضمنى مجلس مع نفر من أولئك الذين يرمون على القدر أثقالهم»ء 
واستمعت إلى ما تعللوا أو تعلقوا به من أفهام » فوجدت أكثرها أفهامًا مغلوطة حول 
ما ورد من نصوص . 

وإن كانت هذه الأغاليط قد راجت - للأسف - بين جماهير العامة . 

لقد رفض النبى - يه - من الرجال الذين بنوا أنفسهم على الجهاد والعبادة 
أن يستريحوا ساعة باسم هذا القدر. 


فعن على بن أبى طالب - رضى الله عنه - : أن رسول الله - ع طرقه 
وفاطمة ليلا فقال : «ألاتصليان؟» » فقلت : يا رسول الله » أنفسنا بيد الله » فإذا شاء 

فانصرف رسول الله - يله - حين قلت ذلك » ولم يرجع إلى شيئًا لشدة 
استغرابه - ثم سمعته يقول - وهو مول يضرب فنحذه بيده - : 
ل وکات الإنسان أكثر شىء جدلاً 4 (الكهف : 4ه) . 

إن هذه الكلمة من أبى الحسن ردت النبى - ياغ - وهو يعجب كيف قيلت . 

ولئن تمشت مع طبيعة الإنسان فى الجدل » إنها ليست من طبيعة رجل كعلى له 
فى دين الله مكانته . 

ولعلها أثر الجهاد والكلال الذى يصيب المرء بعد ما يأوى إلى فراشه » فتأتى 
أحكامه دون ما ينتظر منه . 

وقد روى بعضهم قصة آدم مع موسى دليلاً على جواز الاعتذار AIL‏ 6 وهى 

كما رواها أبو هريرة عن النبى - 8 - : 

«احتج آدم وموسى » فقال موسى : يا آدم » أنت أبونا أخرجتنا من الجنة! 
فقال له آدم cal:‏ يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده؛ 


ae‏ أمر قلدره الله على قبل أن يخلقنى بأربعين عامًا ؟ قال رسول الله 
- فحج آدم موسى» . 

Esad, als pal a3 Say le da a الحديث لا يدل على فى‎ i 
«ls آدم متاعب الإنسانية‎ Je ورواياته الأخرى » يشير إلى أن موسى كان يريد‎ 
. ويرجع شقاء أبنائه جميعا إلى أكلته المشكومة من الشجرة‎ 

وقد دافع آدم عن نفسه بصدق . . 

فإن وجود الحياة البشرية لم يكن نتيجة طبيعية ولا عقلية لذنب أدم . 

كان من الممكن جذداً أن يعاقب آدم على خطته بأى عقاب آخر كالتوبيخ أو 
الحرمان المؤقت أو غير ذلك . 

أما ترتيب وجود العالم الزاخر بآلامه وآماله على هذه المعصية » فهذا قدر إلهى 
محض لم يَدّرٌ بخلد آدم » ولا يجوز أن يعاتب عليه » ومن هنا حج آدم موسى . 


ور ا 


أما مسئولية آدم الخاصة عن ذنيه الذى استغفر الله منه » فلا صلة له بهذا الحديث . 

إن خطيئة آدم ليست سببًا شرعياً ولا علة عقلية لوجود العالم وانتشار الناس فى 
القارات الكبرى OSA‏ ويكدحون . 

وفى رواية أخرى لأصحاب السنن : 

«قال موسى : يا رب » أرنا آدم الذى أخرجنا ونفسه من الجنة . فأراه أياه آدم - 
عليه السلام -. 

فقال : أنت أبونا آدم؟ قال : نعم » فقال : أنت الذى نفخ الله فيك من روحه › 
وعلمك الأسماء كلها وأمر الملائكة أن يسجدوا لك ؟ قال نعم 

قال : كلمك الله من وراء الحجاب » ولم يجعل بينك وبينه رسولاً من خلقه ؟ 
قال : نعم . | 

قال : فما وجدت أن ذلك كان فى كتاب الله قبل أن أخلق؟ 

قال النبى 85 : فحج آدم موسی » فحج آدم موسی » فحج آدم موسی» . 

إن آدم يعلم - من غير مراء - أنه أخطاً حين أكل من الشجرة › وقد اعترف بذلك 
عن صدق » وطلب من الله المغفرة وغفر له . 

أما أنه مصدر ما وقعت فيه البشرية كلها من عناء ؛ فهذا ما أنكره ‏ وهو محق ‏ 
وجعله من شئون القدر الأعلى » واقتنح بذلك موسى كما cal,‏ . ومن السخف أن 
نخطع نحن ثم نسوق كلمة آدم عذرًا لنا على خطئنا . 

إن الصورة التى يرسمها الجبريونث للعالم لا ترمز إلا إلى رصي المطلقة 
والخلط الشائن . 

ولا كان البشر فى نظرهم - يقومون ‏ بأدوار لا خميّرة لهم فيها » فهم لا يفرقون 
we‏ 


en a a 
. قدر عليه أزلاً‎ 


a —— ب‎ 








وليست الحياة إلا رواية يقوم أفرادها بما فرض عليهم من مواقف ء وينطقون بما 
y SL‏ الليلستروالنهسارالملعب 

وإنك لو نقبت لرأيت هذه الصورة مرتسمة فى أذهان الكثيرين » بعضهم يعلنها 
مصارحًا » وبعضهم يطويها مستحييًا » وإن كان يدين بها . 

Jeol‏ الدولة الإسلامية راجع إلى فشو هذه الضلالة بين الناس فشوا جعل 
المنكر E es sz‏ 

وأساس الإصلاح يعتمد أول ما يعتمد على تص ee‏ فى عقيدة ola‏ 
والقدر» حتى تعود كما كانت * 

الدافع الأعظم فئ التضحية والفداء والوازع الأول غلى ترك الشر وفعل الخير ؛ 

قيامًا بواجب الإنسان نحو نفسه » وتنفيذًا لأوامر الله جل شأنه . 

أما الآيات والأحاديث التى وردت توهم بظاهرها أن 2 ادة الإنسانية غير خرة » 
> فليست كما يظن الواهمون . 1 

إن هذا الفهم العجيب نضجت به العقول المعوجة u‏ توح به نصوص الدين . 

إذ قال الله تعالى sp:‏ سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تددرهم لا 
يؤمنوث © (البقرة : 5) . | 

فليس إنذارهم وعدمه سواء ؛ لأن تفوسهم صيغت بحيث لا تقبل الحق من 
تلقاء ذاتها » فهى أوعية للكفر برغم أنوفها IS‏ 

وإنما القصد .صرف همة الرسول وغ عن قوم pales us‏ » وبڌل جهوده 
لإنقاذهم من غوايتهم » فأصروا على تنكب الصراط المستقيم بمحض اختيارهم . 

وقوله تعالى : طإِنّكَ لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشناء 4 (لقصص :1ه) 
لا يعنى أكثر من مواساة الرسول كه عتدما مات عمه أبو طالب m‏ »وكان 
شديد الحرص على إيمانه . 

بيد أن الرجل إلى آخر الحظة من حياته آثر الوثنية على التوحيد مع oe‏ مناشدة 
الرسول إياه أن يؤمن بالله ويدخل فى دينه . 


| ge 





E TEA Lu yt gee qe meee . o 
وقوله تعالى : [ ولقد ذرأنا جهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها‎ 
(1V4 : (الأعراف‎ 
معتاه أن الأغبياء الشاردين عن الحق يرشحون أنفسهم لجهنم بغبائهم‎ 
. وشرودهم » فجاء التعبير عنهم متمشيًا مع أسلوب اللغة فى الأداء البليغ‎ 

فمثلا : يقول الأستاذ لتلامذته فى الدرس ‏ مهددًا الكسالى ‏ : إن السقوط 
يتخير ضحاياه من كل بليد يتلاعب بالدروس ويتناسى الامتحان . 

وهذا الكلام لا يساق ليراد به ظاهره أبدًا . 

ERA 

ثم إن كل فعل اختيارى يتم » فإنه يصح أن ينسب إلى الإنسان على أنه السبب 
فيه » وإلى الله على أنه الخالق له . 

هذا سبب البذر» والله ‏ سبحانه ‏ أساس الإيجاد كما ذكرنا . 

وإذا أفرد الفعل فى النسبة إلى الإنسان وحده. أو إلى الله وحده ؛ فإن إيراد 
ناحية لا يعنى انعدام الأخرى . 

وإذا استصحبت هذه القاعدة معك فهمت ‏ على ضوئها ‏ آيات كثيرة من غير 
تشويش . على أن الفعل قد يكون من الله خلقًا » ولا ينسب إليه تأديًا . 

ألا ترى كيف طوى القاعل فى قوله : 

لوم A AE‏ م م ل نوها ەو re‏ 
وأنا لا ندرى أشر أريد بمن فى الأرض dy ae‏ 

وكيف أسند إبراهيم المرض لنفسه » والإطعام والسقيا إلى ربه ؟ 

وكذلك فعل الخضر › قال ۔عن خرق السفينة ‏ : « فَأَردت أن أعيبها 4 (لكهف:4/) 

ed. ere re -%3 Pg eden’ gis de + a 
» فى حفظ الكنز  : «إ فأراد ربك أن يبلغا أشدهما وب يستخرجا كنزهما‎  لاقو‎ 
(Ar: (الكهف‎ 
وقد يتواضع المؤمنون فيجردون أنفسهم من كل فضل » وينسبون إلى الله كل‎ 

توفيق ويقولون : 


ي 


dt >‏ للّه اذى هَدانًا لهذا N‏ جاءت رسل ريا 
بالحق 4 (الأعراف : 47) . 

ومع ذلك » فإن الله عز وجل - يذكر لهم نشاطهم وسعيهم ١‏ 
لط ونودوا أن تلكم الْجئة أورئُتموها بما كنتم تعملون #(الأعراف : 45) . 

وقد جاءت فى القدر أحاديث شتى عن النبى جل توضح ما قد يشتبه على 

فعن على : كنا فى جنازة فى بقيع الغرقد » فأتانا رسول الله ss‏ فقعد وقعدنا 
حوله ومعه مخحصرة » فنکس وجعلل SS‏ بمخصرته »ثم قال 

«مامنكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة» › فقالوا : يا 
رسول الله MÍ e‏ نتكل على كتاينا وندع العمل؟ 

قال : «اعملوا فكل ميسر لما خلق له. 

أمامن كان من أهل السعادة فيصير لعمل أهل السعادة . 

وأمامن كان من أهل الشقاوة فيصير لعمل أهل الشقاوة) ثم قرأ : 
et WH‏ وصدق بالحستئ 0 فسئيسره لليسرئ © on ly‏ 
AS O ¿ala Js‏ بالحستئ ) فسنيسّره للعسرئ 4(الليل : 0٠١‏ . 

والحديث للبصر النافذ لا لبس فيه . 

فأما أن الله عالم بما سيعمل الناس فى الدنيا وما يصيرون إليه فى الآخرة من 
ثواب أو عقا ء فهذا مما لا شك فيه . Ä‏ 

وأما أن سبق العلم هو ما يرغم الناس على العمل بما كتب أزلاً فباطل . 

فإن العلم نور يكشف وليس قوة ترغم . 

والبشر من تلقاء أنفسهم ‏ يتوجهون إلى ما 2 DeL‏ من ¿hal‏ والله يتمم 
للعيد مراده . ا 

فمن زرع تفاحًا آتاه ثمرة شهية » ومن زرع شوكا جنى ما غرس . 

والآية التى استشهد بها النبى يغ تدل أوضح دلالة على ذلك . 


و ي 


فإن من تعلق بأسباب الخير ‏ من عطاء وتقوى وتصديق - أكمل الله غايته 
ويسره للحسنى . 

ومن تعلق بأسباب الشر ‏ من بخل وفجور وتكذيب ‏ أتم له قصده وأملى له فى 
غیه » ويْسرّه للعسری . 

وإليك حديثًا آخر طالما أرجف به الجهلة » يحسبون أنهم سوف ينقضون به دين 
الله من القواعد ء ودين الله أقوى مما يظنون » وأعلى ما يبصرون . 

فقد ورد عن النبى 5 : 

«والذى لا إله إلا هو إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه 
وبينها إلا ذراع » فيسبق عليه الكتاب » فيعمل بعمل أهل النار فيد خلها » وإن 
أحد كم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع » فيسبق عليه 
الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيد خلها» . 

وهذا الحديث إنما يصف لنا صنفين من الناس » خواتيم أعمالهم تغاير مسالكهم 
الأولى مغايرة تامة . 

وذلك لیس غريبًا فيما تحت حسّنا من أحوال الناس . 

فرب فاسق ظل أكثر عمره مريض الاعتقاد » سيئ الخليقة » ثم أبصر آخر الأمر 
عواقب غيّّه فاهتدى . 

. يعكف على الخيرات ثم غرته الدنيا فوقع فى شراكها وهوى‎ Jb alle Lig 

ولو أن أحدًا اطلع الغيب » ثم قارن بين ما يراه فى أحوال هذين فى مطالع 
حياتهما ‏ وما سطر فى الكتاب من خواتيم أعمارهما » لعجب وطال استغرايه . 

غير أن هذه المصاير المتناقضة لم يكن للقدر السابق أثر جبرى فى خطها على 
هذا النحو. | 

والتتعبير فى الحديث الوارد بسبق الكتاب لا يعنى أكثر من دقة العلم 
وانضباطه » وهو جار فى هذا على أساليب المبالغة فى لغة العرب . 

فقد تتوقع بشخص ما نهاية معينة » فإذا وصل إليها عبرت عن ذلك بتعبيرين 
كلاهما صحيح . 

تقول : تحقق فيه ظنى » أو صدق فيه حكمى . 


إنه ما كان يستطيع أن يفعل غير ما توقعته ‏ أو تقول : إن حكمى لا يتخلف أبذاً . 
وكم فى اللغة من تعبيرات تقوم على هذه التحويرات اللفظية امختلفة : 
Y Avis linie‏ 

أى : كأن لون سمائه أرضه . 

وفى التشبيه المقلوب قالوا : 

كأن الصباح المتألق وجه الخليفة حين يعطى . 

ويقول الله تعالى : فيا بنى آدمَ لا (ve) A‏ 
والمعنى : لاتفتتنوا بالشيطان . 

ومهما اختلفت التراكيب والأساليب » فإن المعنى لا يخفى على اللبيب » ومن 


ثم فلا يجوز أن نهدر حريتنا فى العمل » وأن نلقى التبعة على القدر » متعلقين بما 
لا ينبغى التعلق به . 











إجابةساخسرة 


سألنى سائل : هل الإنسان مسيّر أم مخيّر؟ فنظرت إليه فى ضيق شديد » 
وقررت أن ألتوى معه فى الإجابة » كما التوى هو مع فطرته فى هذا التساؤل » وقلت 
له : الإنسان توعان : نوع يعيش فى الشرق » ونوع يعيش فى الغرب » والأول مسير 
والآخر مخير ! ففغر الرجل فاه عن ابتسامة هى بالضبط نصف تثاؤب الكسالى 
والعجزة والثرثارين الذين ينتشرون فى بلادنا . 

ثم قال : ما هذا الكلام إننى أسألك : هل للإنسان إرادة حرة وقدرة مستقلة 
يفعل بهما ما يفعل Yu ae Sala‏ | 

فقلت له : قد أجبتك » الإنسان فى الغرب مستقل وفى الشرق مستعمر . 

هناك له إرادة وقدرة » وهنا لا شىء له sun‏ : هذه إجابة سياسية . 

فقلت : وإنها لديئية كذلك . . 


يا رجل » إن القوم فى:الغرب شعروا بأن لهم عقولاً ففكروا بها حتى كشفوا 


المساتير من بدائع الكون . 
وشعروا بأن لهم إرادة فصمموا بها ء حتى التقت فى أيديهم مصاير الأثم وأزمّة 
السياسات . 


وشعروا Ob‏ لهم قدرة » فجابوا المشارق والمغارب » ما الروائع 5 

أما نحن قهذا . . رجل من ألوف الألوف a‏ تزحم البلاد يأتى ليستفتى فى 
هذه المعضلة التى غاب عنه حلها . 

Jae lie af‏ حر يستطيع أن Si‏ به؟ 

أله إرادة يستطيع أن يعزم بها؟ 

أله قوة يستطيع أن يتحرك بها؟ 

وإلى أن نثبت له نحن ذلك! سوف يبدأ فيفكر ثم يعزم ثم يعمل . 





أما الآن فهو IA‏ الغرب . . . 

ما أبعد البون بين الشخصين ! 

الرجل فى الغرب ألقى به فى تيار الحياة » فعلم أن له أعضاء يستطيع أن يعوم 
بها » فظل يسبح مع التيار تارة وضده تارة أخرى » حتى وصل الشاطئ ! .. 

أما هنا » فلما ألقى بالرجل فى معترك الأمواج » بدأ يسائل نفسه : 

هل أنا حى حقّاً » أم أنا جثة هامدة؟ 

أو بتعبير المتفيهقين : هل أنا حر أم أعضائى مقيدة ؟ 

ولكن التيار الجارف لا ينتظر نتائج هذه السفسطة » فلا يلبث أن يطويه اليم 
مع الهالكين . . 

وليس يغنى فى عزائه قول الشاعر السفيه : 

A a sl 

اعمل أيها الرجل » ولا تقل : هل أنا مسيّر أو مخير؟ 

واستغل المواهب التى آتاك الله » واشعر بأن لك فى الحياة حقوقًا وعليك للحياة 
واجبات . 

وكفى de Gs‏ الدين والدنيا! 





على هامش الأقدار 


› قد يطلق القدر على جملة القوانين ن التى تضبط شئو ن الحياة والأحياء‎ )١( 
OLS ¢ Login Ley الأرض والسموات‎ ce وتنتظم على أساسها ظواهر الكون وبواطنه‎ 
» الله خلق الأشياء من ذرات وخلايا تخضع فى كمها وكيفها لنسب دقيقة قيقة دائمة‎ 
: وتؤدى أغراض وجودها فى خط لا تضل عنه ولا تحيد‎ 
. (or: : ربا اذى أعطئ كل شىء حَلقَه ثم هد 4 (طه‎ 

فالقوانين ع التى تعرف بها مقادير العناصر التى تكون الماع والقوانين ع التى تعرف 
بها أحجام الماء وضغوطه إذا تبخر أو تجلد أو انساب أو اتدفع . 

تلك كلها تقديرات الخالق التى يسير عليها ملكوته فى الكائنات كلها من غير 
ط إنًا كل شىء حَلَقنَاه بقدرٍ) (القمر: 45) . 

4 سبّح اسم ربك الأعلى ص الذى خَلق فَسَوَئ 00 والّذى قد فهدئ‎ y 
(1-1: 4091) 

وقد أشار إلى أن ما نشاهده من نضج الثمار واستوائها » وتخلق الأجنة فى 
أرحام الأمهات ونزولها » وتكور الليل والنهار نتيجة حركة الأفلاك فى مداراتها » 
0 
eo ii‏ الى ee‏ 
ذلك تقدير العزيز العليم » pls)‏ :40 46( 

(۲) عدالة القدر لا تنافى التفضل والتميز ؛ أعنى أن الرجلين قد يؤديان عملا 
متشابهًا » ويستحقان أجرًا ly‏ » ومع ذلك يعطى الله الرجلين أجريهما ثم يمتح ر 
أحدهما زيادة خاصة من لدنه ويترك الآخر! ٠‏ 


—__—_—-_— ———— ل 


وقد يرتكب مخطئان ذنيًا واحدًا ويستحقان عقوبة مشتركة » ثم يصدر عفو عن 
أحدهما » ويبقى الآخر رهين ذنبه! 

هذه الأحكام إنما نقررها ليعرف التاس أن الله لا مستكره له ولا قيد على 
مشيئته » فليأت العباد إلى ساحته وقلوبهم منفعلة بمشاعر الرغبة والرهبة فحسب! 
fad by >‏ بيد الله يؤتيه من يشاء وال وأسع عليم 9© يختص برحمته من يشاء 
واللّه ذو pail‏ العظيم © (آل عمران : ۷۴ )۷٤‏ . 

ومن ثم نعرف القصد من إسناد العموم إلى المشيثة العلياء ثم فيما يتصل 
بمغفرة الذنوب . 
طن اله عل کل شىء قَدير © يعدب من يَشَاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون 
IA ES‏ 
تصير © (العنكبوت : (tor‏ 

عن ابن عمر ‏ رضى الله عنهما ‏ قال : قال رسول الله عله : 

«إغا بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأثم » كما بين صلاة العصر إلى غروب 
الشمس! 

أوتى أهلٍ التوارة التوراة فعملوا بهاء حتى إذا انتصف النهار فعجزوا فأعطوا 


قيراطا قيراطا . | 
ثم أوتى أهل EN KEY‏ فعملوا إلى صلاة العصرء فعجزوا فأعطوا 
قيراطا قيراطا . 


ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس » فأعطينا قيراطين قيراطين! فقال 
أهل الكسابين ٠‏ أى رب : أعطيت هؤلاء قيراطين » وأعطيتنا قيراطًا قيراطًاء 
ونحن كنا أكثر عملاً منهم! 
قال الله عز وجل -: (هل ظلمتكم من أجركم شيئًا؟ قالوا : لا . قال : فهو 
وكم فى أوضاع الحياة من تفاوت يرجع أمره إلى القدر الأعلى . . 
هذا التفاوت يا ينطوى عليه من تفاضل » هو من دعائم العمران ونظام الوجود . 


و ي 


فمن المستحيل أن يخلق الناس متساوين فى كفاياتهم المادية » أو أوضاعهم 
الاجتماعية والسياسية ء أو أجزيتهم الدنيوية والأخروية . 

والوظائف التى يقوم بها الحياة تحتاج إلى رءوس وأذرعة وأقدام » وهمم الناس 
تقسم على هذه الأ تحاء ليؤدى الاجتماع البشرى رسالته متناسقة متكاملة . وإتما 
يقع العيب فى أعمال الناس إذا وضعوا رأسًا موضع قدم » وقدمًا موضع رأس! 

والأمة التى تصنع ذلك تشبه الأحمق الذى يضع طربوشه فى رجله » وحذاءه 
على دماغه . 

وما أكثر هذه الأم فى الشرق الحتل الختل . 

لندع هذه الآن فلسنا بصدد إصلاح اجتماعی » ولكننا نريد لفت النظر إلى أن 
الأقدار قد توزع الأعمال والأعباء على الناس كما يوزع القائد جنوده فى المعركة › 
فيكون حظ بعضهم الوقوف فى صفوف القتال الأمامية لتلقى الضربة الأولى » 
بينما يكون حظ الآخرين نقل المؤن وكتابة الرسائل فى مؤخرة الجبهة » وكلا 
العملين ضرورى فى الميدان . 

ER 

على أن هذا التفاوت لا يضير قاعدة العدل فى الجزاء » ولا يعنى ألبتة أن القدر 
يبس حقا . أو يجهل وضعًا . 

فلكل امرئ عند الله حسابه الخاص به . 

وفى دائرة ما زود الإنسان به من قوى » وأتيح له من فرص » وأحيط به من 
ظروف ؛ يكون تقدير ثوابه وعقابه . 

قرأت مرة أنه أقيم سباق فريد للطيران »لم يكن منح الجوائز فيه للطيار الذى 
يصل إلى الغاية المرسومة قبل غيره» بل كانت تجرى معادلات جبرية معقدة بين 
قوی الطائرات . 

وما تستطيع الآلات فى حدود طاقتها أن تقطعه » مع مراعاة حال الحو وإمكان 
الرؤية وسرعة الريح . . إلخ . 

ومعنى ذلك أنه قد يحدث أن تصل طائرة مسبوقة بأربع طائرات أخرى مثلا » 
وتعطى الخائزة الأولى لا الخامسة كما يظن لأول وهلة . 

إن هذا السباق مثل قريب للتفاوت الشاسع بين قيم النفوس » وما أودعه الله فيه 


ا 


من ذكاء ومقدرة ونشاط » وتختلف أتصبة الناس منه اختلافًا كبيرًا » ومثل كذلك 
للأسلوب الذى توزن به أفعالهم » ويحكم به على جهودهم من غير افتيات أو 
tos # Por ee‏ - نام .. - o se‏ 
aig ly)‏ الع تلقام لا مم ين إن كان تقال i‏ 
خردل أتينا بها la ¡Sy‏ حاسبين (الأنبياء : )٤۷‏ . 

إن النفوس أشبه ما تكون بمصابيح الكهرباء » هذا يضىء بقوة خمسين شمعة ؛ 
والآخر بقوة مائة » وغيرهما بيقوة مائتين . 

فإذا أضاء المصباح ذو المائة شمعة بقوة سبعين فقط ؛ فهو أكثر عطلاً من مصباح 
ذى خمسين شمعة يضىء بأربعين . 

وإن كان المصباح الأول فى نظر الناس أسطع من الأخير . 

ما أكثر الذين وهبهم Ilya Ús by Laso Ub all‏ » فأضاءت نفوسهم من 
دينه بقدر يحسبه الناس كبيرًا وهو عند الله صغير . 

وما أكثر الذين وهبوا نفوسًا محدودة فاستنارت بصائرهم بقدر من الإسلام ‘ 
يحسبه الناس هينًا وهو عند الله عظيم . 
ليا يها e a Y ad‏ أن يكُوثُوا خيرا منهم ولا نساء من 
¿sue sha‏ أن كن حرا منهن 4 (الحجرات : (VN‏ 

للقدر أثر عميق ‏ كما أسلفنا فى تكوين الإنسان » وفى مدى ما يزود به من 
طاقة واستعداد » وفى تحديد الدائرة التى يكدح فيها ما بقى حيا . 

ويتوسع علماء الوراثة فى إحصاء ما ينحدر إلى الإنسان من صفات كامنة 
أو ظاهرة » ويرجعون أكثر مظاهر السلوك إلى ما ولد به الإنسان من ميول ونزعات . 

وقد ثبت أن هناك علائق قوية بين إفراز الغدد داخعل البدن وبين اعتدال المزاج أو حدته . 

فنشاهد الغدد الجنسية وما ترسله من «هرمونات» فى الدم »له دخل كبير فى 
شدة مقاومة الفرد للاغراء الجنسى أو ضعقه ! 

ولمجموعة الغدد المجاورة للكلى «درنال» أثر فى مقدار تهيج المرء حين يخاف أو 
يغضب » la‏ لما تسكبه هذه الغدد فى الدم من عصارات منشطة للقلب والعضلات . 


Men lu ts 





من أجل ذلك نلاحظ أن الأفراد يحتلفون فى ميولهم وانقعالاتهم » وتتباين 
مواقفهم بإزاء ما يعرض لهم من مشكلات الحياة وأعراضها ومفاتنها ومباذلها . 

لكن هذه الموروثات المعقدة لن تزيد فى قوتها عن الغرائز العامة . 

وهذه وتلك يمكن ‏ كما يقول علم النفس- تعديلها حتى توائم القوانين 
المشروعة » فبدلاً من أن يهتاج الإنسان للباطل يهتاج للحق ! 

وأما کون هياجه عنيفا أو خفيفا فى الحالين فأمر فطرى لا یعنینا . . وإن كنا لا 
نغقل حسابه فى تقويم أقدار الناس . 

وقد نعيره أهتمامنا عند تحديد المسئولية() فى الذنوب المرتكبة . 

ويقول علم النفس : إن هناك مصابين بالشذوذ" فى تصرفاتهم . 

فيهم المولع بعد درجات السلم » أو قطع البلاط » أو مصابيح الشوارع . 

وبما أثر عن الأديب الإنجليزى «جونسون» أنه لا يمر بحاجز خشبى إلا لمس بيده 
كل قائمة من قوائمه » فإذا نسى واحدة عاد إليه ليلمسها من جديد . 

ومنهم من يفزع من رؤية فأرء مع أنه معروف بالشجاعة'. ‏ 

a يا يي‎ een 
! من الأغنياء الحترمين‎ 

هذه الأمور وأشباهها Jus‏ على أن المرء قد يسلك Silo‏ لا يقصده › وأن فيه 
قوى باطنة تعمل فى الخفاء . 

وكان القدماء يعزونها إلى التعب أو الخبل أو الألغاز. 

ولكن المحدثين يردونها إلى إيحاء العقل الباطن . 

وفى مسألة تداعى المعانى » يقول علم النفس : إن هذا التداعى كثيرًا ما ی 
Ld‏ ويغلب إرادتنا » ويوقعنا تحت تأثير ما نحب وما نكره » ولاشك أن هناك أحوالا 
من الكأبة النفسية قد تتوارد على الإنسان من حيث لا يدرى » فتوهى من عزمه . 

وربما كانت أمثال هذه الحالات هی التى دفعت على بن أبى طالب إلى أن يقول 
للنبى ياه كلمته السابقة (أنفسنا بيد الله . ..) . 

وقد رفض التبى 88 قوله ؛ لأن قوانين الحياة العامة لا تربظ بأمثال هذه الساعات 
الواهنة من تداعى المعانى أو تنافرها » سواء أكانت فى السراء أو فى الضراء . 
(1) و(؟) فى سبحث الإمان والخطيئة شروح طويلة لهذه السالك ؛ وصلتها بحقيقة التقوى . 


ip ا‎ 














آمنت بالله » أى عرفته معرفة بلغت حد اليقين . 

وأسلمت له أى خضعت لحكمه عن طواعية وانقياد . 

. الإيمان والإسلام فى نظر الشرع مرادفتان أو متلازمتان‎ ou, 

فحقيقة 0 تتضمن أداء العبادات المطلوبة » فهى تصديق بالله وتنفيذ 

. حقيقة الإيمان تنطوى على المعرفة الصحيحة والقيام بحقوقها‎ RN 

ومن ثم فمعنى اليقين ملحوظ فى الإسلام » ومعنى الخضوع ملحوظ فى الإيمان . 

ولا يقبل إسلام خلا عن اليقين كما لا يقبل إيمان تجرد عن الخضوع لله . 

وقول الله تعالى : طقَات GEL il PETT‏ 
يدخل الإيمان فى قلوبكم #(الحجرات : 154) . | 

فإن هذا الإسلام الذى ذكرته الآية »ليس الدين الحق الذى 2 GY‏ 
الأخرى : ل ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه 6 (آل عمران : „(He‏ 

يل هو خضوع عن قهر ونفاق » ولا قيمة له إلا إذا سكن الإيمان القلب واستقر فيه . 

والؤيمان المعتير ما الثرن بالسمع والطاعة » وتطهر من ca‏ والاستكبارعن أمرالله . 
> ه وبالرّسول وأطعنا ثم يتولئ فريق ei‏ من بعد ذلك ave,‏ 
MN‏ 

وقد اعتبرت كلمة «الإسلام» le‏ على الدين الذى جاء به صاحب. الرسالة 
العظمى محمد بن عبد الله لك » وتعارفت الأجيال هذه الحقيقة . 

: فإذا ذكر الإسلام » عرف من هذا العنوان أنه الدين الذى اتباع القرآن 
الكريم والسنة En‏ 

ويدخل فيه من شاء من al a al‏ «كلمة i 4 ne‏ يؤدى بعل 
ذلك ما يفرض als‏ من تکالیف شتی . 

على حين توسع العرف العالمى فى كلمة «الإيمان 6©. 

فهناك إيمان نصرانی » وآخخر يهودى » وآخر وثنى » وآخر شيوعى » El. a‏ . 
وهذا العرف العام يغض من قيمة الحقيقة الشرعية التى ذكرناها آنفا . 





فمتعلقات الإيمان ؛ والدائرة التى يتسع لها فى ديننا » تجعله Y‏ يصح فى نظرنا 
إلا إذا كان مرادقا للإسلام » أو ملازمًا له . 

ولكن هذا العرف الشائع يؤكد أن الإسلام يرفض رفضًا حاسمًا أى مسلك 
ينطوى على الاستهتار بالأعمال المطلوبة » والتمرد على شارعها جل شأنه . 

ولذلك نعد رفض الخضوع لله خحروجًا على الإسلام » ومروقًا عن الدين » وهدمًا 
للإيمان » مهما زعم هذا الرافض من معرفة ويقين . 

لقد كان إبليس يعلم أن الله واحد لا شريك له › وكان يعلم أن مصيره إليه يوم يبعثون . 

يَيْدَ أنه لما صدر إليه الأمر : أن اسجد ء فقال- مستكيرًا odo‏ - : لا .. عد 
كافرًا ولم تشفع له معرفته بوحداتية الله ؛ لأن المعرفة المجردة عن مبدأ الخضوع 
المطلق لرب العالمين لا وزن لها . 

والمعصية التى يقارنها هذا التمرد تخلع صاحبها من الإيمان خلعًا . 

والشعور بتلك الحقيقة هو الذى جعل أبا بكر يُسَوَّى بين مانعى الزكاة وبين 
المرتدين برغم زعمهم أنهم مؤمنون . 

فقد صدر إليهم الأمر بإيتاء الزكاة فعصوا » وشهروا السلاح » وآثروا القتال على 
دفع المال . 

فساق إليهم الخليفة الأول جيوش الإسلام تفلق هاماتهم » وتلحقهم بإبليس 
الحاحد المستكبرا! 

فإن التأبى عن قبول أمر الله والهزء بالفرائض التى أوجبها » والفخر بالمحرمات 
التى زجر عتها لا یمکن أن يوصف بأنه Eras‏ وإسلام »إلا إذا كانت أحوال 
الجهال تسمى علما . وأحوال الكذابين تسمى صدقا! 

وقد ذهل بعض المصنفين فى الفقه »عن هذا الأصل الراسخ » فأفتوا بأن الممتنع 
عن الصلاة يقتل Vy c(h‏ يسمى مرتذا . 

وهذا غلط » فإن الذى د ران die‏ لا دين له فكيف يحسب 

من المسلمين؟ . 

أما صلة الإيمان بالأعمال ‏ كما فصلت فى القرآن والسنة ‏ فستشرحها بعد . 


ent a 4"‏ و 


Alas! Aia ju ato Saat iu 


معرفة الله والخضوع له » والإعداد للقائه والرهب من عقابه » هى لباب الدين 
وروح شرائعه . 

نعم فى تعاليم الدين نظم خلقية واجتماعية كثيرة » تتناول الحياة الخاصة 
والعامة من القاع إلى القمة . 

لكن هذه التعاليم كلها بناء دعامته العقيدة » أو هى أعمال غايتها وجه الله › 
فإذا انهارت الدعامة » أو اختلفت الغاية فقدت هله النظم الخلقية والاجتماعية 
طابعها المميزء وقيمتها النفسية . 

وصارت شيئًا آخرله قيمة أخرى كما تفقد الأوراق المالية قيمتها إذا فقدت 
رصيدها الذهبى . 

الدين قبل كل شىء : «شعور بوجود الله » واعتراف بحقه فى حكم عباده » 
ووضع المبادئ التى ينطلقون منها , والحدود التى ينتهون إليها» . 


ومقتضى هذا الشعور الباطن » والاعتراف الظاهر » أن نفعل ما يوصينا all‏ 4« 
لا على أنه خير فقط » بل على أنه «انقياد لله - وقيام بحقه .. . إلى جانب ما فيه 


من خير ذاتى » a‏ 
ولكنه لا يعبد الله حين يصدق مع غيره » فهو لا يعرف الله »ولا يؤمل فيما عنده!! ‘ 
أما ا مؤمن فالصدق عنده طاعة الله الذى ENT TB: IL‏ الله 
وكونوا مع الصادقين )(التوبة : )1١5‏ . 
فهو يصدق أولاً إيمانًا بالله » ثم هو يرتفع بإيمانه هذا إلى فضيلة الصدق . . . 
إن الأعمال الصالحة كلها » نفسية كانت أو اجتماعية عندما تكون جزءاً من 
تعاليم الدين » أو جزءا من سلوك المؤمنين ‏ تأخذ طريقها فى الحياة مقترنة بهذا 


m | 


اليقين السماوى » أو مصطبغة بهذه الصبغة الإلهية » فيكون الإيمان بالله هو 
الباعث على العمل » وتكون تقواه ‏ جل شأنه ‏ إحساسًا دائمًا مصاحبًا . 

ونحن بهذا الكلام نلفت الأنظار إلى خطورة ما شاع من مسالك بشرية مجردة 
تجعل الناس يتواضعون على أعراف وتقاليد قد تكون حسنة أو لا تكون » ثم يرون 
فى الوقاء لهذه الأعراف والتقاليد الخير والفضيلة . . 

مع أن صلتها بالإيمان مقطوعة » بل رما لم يفكر صاحبها فى الله حظة : 

وهذأ الفريق من الناس قسم الدين إلى yd‏ : فما کان من عقائد وعبادات 
طرحه جانيًا وازورٌ عنه . 

وما كان من معاملات ونظم احتفى به وروّجه وأكثر من الحديث عن قيمته . 

وقد علمت أن أى عمل أمر الله به » فإغا الجدوى من فعله ابتداء طاعة الله 
والقيام بحقه . 

أما إتيانه دون نظر إلى وجه الله فلا قيمة له » وإن صلحت به إلى حين بعض 

شعون الدنيا . 
إن الإيمان بالله ليس نافلة قط فى المجتمع المؤمن . إن تسبيحه وتحميده جل 
جلاله » يجب أن يكونا شغلا للناس » وشارة لحياتهم بالغدو والآصال . 

وقد يضحك بعضهم من الحديث عن الآخرة » والجنة والنار» ويظن ذلك LAS‏ 
فات أوانه » أو كلامًا يتهامس به بعض الوعاظ فى مواكب الموت . 

والحق أن الدين يذوب ويتلاشى يوم يكون الحديث عن الآخرة مجوثا أولغوًا . 

إن قوافل الأحياء يجب أن تعى بلباقة وجد ء أن عقيدة الجزاء الأخير ليست 
هزلاً . وأن البعد بنشاط الحياة عن الإيمان بالله واليوم الآخرء بعد عن الصراط المستقيم» 
وجرى وراء سراب خداع . 

وتحن المسلمين » يجب أن نشوب نشاطنا كله بمعالم هذا الإيمان الحق » وألا 
- تجرفنا تيارات الحضارة المادية التى تسود الشرق والغرب » تلك الحضارة التى ذهلت 
عن الله » وتجاهلت وحيه » وآثرت أن تحيا وفق هواها » وأن تأخذ من دينه ما لا 
يصادم هذه الأهواء . . . ثم تطرح جانبًا أهم شعب الإيمان . 


ER 


qa E nina a nn اا ا‎ 


العروف فى دراستنا النظرية أن الدين عقائد وعبادات وأخلاق » وأن الصلة بالله 
هى القائد الأول لبقية الشرائع » وأن صحة هذه الصلة ضمان للنجاة وإن قلت 
حظوظ المرء من بقية التكاليف الشرعية . . 

ونريد أن نتوقف قليلاً لنناقش هذا التفكير» فلا نجور على أصل الإيمان » ولا 
نبور على مجموعة الأعمال المرتبطة به والناشئة عنه . 

من حق علمائنا الأقدمين أن يهدروا كل خير يصنعه الكافر » وأن basa‏ بثقل 
كلمة التوحيد فى ميزان الصالحات . 

إن وجهة نظرهم واضحةء فإن الذى يرتكب فى عصرنا جريمة الخيانة 
العظمى « تعصف جريمته بكل خير فعله من قبل . 

ويوم يقال : فلان خحان وطنه وباعه للأعداء » فلن ترى إلا الازدراء والمقت 
والإجماع على استحقاقه أقسى العقاب . 

ولو قيل : إن هذا الشقى كان يارا e a‏ 
أصدقائه ؛ فإن هذه الخصال جميعًا gl‏ فى صمت » وتزم دونها الشفاه! ولا تغنى 
عن حكم الموت المادى والأدبى الذى يستحقه هذا الخائن 

والواقع أن سلفنا نظروا إلى الكافر نظرة العصر الحاضر إلى الخائن لأمته » ورفضوا 
الاعتراف بأى خير يفعله » أو الإقرار بأى ميزة له . 

والكافر ‏ فى نظرنا ‏ أهل لهذا الهوان . 

والجاحد لوجود الله ء الخائن لنعمته ء المنكر للقائه » يرتكب بهذه الخلال أشنع 
جرائم الخيانة العظمى » وليس له ما يدفع عنه » مهما صنع لإ ومن يهن الله فَما لَه 
(MS gy‏ 

إلا أن هذه الحقيقة تولد عنها خطأ شائع » ألحق بالإيمان وأهله ضررًا بليعًا . 

فقد فهم العامة أن حسن الصلة بالله ‏ وهو فضيلة بيقين ‏ يجبر النقص فى 
بقية الواجيات المفروضة . 

ثم تدرج هذا الفهم إلى أن هذه الواجبات يمكن أن تتلاشى » ويغنى الإيمان 
اجرد عنها 


A 


نضم إلى هذا الوضع أ ن الذين انحرفوا عن الإيمان و الله » أتقنوا طائفة 
من cae‏ الإنسانية والقيوة الكيوية قو بها مقا بيدا 

وعندما قام فى العالم هذا التناقض ؛ اهتزت قضايا الدين » وتخاذلت صفوف 
المؤمنين » ونجمت فى أرجاء الدنيا فتن عاصفة . 

والأمر بحاجة إلى أولى الآلباب يتداركونه بصدق الفهم » ولطف العلاج . 

وعلينا معشر المؤمنين أن نصلح شأننا قبل أن نطالب غيرنا بتغيير نفسه وفكره » 
إن الإيمان أعظم الفضائل فى هذا الوجود » وهو عنصر غال » ما دخل فى شىء إلا 
زانه » ولا an‏ 

بيد أن الإيمان الذى يستحق هذه النعوت له نواح عديدة ؛ فهو صلة بالله قائمة 
على الخشوع والإخبات » وهو صلة بالنفس قائمة على التأديب والضبط » وهو صلة 
بامجتمع قائمة على العدل والرحمة » وهو صلة بالكون قائمة على السيادة والارتفاق . 

ذلكم هو الإيمان الجدير بالإعظام وحُسن المآب » وهو إيمان غلال منتصر لا 

يثبت الإلحاد أمامه فى معركة » ولا يقاس به فى مفاضلة . 

i‏ يزرى بالإيمان أن يكون علاقة مفتعلة برب العالمين » لا تبعث على كمال 
ولا تصون عن نقص »ء تدارى هوانها بصور العبادات المغفروضة ء ولا تحقق فى 
صاحبها ولا فيما حوله خلقا عظيمًا » أو سلوكا ناضرًا . 

ومثل هذا الإيمان الصورى ‏ وما أشيعه بين الناس - لا يرفع رأمنًا ولا يكسب نصرا . 

وهل انتفخ الإلحاد » وتحركت وساوسه إلا فى ميدان لقى فيه هذا الإيمان 
الزائف , وهل رفع رایته وفرض شارته إلا بين مؤمنين من هذا الطراز المهين؟ 

إننا Us, ya‏ أن تعيش الخليقة بغير دين يصلح بالها .ويزكى أحوالها , 
ونرفض كذلك أن تعيش الخليقة بدين تأوى إليه الخرافة » وتنهزم فيه الخصائص 
الإنسانية العليا » وتتأخر فى ظله الحياة » وتذبل ملكات الابتكار والإبداع والتجمل . 

ويجب أن ننصف الإسلام » فنعلم أنه دين أعلى قدر الإنسان » ورفع شأن 
الحياة » لا بعبادتها والتفانى فيها كما يفعل الجهال » بل بضبط رسالة الإنسان فيها 
وحسن إفادته منها . 


en‏ بي یپ 


الإنسان فى تصوير الإسلام ‏ عبد لله وحده ؛ يعرفه ويتقيه ... ! سيد لهذا 
الكون ‏ يرتفقه » ويستخدمه » ويستغل قواه . 

أخ لنظرائه من الناس يتعاون معهم على الخير؛ ويعاشرهم بقانون العدل 
والرحمة . ويعجبنى قول الأستاذ إسحاق الحسينى فى وصف الإسلام : 

«تبين فى الإسلام فى ضوء تاريخ الأديان البدائية والسماوية جميعًا فضيلتان : 
الأولى : النظر الشامل إلى الحياة باعتبارها وحدة مؤلفة من عناصر متداخخلة » 
فالجانب الروحى لا يقل has‏ عن الجانب المادى » وأدب النفس لا يقل عن أدب 


اجماعة . 
والمعاملات تعتمد على أسس أخلاقية » اعتماد العبادات على أسسن روحية »> 
وللفرد ما للجماعة من حقوق 2 


والفضائل جميعها متساوية فى الاتباع » لا تغنى واحدة عن الأخرى .. 

وبعبارة أخرى دعا الإسلام إلى السعادة الكاملة فى الدارين » وإلى إقامة مجتمع 
فاضل مشترك فى السراء والضراء » متعاون على البر والتقوى » آمر بالمعروف ناه عن 
المتكرء قال الله تعالى : 9 وَالْمَؤْمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون 
بالمعروف وينهَوت عن (VN i) Seal‏ 

والفضيلة الثانية : النظر إلى الناس جميعًا أسرة واحدة تتعارف وتتعاون» لا 


تفاضل بينها إلا بالتقوى . 
والنظر إلى وحدة الرسالات السماوية » وأخوة الأنبياء جميعًا دون تفريق بين 


ونم عن ذلك النظر » سماحة فى المعاملة » وعدل وإحسان » وأخذ للحكمة 
حيشما كانت » وللفائدة حيثما وجدت » وانتشار الإسلام فى الأرض » واستيعاب 
الحضارة الإسلامية خير ما فى الإنسانية . 

ووردت فى القرآن الكريم آيات. كثيرة تدعو إلى مكارم الأخلاق » وإلى الفضائل 
الاجتماعية » وإلى التعامل بالحق والعدل : كالبر بالوالدين » وإيتاء المال على حبه 
ذوى القربى واليتامى والمساكين » وإطعام البائس الفقير » والرفق بالضعفاء والمرضى » 


A A tt 


والعفو» والصلح » والصبر » والصدق ء والوفاء » والصدقة » والتعاون على البر 

ووردت wl I‏ كثيرة تنهى عن مساو الأخلاق والرذائل 2 كالجهر s yl,‏ من 
القول 6 وظن السوء › والكذب » والخيانة ؛ والظلم 3 والبغى » والعدوان » والفحشاء » 
وأكل الأموال بالباطل 2 وأكل أموال اليتامى 2 وقهرهم والتطفيف فى الكيل 
والميزان » والتبذير . 

أما أحاديث الرسول sus‏ وآثار الخلفاء والصحابة فكثيرة fe‏ وهى جميعًا 
a‏ من ee‏ ا 2 a‏ إياها وشارحة لها . 
شىء من خمير الدنيا والآخرة . 

لكن ya‏ المشتغلين بعلوم الدين e‏ وتهذيب السلوك العام قد يهبطون دون هذا 
المستوى فى فهم الدين وعلاج امجتمعات به . 

نعم إن المعنيين بالتربية الدينية قد يسيئون إلى الإيمان . 

حين يتصورونه منديلاً يمسح فيه الخطاءون عيوبهم » فهم يعثرون والإيمان 
e‏ ويكسرون والإيمان يجبر . 

وكثير من أتباع الأديان السماوية ظنوا التمسك بأصل الدين sls‏ فى النجاة 
مهما صئعوا . 

5 و ا ا ل ا 

وقد فند القرآن الكريم هذه المزاعم »ورسم طريق النجاة الحقيقى » وهو مزیج من 
الإيمان الحى » والإحسان فى العمل » والإخلاص لله 9 قل هاتوا برهانكم إن 
y do don pe‏ 
خوف عليهم ولا هم يحزنون ‏ (البقرة : 1( . 

وبعض blo il‏ قصار النظر قد يقعون على آثار دی: يتية محدودة المعنى والغجال e‏ 


فيسيئون فهمها وتطبيقها . ويتجاهلون بها- جملة- Lab E‏ 
الإيمان نفسه . 


تلك الطبيعة التى تخلق من الموات حياة » ومن الفوضى نظامًا . 

خذ مثلاً حديث البطاقة الذى رواه الترمذى عن عبد الله بن عمرو ‏ رضى الله 
عنهما ‏ من أن رسول الله 46 قال : «إن الله تعالى سيخلص رجلا من أمتى 
على رءوس الخلائق يوم القيامة » فينشر له تسعة وتسعون سج > کل سجل 
مثل مد البصرء ثم يقول : أتدكر من هذا شيئًا؟ أظلمك كتبتى الحافظون ؟ 
فيقول : لا يارب . 

فيقول تعالى : بلى » إن لك عندنا حسنة ء فإنه لا ظلم عليك اليوم » فيخرج 
بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله » وأشهد أن محمد عبده ورسولهء فيقول : يا 
رب » ما هذه البطاقة مع هذه السجلات! فقال : فإنك لا تظلم . 

فتوضع السجلات فى كفة والبطاقة فى كفة » فطاشت شت السجلات » وثقلت 
البطاقة » ولا يثقل مع اسم الله شىء» . 

هذا حديث مثير الدلالة » وهو لو أخذ على ظاهره يضع عن الناس شتى 
التكاليف الإلهية » ويبطل قوله تعالى : 9 إن الله لا يصلح fas‏ المفسدين GD‏ 
ويحق اللَهُ Goal‏ بكلماته ولو كره المجرمون 4(يونس: ١‏ 87 . 

وعندى أن هذا الحديث ‏ إن استقام سنده ‏ إنما يصح فى شخص مشرك » قضى 
حياته فى الفساد , ثم آمن قبل أن يحين أجله بقليل فلم يستطع بعد إسلامه أن 
يبقى مدة يصلح فيها ما مضى » والحديث بهذا ينوه ا لخاتمة الإيمان من قيمة Lage‏ 
لتوحيد الله من منزلة . 

أما إطلاق هذا الحديث وأشباهه بين العوام أو بين الناشئة دون وعى ؛ فهو هدم 
للدين كله » وهو الأساس لتكوين طوائف من المتدينين » تحط من قدر الإيمان وأثره . . 

إن العالم اليوم فقير إلى الإيمان الذى يصله بربه صلة وفاء وبر » ويربطه بالحياة 
رباط إنتاج وجد » وإلا فالمستقبل حافل بالنذر. 





الإيمسان والعمسل 


صلة الإيمان بالعمل كصلة الق بالسلوك . 

فإذا آمن الإنسان بالله العظيم » وأيقن باليوم الآخر» وصدق ما جاء به 
المرسلون » دفعه ذلك لا محالة إلى استرضاء ربه » والاستعدناد للقائه . 
والاستقامة على صراطه . 

كما أن الشجاع فى ميادين الخطر يقدم » والكريم فى مواطن البذل ينفق » 
والصادق فى أداء الحديث يتحرى الحق ...الخ . 

وعسير ‏ بل مستحيل أن يهبط الإنسان بحقيقة الدين عن هذا المستوى» 
أو أن يفهم من كتاب الله وسنة رسوله 6 ما يغاير ذلك . 

. بيد أن أعداء الإسلام وقد عجزوا عن هزيمته فى ساحات القتال - لم et‏ 
Jl‏ لسحقه فى عقر داره . 

فدسوا على المسلمين من يصور لهم الإسلام كلمة لا تكاليف لهاء ane‏ 
Y‏ عمل معها . 

وفى ظل هذا الفهم المعوج ترى المسلم واليهودى والقبطى يتعاشرون سنين 
عددًا » فلا تستطيع أن تميز أحدهم من الآخر فى شىء . 

الكل لا يدخل مسجدا . ولا يقيم فريضة » ولا يحترم لله شعيرة . 

والكل يشرب الخمرء ويأكل الربا » ويفجر بالأعراض . 

وغاية ما بينهم من فوارق » أن اليهودى يقدس يوم السبت » وقد يذهب 
النصرانى إلى كتيسته خلسة . 

. ذلك المسلم المزعوم فليس يربطه بالإسلام إلا اسم سجل فى شهادة ايلاد فحسب‎ Lal 

والمؤسف أن أقوامًا ‏ من أهل العلم الدينى ‏ لا يكترثون بذلك . 

المرء إذا غمغم بين شفتيه بكلمة التوحيد ؛ تحصن وراءها » فأصبح يسيرًا عليه » 
ألا يقوم إلى واجب» وألا ينتهى عن محرم . 


ae Da u ee m ein 


ولو فرضنا أن حزيًا ماء تقدم إلى الناس وقد أضاف إلى جملة المواد التى تبين 
للجماهير منهاجه وتوضح أعراضه » مادة أخرى تصرح أو تلمح » بأن لكل منتم للحزب 
ألا يعمل ببادثه وألا يتقيد بتعاليمه ؛ لقال الناس أجمعون : هذا هو العبث وانجون! 
فكيف نتهم الإسلام بأنه يحمل فى ثناياه ما يهدمه؟ 
كيف ننطلق إلى نصوص نبحث بينها عن (المادة) التى تبيح الخروج عليه 
واللعب به؟ وكيف ندعى أن الأعمال أمر كمالى بحت لا يضير نقصانه؟ 
أولئك هم A a‏ انَحَدُوا دينهم لَهوا ولعب joy‏ الحيّاة الدنيا »4 
(الأعراف : (os‏ 
وعلى رءوسهم يقع التفريط الهائل فى إقامة حدود الله وأداء فرائضه » وما 
أصاب المسلمين من كوارث ونكبات عندما فهموا دينهم على ذلك النحو الأبتر: 
. إن الله عز وجل . جعل العمل رسالة الوجود ووظيفة الأحياء » وجعل السباق 
فى إحسانه سر الخليقة ودعامة الحساب . 
de sil y‏ الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز اللغفور(الملك (Y:‏ 
وما من آية فى كتاب الله ذكرت الإيمان مجردا » بل عطفت عليه عمل 
الصالحات »أو تقوى الله »أو الإسلام له 2 بحيث أصبحت صلة العمل بالإيمان 
y 3 pal‏ يعروها وهن . 
فإذا عقدت مقارنة بين الهدى والضلال » جعل الإيمان والعمل جميعًا فى 
وما يَسَتَوى الأعمئ والببصير La Lats | gal pall,‏ ولا المسىء) 
(oA: ZU)‏ 
كثيرا ما يشار إلى الإسلام وحقيقته الشاملة alle‏ عملية واضحة محدودة . 
O E b dial by GD Lal acl 98>‏ فك رقبةَ on‏ إِطْعَام فى يوم 
iR eh‏ 12) يتيما ذا مقربة (2) أو مسكينا ذا مثربّة 4(البلد: 015-1١١‏ . 


A 


بل إن العلامة التى ينصبها القرآن دليلاً على فراغ النفس من العقيدة » وخراب 
القلب من الإيمان » هى فى النكوص عن القيام ببعض الأعمال الصا حة . 
اریت BD gel PK ch‏ لذى يدع الیم ص ولا يحض على مام 
المسكين (الماعون: ١‏ ) . 

وقد ينظر إلى الإيمان على أنه وصف يلحق الأعمال » ويطرأ على السلوك 
الإنسانى المعتاد » فيصلحه ويصله بالله » فيذكر العمل yf‏ كما هى مرتبة وجوده » 

ثم يذكر الإيمان ثانيّا على أنه شرط صحته وقبوله . 
u‏ 

(الأنبياء : 95) 

ثم ما الذى يوزن فى الدار الآخرة؟ أليست الأعمال التى تميل بالإنسان إلى 
النعيم أو الجحيم أو الدعاوى والمزاعم؟ 

ط والوزن يوعد الْحَقَ فَمَن نَقَلَت موازيئه فأولك هم المفلحون 0© ومن حَفّت 
ری ae RE ha‏ 
EEK‏ 

sl‏ نعرف تاريخ أم هلكت بسوء عملها . ونعرف أن الله نقم على قوم لوط 


مشلا لارتكابهم الفاحشة » وعلى قوم شعيب Se‏ لبخسهم المكيال والميزان » 
وقد عرفنا plas‏ أولئك الفاسقين . 


فهل أمتنا وحدها - هى التى تريد أن ترتكب السيئات » دون حذر أو وجل 2 
ليس الإسلام بذعا من الشرائع السابقة » فيوجب الإيمان دون العمل . 

بل إن القرآن الكريم ليقص علينا عبر السابقين لنتعظ منها » ثم لنسمع قول الله 
بعد ذلك : 
5g Oy ais) y‏ فَبلكم نا ظَلموا وجاءتهم رسلهم OLY‏ وما كانوا 
ليؤمنوا كذلك نجزى Ct PIM ALAS SA e OD rl al‏ 
بعدهم لتنظر کیف تعملون ‏ (يونس : ١‏ 6( . 


هكذا متحن ونراقب تصرفاتنا » ويكلفنا الله بالإيمان والعمل جميمًا » ثم ينظر 
وفاءنا بما حملنا من أعباء! . 

وقد حاطب الله أبناء آدم ‏ قاطبة ‏ بهذه الحقيقة السافرة » وأفهمهم ‏ فى جلاء 
وقوة ‏ أن نجاتهم فى الصلاح والتقوى » لا فى النفاق والدعوى : 
su Ly‏ آدم be‏ اتینکم رسل نکم يقصون علَیکم آیاتی فمن انی وأصاح فلا 
ed gh gis Ny Sealy CUE | pels lly 2 y jo od Vy glo OS‏ 
أصحاب التار هم فيها خالدون © (الأعراف )٠٠١ Yo:‏ . 

وعندما اهتدى أولو الألباب إلى الحق » وأعلنوا إيمانهم وهتفوا : فإ ربا UY‏ 
La‏ مناديا sol‏ للإيمان أن آمنوا بربكم Já Lab‏ عمران : 198) . 

وعندما تضرعوا يطلبون من الرحمن أن يصفح عن زلاتهم : 
«( ربنا فاغفر لَنَا ذنوبتا وكفر عنا سيتاتنا وتوفنا مع الأبرار )» (آل عمران : ۱۹۳) . 

وعندما تطلعوا إلى النصر والتمكين فى الأرض .» والفوز والرضوان فى الآخرة : 
Le (sf Lay >‏ وعدتنا على رسلك ولا ups‏ يوم القيامة 4 (آل عمران : )۱۹٩‏ . 

مع هذه الحرارة فى الدعاء » والإخلاص فى التوجه » أعلن الحق أن استجابته 
مقرونة بالعمل وحدهء وأن الكلام- فحسب- لا يروج » وأن تحقيق هذا الرجاء 
مرهون بجهاد وتضحيات وتكاليف : 
NA‏ 
SE tea‏ 
عنهم e‏ ولأدخلنهم جنات تجرى من تحتها الأنهار NE‏ عمران : 1948) . 

إن النصوص الهادية إلى تلازم الإيمان والعمل كثيرة ؛ يزخر بها القرآن 
وتستفيض بها السنة » وتقر الحق فى نصابه ؛ وترسم لكل مسلم غايته » وتخط له 
مكانته » وتقرع الآذان بذلكم الأمر الحاسم : 
«وقل plc‏ | فُسَيَرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الْعَيب 
والشهادة فيكم بما كنم تعملون 4(التوبة :0+( 
مي يب ل يي 


لا يعلمون الكتاب إلا أمانى 


ومن الناس من وقع على نصوص لم يفهمها ء وحاول أن يشغب بها على 
القواعد المقررة . 
وكم تدور على ألسنة العامة أحاديث شتى 


مثل ما رواه أنس a Me coll of‏ قال : ديا معاد » قال : 
لبيك يا رسول الله وسّعدّيك » ثلاثًا ء قال : ما من أحد يشهل أن لا إله إلا الله 


وأن محمد رسول الله صدقًا من قلبه إلا حَرّمَهُ الله على النار» . 

قال : يا رسول الله » أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال : «إذن 1 

وأخبر به معاذعند e jo‏ . 

بهذا الحديث وأمثاله » تتعلق العامة فى نقضض بناء الإسلام وهدم أركانه ؛ 
والتهوين من خطر العمل وآثاره . وهو تعلق باطل مردود . 

قال الحافظ المنذرى : «ذهب طوائف من أساطين أهل العلم إلى أن مثل هذه 
الإطلاقات التى وردت فيمن قال ١لا‏ إله إلا الله دخل الجنة » أو حرم على النار» 
أو نحو ذلك ؛ ربما كان فى ابتداء الإسلام حين كانت الدعوة إلى مجرد الإقرار 
بالتوحيد . 

فلما فرضت الفرائض › وحدت al‏ تسخ ذلك . 

والدلائل على هذا كثيرة متظاهرة . 

وإلى هذا القول ذهب الضحاك » والزهرى » وسفيان الثورى وغيرهم . 

وقالت طائفة أخرى : لا احتياج إلى ادعاء النسخ فى ذلك . 

فإن كل ما هو من أركان الدين وفرائض الإسلام هو من لوازم الإقرار بالشهادتين 
ao‏ . 

فإذا أقر» ثم امتنع عن شىء من الفرائض جحدا أو تهاوتا- على تفاصيل 
الخلاف فيه - حكمنا عليه بالكفر وعدم دخول الجنة ١ ٠.‏ 


a ren u un ا‎ 


وذكر المنذرى أقوالاً أخرى تتفق كلها على أن ظواهر هذه الأحاديث غير مراد » 
وكيف يعتد بظواهرها مع ورود مئات من النصوص الأخرى من الكتاب والسنة 
تربط الإيمان أوثق رباط بأعمال معينة! 

والواقع أن ما أَجُمل فى نص يُفصّل فى نص آخر . 

وقد قال النبى يل : «أمُّرت أن أقاتل الناس- مشركى العرب- حتى 
يشهدوا ألا اله إلا الله ء وأن محمدا des)‏ الله Dal | gto‏ 143539 
الزكاة فإن فعلوا ذلك q la‏ دماءهم وأموالهم إلا ببحق الإسلام e‏ 
el‏ على الله» . 

فهذا الحديث أحصى أعمالاً لم تذكر فى حديث النطق بالشهادتين » وهو 
تفسير لقول ال الله ee‏ 


ري م اما م اهم 


يس سه سه ام 


إن انعطق بالشهادتين بداية لما بعده من اعتقاد > لا ما تحسب الأبصار 
الكليلة » والهمم القاصرة من أن مجرد النطق فيه الكفاية والغناء . 

وحروف هذه الكلمة- كلمة التوحيد- منافذ تُفضى بالإنسان إلى ساحات 
رحيبة » وآفاق ممتدة يشرب القلب فيها حقيقة التوحيد الخالص كلما سجد لبارثه 
وبادر إلى مرضاته » ونفر من مساخحطه » وأدى الواجب وترك احرم . 

وأدران الشرك ليست كلمة تلوث الفم وحده حتى تطهرها كلمة مقابلة ينطق بها الفم . 

ولكن الشرك توجه الفؤاد لما دون الله » وعمل الجوارح لغير الله . 

فإذا لم يسيطر التوحيد على القلب والجوارح ٠‏ ويتحول إلى قوة باعثة إلى العمل 
الصالح فلا قيمة 

إن كلمة التوحيد حصانة البشرية من الخنوع للآلهة المزيفة . 

وهذه الآلهة ليست حجرًا منحوتًا فحسب » بل كل ما يقطع صلة الإرادة 
الإنسانية بالله » ويربطها بغير رباط الخنوف والرجاء » والرغبة والرهبة ء والآلم 
والأمل » فهو ذريعة للشرك . 


ee ee u u den 


وهناك ألوف مزقت المعاصى صلتهم بالله شر e‏ » وظلت أهواؤهم تجمح بهم 
بعيدًا عن الله » حتى نسوا الله أتم نسيان . 

فلو قارنت بين ضمائرهم وضمائر أهل الجاهلية الأولى » ما وجدت فارقًا بين 
جحود وجحود » وکنود كنود ! . 

إلا أن هؤلاء نطقوا بكلمة التوحيد ولم يفهموها » وأولئك فهموها ولم ينطقوا بها . 

إن البشرية ‏ بفطرتها ‏ تحلق فى أجواء مشرقة من توحيد الله » فإذا علقت بها 
حبائل الشيطان e‏ ورانت عليها أثقال الشهوة » وزهدت فى السماء » ونظرت إلى 
pa o la‏ الله ؛ وتسقط حتى تصل إلى 


. الحضيض‎ 
NK da e السمَاء‎ A gay 
(m: Adam 


ما كانت كلمة التوحيد نبثًا مشلولاً فى تربة خبيثة . 

ولكنها نبت تتد أصوله فى القلب ا لخصب » وتظهر آثاره ظلالاً وارفة » وثمرات شهية . 

تظهر أعمالاً طلبها الإسلام وأكدها » وربط وجوده بنمائها ووفرتها : 
Ehe‏ 
ola‏ 65 تة تى أَكُلَهَا كُلّ حين بإذن ربَهًا ويَضرب الله الأَمَمَال للّاس لَعَلْهِم 
ED‏ (ابراهیم : ۲٢‏ <0( . 

وهذه الكلمة » أعلى عند defy Had aU‏ شأتا > من أن يستغلها منافق أو لعوب . 

فالرجل العقيم من الأعمال Vgc olsen anti Ve‏ يغنى عنه إيمان منتحل : 
ل ومن الاس من يقول آمنا بالله وبالْيوم الآخر وما هم بمؤمنين )(البقرة :۸) . 
وومر بالل کم وام ond JD bb fs ay (BS‏ 
y‏ مغارات أو مدخلا لوو إ ليه وهم يجمّحون © (التوبة (oye or:‏ 

وما كان الإسلام قد قرر ما des.‏ فى الشئون المتصلة بنواحى الحياة كافة » 
من أحكام ومعاملات رأخلاق » فإن موقف المؤمنئين تجاه ذلك واحد لا يتغير »› هو 
الخضوع المطلق . 
ا سر 


فإذا انكشف الغطاء عن غير ذلك » وتبين من صلال السلوك ضلال القلب › فإن 
الإيمان زعم باطل . 

وبهذا القياس فضح الله طوائف المنافقين الأولين »وبه- كذلك- نفضح 
أشباههم اليوم a‏ 

أعرف فى إحدى المدن مصنعين للنسيج » يدير الأول أجتبى یخشی الاتهام 
بالتعصب » فهو يأذن لعماله أن ينصرفوا ساعة لصلاة الجمعة . ٠‏ 

أما Y‏ ويديره مسلم بالوراثة فهو باسم إسلامه الدعى ne y‏ هذا 
الاتهام فهو يضن على العمال بالوقت الذى سمح به الأجنبى للصلاة! . 

ولعلك إذا جادلته فى هذا الصد عن سبيل الله تطاول على الصلاة والمصلين » 
ناسبًا إليهم كل رذيلة . 

أفمثل هذا الوغد الذى لا يكترث بشعائر الإسلام يسلك فى عداد المؤمنين؟ . 

وقد تسمع أحدهم يذكر تشريعات الإسلام » فيسلقها بلسان حاد » وقد يتناول 
أنصارها بالسخرية . 

. إجماع العلماء منعقد على طرد هؤلاء من حظيرة ة الإسلام‎ ol 

وينبغى أن نسارع ál yas‏ الأمة الإسلامية » حتى au‏ خبٹثها ويُعزل سقطها »› 
ويمتاز فيها المسلمون من امجرمين والملحدين . 





فى مدان الترييسة 


هذه أحاديث تطيش فيها أفكار العامة . 

وماذا نصنع إذا كانت الأمة مبتلاة بمن يهوّن لديها بشاعة الأخطاء » وفظاعة 
الجرائم » مستندا إلى نصوص لم يفهمها ء وراكثًا إلى رحمة لم يتهيأ لها؟ 

وفساد الحضارات الدينية يرجع إلى تكوّن أخلاف ye Al‏ 
مواضعه » ويخلطون خلطا شاتا فى تطبيق أحكام الشريعة على أعمال الجوارح 
وخحطرات القلوب e‏ ويريدون أن يرتكبوا آثام الملحدين وينالوا جزاء الأوابين . 

وقد عاب القرآن الكريم على اليهود وأعقابهم هذا المسلك الطائش » فذكر 
إقبالهم على دنايا الحياة » وارتباطهم بأعراضها الفانية » ثم آمالهم الجريئة فى نعيم 
الآخرة ‏ مع ذلك ثم زعمهم أنهم بهذه السيرة الحقيرة مستقيمون مع منطق التوراة 
وهدى موسى - وهذا هو الأدهى ‏ . 

ذكر القرآن صورة ذلك » ووضعها أمام أعيننا AGL‏ . 
سيغقر نا ay oi as peo o ol do plo ol‏ 
على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه 0309 :118( . 

ثم أبان الله لهم - سبحانه ‏ أن للمصلحين أجرهم الذى لا يضيع » وأن عناصر 
هذا الإصلاح ھی فى التمسك GA‏ بالكتب السماوية Lage‏ تأمر به من عبادة ¢ 
ومن ثم قال : 
لإ والدار الآخرة > odio TO yá‏ 015 وَالّذِينَ AL O‏ 
اموا الصّلاة إِنّا لا نضيع أَجْرَالْمُصلحِينَ) (الأعراف : )10٠ + ٠54‏ . 


بل أين نزول المسلمين على هذى قرآنهم؟ 

إن جرائم القتل التى تقع بوادينا المسلم (!!) تزيد على ما يقع فى نصف قرن 
ببلد ك «فتلتدا» لا يعرف الإسلام ولا غيره من الأديان . 

وعلل هذا الهرج كثيرة » ولكن تفتيت الصلة بين الإيمان والعمل » وقطع التلازم 
بين الجريمة والعقاب » وسوق نصوص الرجاء للعاطلين » ووضع الندى موضع السيف . 

ذلك كله فى مقدمة الأسباب التى جرت على الحضارات الدينية هذا الفساد» 
وجعل بعض الحضارات الأخرى ترجحها فى ناحية ما . 

أما الأحاديث التى يغلط العامة فى فهمهاء فقبل أن أسردها أذكر هذا المثل 
للدكتور عبد العزيز إسماعيل قال : 

«شخص يخاف ربه ويطيع أوامره » ولكن حدث له أن وقع مرة تحت تأثير 
انفعالات تفسانية شديدة » ضاع معها رشده » فارتكب جريمة قتل » فلما ثاب إلى 
رشده ندم على فعلته . 

فهذا الرجل ا الجريمة بجوارحه فقط » ولم يقتل ضميره . 

فقد ثبت طبيًا أن الانفعالات الشديدة تحدث زيادة إفرازات فى بعض الغدد 
الصماء » تؤثر على ضغط الدم وعلى المخ . 

وقد تحدث تشنجاً عصبياً » أو شللاً وقتياً فى قوة الإدراك (غيبوبة) يأتى 
الشخص فى أثنائها من الأفعال ما يستنكره فى حالته العادية» . 

هذه الخنطيئة يظهر فيها قهر القدر الغالب . 

وتشخيص حقيقتها من طبيب مختص يفسر لنا مدى المسثولية الأخروية عليها . 

وفيها وفيما يجرى على نسقها من أخطاء يصح أن يفسر قول النبى ES‏ 
«والذى نفسى بيده لولم تذنبوا لذهب الله بكم slo‏ بقوم يذنبون 
فيستغفرون فيغفر لهم» . 

لیس هذا الحديث دعوة عامة إلى ارتكاب الخطايا » ولا هو تقرير لبيان حكمة 
الوجود Je al,‏ السيئات . 

فإن الله فى كتابه ‏ أظهر لنا الحكمة العليا من وجودنا فقال : لإ ليبلوكم يكم 
أحسن عملا #(الملك : ؟) . 





وقال النبى a‏ شرحًا للآية : «أيكم أحسن عقلا وأورع من محارم اللهء وأسرع 
فى طاعة الله» . 

الحديث فى الحقيقة تعليق على الموجات النقسية التى تجرف فى وا 
وتضع عزائمهم مهما قويت - أمام عواصف القدر الجتاحة فإذا بها تصبح ela‏ منثورا . 

فإذا خرج أمرؤ من غمراتها » وفى رأسه. من عمايتها دوار» استمع إلى هذا 
الحديث «لو لم تذتبوا 62-6 > كما يستمع الحزون إلى كلمة عزاء . 

والحديث مبتوت الصلة بمسلك السفلة ومعتادى الإجرام . 

ونجن نحتاج إلى هذا التوجيه الكريم فی علاجنا » لعثرات الشباب ووقوعهم 
المتكرر فى مآزق الغريزة الجنسية . 

فكم لنشاط الغدد من آثار حطيرة! تسكب إحدى الخدد إفرازها دافقًا فى الدم للهتاج!! 

فإذا الرجل لا يكاد يقوم حتى يكبو . 

us,‏ يريد ربك أن يجعل من الإنسان العملاق عيدًا كسير الجناح » أمام جبار 
a res‏ » وحتى Jul rn‏ الإنسان أعلق بانتظار العفو والتوفيق ses‏ 

وقلما يحدث A Se‏ المواهب والملكات »من Br BR e‏ 
بطاقاتهم الواسعة » لولاا ما ye‏ لهم من غلطات ويقعون فيه من سيثات . 

a ES‏ : «كتبُ على ابن.آدم نصيبه من 
الزنى » مدرك ذلك لا محالة ... العينان زناهما النظر › والأذنان زناهما 
الاستماعء واللسات زناه العام واليد lab;‏ البطش والرئنجل زناها الخطا 6 
والقلب د يهوى ويتمنى . Juas‏ ذلك الفرج أو يكذبه» . 

. الذى كتب لهو لوئات الغريزة فى جماحها الطاغى‎ lia 

ومدی عفو الله فى هذا Ly yo‏ يما خرج عن دائرة الجاهدة والتطلع إلى الكمال . 

أى إن الشاب مكلف ببذل جهده كله » فى محاربة الجريمة › والبعد عن 
مغرياتها ومثيراتها . 

فإذا حدثت مضاعفات فوق الحسبات شرحت esl‏ عما التزمه . 

كالسابح الذى يضرب بيده فی اللجة » ويدفع صدره إلى الأمام 2 ويستهدف 
الوصول إلى الشاطى فى بأس وعزيمة . 


m > 





ثم يظهر له أن جهده يذهب سدى ؛ لأن التيار ضده . 

فهو مهما بذل لا يعدو مكانه » عندما يحاط بأمر ما فى أوضاع الحياة على هذا 
النحوء يساق هذا الحديث » لا لتبرير الخطا » ولكن لتيسير الخلاص منه » ومنع 
الارتكاس فيه . 

ثم توجه الإرادة البشرية عندئذ إلى العبادات الإيجابية ففيها الدواء لما أصابها 
من فشل فى العبادات السلبية : 
راقم Lg a!‏ وزقا من الَْلٍ إن الحسنات يذهين السَّيّعَات ذلك 
ذكرئ للذاكرين 4 (هود : )1١5‏ . 

وأبواب الأمل فى الخير إن حاول الشيطان سدّها من ناحية » فتحت من ناحية 
أخرى » ولذلك قال : 
لإ YO ol‏ يضيع أجر المحسنين (هود : )1١0‏ . 

والحق أن فعل الصالحات ليس علاجًا فقط للفشل فى ترك السيئات » بل هو 
الطريق الوحيد للنجاح فى تركها » والتطهر من أدرانها » مهما عر ذلك أول الأمر . 

وتلك آية الإيمان . 

أما أن نرى قومًا يفعلون الشر» ويتركون الخير » ويزعمون الإسلام فهم كذابون » 
وليس فى الحديث الآنف ما يصحح إيمانهم . 

وهذا حديث آخر ذكره أحد الجهال فى تهوين قيمة العمل . 

قال رسول الله و : «قال رجل : والله لا يُغفر الله لفلان » wea Ob‏ 
قال : من ذا الذى يتألى علئ »أن لا أغفر لفان فإنى قد غفرت له واحبطت 
عملك» . 

والحديث صحيح رواه مسلم » وأخرج أبو داود مثله . 

قال رسول الله له : «كان مع بنى إسرائيل رجلان متواخيان ؛ أحدهما 
مذنب ؛ والآخرٌ فى العبادة مجتهد » فكان ee‏ لا يزال يلقى الآخر على ذنب 


فيقول له : أقصر » فقال خَلنى وربي » أبُعشت بُعثت على رقيبًا؟ فقال له : والله لا يغفر 
cu aut‏ أو قال : لا يد خلّك الجنة فقبّض الله أرواحَهُّمًا» فاجتمّعًا عند رب 


£9—<$§$ 


bbl‏ فقال الرب تعالى للمجتهد : أكنت على ما فى يدى قادرا؟! وقال 
للمذنب : اذهب La! Jet‏ ب رحمتى وقال FA‏ : اذهبوا به إلى النار» . 

هذا الحديث نظر إليه العلماء ففهموا منه المعنى الوحيد الذى يفهم منه . 

وهو: أن الرجل المستكبر بطاعته » أبعد عن الله من الرجل المستخذى بمعصيته 
أقاموها » قد شاركوا الله فى تقرير مصير العباد » وأنهم يحملون معه مفاتيح الجنة 
والنار . 

وقد رأيت كثيرين من المتصعلكين فى الأندية الدينية » تنطوى نفوسهم على 
هذه الجهالة وتعوزهم مشاعر الرقة والتواضع 

والحديث المذكور قمع لتداول هؤلاء . 

ومن بقايا النصراتية اليوم ۾ قد تجد إنسا انا كسير القلب لأ نه أحطا » يذهب إلى 
راهب الكئيسة » eae‏ بمراسيم يم الاعتراف الشائعة عندهم . 

was,‏ فى أغوار هذا E‏ » لوجدت نفسية ا خطی أقرب إلى الكمال 
الإنسانى » من نفسية الراهب الذى سيمنحه المغفرة > وهو مدل مختال . 

وإننى فی a Yo eae wit‏ القلب Nazi‏ الفظاظة التى 
ee‏ 

ويستحيل أن يكون الحديث المذكور مناقضًا لقول الله فى كتابه : 
y ds tal DY‏ جنات النعيم 5 أفنجعل المسلمين كالمجرمين ۵ ما 
en on‏ 


هم RP‏ ويم س 


renden 3 

ونحن نسأل الجهال er‏ بالنصوص : 

كيف جاز لهم أن يقطعوا صلة الإيمان بالعمل » والخطيئة بالعقاب الحجب 
غطت على عيونهم » فلم تر الصواب » ولم تفقه الكتاب؟ 


Bas un aut ea 





ae 


ما ذكرناه من تلازم الإيمان والعمل » لا يعنى أن الإيمان يقتضى العصمة فإن 
المؤمن قد يخطئ . 

وما يقع فيه المؤمن من خطأ أو خطيئة » لا يسلخه من الدين . 

ولابد من بيان مفصل » تضم به أطراف هذا الموضوع . 

عندما يكون المرء وثيق الإيمان » كثير الطاعات » طويل المراقبة لله » فإن أخطاءه 


تقل لا محالة . 
وما قد ينزلق إليه من سيئات » يعتبر غريبًا على حياته غرابة الشذوذ بالنسبة 
إلى القاعدة . 


وطبيعة الخطأ من رجل هذه حاله » تجعل لسيئته صفة خاصة . 

فهو لا يقصدها › ولا يستريح إليها » ولا يستقر عليها . 

كالسائر فى طريق ما إلى هدفه لا يفكر إلا فى أعماله وآماله » فإذا قدمه 
تخبط فى حفرة غير منظورة » أو تمر بقشر فاكهة ملقاةء فإذا المسكين يهتز 
ويضطرب ويهوى إلى الأرض . 

إنه يخجل من سقطته » ويقوم منها شديد الضيق والسخط . 

كذلك قد تزل قدم المؤمن » وهو سائر فى طريقه إلى الله » فيلم بعمل لا ينبغى 
منه » ثم لا يكاد يتورط فيه حتى ينزع عنه » وهو بادى الألم » عميق الحسرة . 

هذه السيئات لا تَصِمٌ سيرة المؤمن ولا تهدم شخصيته . 

وهى من قبيل «لكل جواد كبوة » ولكل صارم نبوة» . 

وما كانت خليقة الإنسان مزدوجة » يلتقى فيها عنصران : أحدهما من السماء 
والآخر من الأرض . 

فإن آثار هذا الاختلاط تبدو فى سلوك الإنسان . 


وليس يستغرب على طبيعته أن تخلد إلى الأرض حظة ما . 

ومن ثم جعل الله سبحانه وتعالى ‏ داثرة عفوه تتسع لهذه السقطات : 
د a aa‏ كبائر الإنم والقواحش إلا لمم إن رك واسبع امغر .. é.‏ 
وعلل هذا العفو rd Ed‏ 

قال الشاعر : 

Y dl LA Ze الاوك‎ 

على أن هذه المزالق ‏ كما قلنا ‏ تعترى الإنسان وهو فى طريقه إلى ربه » يؤدى 
واجبه » ويقيم حقوقه » ويتحرى رضوانه . 

a.‏ من ألم » وما يسبقه من غغلة » وما يعقبه من دهشة 

غصة » ذلك کله AES‏ سواده ويخفف عواقبه . 


وحسب صاحبه من „lis‏ 6 > هذه السقطات فی نفسه › وإسراعه بالإنابة 
إلى الله يجأر بالدعاء !! 


: يساق قوله تعالى‎ » SVL ota fhe by 
دك لهم ما يشاءون عند‎ ol e il به‎ 3 Lat sr sill y 
الله عنهم أسواً اذى عملوا ويجزيهم‎ O رهم ذلك جزاء الم لمحسنين‎ 
(to + : أجرهم بأحسن الّذى كانوا يعملون © (الزمر‎ 
. )/ : كانوا يَعملون #(العنكيوت‎ 


والمعنيون بتربية النفوس وتزكية السرائر» لا يحبون أن يقفوا طويلاً عند هذه 


وَهَمّهم أن يأخذوا بيد الكابى » لكى يستطيع النهوض ويستأنف المسير » ويقبل 
على واجباته بنشاطه القديم أو أشد رغبة . 


» وتهوينهم من هذه السيئات المقترفة » لا لأن هذه السيثئات تافهة أو مستحسنة‎ ٠ 


بل ليخلصوا المذنب من آثارها » ويفكوه من آصارها » ويمنعوه من الارتكاس فيها 
والانكباب عليها . 

وذاك أخطر ما يتوقع » وأول ما يحاذر الشرع منه . 

وفى مثل هذه الخالات يساق قول النبى EE‏ قيما يحكى عن ربه - عز وجل - 
قال : «أذنب عبد فقال : اللهم اغفر لى ذنبی » فقال الله عز وجل - : أذنب 
عبدى ذنبًا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب . ثم عاد فأذنب . فقال : 
اَی رب اغقر لی ذنبى . فقال الله تعالى : أذنب عبدى ذنبًا فعلم أن له ربا يغفر 
الذنب ويأخذ بالذنب . ثم عاد فأذنب » فقال : يا رب اغفر لى!! فقال الله 
a‏ : أذنب عبدى فعلم أن له ريا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب » اعمل ما 

شتت »ء فقد غفرت لك» . 

هذا الحديث وأمثاله ما يفتح مصاريع التوبة على كثرة e‏ وهو فيمن قدمنا 
من الناس . 

والمراد منه حفز الهمم إلى الصالحات » والتقصى عن دائرة الجريمة »مهما 
حدث من الإنسان ey:‏ أنظار البشر إلى أعلى » كلما نکسها الشيطان . 

وليس المراد منه- البتة - ما يفهمه سفهاء العامة من تحقير الحرائم ؛ وتهوين 
السيئات ؛ وإغراء العصاة بالجرأة على الخالفات واستباحة الحرمات . 

(igs‏ المعنى نقض للحقيقة الرسالة الهادية » وتجاهل وقح لآلاف الأحاديث المرهبة 
عن ارتكاب الذنوب . 

والتفريط فى الأعمال الصا حة ‏ بناء عن فهم معوج لهذه الأحاديث ‏ هو ضلال مبين! 

وليست الخطايا كلها من هذا القبيل » ولا الذين يقعون فيها جميعًا من هذا الصنف . 

فهناك حالات من النزق والسفاهة » تغوى ذويها بارتكاب الدنايا ء وقد لا 
ينزعون منها على عجل . 

على أن الإيمان فى نفوس هؤلاء يعانى ‏ لا ريب أزمات عنيفة . 

وبقاؤه أو انتهاؤه » مرهون بمدى ما يصل إليه العاصى من بُعْد عن الله » 
واستمراء للخخطايا . 

ومهما عصى المسلم » فهو بين توبة سريعة تطهره ‏ أو توبة مضمرة يستنيم إليها ء 
ويرتبط بالإسلام على أساسها . 


ومصاير أولئك الذين يتدنسون بالمعاصى » ويرجئون ul‏ متها - مع الإحساس 
بالخزى وتوقع العقاب ‏ مجهولة! . 

44109¿ المعاصى على القلب قد يزهق الإيمان » ويرد المسلم إلى الكفران . 

. على الجسم » فينزع منه الروح ويتركه جثة بالية‎ nl ele LS 

وأا ما كان الأمر » فإن رباط المعاصى بالإيمان واه . . 

ونستطيع أن تقول : إنه باق » إلا يوم يقترف الجريمة مفتخرا » أو يترك 
Mania Al‏ 

فإنه يومئذ ينسلخ عن الإسلام ويحكم بارتداده . 

وليس يتصور هذا فى مؤمن . 

فإن المؤمن إذا لم يكن ذا عزيمة فى الخير » فلن يكون ذا عزيمة فى الشر » تجعله 
يبارز الله بالمعصية » وهو وقح صفيق! 

وقد بين الله فى كتابه أن المعصية التى تقع من الموسومين بالإيمان a dle‏ 
عن جهالة (أى : عن طيش » وضعف .ء وغلبة » وشهوة » وضعة همة) : 
ل إِنمَا التوبَة Je‏ الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قَرِيب فأوليك 
يوب DS pelo A‏ الله ol‏ حكيمًا 09 AO es ul a‏ 
CE cl Ys E IO a ye‏ 

(النساء : (YA e ١١۷‏ 
«( كتب ربكم ¿de‏ نفْسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده 
وأصلح dió‏ غفور رحيم GD‏ وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين © 
(الأنعام : (oo. of‏ 

: يجوز نكرانها‎ y Oy YL صلة الطاعات والمعاصى‎ ol 

فالأولى أغذية ينمو بها ويزدهر . 

والأخرى سموم يضعف بها ويذوى . 

وقد أبان الله .عز وجل أنه ما من شخص يدعى الإيمان إلا فحصت نفسه بألوان 
التكاليف » وبليت بمراتب شتى من الجتهاد » جهاد الشبهات » وجهاد الحياة والمبادئ . 


ولابد أن يجتاز الشخص هذا الامتحان ؛ليحكم بعدئذ بنجاحه أو سقوطه » 
ولن يترك الإنسان سدى . 

ولن يغلب العصاة ربهم بإيمان مزعوم وكفران مكتوم . 

والتكاليف A‏ شرع الله لعباده هى الطليعة الأولى للفتن التى تقتحم النفس › 
وتكشف دخائلها . 

ولن تزال هذه الفتن 3 تسير أغوار الإيمان » ومدى صلابته » ومدى استعداد 
y li e le ll al Us‏ 
الله . 
« الج AD‏ حسب الئاس أن يشركوا أن يَقُولُوا آمنًا وهم لا يفتنون (© Edy‏ 
ee, e‏ 

eo; ولا طاعة‎ an بمعحصية‎ E y au ومصير‎ 

فالأجل طويل والتكاليف متجددة » والأمر أعقد من أن نصدر بصدده حكمًا عاما . 

وفى الحديث : «ثعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا » فأئ 
قلب أشربّها نكتت فيه نكتة سوداء » وأى قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء 
حتى تعود القلوب على قلبين : 

قلب أسود 56% y Y (Ugo) Lars ¿US‏ معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا 
ما أشرب من هواه . وقلب أبيض لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض» . 

وهذا الحديث يبين : أن المعاصى منازل ومزالق ؛ يسلم بعضها إلى بعض » وأن 
الإيمان يتأثر بما يعرض للقلب من أحوال . 

فهناك قلوب أقفرت منه تمامًا- بإدمان المعاصى واتباع الفتن -. 

وهناك قلوب بين طريقها إلى البوار لا تَُفْرُ بعد » وتوشك أن تضل . 

وهناك قلوب بين طريق اير » وطريق الشر » تتأرجح ناحية اليمين أو الشمال . 

والحديث يشبه عرض الفتن على القلوب شيمًا فشيئًا » كعرض عيدان ا لحصير » 
على الخيوط التى تنتظمها شيئًا فشيثًا . 


قلب إذا عرضت عليه فتنة أشربها » كما يشرب الإسفنج الماء » فتنكت فيه نكتة 
سوداء » فلا يزال يشرب كل فتنة عرضت عليه حتى يسود وينتكس » وهو معنى 
قوله «كالكوز مجخيا» أى منكوسا . 

فإذا اسوّدٌ عرض له من هذه الآفات مرضان خطيران » يتأديان به إلى الهلاك : 

أحدهما : اشتباه المعروف عليه با لمنكر » فلا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرا . 

ورا استحكم فيه هذا المرض حتى يعتقد المعروف منكرًا والمنكر معروفًا . 

وثانيهما : تحكيم هواه فی ما جاء به الشارع » وانقياده لهذا الهوى : حيثما 
ترامی به . 

أما القلب الآخرء فهو أبيض أشرق فيه نور الإيمان» فإذا عرضت عليه الفتنة 
أنكرها وردها » فازداد نورا وإشراقًا : 

وفى أحوال الإيمان مع الفتن والمعاصى ورد- كذلك- عن النبى و4 : « إن 
العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت فى قلبه نكتة فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل 
قلبه ‏ وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه» . 

CD OS الذی قال الله فيه : «( كلا بل ران عَلَئ قلوبهم ما كانوا‎ SEN yay 
De 

(NT ٠٤١ : (المطففين‎ 





بين التوية والعضمة 


من حقائق التربية النفسية أن الإنسان خطاء » وأن الغلط مركوز فى طبيعته » 
يجرى فى عروقه مع الدماء » وأن الله لم يكلف أحدًا بالعصمة المطلقة!! إفا كلف 
الإنسان إذا أخطأ أن يثوب إلى رشده . 

وإذا بدرت منه زلة أن يراجع تفكيره . 

وإذا زلقت قدمه » فكباء أن ينهض من كبوته » وأن يزيح عنه ما علق به » ثم 
wailing‏ طريقه إلى غايته المنشودة . 

ويظهر أن نفس الإنسان كجسمه » كلاهما يحتاج إلى تطهير دائم . 

لأن كليهما ينضح من داخله » ويتعرض من خارجه »لما يضطره إلى مداومة 
الغسل ومتابعة النظافة . .! 

ففى البدن غدد وأجهزة دائبة الإفراز . 

وجو الأرض التى يحيا عليها يكسوه بدا بالغبار والأكدار . 

فكان لابد ‏ لعافية الجسد ‏ من إزالة هذه الأدران كلها . 

والنفس الإنسانية كذلك » تهفو إلى السيئات » وتنزع إلى الشرور » وتتعرض فى 
مخالطتها الآخرين إلى ضروب من الفتن والمغريات الحرجة . 

وهى بحاجة إلى توبة متجددة متكررة » تمسح عنها هذه JUSS‏ وتمحو هذه الآثار . 

مثلما يحتاج الجسد إلى أنواع الغسل وضروب المطهرات . 

وإلى هذا يشير القرآن فى قوله : «[ إن الله يحب التوابين ويحب nl‏ 

(YY : (البقرة‎ 

وقد كان الرسول يي يجدد التوبة إلى الله بين لحظة وأخرى » ويقول : «توبوا 
إلى الله فإنى أتوب إليه فى اليوم مائة مرة» . 

ومدح القرآن الأنبياء بهذا المعنى : 

فقال- عن سليمان عليه Al:‏ © (ص : )٠٠‏ . 


ووصف المؤمنين بأن الله ينقذهم من أوضار الشهوات » وظلمات الأهواء ومفاتن 
الحياة » ساعة e‏ عرعرت لها ف كل سين ٠‏ 
و MN le‏ كريد SA ca po ES‏ 
إِلَى الثور والّدين كَفَروا أولياؤهم gold SNA jr o gill‏ 

(البقرة : لاه؟) 

. الأخطاء الصادرة من الناس تتفاوت تفاوتا كبيرًا‎ of le 

فما يعتبر صوابًا يصح صدوره من Sle‏ صدوره من إنسان آخر . 

a isl era a 

وهذا معنى عبارة المتصوفة : «حستات ؛ الأبرار Aya SE‏ 

والغرض من سوق هذه الحقيقة » أن نحسن الانتفاع بها فى ميدان التربية 
النفسية انتفاعًا نعالج به غلطات العصاة » وأخطاء المتهورين . 

إن القالة الخبيثة التى شاعت بين المسلمين » توهمهم أنه لا يضر مع الإيمان 
معصية ء لا أصل لهاء وهى فضلاً عن أنها أفسدت حضارتهم » وأسقطت دولتهم 
أضرت بالإيمان - كوازع خلقى وحصانة اجتماعية بلغ الضرر. 

وقبل ذلك أضرت بالإيمان » كفكرة تنير العقل » ويقين يملا الصدر » فمحقته محقًا . 

ولخا تر أن کب بي سيئة يرد المؤمن كافرًا فى طرفة عين » فقضية الإيمان أخطر من ذلك! . 

ASH lsd,‏ أن القلب إذا أحدقت به السيئات » وترادفت عليه الفتن » وطال 
عليه الأمد » وهو بين ظلمات معتمة » لا يخرقها بصيص من متاب . 

هذا القلب ينفلت منه الإيمان رويدًا رويدًا » حتى يطمس بهاؤه » ويرتد ES‏ 
en‏ جاهلية ci‏ : 


فر اص اعم “ut‏ 


. (1 ne, خالدون‎ ost bus 

فإن إحاطة الخطيئة بالفاسدين » تتأتى على مر الليل والنهار » وهم يتقلبون فى 
مهاد الخزى والعار» فهيهات أن يكون لهم إلا النار وبئس AA‏ 

أما تفسير كلمة «سيئة» فى الآية بأنها الشرك وعبادة الأصنام » فلا معنى له » 
فإن سياق الآية فى مخاطبة أحبار E‏ » واستعمال اللغة » er‏ الشارع ذلك 
كله ينفى هذا التأويل الذى لا مبررله 


من مُخلفات حر Santi y‏ 


هذه صورة Lgl‏ الجدل امخض » وثار النزاع فيها نظرياً لا إثارة فيه من رعاية 
الواقع » أو استقراء أحوال المؤمنين على ضوء التجارب الصادقة ! 

قالوا . . ثم اختلفوا فى الإجابة : ما خكم المسلم الذئ يصر على المعصية؟ 

قال بعضهم : كافر . 

وقال آخرون : بل مسلم » ولا تضر مع الإيمان معصية! 

وقال غير هؤلاء وأولثك : بل هناك منزلة بين المنزلتين! 

وانقسم المسلمون فرقًا متقاتلة لهذا الاختلاف الذى يرجع فى أساسه إلى 

التلاعب بالألفاظ » والنزوع إلى المراء » والتعلق بالجدل . 

والحق أن هذا السؤال لا تجوز اناده فهو غاظ ظاهر ف فهم طبيعة Er‏ 1 

إن كلمة «إصرار» تعنى توجه الإرادة وانعقاد العزم » وتقدير النتائج المستقيلة » 
والسيطرة على البواعث والأساليب المقارنة للعمل . 

أى : إن الإصرار مبارزة لله بالعصيان » على نحو مقرون am‏ وعدم 
الاكتراث » وذلك لا يتصور فى مسلم قط! 

نعم قد يعكف يعض الناس على معصية ما . ؛ لانهيار فى إرادتهم » وجماح 
فى شهوتهم . 

وهذا الانكسار فى القوة الإيجابية الدافعة إلى الخير IN:‏ ما ينشأعنه 
إصراراً على الشر . 

إذ أن المسلم الذئ يقارف مالا يليق لا ينفك عنه شعور قوى أوضعيف ؛ 
بالخزى والمعرة . 

ما يوم يصل إلى الحال التى يُقبل بها على الكباثر وهو مسرور باسم › ويترك 
معها الواجيات > we‏ الذئ يتبخر فيه الدين من القلب » 


وهذا الشعور المفروض فى المسلم ‏ إذا سقط فى كبيرة ‏ هو نواة التوبة المعجلة 
أو المؤجلة التى تربط الرجل بالإيمان أى رباط . 

فإذا غاض هذا الشعورء وانفصم ذلك الرباط » فأى إيمان يبقى بعد! 

رُوىّ عن النبى يغ : «مثل المؤمن ومثل الإيمان كمثل الفرس فى آخيته › 
يجول ثم يرجع إلى آخيته . وإن المؤمن يسهو ثم يرجع» . 

وروى : «المؤمن واه (مذنب) راقع (تائب مستغفر) فسعيد من هلك على CUB,‏ 

والإصرار حالة تتولد بعد مراحل متطاولة » من إلف المعصية » وموت الشعور با 
فيها من نكر . 

وجذور الإيمان ‏ مع الولوغ فى المآثم ‏ تنقطع جذرًا جذرًا e‏ ما لم تُتَدارَكُبمتاب . 

والبحث فى هذا الموضوع تتكون النتائج فيه بالملاحظة والاستقراء » لا بالتلاعب والمراء . 

وإليك طائفة من الحقائق المقررة فى علم الأخلاق » تستطيع فى ضوئها أن تتبين 
ملابسات الأعمال المنكرة » ومراتب مقترفيها » والحكم على أنواع الجرائم 
والجرمين » والذى قربها أو بعدها من الإيمان والكفر. 

ذكر الأستاذ محمد يوسف موسى ‏ رحمه الله فى كتابه «مياحث فلسفية فى 
الأخلاق» درجات التوجه والتنبيه عند الكائنات الختلفة . 

فسمى امتداد جذور النبات إلى أدنى طلبًّا للغذاء » وامتداد الأغصان والفروع 
إلى أعلى طلبًا للضوء والهواء > سمى ذلك «حاجة» . 

وسمى تطلع الحيوان إلى ما به قوام حياته » وإدراكه المحدود لمقومات وجوده » دون 
شعور بالغاية المترتبة على تحصيلها » سمى ذلك «شهوة» . 

ثم قال : «نرتقى بعد ذلك للإنسان فنجده يسعى لا يحتاج إليه » وهو شاعر تمامًا 
به » متصور اللذة التى تعقب وجوده » والألم الذى ينتابه لفقده» . 

وذلك ما يميزه عن الحيوان » ويسمى ذلك فى الإنسان «ميلا» . 

ويعرف«الميل بأنه توجه من الإنسان لشىء متصور بوضوح مع إدراك الغاية 
المترتبة عليه وباختلاف غايات الناس اختلفت ميولهم . | 

هذا غايته الشهرة » وذاك غايته السيادة » وغيرهما الغتى › وهكذا . 


A ne 


وكل طائفة متشابهة من الميول » تدور حول غاية واحدة تسمى «عالًا» » ومنها 
تنشأ الرغبة . 

فإذا تغلب ميل من هذه الميول على سائر الميول المتشابهة التى تدور معه فى 
محور واحد » وسيطر عليها » كان ذلك ما يسمى ب «الرغبة» . 

فإذا فكر فيما يرغب فيه ء ورآه تمكنًا » ليذلل ما قد يكون بينه وبين نيله من 
عقبات » ثم أجمع أمره عليه » ارتقى ذلك الاتجاه فسمى «إرادة» . 

والفرق بين الرغبة والإرادة » يتضح من أن الرغبة قد لا يتلوها العمل المثمر .. 
را رغب المرء فى أمر يستحيل الحصول عليه . ا 

أما الإرادة فلا تتكون إلا حيث يتروى الإنسان فى الأمرء Ox)‏ جميع 
الظروف والملابسات . 

ثم بعد ذلك يراه بمكئا فيعزم عليه 

. وبهذا يعقبها العمل الذى إذا اعتيد صار úl‏ 

ويظهر من هذا الخلق عادة للإرادة ‏ وليس مجرد الإرادة ‏ وأن pile CABS aly‏ 
من قوى النفس على غيره . . انتهى باختصار . 

فالإصرار على الكبائر فى ضوء هذه الحقائق النفسية المقررة - هو نتيجة 
لمقدمات طويلة » وأطوار يتولد بعضها من بعض فى نظام مرتب دقيق . 

فإذا علمنا أن التدنس بخطيئة عقب ميل مفاجئ » أو رغبة جامحة يوقع الإيمان 
فى مأزق خخطير » ويصيبه بجرح عميق » ما لم يندمل هذا الخرح بتوبة . 

وسمعنا قول النبی َو : «لا یزنی الزانی حین یزنی وهو مؤمن › ولا يسرق 
السارق حين يسرق وهو مؤمن » ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» . 

فكيف بإيمان ترادفت عليه هذه الجراحات الدامية » من آثار الذنوب الفاجرة؟! 
كيف تكون حال هذا الإيمان » إذا اقترن به الميل إلى الجريمة : ثم ارد تقى هذا الميل 
إلى رغبة » فإرادة » فعزيمة صادقة » فخلق معتاد » فإصرار بالغ!! 

هيهات هيهات أن يكون له بقاء إلا فى أوهام المجادلين والعابثين بعلم الكلام . 
على أن للإصرار على الكبائر طبيعة يجب أن تعرف . 


لل يي ab‏ 


فهو لا يمد سحابة الشر حتى تغطى وجه الإيمان الجميل فحسب! بل يرسب 
بسوءاته فى النفس » فيحول بينها وبين فعل أى خير» وتقديم أى بر . 

فليس المصر رجلا من النوع الذى قال القرآن فيه : [ وآخروت اعترفوا بذنوبهم 
LE 1 bib‏ الله أن يوب عَلَيِم إن الله عور رُحِيم 4 

)٠١١ : (التوبة‎ 

كلا » فمعنى الإصرار على الشر أن ينابيع الخير جنّت تمامًا فى الضمير فلن 
يرشح بخير قط . 

ومن ثم م استقر الأمر فى علم «الأخلاق» على أن الاتجاه المائع الذى تتأرجح فيه 
al‏ ف LS‏ 

ويقول الأستاذ «محمد يوسف موسى» : 

«لا يصح أن نقيم وزنًا للرأى القائل : بأن الخلق أمر نسبى » بمعنى أنه يحكم . 
على المرء بالميل الذى يغلب عليه . 

فمن غلب عليه حب الإعطاء . وأعطى كثيرًا ولم يبخل إلا قليلاً» كان كريمًا . 
وكذلك الصدق والكذب وسائر الفضائل والرذائل . 

لا يصح أن نقيم وزنًا لهذا الرأى » ذلك أنه ما لابد لملاحظته فى الخلق : 
الرسوخ » والثبات لحالة نفسية معينة » حتى تعطى ثمرتها من الأعمال باستمرار . 

ويؤيد هذا ما ذكره «ماكيزى» فى كتابه «الأخلاق» : 

«إنه لابد لتكوين خلق من ثبات عالم من العوالم - يعنى المشاعر النفسية -. 
أما مجرد باعث خير » أو غرض نبيل فى حياة الإنسان » فلا يكفى لجعله فاضلاً» . 

وتطبيقًا لهذه القاعدة الخلقية فى محيط الإيمان » يجعلنا نجزم بن الإيمان 
الكامل يقتضى العمل الصالح وجوبًا » وينقص الإيمان كلما نقص العمل . 

فإذا لم نجد إلا شرا محضًا جزمنا بأن ظل الإيمان قد تقلص . 

ولذلك قلنا : إن الإصرار ‏ بمعناه الشامل - لا يتم فى نفس مؤمنة أبدًا . 


KER 


A A ee 


وإذا أحصينا النصوص الواردة » والتفاسير الصحيحة لها » وجدنا أن الشرع 
الشريف » يهتم بالبواعث المقارنة للعمل اهتمامًا شديدا ء ويبنى الحكم على 
الإيمان والجزاء » بعد التأكد من الحالات النفسية » التى لا ينفك عنها عمل » 
والتى ينقطع العمل أو يتكرر لارتباطه بها . 

قال ابن قتيبة شرحًا لقوله تعالى : ! وعصی آدم ربه قوی (طه : ۱۲۱) . 

يجوز أن يقال عصى آدم » ولا يجوز أن يقال عاص ؛ لأنه إنها يقال .من اعتاد فعل المعصية . 

كالرجل يخيط ثوبه » يقال له : خاط ثوبه ‏ ولا يقال : هو خياط حتى يعاود 
ذلك مرارًا ويعتاده . 

فهذه معصية لا يأخذ صاحبها وصفا يسجل عليه الشر» ولو أنه فعلها!! 

بينما يسجل الإثم وعقابه على شخص آخر لم يفعل الجريمة » ولكنه عزم عليها . 

فعن النبى A‏ «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النارء 
قيل : هذا القاتل » فما بال المقتول؟ قال : إنه كان حريصًا على قتل صاحبه!) . . 

إن للنية المصاحبة مدخلاً كبيرًا فى الحكم على الأخطاء والخطايا . 

ولا نحب أن نغفل فى تقديرنا لأثر المعاصى فى الإيمان : 

1- أن المعاصى ليست سواء فى تهاوى الناس إليها وبلاثهم بها ؛ فجمهور 
المسلمين فى بلادنا » لا يطعم لحم الخنزير مثلا » ويستغنى عنه فى يسر ولذة بلحوم 
البقر والضأن . 

وجمهور الفقراء » لا يلبس الحرير» ولا يتحلى بالذهب » فإذا كان لحم الخنزير 
أولبس الحرير ‏ مثلاً ‏ من المناكر التى حرمها الإسلام فإننا نلاحظ أن طبيعة هذه 
الحرمات تغاير المعاصى القائمة على دسائس الشهرة الجنسية مثلاً » وما أكثر 
التعرض لها . | 

؟- أن هناك بيئات تعين على العصمة » وأخرئ تغرى بالفاحشة . 

وقد يوجد أقوام لا يسعون إلى الجريمة ؛ فيبلون بمجتمع دنس يسهل لهم الانزلاق . 

وقد يتمنى قوم الشرء بَيْدَ أنهم يجدون الأبواب إليه موصدة فى بيئة محافظة 
مصونة مأمونة . 


#- أن درجات السقوط نفسها تتفاوت . 

فالذى يهوى من قمة مشرفة غير الذى يسقط وهو يسير» غير الذى يتردى فى 
حفرة عميقة . 

كذلك السقوط فى المعاصى . 

فقد يقارف الشخص الذنب عن ميل عارض وفرصة مواتية . 

وهذا غير من يقع فيه عن رغبة ملحة » وذلك غير من يسعى إليه عن إرادة يقظة . 

وهؤلاء غير من يعزم على الفعل ويستمرئئ العودة إليه » ويدأب على ارتكابه 

. أن الدنايا نفسها حلقات موصولة‎ -٤ 

فالكاذب يخون » والخائن يرتشى » والمرتشى يهدم المصلحة العامة ويبيع وطنه 
وشرفه ودينه لأول مساوم . 

والسكير يزنى » والزانى يقتل » والقاتل يستحيل إلى وحش لا دين له . . . إلخ . 

ERE 

والحق أن مدلول كلمة «معصية» فى أفراد الناس وأحوال الحياة » يتفاوت تفاوثًا واسعًا . 

فكما تدل كلمة «سفر» على الرحلة القريبة » والطواف حول العالم . 

وكما تدل كلمة «مرض» على الصداع العارض والحمى المهلكة » كذلك تدل 
wenn‏ 

لا لأن المعاصى تنقسم إلى صغائر وكبائر» بل لآن الكبائر نفسها ‏ بما يكتنفها 
من مشاعر نفسية ‏ ليست سواء . 

ومن الخطأ الكبير أن نقول ‏ مع المرجثة ‏ : إن الإيمان لا تضر معه كبيرة› 
أو نقول ‏ مع الخوارج ‏ : إن الكبيرة لا يبقى معها إيمان . 

ولعل دقة الظروف الملابسة للمعاصى هى التى جعلت الناظم القديم يقول : 


مع ير 


th, 4d ea ee a8 ae 


Be ie en ec 


RVP: ld Je pats 
. (£A : ومن يشرك بالله قد افترئ إِنْمَّا عظيما #(النساء‎ sy od els 

والآية تشير إلى أن الشرك لا يغفر. 

وهناك أمور مساوية للشرك ؛ كجحود الألوهية » أو الاعتراف بها وجحود أوامرها » 
ورفض الانصياع لها . 

وما دون الشرك صنوف كثيرة قد تهبط إلى اللمم المغفور» وقد تفحش حتى 
تمحق الإيمان كما أسلفنا بيانه . . فلا تكون دون الشرك أبدًا . 

وفى الحد الفاحش من المعاصى يساق قوله تعالى : 
ل ومن عص الله ورسوله ویتعد حدوده يدخله تارا خَالدَا فيها ono ide by‏ 

(النساء : 15) 

. )۲۴ nl خَالِدين فيها‎ rd 

وفى الحد الأدنى يقول تبارك وتعالى : 
> والّذين إذا فعلوا فاحشة أو ظَلَمُوا أنفسهم ذَكَروا اله فاستغفروا لذنوبهم ومن 
na‏ على ما قَعوا وهم يعلّموت (ال عمران : )٠١١‏ . 





هل المعصية مرضص؟ 


فى أحيان كثيرة يتجه البحث العلمى إلى اعتبار عوج السلوك وارتكاب 
allo ol glast‏ لأمراض نفسية كامنة! 


ويفسر وقع الحرائم على أنها أعراض تستوجب العلاج الحكيم » للاضطرابات 
النفسية والعصبية التى تختفى وراءها . . 


Goga de ao يجب التفكير فى مداواته » قبل‎ Us العصيان‎ Abs 
ale ¿pla uo ¿e el اا فن اها ات مك الط‎ 
Io الإسلام‎ 


والجواب أن تعابير القرآن الكريم فى غير موضع واحد تبيح لنا أن نقول : نعم ففى سورة 
البقرة وصف النفاق بآنه مرض  :‏ في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا © (البقرة: )٠١‏ 
وفى كثير من الصور شاع هذا الوصف حتى لقد تكرر فى سورة الأحزاب ثلاث 
ففى النصح لأمهات المؤمنين يقول الله عز وجل - : 
ورن القن قلا خن اقول ْم (rs WE cl‏ 
والمراد بالمرض هنا ما يتخلف فى نفوس الناس من اضطراب الغريزة الجنسية 
وتسد تستكين !! 
والله ‏ عز وجل - يريد لنسوة نبيه يل منزلة تعلو على هواجس النفوس . 
فلا عجب إذا صانهن عن آخر ما تصل إليه الأمانى المحرمة للنفوس المريضة . 


ee > 


وقد ثبت أن الشهوة الجنسية أساس لعدد هائل من الأمراض الفكرية 
والعصبية والخلقية! 

وفى e‏ لدعا ف والمترددين عند د الأحزاب على المديتة وإحكامهم 
وإ يقول المتافقون والّدين فى فلوبهم مُرَض ما وعَدَا الله ورسوله إل E‏ € 

(ir: (الأحزاب‎ 

وقد سبق وصف النفاق بأنه مرض . 

وجرثومة هذا المرض تنمو مع ضعف الشخصية وانحلالها . 

فترى المرء يلقى هؤلاء بوجه ورأى » ويلقى أولئك بوجه ورای » حتى إذا مرد 
على ذلك أصبح إخصائيًا فى العيش بشخصية مزدوجة . 

وقد بلى امجتمع الإسلامى الأول بحزب ضخم من المنافقين كانوا شراً عليه من 

. الذين فى قلوبهم مرض‎ 00 ee نه الآية قد 0 معناها : وإذ‎ olas 

أو يكون الذين فى قلوبهم مرض صنفا آخر من الناس » أشبهوا المنافقين فى 
جزعهم من الأعداء وجبتهم عند اللقاء » وشکهم فى أمر الرسول As‏ وعاقبته 
فالتحقوا بهم وصاروا لذلك منهم . 

والذين تظهر عليهم أعراض يعزلون مع sen‏ إلى أن = تتميز أحوالهم . 

er werd ore en‏ : ين لم ينته 
المنافقون ؛ والّذين فى لوبهم مرض والمرجفون فى المدينة لنغريتك بهم Ye‏ 
يجاورونك فيها إلا ليلا (الأحزاب : ا( 

وقد جاء هذا التهديد بعد أمرعام لنساء المؤمنين بالاحتشام التام فى 
ee‏ يكل على أن المقصود era‏ د المتسكعون 


ne 


bad,‏ من هؤلاء أنزل الله الآية السابقة : lei WD‏ النبى قل لأزواجك وبتاتك 

) لاون ذلك أذ أ مرك ل ق‎ ee en 
(الأحزاب : وه)‎ 

والأمراض النفسية تتفاوت خفة وحدة ء ويتفاوت معها ما ينشأ عنها من 
مخالفة للشرع والقانون » وشذوذ عن العرف والتقاليد الفاضلة . 

على أن المجرم مهما كان مريض النفس فلا يمكن إخلاؤه من المسئولية الجنائية 
وتركه طليقًا دون أية مؤاخذة . 

والإسلام ينظر إلى هذه الأحوال المرضية نظرتين مختافتين . 

فهو يضع الحدود والعقوبات التى لابد منها لصيائة gel‏ » وتدعيم أركانه » 
وتقرير فضائله » والحافظة على مثله العليا» والمغالاة بقيمتها وقمع من يستهين بها . 

ومن ثم فهو يجلد » ويرجم » ويقطع ويقتل . 

ولكنه ‏ إلى جانب هذه النظرة الصارمة ‏ يرسل نظرة عطف إلى امجرم نفسه على 
حساب أنه مريض.. 

فهو يحتاط فى الحكم عليه ويجعل القاضى أن يخطئ فى العفو خيرًا من أن 
يخطيع فى العقوبة » ويأمر بالدعاء له لا الدعاء عليه . 

وقد حدث أن جىء بسكير إلى النبى Be‏ ليؤدب على سكره » فقال أحد 
الجالسين : لعنة الله عليك »ما أكثر ما يجاء بك! . 

فقال 406 : «لاتلعنوه فوالله ماعلمت إلا آنه يحب الله ورسوله» . 

وفى رواية أخحرى : «لاتقولواهذاء ولكن قولوا: اللهم ارحمه اللهم تب عليه» . 
وهذه النظرة الرحيمة هى التى أوصت بالستر على المخطيئع » وإعطائه الفرصة التى 
يصلح بها نفسه » والتشفع له قبل أن يصل الأمر إلى القضاء » عساه يرجع عن غيه 
ويبرأ من علته . ] 

وأولى الأمراض النفسية ظفرًا بالرحمة والعطف فى دين الله هى : الأمراض التى 
تصيب الإرادة الإنسانية فى محاولاتها المتكررة المتعثرة أن تصل إلى الكمال المنشود . 


ee pn un ea a 


فإن المرء إذا طلب السمو بنفسه عن الدناياء لاحقته من طبيعته الأرضية 
le‏ عن الخير » حتى يكاد ييأس من بلوغه » فتمرض إرادته 
ويضعف عرمه . a‏ 
وهنا يتدخل الدين بتعاليمه ليعيد إلى الإرادة صحتها وقوتها » حتى تسعى 
بصاحبها إلى الكمال ما دام حيا 
وفى ذلك الموضع الدقيق من علاج النفس » تساق أحاديث الرجاء وآيات 
الرحمة » والنصوص الكثيرة التى تفتح عينى الإنسان على آفاق بعيدة المدى من 
غفران الله ورضوانه » والتى لا تسد منافذ الأمل ‚fans ef‏ 
مثل قرله تعالى للعصاة : فل يا عبّادى الذي أسرفوا Y gd ¿de‏ تقتطوا 
q‏ الل إن اله يعفر جَميعا #(الزمر: 57) . 
وأمثال هذه البشارات الرحبة يظنها القاصرون ذريعة إلى التقصير فى العمل 
والاستهانة بالخطأ « وهذا وهم مغرق فى الضلال . 
فما قصد بهذه التصوص إلا تشجيع الجاهد لهواه على المضى فى طريقه » 
لا تقفه عثرة ولا تلويه عقبة » ولا تنكسر عزيمته فى الخير لكثرة ما اقترفت من 
الشرء ولا يقنط من رحمة الله Lage‏ صنع ‏ ما دام يريد استئناف حياة أنقى وأفضل ‏ 
وبهذا الضوء تدرك العلاقة بين النصوص الكثيرة التى تجعل العمل كل شىء 
فى الدنيا حيئًا » والتى تسوق العفو والمغفرة حيئًا آخر على اليسير من الأمور . 
وخير ما نستصحبه فى ملاحظتنا فى أحوال الناس قول عيسى ابن مريم 
- عليه السلام - : لا تنظروا فی عمال الئاس كأنكم أرباب » بل انظروا فى 
أعمالكم على أنكم عبيد » فإنا الناس ONE‏ مُبِتلّى ومُعافّى » فاعذ روا أهل 
البلاء » واحمدوا الله على العافية» . 
وللإسلام تعاليم إيجابية لكى يكتسب المؤمن منها صحته النفسية , وعافيته 
الروحية . ويخطيع من يحسب العبادات التى شرعها الإسلام ضريًا من الطقوس 
التى تؤدى فى جو من الغفلة السائدة » والفناء فى مجهول غير مفهوم . 


سس ات 


فإن الفرائض الأولى فى الإسلام تقوم على اليقظة العاطفية والعقلية » وقلّما 
تحظى بالقبول إلا إذا تركت أثرًا غائرًا فى القلب واللب! 

ومن ثم فالعبادات التى كلف بها المسلم أساس مكين لصحته النفسية . 

والحكمة المذكورة فى تشريعها أنها وقاية من الأوضار والأوزار» وأنها - إذا وقع 
المرء فى خطيئته - نظافة تغسل الروح بما لحق به من فتن وذنوب . 

وكلا الأمرين ‏ من وقاية ونظافة ‏ سبيل العافية والبعد عن الأمراض النفسية . 
أى : عن المعاصى والسيئات . 

إن التعبد بتلاوة القرآن مغلا ليست الغاية منه ترديد الألفاظ المقدسة > بل 
المقصود أن يتصل الروح بالوحى لينتعش ويتطهر » ويترفع حين يناجى الله عن 
الإخلاد إلى الأرض واتباع الهوى . 
> ونتزل من القرآن al‏ شقاء ورحية ona jl‏ (الإسراء : ۸۲) 

والتعبد بالصلاة منهاة عن الآثام » ومطردة للوساوس الصغيرة › ودواء للعصيان 
año lee jua 13‏ , 

ومن الكلمات الحكيمة : «إذالم تشغل نفسك بالخير شغلتك بالشر» وبهذا الميداً 
وقى الإسلام الفرد وامجتمع من أمراض نفسية جائحة . 

فإن الفرد العاطل والأمة التى لا رسالة لها مرتع حصب لأخبث الأمراض 
العقلية والقلبية . 

ولو اشتغل امجتمع المسلم بما طولب به من جهاد دائم » وما كلف به من صلوات 
جامعة »لما وجد متسعًا من الوقت لمحرائم الفراغ والتبطل » ولا انحلت عقد كثيرة 
من تلقاء نفسها فى ميادين العمل السامى إلى الأهداف المرسومة . 

وعندى أن كثيرًا من معاصى الأفراد يقع قسط كبير من وزرها على الدولة ؛ 
لأنها لم ترحم حيلتهم بما يصرفهم عن الموبقات . 

إن الأمراض النفسية التى.يشرد بها السلوك الإنسانى كثيرة . 

ولو استمعنا إلى آراء علماء النفس لا نجا أحد من الاتصاف بعقدة كامنة » 
أو لوثة خفية » أو داء نفسى دفين . ا 


واو 


غير أن هناك فارقًا بين أن يوصم المرء بالجنون مثلاً » وبين أن تصدر عنه أفعال 
تعد شعبة من Del‏ 

ويقال للإنسان إذا صدرت عنه . : أما بك عقل؟ وقد قال الله تعالى لأحبار اليهود : 
أتأمرون “al nll‏ وتدسون أنفسكم hs edly‏ © الكتاب أفلا تعقلون » (البقرة : 44) 

. والأمراض النفسية تتفاوت شدة وضعفا » وهى فى بدايتها غيرها فى نهايتها . 

ومنها ما تكون الإصابة به كالوباء العام » ومنها ما يقع فى حدود وظروف ضيقة . 

وأكثر الأمراض النفسية شيوعًا ما ينشأ ‏ كما ذكر القرآن فى غير موضع ‏ عن 
اضطراب الغريزة الجنسية » أو عن الشعور الإيجابى أو السلبى بالذات ‏ كما يعبر 
ill „le‏ 

لهذه الاضطرابات النفسية أطوار ومضاعفات ليس هنا موضع البحث فيها . 

ومن مرض الغريزة الجنسية تتولد الجراثيم المسببة للزنى واللواط والسحاق 
والتعشق الخيالى والتذلل للمحبوب . . . إلخ . 

ومن مرض الشعور الإيجابى بالذات ينشأ الفخر والخيلاء والتكبر وجنون العظمة . 

ومن مرض الشعور السلبى بالذات تتولد مركبات النقص والتلون والملق » وقد 
يكون الإحساس بالضعة باعثا على الكبر والفخر بشكل حاد مثير . 

RER 

والإسلام كما قلنا ‏ يتعهد النفس بالعبادات فيحصنها ضد هذه الأمراض . 
ويخفف من آثارها إذا أصيبت بها . 

ولا يزال يعا ل جها حتى يشفيها أو يقارب على قدر أذ الإنسان نفسه بالمجاهدة والتربية . 

ولسنا ندرى من أحوال الجرائم والخالفات إلا ظواهر يسيرة . 

ولسنا نجرؤ على إصدار حكم عام فى هذه الأمور . 

وقد نستطيع تحديد مصاير الناس فى الدنيا بما يظهر لنا أنه إيمان » أو فسوق وكفران . 

أما مصاير الناس فى الآخرة فإلى الله وحده . 

والقول بتخليد العصاة فى جهنم » أو العفو عن بعضهم والتنكيل ببعضهم الآخر 


>—_ اا 


إلى حين » يقترن بهذه الملابسات التى أطلنا سردها » ورفضنا إخضاع الحكم فيها 
للجدل والسفسطة وألاعيب المنطق القديم . 

وفى ذلك يقول زميلنا الفاضل الأستاذ إسماعيل حمدى من بحث طويل : 

العدل كمبداً والعقاب كجزء منه » لا مناقشة فيهما إذن . 

ولكن أى الجرمين ينبغى أن يتجرد له العدل؟ وأيهم يعامل بالعدل مع الرحمة © 
وأيهم هو المريضص الذى تتجرد له الرحمة التامة؟ إنهم مختلفون بلا ريب . 

فغتور الشوين أشد bys‏ من صور الوجوه . والإرادة والوعى ها هنا أساس 
التنوع والاختلاف . 

فامرؤ يقارف الجريمة مريدًا واعيّا يبصر آثارها كاملة » ويقدر على مجانيتها تمامًا ‏ 
ويرتب وسائلها » ويهيئع ظروفها » ويستعد لمفاجآتها غير امرئ تتسلط عليه إحدی 
العواطف الحادة ؛ كالغضب أو الحب أو القرابة » فيتورط فى جناية مندفعًا إليها 
اندفاع المنقوص الإرادة والوعى معا . Î‏ 

وكلاهما غير ثابت » أعوزته أسباب القوت فسرق atlas tala‏ 
والتربية الضرورية فأفسد . 

لا حاجة بنا إلى بيان ما يستحقه كل نوع من هؤلاء » فهذا واضح كل الوضوح ‏ 

وإذا كان قضاء البشر لا يأبى الرحمة على من يستحقها كاملة , ولا العدل على 
من يستحقه مجردًا » ولا هما معًا على من يستحقهما مما ء لأن وضاع القوانين € 
والقضاة بين الناس » لا يضعونها » ولا يحكمون وهم آلات صماء . 

وإنغا هم بشرء فيهم ما فى البشر من صفات يستوحونها . 

وتظهر ‏ حتمًا - فيما يضعون وفيما يحكمون » يل المفروض أنهم من أرقى 
البشر . فصفاتهم من العدل والنزاهة والعلم بالأنفس وتقدير البواعث والرحمة وما 
إليها من أرقى الصفات . 

والقرآن يتحدث بحديثه الفياض عن صفات لله هى المثل الأعلى » من علمه 
الحيط ممن خلق » وعدله الناصع الذى آثره لنفسه » وأمر به الناس » ورحجمحه 


الواسعة 2 وإحسانه Je‏ ¢ وعقوه السمح 
oe‏ سس ريسيد 


وهى صفات من الأدب أن نقول إنها غير عقيمة » أو غير سلبية » أو غير موقوتة 
بهذه الحياة الدنيا . 1 

فنحن ‏ بهذا القول ومثله ‏ نقدرها حق قدرها ؛ لأنها صفات إلهية » فهى عاملة 
دائبة » وهى مباركة متصلة » تتناول الدنيا والآخرة . 

ومعاملة الله للناس فيما يشرع لهم وفيما يقضى بينهم » لابد أن تكون مظهرًا 
تظهر فيه هذه الصفات Vray e‏ تبدو فيه آثارها الجميلة . 

فالظروف امخففة ألتى تقة تقضى باستعمال الرأقة » كما يعبر رجال القانون › 
والبواعث المحزنة التى تثير فى القاضى عواطف الطبيب الرحيم » كما يكون لها 
تقديرها عند البشر يكون لها كذلك تقديرها عند الله . 

والله cyl‏ وأفضل »وله المثل الأعلى فى السموات والأرض . 

إن الإيمان يستلزم العمل كما يستلزم النهار الضوء . 

وقد يثور فى رائعة النهار غبار يحجب الأفق › أو تتكاثف غيوم تلا الأرض بالظلال . 

بيد أن ذلك لن يرد النهار لي ليلا ؛ إذ هو عرض زائل » ؛ طال أمده أم قصرء فلن 
تلبث أشعة الشمس أن تغمر الأرجاء بالدفء والضياء . 

كذلك نور الإيمان قد تحجبه إلى حين غيمة من شهوة عارضة » فتغيم جوانب 
N‏ يرى النهج ؛ الم تعمل ee‏ 
قال الله تعالى TT A: AE‏ 


(tn ١ : مبصرون 6 (الأعراف‎ 

أما الظلام لمطبق للمعاصى الدائمة » فذلك حيث يخيم ليل الكفرء وتغيب 
شمس الإيمان » ويفقد المرء حاسة البصرتمامًا» فهو لا يعرف لله طريقا : 
re ane oly (cath PW J ph iach ede BOK yay‏ 

إن قصة الخليقة الناجية كما مثلها أبونا آدم «خطأ ومتاب» . 

قصة الخليقة الهالكة كما مثلها إبليس «جريمة وإصرار » . 

فاخت رلنفسك ما يحلوء وليس الحساب من مغالطات المنطق والتلاعب 
بالنصوص ء ولكنه إلى الله . . كفى بالله حسيبًا . 


——_—_—_—_ —__—______—_—_—_—__—_— 





إذا نشب A‏ على مسألة ما بين علماء مخلصين » فإن هذا الخلاف لن يطول أجله . 

وإذا قدر له أن يطول » فلن يترك فى النفوس حقدا » ولا فى الصفوف صدعا . . 
وإذا حدث من ذلك شىء فلابد أن يكون لأسباب مصطنعة بعيدة عن داثرة 
e pl‏ » أو عن دائرة الإخلاص » أو عن كلتيهما جميعًا . 

وقد حت وراء كثير من ضروب الخلاف » أشياء كثيرة تغاير البحث المنزه فى 
العلم والإخلاص المجرد للحق 

ولو ماتت أهواء النفوس » وشهوات الغلب » واغحت الأغراض الدخيلة من وراء 
إعلاء رأى ونشر مذهب ؛ لبادت عشرات من الفرق 2 ولدت »ء أو لبقيت فى نطاق 
لا يعدو صفحات الكتب وحلقات الدرس » كآراء تشتجر فى ميدان النظر الحرء 
وتنتهى ضجتها بانتهاء النقاش فيها . 

إن سعة العلم تلد رحابة الأفق » Oly‏ حسن النية يلد رحابة الصدر» وإن الإيمان 
الحض يلد الحفاظ الدقيق على وحدة الأمة . 

فأنى يتسرب الشقاق إلى دين يقوم على هذه الحقائق؟ 

ومن ثم حسم الله عز وجل صلة اتباع الهوى وهواة التفرقة بصاحب الرسالة 
العظمى » فليس منهم وليسوا منه . 

وسوف يلقون جزاء peer‏ يوم ينقلبون إلى الله m‏ بذات الصدور . 
A Oy‏ شيعا لمت منهم فى شىء إلما أمرهم هم إلى الله تم 
يتبئهم بما كانوا يفعلوت )(الأنعام : )٠١۹‏ . 

وقد تسأل : لكن السلمين اختلفوا فرقًا كثيرة » وقد اشتغلت هذه الفرق بالجدل 
قرونًا طويلة : فكيف يتفق هذا ee‏ التى مهدتها ؟؟ 

ونحن لا نبالى أن ندفع بالحق المجرد من تتكيوا سبيله . 

فإن بعض الآراء التى ظهرت بها هذه الفرّق حدث مثله فى العصر الأول بين فقهاء 
الصحابة » وظل على هامش الجتمع الإسلامى فلم يَعْدٌ قدره » ولم يثر تعليقا يذكر . 

HER 

de‏ مثلاً رؤية الله فى الدار الآخرة » فإن هذه المسألة تطاحن عليها المعتزلة وأهل 

السنة » وتنابزوا بالألقاب » وملوا بها المحاقل والأسواق!! . 


لاطت 


مع أن هذه المسألة ثار حولها كلام خفيف فى امجتمع الأول؟ ثم مر ولم يعقب 
colón Y clio‏ 

كان ابن عباس وجمهور الصحابة يجيزون الرؤية » ولهم فى ذلك أدلة » وروى أن 
الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه ليلة عرج به . 

وكانت عائشة تقول : لم ير رسول الله يله ربه . 

قال مسروق : قلت لعائشة : يا أماهء هل رأى محمد Gary Be‏ 

فقالت : لقد قف شعر رأسى ما قلت » أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب؟ 

من حدثك أن محمد رأى ربه فقد كذب » ثم قرأت 3 لا تدركه الأبصار وهو 
يدرك ALN ay Lai‏ الخبير (الأنعام )٠٠١:‏ . 

ومن حدثك أنه يعلم ما فى غد Bee‏ 
نكسب er‏ وما تدرى نفس بای اَرض تموت )(لقمان : (٤‏ . 

ومن حدثك أن محمد كتم أمرًا فقد كذب » ثم قرأت :لإ يا eet‏ الرسول بلغ ما 
LH] Jp‏ من رَبك وإن لّم تفعل فَما بلغت رسالته »(المائدة : 07) . 

ولكنه رأى جبريل فى صورته مرتين . 

وعن أبى ذر قال : سألت رسول الله يغ : هل رأيت ربك؟ قال : «نورآنی أراه» ؟ . 

والتوفيق بين هذه الآراء المتقابلة سهل . | 

وقد مر بها الصحابة الأولون فلم يجدوا ما يحبسهم عندها » ولا ما يقيد أفكارهم 
بإزائها » ولا ما يشغل العوام بالخنوض فيهاء أو الخواص بالتخحاصم عليها » حتى 
جاءت - بعد - أيام الفراغ والهزل » فتألفت فرق للمتاجرة بهذا الخلاف . . وإليك 
مثلا آخر. 

NEE ee 
یقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فیها‎ ya: las ویستشهدون بقوله‎ 
. (ar (النساء‎ loas Us dl uf وغضب الله عليه ولعنه‎ 


An 


روى عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : ألمن قتل مؤمئا متعمدا من 
توبة؟ قال : لا » فتلوت عليه الآية التى فى الفرقان.: 
كب جوم ب يه إلا بلح وا 
يزنون .. إلا من تاب #(الفرقان o Jas (Y Ww:‏ 


- 


مذنية . 

وقيل : إن آية الفرقان نزلت قى قوم اقترفوا هذه الذنوب قبل إسلامهم . قال ابن 
عباس : «فأمامن دخل فى الإسلام وعقلهء ثم قتل فلاتوبة له» . 

وروى مثل ذلك عن زيد وعبد الله بن مسعود . 

وجمهور الصحابة يرى أن للقاتل توبة » وأن القتل ليس أشنع من الكفرء والله 
يقول لنبيه : 
طقل لين كقروا إن ينها يعفر لهم م 8 سلف (الأنفال : 68). | 

واختلاف الأنظار طبيعة البشر » وقل e‏ الصحابة فی هذا ei‏ 
وفى أمور أخرى مشابهة . 

ومع ذلك فإن هذا ee‏ لمكم فا حياتهم ولا 
طال فيه لجاجهم . | 

EK 

A a agen te 
. والإخلاص والإيمان‎ 

Jen Lu ut‏ حب الرياسة ومكر السياسة وعبث الحكام . .!! عندثذ تتحول 
الحبة إلى قبة » وبدلاً من أن ييجلس جماعة ليتجاذبوا أطراف الحديث فى سكون 
ودعة » إذا أطراف الحديث تشدها أيد مدججة بالسلاح »من ورائها عقائر تنشق 
بالغضب والصياح . 

وقد افتعلت مذاهب شتى للخلاف « وأمدتها السياسات الخبيثة بما يزيد الهوة 
¿LS‏ ثم توارت على مر الأيام هذه اذاهب 1 يبق من خلاف بين المسلمين 
اليوم إلا ما ترى من أهواء السياسة الدنيثة SOL gage el uf ais of‏ بین 
الشيعة والسنة !! | 


لل سس قي 


وقد اشتعلت خلافات فى مسائل العقيدة ثم انطفأت » ونشبت خلافات أخرى 
فى فقه الفروع ولم يهتم المسلمون لها . 

SS 
بال . ولكن عصبيات الأسر » ومنافع الأحزاب ودنيا الرؤساء المفتونين » وسذاجة‎ 
العامة المغلوبين تريد لتبقى هذه الوقيعة فى صفوف الأمة الواحدة كى تعيش‎ 
. باسمها!!‎ 

KKK 

هل سمعت أن حزبًا » تكون فى «إيطاليا» لتأييد «أنطونيوس» و«كليوباترا» » وأن 
حزبًا آخر تألف للدفاع عن «إكتافيوس»؟ » وإذا حدث أن هذه المساخر قد تجددت 
بعد دروس » ونشرت من أكفانها بعد بلى » وأن أحزابًا قامت لتسوس إيطاليا 
الجديدة بذكريات حدثت من عشرين قرتًا » فماذا يكون حكمك على مثل هذه 
الأمة المسكينة؟ 

إنهم يريدون شغل الأجيال الحاضرة بأمر الخلافة الإسلامية ؛ ومن كان أحق 
الناس بها منذ أربعة عشر قرتًا مضت ؛ وحكم من لم يستصحب هذه القضية فى 
حياته المعاصرة! 

إن المسلمين اليوم يفعلون هذا المنكر! إنهم يريدون بناء حاضرهم على عقائد 
تنتزع انتزاعا من خلافات بالية . 

وقد ماتت عشرات من المذاهب المنتحلة بموت السياسات التى رحبت بها 
وأعاشتها فى حضنها . 

وما زالت إلى يومنا هذا سياسة الحكم الفاسد تعمل عملها فى العقيدة الفذة 
لتجعل من المسلمين الموحدين G5‏ تتنازع على ماذا؟ على الوهم! 

وإنى أهيب بالمسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها أن يعودوا إلى كتاب الله 
وسنة رسوله BE‏ وألا يسمحوا للمغرضين والطامعين أن يستغلوا تفاوت الأنظار 
فى أمور يسيرة ليقطعوا ما أمر الله به أن يوصل . 

وفى ماضينا عبرة عظيمة » وفى حاضرنا عبر أعظم . 
yp‏ فى ذَلك ay pall AL Ow glee ei‏ شهيد © (ق :۷م (vv:‏ 


tt a 





بين النبوةوالفلسفة . 


للمعارف da ctl‏ مصادر معيئة لا يعول على ما وراءها . 
“فإذا كان مصدرها إنسانيًا فيجب أن تنبع من ثنايا المنطق التجريبى أو الرياضى » كما 
هو حاصل الآن فى علوم الكون والحياة » وفيما يتصل بأحوال المادة وشئون الناس . 

أما إذا كانت هذه المعارف متصلة با وراء المادة ‏ أى بما يقصر المنطق التجريبى 
والرياضى عن مناله - فإن الوحى الصادق هو سبيلها الفذة »ولا يقبل غيره فيها 

ومن ثم فالكلام عن الله وعن صفاته وعن حقوقه , لا يعتمد فيه إلا ما جاء 
على ألسنة الأنبياء وحدهم . 

وإذا ظاهرت Be te a‏ ماء فل ما جاء په من عند لله ist‏ 
وصف اليقين 2 وينقطع دونه الجدل . 

. عشرات الفلاسفة والعلماء تكلموا فى المادة وما وراء المادة منذ آماد طويلة.‎ ol 
عكف عليه الباحثون فمازوا‎ » a والتراث الذئ خلفوه لنا عباس‎ 
. صحيحه من سقیمه‎ 

ويمكن القول بأن كلام القدامى والمحدثين فيما وراء المادة ينقصه التوفيق 
لابتعاده عن مناهج الوحى » ولذا حفل بالنقائض والخرافات . 

قال ضاحب إخؤان الصفا: (إن الأنبياء كلهم. مع تباعد أزمانهم » واخحتلاف 
لغاتهم 6 وموضوعات شرائعهم » »وافتراق سئنهم تجدهم متفقين على رأى واحد 
ومقصد واحد lus‏ يشيرون إليه فى دعوتهم الأم . 

٠‏ أما الفلاسفة قليست شريعتهم :واحدة »ولا دينهم ae «Kl‏ مبختلقة 
وأقوالهم متناقضة » تورث لأتباعهم. .حيرة قلما تنجلى غمرتها .. 

فكيف يرضى العاقل عن مذهب الفلاسفة مع اختلافهم _ Lis‏ يكذب بعضهم 
بعضًا ‏ ويعرض عن البحث والنظر فى كتب الأنبياء مع اتفاقها .0 

إغا ذهل أكثر المتفلسفين عن حقائق الأشياء لعدم معرفتهم كتب الأ تبياء 
وإعراضهم عن النظر فيها » وقصور أفهامهم عن تصورها» . 


هذا فيما يتصل بالمعارف الروحية . 
أما الفلسفة المادية فإن اتجاه الغلم فى العصور الحديثة إلى البحث المباشر 
والاستقراء الدقيق أفقد هذه الفلسفات القديمة منزلتها » وجعل أكثر نتاجها لغوًا . 
tls‏ أن fats‏ من مذاهب المفكرين » وآراء الفلاسفة »> ومقالات الأدباء لا 
تعتمد على ركيزة محترمة من اليقين الراسخ ؛ بل جلها يشبه قصائد الشعراء 
الهائمين فى أودية الخيال » أو هى تصوير لمشاعر نفسية خاصة » ووجهات نظر فى 
لح لاون على و ie celine‏ لكيه او نعل ملا 
فى ميدان العقائد العامة . 
والتضارب الهائل بين ثمرات هذا اللون من المعرفة الإنسانية يجعلنا لا a‏ به 
عن هذا النطاق . 
ولو قرأت فلسفة الهنود Oleg Sly‏ والإغريق ؛ وتطورات الفلسفة الإنسانية عامة 
فى القديم والحديث ؛ لما تجاوزت “uf Le‏ حدود البحث ely Li‏ الحقيقة 
الغامضة » وشتى الفروض التى يجاقيها الصواب ومزیجا من pd‏ الغامض ` 
يعلو ويهبط ثم لا يستقر على شىء . | 
. شتان بين هذا القلق وبين المبادئ المحدودة » والتعاليم الواضحة » والأفكار المشرقة 
التى عرضتها الأديان فى بساطة تامة » كأنما تعرض المبادئ الأولى فى علم الحساب . 
yu‏ نقبل من المعارف المادية إلا ما خضع للمنطق التجريبى والرياضى ‏ كما 
قلنا ولا تقبل من المعارف الروحية إلا ما جاء على لسان نبى عرفنا بمنطقنا المادى 
ul: dilo‏ على ما يغرس فى عقولنا وقلوبنا Legs‏ يرسم لأحادنا وجماعاتنا ؛ 
Lai LY‏ بأنه مبلغ عن الله »وما جاء من عند الله فهو الحق المطلق . 
أما ماعدا ذلك فهو وهم مريب ..والتعلق به اتباع للظن » وقد نهانا الإسلام أن 
نركن إلا إلى اليقين : ( ولا تقف EI‏ 
ai‏ کان عنه مسؤولاً © (الإسراء “rt:‏ 
a oh Uy‏ من US So op gh VGN Of, BY 6 no le‏ £6 2 
ص تون عن در ورد تې وی ل مم ن طم 
(التجم (Ys YA:‏ 
ل ا ي 


أما الأنبياء فأساس علمهم الوحى . 

هؤلاء الرجال المصطفون من أبناء آدم تتلقفهم العناية من نشأتهم الأولى لتقيهم 
أوضار الطييعة البشرية » وترقى بهم صعدًا فى مدارج الكمال » وترشح قلوبهم 
الكبيرة لاستقبال ما يفد به الملأ الأعلى عن حضرة القدس . 

فإذا الحكمة تفيض من ألسنتهم » والأسوة تقتبس من أعمالهم » والنزاهة 
المطلقة تقترن بأحوالهم واتجاهاتهم . 

والوحى الذى تشرق به المعرفة على قلوب الأنبياء أنواع ومراتب . 

يبدأ بالرؤيا الصالحة فى النوم » ورؤيا الأنبياء ليست من أضغات الأحلام التى 
تترجم بها النفس عن رغباتها المكبوتة فى صور مهوشة متقطعة » كما يحدث 
لجماهير الناس! كلا » فإن الكمال البشرى الذى وصل إليه النبيون يجعل قلوبهم 
يقظة » ولو نامت أبدانهم » بعكس الدهماء الذين تنام قلوبهم ليلاً ونهارًا » فهى فى 
غفوة لا تصحو منها » ولو نشطت أبدانهم وراء أغراضها الصغيرة . 

أما أفئدة الأنبياء ؛ فكأجهزة الاستقبال المعدة لالتقاط الأنباء فى كل حين » 
وكهرباؤها المتألقة تسجل ما يقذف الملك فيها . . ثم لا تلبث أن تذيعه على 
الناس أجمعين 1 

وكانت الرؤيا الصالحة أول مطالع الوحى فى حياة محمد 6غ صاحب الرسالة 
العظمى . 

«أول مسابدئ به رسول الله كج من الوحى الرؤيا الصادقة؛ فكان لا يرى رؤّ يا إلا 
جاءت مثل فلق الصبح» . 

وقد ظل ‏ صلوات الله وسلامه عليه موصول القلب بالله فى يقظاته وهجعاته 
إلى الرمق الأخير من حياته . 

ومن الوحى عن طريق الرؤيا حدثت قصة إسماعيل » ونزل الأمر بذبحه : 


فما بلع معه السعى قَال يا بنى إِنَى أَرَئ فى المنام أَنَى أذبحك فانظر ماذًا ترئ قال 
يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين © (الصافات : ؟١1)‏ : 

ويكثر أن يكون الوحى إلهامًا - فى اليقظة- بوساطة الملك » ينضح به المعنى 
على قلب النبى فيتكلم الحق . 

وفى سنة النبى كه أمثلة كثيرة لهذا الضرب من الإلهام > سواء صرح فيه 
بخبر هذه الوساطة كما فى الحديث : «هذا رسول رب العالمين جبريل » نفث فى 
روعى أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها ء وإن أبطأ عنها » فاتقوا الله 
وأجملوا فى الطلب» . 

أو طوى ذكر الملك وأرسل الحديث إرسالاً كما فى سنن أخرى . 
,عليه وسلم - مالم يكن يعلم » وكان حظ جبريل فى ذلك مجرد النقل من لدن 
الخبير البصير  :‏ نزل به الروح الأمين © GLB e‏ لتكون من المذرين ۵ 

Boo 
(1901912) بلسان عربی مبین‎ 

وقد ينزل الوحى بتكليم الله مباشرة لعبده من غير وساطة كما تم لموسى . 
cca g AUT Yo‏ من شاطئ الواد الأيمن فى البقعة المباركة من الشّجرة أن يا 
موس إِنَى أَنَا الله رب الْعَالمين es YO‏ . . © (القصص : )©١ ١ "١‏ . 
تكليم الله لأنبيائه أمر لا ندرى كنهه » وليس على النحو الذى نألفه بين 
المتخاطبين من تكاشف ومشافهة ؛ بل كما قال الله تعالى : 
وما كَانَ NR‏ وَرَاء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحى 
BL Ue aby‏ على eu,‏ 
تدرى ما الكتاب ولا الإيمان © (الشورى : ١ه‏ 08) . 

والتصديق ur‏ الوحى ليس مما يتعاظم على العقول إدراكه . 

. وشبه الماديين dy‏ تتساقط من تلقاء نفسها » ما دمنا قد اعترفنا بأن الله حق » 


الب ee‏ يت 


وأن وجوده فوق الرَّيّب » وأن له جل شأنه ‏ أن يصطفى من عباده من يبلغ عنه 
مراده » ومن يتعهل به E‏ الشاردة ويخرجها من الظلمات إلى النور. 


وحاجة العالم إلى الرسل ماسة . 
فلو تركت أزمة الفكر الإنسانى للاجتهاد امخض ؛ لضل „AS‏ رشدهم › ولا 
اتفقوا على حقيقة واحدة تصلح حالهم ومآلهم . ا 


ونحن ننظر فى تاريخ الأرض القريب والبعيد فلا نجد مثابة تفرغ إليها الشعوب » 
وتلتمس فى ظلالها الخير والبركة إلا تعاليم الأنبياء . 

هذه التعاليم منها ما يعجز العقل عن ابتداعه لو ترك وحده » ومنها ما يمكن أن 
يصل إليه العقل بعد لأى وبعد تجارب مريرة . 

ومع ذلك يكون تصوره له غامضًا » وفكرته عنه منقوصة . 

أحسب أنه لولم تأتنا رسل من عند الله تعرفنا بوجوده » لبحثنا عن سر الوجود! 
وستصل أفكار خصيفة حتما إلى الجزم بأن هذا الكون لن يخلقه الوهم ولن ينظمه 
العدم » بل لابد من خالق موجود وقدرة منظمة . 

ولكن هذه الأفكار الصحيحة ستكون فروضًا قلقة » وقد تجرفها الآراء المناقضة › 


والمذاهب الملحدة . 
ولو استطاعت البقاء فإنها ‏ فى غيبة الوحى ‏ ستكون تخخمينات شتى » يلتبسر 
فيها الحق بالباطل . 


ومن ثم فإن بعثه الرسل كانت ضرورة إنسانية لتجنيب العالم متاعب الضرب 
فى بيداء طامسة . 

وقد أدى الرسل واجبهم فى قيادة الفكر والقلب » وورثوا الأجيال المتعاقبة 
حقائق الإيمان بالله سهلة غضة ء لا تحس وأنت تتناولها من أيديهم الطاهرة بهذا ' 
الكلال العقلى المعنت » الذى يصاحب دائمًا أفكار الفلاسفة فى تصويرهم لأسرار 
الوجود . :. 

وكما عرفنا عن طريق الرسل مبداً الإيمان بالله ؛ عرفنا كذلك الإيمان باليوم الآخر 
وما يسبقه وما يلحقه من حساب وثواب وعقاب » عرفنا ذلك على جهة اليقين الجازم! 
ولولا بلاغ الوحى لعجز العقل اجرد عن فهم النهاية المرتقبة لعالمنا الزاخر . 


0112 E 


بلى » إن المرء قد يرفض التسليم بأن هذه الحياة الدنيا هى كل شىء ء لاسيما 
وهو يرى الحزاء مبتسرا فيها . 

فكم من الأخيار والأشرار يموت قبل أن يلقى جزاء ما اكتسبت يداه » وكم من 
معارك دارت بين الأفراد والجماعات علا فيها مبطلون وهلك فيها مصلحون . 

وجور موازين الجزاء فى الدنيا يعلق الأفئدة بيوم تتم فيه النْصْفَة ويتحقق فيه العدل . 

بل إن الفطرة ‏ فيما تهدى إليه من حقائق ‏ تجعل الإنسان يستشعر معنى 
الخلود » ويستعد له فى حياته القصيرة بمختلف الأساليب . 

بيد أن رسالات السماء وحدها هى التى كشفت الغطاء عن كل ما قد يثار حول 
gota‏ و ا ded at AS a‏ الى ll hy‏ عقب 
انتهاء أيامه فى هذه الدار . 

وليست وظيفة الرسل هذا الإرشاد العقلى إلى حقائق الحياة فحسب . بل إن 
تربية الأصحاب والأتباع على هذه المبادئ من أهم ما جاءوا له . 

والتسربية (كالذوق) شىء ليس فى الكتب » إنها ليست حشو الأذهان 
بالمعلومات » ولا قيادة الحياة بالأوامر العسكرية . 

بل إن التربية الدينية التى تولاها الأنبياء » كتبوا بها صحائف جديدة فى 
التاريخ تقوم على إحداث تغير نفسانى عميق يشبه تغير الطين بعد نفخ الروح فيه . 

وذعار الجاهلية الذين عاشوا فى باديتهم عبيد شهوات ‘ ومساعر حروب فاجرة t‏ 
لم يتحولوا بين عشية وضحاها إلى حنفاء ربانيين » يقدمون أنفسهم وذراريهم 
قرابين للحق .. إلا لأن نفخة عامرة من روح النبوة المقدسة خامرت مواتهم الأدبى 
فردت عليه الحياة » وبعثته يدأب ويسعى . 

ووظيفة الرسول تقوم على إسداء العون والنصح للفرد والجماعة فى كل ناحية ؛ 
فهو يسكب من طهارة قلبه على أوضار القلوب فيغسلها » وهو يشعل من تألق عقله 
الأفكار الخابية فيضيئها » ثم يبعثها هى الأخرى لتضىء وتهدى . . 

والنبوة فى هذا المضمار لا يسبقها شىء . 

ومهما عظمت نتائج الفلسفة فلن تخطو فى هذا السبيل أشبارًا بعد أشبار حتى 
يدركها العثار! 


وا ي $$ 


العصمة 


وحياة الأنبياء تحلّق فى مستوى من الكمال » لا تهبط Af are‏ 

والمؤمن ‏ من عامة الناس ‏ تتذبذب حرارته فى مدارج الاتقاء . 

ويعتبر الحد الأسمى الذى يقف عنده هو مقام الإحسان . 

وهو «أن تعبد الله كأنك تراه » فإن لم تكن تراه فإنه يراك» . 

بيد أن مقام الإحسان » وهو آخر ما يصل إليه الناس بعد الجهد والمران » هو المرتبة 
الدنيا للأفق الذى يعيش الأنبياء فيه إذ يستحيل فى حقهم أن يسقطوا دونه . 

أما ما يرقون فيه بعد من معانى الصلة بالله فأمر لا ندرك كنهه . 

وقد قرر علماء المسلمين أن العصمة واجبة لرسل الله كافة . 

فلا يليق أن تصدر عن أحدهم كبيرة » لا قبل البعثة ولا بعدها . 

ولا تصدر من أحدهم صغيرة تخل بالمروءة أو تسقط الاعتبار. 

وقد تقع ple‏ يعاتبون من الله عليها » ويوفقون إلى الصواب فيها » ولكن 
هذه الأخطاء لا تتصل بأمور اعتقادية أو خلقية » ما يعد الوقوع فيه أمرًا شائنًا . 

بل مكان ذلك : الأمور التقديرية التى تتفاوت فيها الأنظار عادة من شئون الدنيا 
وسياسات ev‏ 1 

وقد hee eG ares peel ale ea‏ الناس به 
وبجلال ذاته » وعظمة حقو en‏ بذلت عن الوفاء بما 
ينبغى له . 

وإذا كانوا يعدون ذلك ذنويًا تتطلب الاستغفار» فليس استغفار الأنبياء عن مثل 
ما نقارف من خطايا أو نرتكب من سيئات 

وما ورد ما يوهم غير ذلك فإن حقيقته وراء أوهام العامة » وتفصيل الموضوع فى 
غير هذا المكان . 


a 


الحجرة 


من حق الاس أن يسألوا كل رجل يزعم أنه مرسل لهم من عند الله : ما دليلك 
على صدق قولك؟ 

فإذا قدم لهم الدليل المقنع على صحة رسالته » قبلوه واستمعوا له . 

وقد جاء صالح إلى تمود يخبرهم al,‏ نبی من الله »ثم يصيح فيهم : فاقوا 
me‏ 
Ä‏ يصلحوت ‏ (الشعراء : 0-۰( . 

ولكن ثمود ردوا هذا النصح ؛وطالبوا صاكًا Ll‏ لیس ¿Galo Gars‏ 
ط قَانُوا إِنمَا أنت من الْمُسَحْرِينَ 659 ما أنت a Y‏ بآية إن كنت من 
الصادقين 39 قال هذه iis‏ شرب ولكم شرب CED) phe pp‏ ولا تمسوها : 
وء „(Not Nor: AAI) GB ee‏ 

فكان.طلب ثمود معقولاً » ولذلك جاءت الإجابة عليه سريعة . 

وكانت الطريقة التى وجدت وعاشت بها هذه الناقة.» حارقة لما تعارف عليه 
القوم » ودل محياها على أنه أث رلقدرة عليا لا لقدر الئاس المعتادة . 

وهذا النوع من الاستدلال يقوم على تفهيم الناس أن الشخص الذى يحدثهم لا 
يمثل نفسه » ولكن يمثل رب الأرض والسماء . 

لذلك يعمل بقوته المطلقة » لا بقوى البشر ا محدودة . 

وقد فرع موسى إلى هذا الدليل لما كذبه فرعون فى دعواه أنه مرسل من رب 
o En‏ 


ین © © قال a 156 en x‏ 
وتزع يده 154 هى بيضاء للتاظرين 4 (الشعراء (vr Ya:‏ 


وكذلك صنع عيسى ‏ عليه السلام ‏ عندما عرض نفسه على بنى إسرائيل » 
فنبأهم بأنه رسول من عند الله سبحانه وتعالى -. . 

ثم سرد أدلته على رسالته : hl AS cell yo SI GE AD‏ فَأَنفُحْ فيه 
SE ee és ¿ll 0 1d 0‏ بنا 
(eii e a IÓ SY gd, 58505 ot‏ 

)49 : عمران‎ N) 

وقد لوحظ أن أكثر الأم ‏ برغم ما سبق إليها من آيات باهرة لم تستجب 
للحق e‏ ولم تسلم بدعوى المرسلين » لا عن قصور فى الأدلة التى تسندهم بل على 
eo.‏ 
a oa‏ | 

(ur: ne 
Er 

والدليل على صدق أية دعوى قد يكون beat‏ »أو y‏ بحقيقتها 
فى نفسها . | 

فقد يزعم أحد الناس أنه مهندس » ويقول : دليلى على ذلك أنى أستطيع السير 
بقدرتى على الماء ‏ أو الطير بجتاحى فى الهواء . 

فإذا فعل ذلك سلمناله . 

وقد يقول : دليلى على ما أقول : أن أبنى - فعلاً Be ass‏ 
أو أصل بين شاطئين - مثلاً - بجسر متين . 

فإذا فعل » فقد دل بقدرته الهندسية على أنه مهندس يقيئًا . 

oe.‏ تستريح النفس إلى هذا الاستدلال أكثر من راحتها إلى البراهين 

SANA, 

قال ابن رشد : Ys dp‏ القرآن على نبوة محمد يو ليست كدلالة انقلاب 

«pa el alge ¿il Yes Lo Lal 


فإن تلك وإن كانت أفعالاً لا تظهر إلا على أيدى الأنبياء » وفيها ما ينفع 
الجماهير من العامة ء إلا أنها مقطوعة الصلة بوظيقة التبوة » وأهداف الوخى › 
ومعنى الشريعة . | 

أما القرآن فدلالته على صفوة النبوة » وحقيقة الدين مثل دلالة الإبراء 
على الطب . 

ومشال ذلك »لو أن شخصين ادعيا الطب » فقال أحدهما : الدليل على أنى 
طبيب أنى أطير فى ا لجو . 

وقال الآخر : دليلى أن أشفى الأمر اض وأذهب الأسقام . لكان تصديقنا بوجود 
الطب عند من شفى من المرض قاطعًا » وعند الآخر مقنعًا فقط» اه . ملخصًا 
بتصرف . . . 
والتفاوت بينها واسع النطاق باختلاف البيئات التى ظهرت فيها » والرسالات 
التى اقترنت يها : ش 

وقد كان التعويل فى العنصور الأولى على الخوارق المادية فحسبء أماما 
تضمنته الأديان من حقائق فكانت منزلته ثانوية . 

حتى جاء الإسلام فغض من شأن الإعجاز المادى . . . ونوه بالإعجاز العقلى 
والقيم المعنوية للرسالات . ٠‏ 

وقرر إلى جاتب ذلك أن الخنوارق التى دعمت بها الديانات القديمة لم تمنع 
التكذيب بها أولا » فلا معنى لطلب التصديق بها آخيرا ٠‏ .. 
N op‏ إلا أن كدب بها الأولون وانينا نَمودَ الاق مبصرة 
all‏ | بها وما ¿Y des‏ يفا 4 (الإسراء : 9ه) . 

ومن ثم اتجه تأييد الأ نبياء وجهة أخرى . 





المحجزة بين الرسالة الخانمة والرسالات الأولى 


جرت سنة الله فى أنبيائه جميعًا أن يؤيدهم بالمعجزات الواضحة » وأن يسوق 
بين أيديهم من اللخوارق ما يلفت الأ نظار » ويستهوى الأفئدة » ثم ما يبنى معالم 
اليقين » وعناصر الاستقرار » ودواعى الطمأنينة فى النفوس . 

وكانت معجزات الأنبياء شيئًا آخر غير الرسالات التى يبشرون بها » ويدعون 
إليها . فطب عيسى غير إنجيله » وعصا موسى غير توراته . 

إلا أن الله شاء أن يجعل معجزة الرسالة الأخيرة شيئًا لا ينفصل عن جوهرها . 
فجعل حقائق الرسالة ودلائل صحتها كتايًا واحدا . 

وجعل من أصول الدعوة وأساليب عرضها » البرهان الأكبر لدعوى الرسالة » 
والسناد الأعظم لصدق صاحبها . 

فأى القرآن الكريم بما تتضمن من دساتير العدالة الخلقية والاجتماعية 
والسياسية » وبما تغرس فى الطبائع من آثار الأدب والتربية والاستقامة هى هى 
رسالة الإسلام ومعجزته . 

وأعظم ما فى هذه الآيات أن الفطرة الإنسانية تجد فيها مجالها الحيوى الفذ» 
وتجد فى جوها المتنفس الطلق ار . 

ومن ثم كان القرآن كتابًا إنسانيّاً » وكان نبى القرآن إنسانًا كاملاً » وكانت رسالة 
الإسلام فى موضوعها وأهدافها إنسانية بحتة . 

ولذلك توجه القرآن- مباشرة - إلى العقل البشرى يخاطبه ويفك عنه آصاره › 
ويرد له اعتباره . 

وأكد القرآن أن أصحاب هذا العقل وحده هم الذين يستطيعون فهمه وتبين معانيه . 
( انس a‏ من EEE‏ 
الألباب 4 (الرعد : 15) . 


لس 72 


بل إن أصحاب هذا العقل وحده ء هم الذين يفهمون رسالة الوجود ويفقهون 
أسرار الكون . 
EN IAS a SU BEG Bi e Of}‏ 

)۱۹۰ : عمران‎ JT) 

فلتكن إذَّا معجزة نبى الإسلام عقلية . 

ومادام البشر يحترمون عقولهم » فستبقى لهذه المعجزة قيمتها » أجل » ستبقى 
لهذه المعجزة قيمتها ما بقى العقل أنفس شىء فى الحياة » وما استلهم الناس 
عقولهم فى الحكم على الأمور وفى قيادة الإنسانية إلى آفاق الترقى والكمال . 





ger 


حاتكافرة 


غير أن هذا المنطق لم يكن ليلقى القبول الواجب له عند أعراب الجزيرة » وبقايا 
القرون الأولى 3 وصرعى الأوهام والخیالات 2 

إذ كان أقصى ما يفكر فيه هؤلاء أن يشاهدوا خارقًا يقلب البر بحرا أو ا حصب 
جديًا . 

وعندئذ يلقون السلم ويدخلون فى الإسلام . 

ولم يكن شىء من هذا الذى اقترحوه عزيرًا على قدرة الله . 

ولكن حكمة الله أبت إلا أن تغالى بقيمة العقلٍ الإنسانى الذى أرخصوه » وإنه 
لعزيز على هذه القدرة العليا أن تعطى الإنسان عقلاً يصنع col zonal‏ إذا ما اعتنى 
به والتفت إليه ثم تدرك هذا الذى أعطت يضيع عبثا » وتستجیب لرغبات 
الجاهلين الذين سفهوا أنفسهم وأفكارهم 2 وأبوا تحكيم مشاعرهم وعقولهم » وطاليوا 
بمعجزات مادية قليلة أو كثيرة لتصديق نبيهم . 

وكان لابد فى معاملة أولئك القوم من سلوك منهج يرغم آنافهم على احترام 
العقل الإنسانى لمصلحتهم ولمصلحة الأجيال من بعدهم! 

ولذلك تقرر أن تكون المعجزة الكبرى محمد صلوات الله وسلامه عليه - هى 
هذا القرآن الكريم . 

فيه كان التحدى »ء وعليه كان الرسول as‏ يعتمد فى سيرته مع خصومه 

ومن بعذه ظل القرآن كتاب الإسلام الناطق بدعوته وحجته معًا . 

إلا أن الحكمة الإلهية اقتضت أن تبث فى طريق الرسول جيل أنواعا من 
الخوارق التى أَيِّدَ بها النبيون الأولون » فجاءت هذه الخوارق تحمل طابعًا ols‏ 
ينبغى أن تعرفه حتى لا نتجاوز به حدوده الصحيحة . . هذه المخوارق ثانوية الدلالة 
فى تصديق النبوة والشهادة لها . 


والطريقة التى أرسلت بها من عند الله تشير إلى أن الحكمة الإلهية لم تعلق عليها 
كبير أهمية » ولم تغض بها من قيمة المعجزة العقلية التى انفرد الرسول 4 بها . 

فقد حدثت بجملة من هذه الخوارق بين المؤمنين الذين استقر الإيمان فى 
قلوبهم فعلاً » والذين سبق لهم تصديق النبى إل فى دعوته لأنهم أعملوا عقولهم 
واحترموا إنسانيتهم . وحدث بعض آخر أمام أعين الكافرين . 

بيد أن الصورة التى تم بها تثير الدهشة . 

إذ كانوا يقترحون معجزة فتأتيهم أخرى » أو يأتى ما يقترحون بعد سنين طوال » 
وعلى وجه يبدو منه أن إجابتهم إلى ما طلبوا لم تقصد أصلا . 

وربما تهمل مقترحاتهم كلها فلا ينظر لها قط . 
. : فما معنى ذلك؟ وما السر فيه؟ 





حقيقةالإعجازامادى 


بين الله - عز وجل - أنه فصل فى كتابه أسباب الإيمان وأسانيد النبوة كافة » 
ولكن الناس أبوا الرضا بهذا اللون من الإقناع . 
(الإسراء : 84) 
وماذا بعد أن كفروا؟ 
طلبوا أشياء معينة » زعموا أنها ‏ وحدها ‏ هى التى تدعوهم إلى الإيمان . 

ر od‏ 2 3ه EA FS 4 Soe er‏ 
> وقالوا أن نؤمن لك حتئ تفجر لنا من الأرض ينبوعا (:5) أو تكون لك جنة من 
نُخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا 50 أو تسقط السماء dat...‏ 
(الإسراء : 4 — 3( 
ودعك من المطالب التى أملاها العناد والسخف من سلسلة هذه ob,‏ 

الطويلة ثم تأمل . 
أتفجير ينبوع من الأرض ينظر إليه البشر على أنه عمل تنزل قوى من السماء 
لإتمامه؟ فما ya‏ ]5 إذا عمل القوى الإنسانية؟ 
الاك O‏ رام ل ا 
أفليس من حق الأب إذا رأى al‏ جاوز الطفولة أن يضربه على يديه »ويتركه 
يتجشم وحده مشقة السعى » واقتحام المستقبل Js:‏ أعباء الرجولة؟ 
هكذا qe‏ الله مع عباده »لقد أرضى الإنسانية فى طفولتها بألوان صارخحة من 
الخوارق » حتى إذا اشتد عودها واستوى فكرها ؛ تركها لتستخدم مواهبها الفكرية › 
فإما هلكت عن بينة أو نجت عن بينة . 


چ ر ن ج ی ی ا 


ويوم أن تعرف البشرية «العقل» فى قبول دين أو رفضه » فستعرف من تلقاء 
نفسها كيف تستغل هذا العقل فى تفجير الينابيع وتحويل رمال الصحراء إلى 
حدائق غناء . 

وهذا بعض ما طلب أعراب الجزيرة من رسول الله يه ليصدقوا رسالته! 

وقد طلبوا منه أن يرقى فى السماء » ولكن الله أحب أن يكشف لهم عن سقم 
البواعث التى توحى بهذه المطالب »ء وأن يقير فيهم الإيمان بإنسانيتهم المهدرة » وأن 
يرد الحرمة إلى عقولهم المحتقرة » وأن يعلمهم تكريم البشرية المجردة بالإيمان بنبى 
البشرية المبعوث لمد ضيائها وبسط روائها . 

ولذلك يهتف القرآن عقب هذه المقترحات : 
تقل سبحانَ َب هل كنت إلا بشرا رسولاً (الإسراء : (AY‏ 

وقد حدث بعدئذ أن رقى النبى 8 فى السماء ليلة الإسراء بعد تقديم هذه 
الاقتراحات بأمد طويل . 

فكان وقوع الارتقاء على هذا ا على أن الحكمة الإلهية لم 
تكترث قط بمطالب الكفار ولم تعرها أية قيمة 

.! وه‎ ees EN 

لم تنزل به الإرادة العليا على رغبة بشرء ولم لوطي الوا m‏ 
- غالبًا - على وقوع التحدى من إيمان أو كفران . 

بل تركت مسألة اتباع النبى 4# أو التخلف عنه موكولة إلى المعجزة العقلية 
الفريدة معجزة القرآن الكريم : 
yá y‏ شاء فليؤمن ومن AS ols‏ (الکهف : ۲۹) . 

وقد أقسم المشركون مرة أنهم يؤمنون لدى أية معجزة مادية تقع » كما يضرع 
الشاب لوالده أن يرضى نوازع طفولته ثم يسمى يعدئذ رجلا! 

فأبئ الله إلا أن يردهم إلى أفثدتهم وأبصارهم يتعرفون بها الحق » ويثبتون بها 
عليه . فإن معجزات الأرض والسماء لا غناء فيها إن لم يستنر القلب والعقل با 
es‏ الله فيهما من نور : 


A e o و‎ 


> وأفسموا بالله جهد أیمانهم ن A NT‏ 
Ley‏ شعر كم انها ذا جاءّت لا يمون 0-9 e EAS aya oral iS‏ 
يؤمنوا به أول مرة ونذرهم فى طغيانهم يعمهون.. pb).‏ 100199(« 

ويزيد هذا المعنى جلاء » قول القرآن فى تصوير موقف الكافرين » وبيان ما انطوت 
عليه أفئدتهم وأبصارهم من عناد وغباء : 


Oa CS 1S OD Ogee a aa ld | ابا من‎ ego Lins “yd 
. )15- ١5 أبصارنا بل نحن قوم مسحورون © (الحجر:‎ 

فماذا تجدى المعجزات المادية مع هؤلاء؟ 

; قلوبهم وعقولهم‎ SAY Is le وهم‎ 

وهم لو تفتحت قلوبهم لاكتفوا بالقرآن آية لا تعلوها آية ومعجزة لا تدانيها معجزة : 
et‏ الذين ارتدوا علَئ أدبارهم من 


م ق 


. (10. ee 





النبىالإنسان 


ولئن كان القرآن هو الكتاب الذى يصور للإنسانية آفاق كمالها . إن محمدً) 
- صلوات الله عليه وسلامه ‏ هو الرجل الذى حقق فى شخخصه ء وفى آثاره أعلى 
ما تنشده الإنسانية من قبل . ¡ES‏ | 

فقد رفع شأن «الضمير» عندما أعلن أن التقنوى تستقر فئ القلؤب الزكية ولا 
تغنى عنها قشور العبادات » وثبت قيمة العقل » وجعله أصل دينه . Ä‏ 
وأسس عليه المسلمون حضارة متشعبة الثقافات والفنون » وصلت ما انقطع من 
تراث الإنسانية الفكرى » وكانت البذور المنتجة التى أورثت العالم حضارته | الحديثة! . . 
ثم إن هذا النبى و هو احور الأول للانسان » والمقور الأول لحرية العقل 
والضمير . . لقد جعل الكون كله مستحرًا لنشاط الإنسان الذهنى والبدتى ٠  .‏ 
وجعل الإنسبان سيد فى نفسه » سيدا لعناصر هذا العالم » عدا لله فقط فلا 
سلطة البتة oss‏ السياسات والديانات . 

ونبى الإسلام عربى » ولكن الدين الذى جاء به لا جنسية له . 

وأى جنسية لدين يخاطب العقل حيث كان » ويبنى أدلته على النظر فى فجاج 
الأرض والسموات ؟ 





بين النبوة والعبقرية 


تاريخ البشر حافل بأسماء الكثيرين من أصحاب المواهب الرفيعة » 
والكفايات الضخمة . 
وعتهم الإنسانية فى ذاكرتها » وسجلت لهم فى صحائف الخلود ما قاموا به من 
أعمال جليلة . 
وروت للأجيال آيات مجدهم وآثار نبوغهم لتكون منه عبرة حافزة . 
والعظمة قدر مشترك بين ألوف من الناس » ظهروا فى شتى ee‏ 
ودفعهم امتيازهم المعنوى إلى اعتلاء القمة . 
إلا أن العظماء يتفاوتون فيما بيتهم تفاوثًا بعيد المدى . ' 
ألا ترى كواكب السماء وتنجومها؟ إن بعضها أكبر من الآخر ألف.ألف مرة . 
ومع ذلك فالدرارى الصغيرة ليست من الحصى والجنادل! . 
فإذا فحصنا تواريخ العظماء » وفيهم الأنبياء من مبلغى الوحى ؛ وفيهم الفلاسفة 
من قادة الفكر› وفيهم الخترعون من علماء الكون » وفيهم الزعماء من قادة 
الجماهير » وفيهم الأدياء من حملة القلم » وفيهم ٠‏ وفيهم . 
فإن هذا التمحيص وما يستتبعه من موازنة وترجيح » لا يميل بقدر أحد مز 
أولئك العظماء من الحد الذى يهوى فيه إلى منازل السوقة . ' 





كثيرًا ما تكون العظمة امتدادًا فى موهبة من مواهب النفس . 

بل كثيرًا ما يكون هذا الامتداد على حساب المواهب الإنسانية الأخرى . 

فإما أصابها بالضمور والشلل » وإما رد النواحى الأخرى من شخصية العظيم إلى 
مثيلاتها فى سائر الناس . 

بل قد تكون أبعد سقوطًا وأشد ضراوة . 

ومن هنا لا تعدم فى سيرة كل عظيم من أولئك المشهورين نقطة سوداء » وجانبًا غائما . 

. ولكنه كان ساقط الخلق » فاحش العذر‎ AMO 

كان (جاك روسو) أديبًا ثائرا» من أعظم واضعى دساتير الحرية فى العالم ؛ 
ولكته كان معوج السلوك ء هزيل الشرف . 

وكان (بسمارك» داهية فى السياسة لا يبارى » وكان كذلك كذابًا مزورا . . 

وهناك من الفلاسفة والشعراء والمفكرين والخترعين من تفجؤك فى أحوالهم 
وأعمالهم أمور شائنة تستغرب كيف يصدر مثلها عنهم!! 

وهم مع هذا كله عباقرة ؛ لأن إنتاجهم العلمى والأدبى ؛ وتراثهم الرائع الفريد 
يسمو بهم فوق مستوى العامة . 

والذين طهرت سيرهم من هذه الشوائب » وتراهم مبرزين فى ناحية » ومعتادين 
فى ناحية أخرى » أو مرضى با يفسد عليهم أفكارهم : 

فأبو العلاء الأديب الرقيق المتشائم » لو وهب معدة قوية » أو بصرًا حاداً لكان 
لفلسفته اتجاه آخر غير التبرم بالدنيا » وتسخط الوجود فيها . 

ومن أعظم زعماء العلماء من تراه أسير عقدة نفسية » أو شذوذ جنسى ء أو أثرة حادة! 

ومنهم المصابون بجنون العظمة وتقديس الذات » وكراهية شىء معين أو محبته ؛ 
ولذلك تتسم حياتهم بالنقائض الموزعة على جانب مستور منهم » وجانب مكشوف 
للجماهير لا غبار عليه . 


Ba ui an un ale a u 


وقد اعتبرت الحضارة الأوربية هذا التناقض شيمًا عاديًا مألوفا . 

ومن ثم أباحت للعظماء أن تكون لهم شخصية مزدوجة . 

ورأت أن تنتفع الأمم بمواهبهم , وأن تتجاوز لهم سقطاتهم urn de.‏ أن 
لانلسن» مات وهو يختلس عرض غيره » ولكنهم يغضون الطرف . 

ويعرفون أن «تشرشل» خان عهودا شخخصية واجتماعية » بيد أنهم يتعامون عنها . 

فلندع هذا الفريق المعدود من زعماء العالم ولترتفع . 

أجل لنرتفع ratte GAS‏ إلى مستوى أكرم وأطيب » ولنتكلم عن صنف آثخر . . هم : . 





الأننئياء 


لعن كانت العبقرية امتدادًا فى موهبة واحدة » أو فى جملة مواهب » إن النبوة 
امتداد فى المواهب كلها » واكتمال عقلى وعاطفى وبدنى » وعصمة من الدنايا 
ورسوخ فى الفضائل » وعراقة فى النبل والفضل : 
en en‏ 
a EL ia py ip SS]‏ 
فالذين يرشحون للنبوة يُصطفون لها اصطفاء . 
قلوب نقية تربطها بالملأ الأعلى أواصر الطهر والصفاء . 
وعقول حصيفة ناضجة لا تنخدع عن حقائق الأشياء » ولا يصيبها ما أصاب 
كبار الفلاسفة من شرود وعماء . 
وأجسام مبرأة من العلل الخبيثة » والأمراض المشوهة أو المنفرة . 
وصلة بالناس قوامها البر والخير . 
فليس يتصور فى حق نبى لله » أنه أخل بحق المروءة والتفضل » بله أن يرتكب 
ما يخدش الشرف ء أو يقدح فى العصمة! 
ثم إن الرسل أمناء على الوحى السماوى والهداية الإسلامية . 
فكلامهم حكمة » وحياتهم أسوة ؛ سريرتهم وعلانيتهم سواء . 
«ليست لأحدهم صفحة مطوية وصفحة مكشوفة» . 
طرائق معيشتهم الخاصة كمناهج دعوتهم العامة » تنضح عفافًا واستقامة . 
ظلوا بين الناس ما شاء الله فكانت مجتمعاتهم بركة » ثم قبضوا فخلفوا أقدس 
مواريث » وأقدس تركة . 
وحسبك أنهم خيرة الله من خلقه . 
الله أعلم حيث يجعل رسالتَه 4(الأنعام : 4 . 


A‏ ني 


ay Sl ¿o ias ly‏ ومن الاس إن اله سميع els TE) pet‏ ما بين 
أيديهم sls gil by‏ الله ترجع الأمر : (V1 vo‏ . 

وأقدار الرسل تتفاوت سناء وسموا . 

فالرسول فى قبيلة محدودة » أفضل منه الرسول لمدينة فيها مائة ألف أو يزيدون » 
أفضل منه الرسول لشعب بأسره . 

وصاحب الكتاب المستقل أفضل ممن يحكم بشريعة سابقة . 

ولا نزال نرقى فى مراتب العظمة ء ولا نزال نحلق صعدًا نحو القمة » ولا نزال 
نقطع أشواطًا بعد أشواط فى مدارج الكمال البشرى » حتى نصل إلى مستوى 
تنحسر دونه أبصار العباقرة مهما طمحت » وتتطامن عنده أقدار الأنبياء مهما 
عظمت » لنجد ضاحب الرسالة العظمى إلى خلق الله قاطبة » ملتقى الفضائل 
المشرفة » ومظهر المثل العليا التى صورتها الخيالات ثم صاغها الله إنسانًا يمشى 


على الأرض مطمفتا . 

ذلكم هو محمد بن عبد الله و وذلكم منزله بين عباقرة Au‏ 
الوحى! 

أفق للمجد يزهو على كل أفق » وتسطع فيه أشعة متموجة OH HL glas‏ 
والرحمة والعقل والفراسة والحكمة . 

هيهات هيهات أن يدرك كنه ذلك أحد» فالعظيم Y‏ رنه te pe‏ ومن 
كمحمد فى الثانن؟؟ 


كيفاترقى رقيّك اا ياسماءٌماطاولتها سمساءم 
“chai 9 pend go le Le > een 9 Be by 9‏ : 





مسد الخئام 


كان المرسلون الأولون مصابيح تضىء فى جوانب الليل الذى ألقى بجرانه على 
أنحاء الدنيا . 

فلما بدأ فجر الإنسان ينشق نشو , عنه الظلام » وبدأت أشعة الرسالة العامة تتهادى 
فى الأفق ؛ انتقل العالم من عهد إلى عهد : 

لاتذكرواالكتبالسوالف قسيله طنع الص باح قاطفا القنديلا 

والكلام فى عظمة الشخصية التى حملت sus‏ هذه الرسالة يطول 6 وحسبنا أن 
الله - عز وجل - جمع فى سيدنا محمد us‏ من شارات السيادة والنبالة ما تفرق 
فى النبيين من قبل . 

ولقد ذكر الله أسماء ثمانية عشر نبيًا » فهم أولو العزم وأصحاب الرسالات 
الأولى 3 ثم قال : 
أولتك الذين آتبناهم الكتاب والْحكُم والتبوَة فَإن يكفر بها هؤلاء فَقَد وَكُلنا بها 
a e‏ الّذين هدى الله فبهداهم افده فل لأ أسألكم 
عليه اجر إِنْ هو إلا ذكرى للْعالّين (الأنعام : )٠١ » ۸٩‏ . 

وهذا الأمر بالاقتداء كان ماثلاً فى ذهن النبى بيو وهو يقوم بتبليغ الدعوة . 

فلما طعن أحد المنافقين فى تصرف له » وهو يقسم الغنائم قائلاً : هذه قسمة ما 
أريد بها وجه الله ؛ كظم النبى e‏ غيظه وقال : «رحم الله موسى لقد أوذى 
بأكثر من هذا فصبر» . 

من ثم قال المفسرون فى شرح هذه الآية : إنها تومئ إلى فضل Be Syme‏ 
على من سبقه . 

فإن خصال الكمال التى توزعت عليهم التقت أطرافها فى شخصه الكريم 

كان نوح صاحب احتمال وجلد وصبر على الدعوة . 


A ا‎ 


وكان إبراهيم صاحب بذل وكرم ومجاهدة فى الله . 

وكان داود من أصحاب الشكر على النعمة » وتقدير آلاء الله . 

وكان زكريا » ويحيى » وعيسى من أصحاب الزهادة فى الدنيا » والاستعلاء 
على شهواتها . 

وكان يوسف بمن جمع بين الشكر فى السراء » والصبر فى الضراء . 

وكان يونس صاحب تضرع وإخبات وابتهال . | 

وكان موسى صاحب شجاعة وبأس وشدة . 

وكان هارون ذا رفق . 

حتى تنظر إلى سيرة محمد BE‏ بعد هذه السير السابقة فتراها كالبحر 
الخضم تصب فيه الأنهار: 


u,“ ا‎ e - 8 o. e a aa 





موث لالبطولات 


من ذوى المواهب من يعيشون فى عزلة قصية عن الجماهير » ويؤثرون البقاء فى 

ومنهم من يلقى بنفسه فى معترك الحياة ومعه عدة النجاح » مع عمق النظرة » 
وذكاء الفكرة 6 والبصر النافذ إلى أدواء الشعوب وأدويتها 5-5 

غير أنه مع هذه المواهب الجليلة ضيق العاطفة لا يألف إلا القليلين يمن هم على 
شاكلته فى المزاج » أو ممن يتفقون معه فى الأهداف . 

ومن العظماء من أوتى امتدادًا فى شخصيته » وبسطة فى مشاعره تجرف الناس 
إليه وتعلق القلوب به . 

ولسنا نقصد بهذا قوة السيطرة على العامة » والقدرة على تحريكهم وتسخيرهم › 
كلاء كلا . 

» هذا النوع من العظماء الذى يلتف به أصحاب الكفايات الكبيرة‎ Las is 
. ويرمقونه بالإجلال » ويقدمونه على أنفسهم عن طواعية واختيار‎ 

ولقد ظهر أفراد قلائل من زعماء الشعوب على هذا الغرار الفذء وتركوا فى 

على أن الإنسانية لم تعرف فى ماضيها الطويل ‏ ولن تعرف ‏ رجلا وقره 
الأبطال وكرمه العظماء » وانطبعت محبته فى شغاف القلوب » كما عرف ذلك فى 

كان أصحاب الشجاعة فى القتال يحبونه لأنه أشجع منهم حين تحمر GAL‏ 
ويشتد البأس . 

وكات أصحاب الحذق فى السياسة والتدبير يحبونه لأنهم يرونه أكثر منهم مرونة 
وأرحب أفقا . 


مب يم 


وكان الأجواد الأسخياء يرونه وقد ملك واديّا من الإبل والغنم فمأ غربت عليه 
الشمس إلا وهو منح وهدايا للطالبين والراغبين . 

digg, LAI IIS,‏ صوامًا » والزهاد يرونه عفيقًا مترفعًا » وأصحاب البيان واللسان 
¿Lan Era 4‏ | 

وهكذا ما عرف أحد من العظماء ميزة فى نفسه يفخر بها إلا وجد رسول الله 
$5 على خحلق أعرق منها وأرقى . 

ولذلك يرفع إليه بصره مثلما يرفع الناس أبصارهم إلى القمم الشواهق التى لا 
تنال!! ومع هذا الجلال الفارع » وذلك الامتياز الرائع » فقد كان هذا الرسول الأمين 
قريبًا بسهولة طبعه من كل فرد . 

فما يعز مناله على أرملة أو مسكين . 

بل بلغ من اتساع عواطفه وتدفق مشاعره » أن كل فرد كان يحس فى نفسه أنه 
آثر الناس عند al‏ وأعزهم عليه . 

كالشمس ترسل أشعتها فيستمتع الجميع بها » ويأحذ كل امرئ حظه من 
الدفء والحرارة والمتعة » لا يحس بأن أحدًا يشاركه فيها أو يزاحمه عليها . 

كذلك كان محمد ياغ مع صحابته » يأوون من نفسه الكبيرة إلى كنف رحيم ٠‏ 





الوصفبالعيفرية 


يقولون : إن النبوة هبة لا كسب » وفضل يغدق » لا نصيب يطالب به ويسعى 
إليه » وهذا حق أهم iy‏ يقسمون رحمت ربك ) (الزتحرف : 87) ‘ ald‏ عندهم خزائن 
لدم شتوو لهك سودي قات بهم بيرم 

(YAc ۳۷: (الطور‎ ۰ 

بيد أن هذا الخير لا ينزل اتفاقًا » ولا يدرك اعتباطًا! 

وقد حاول شاعر فى الجاهلية بكثرة ة الكلام فى الإلهيات أن يكون 15 
ففشل . وتوقع نفر من الأحبار والرهبان أن يصيبوا هذا الشرف » ففاتهم مع تشوقهم 
إليه ورغبتهم فيه ٠‏ . 

إن الله سبحانه وتعالى ‏ يختار لهذا المنصب العظيم أهله!! 

ومن ظن أن العصمة تمنع امحنة والابتلاء » أو أن الرسل الكرام ليسوا أكثر من 
حملة وحى » وظيفتهم التبليغ جرد ؛ كأن أحدهم مكبر صوت تنفخ من ورائه 
«ISSN‏ فليست له مواهب 3 ولا استعداد خاص 2 ولا امتيازات رفيعة . 

من ظن ذلك فققد ضل فى فهم المرسلين » وجهل ما حباهم الله به من خلال 
تجعل أعظم فلاسفة الأرض لا يصل إلى مصاف أقدامهم! . 

إن الكتاب الذين ألفوا فى سيرة ة النبى as‏ ووصقوه بالعبقرية يمكنتا أن نقبل 
منهم هذا الوصف بحذر وبقدر . 

نقبله إذا كان القصد منه كشف النقاب عن معالم العظمة الشخصية » وإلقاء 
ضوء على البطولة الأدبية لأولئك المصطفين الأخيار . 

ونقبله إذا كان القصد منه الاعتراف يبد الوحى الذى يصل المادة بما وراء المادة » 
وهذا هو أساس التبوة الأول . 

ونرفضه إذا كان وصقا لعظمة إنسانية معتادة تسلك صاحبها مع غيره من رجال 


التاريخ البارزين . 
ذلك موقف المسلم من جمهرة المؤلفين والمؤرخين من كتبوا فى حياة النبى 


em 


الإيمانبالنبواتكلها 


جعل- سبحانه وتعالى- التصديق برسله كلهم Es,‏ فى الدين ‘ 0,3 eae‏ 
بذاته المقدسة فأصبح الإيمان بهم Gun‏ للإيمان به . 


33 


9 آمن الرسول بما أنزل إِلَيه من ربه والمؤمنون كل آمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله 
rat aj; E a ly a al A‏ 
(YAo : 5,231)‏ 

والإيمان محمد رسول الله ولغ هو الشطر الثانى من شهادة الإسلام » لا يصح 
إيمان إلا به . 

» كان للإيمان بالنبوات هذه المنزلة ؛ لأن معرفة الله على وجهها الصحيح‎ Lay 
. وفهم ما يريده لعباده » ويطالبهم به إنا يكون عن طريقهم وحدهم‎ 

والارتباط بالوحى الذى شرفوا به » والأسوة التى تؤخذ منهم . 

ومن ثم يقول الرسول الكريم يغ : «لن يؤمن أحد كم حتى يكون هواه تبعًا 
لما جشت به» . 

ET Suit ath CY: os a dy 
(Ve ٠ : (الأعراف‎ 4 age (pal 

E 

وسريان الفساد إلى الديانتين الكبيرتين السابقتين على الإسلام » اليهودية 
والنصرانية » وما طرأ عليهما من تغيير » وداخل كتبهما من تحريف » جعل الإسلام 
هو الطريق الفذ للإيمان السليم . 

فمن كتاب محمد يلغ وحده ‏ ومن سنته وحدها يفضى الناس إلى الحق . 

والأبواب إلى الله فى عصرنا هذا » مهما وقفت عليها فى اليهودية أو النصرانية » 
فلن تفتح لك مغاليقها . 

ef 


ونهجه الخالد وقرآنه امحفوظ » وستته المصون . 

فتعرف ربك عن يقين » وتعرف ما يكلفك به من غير تزوير ولا تحويرا 

من أجل ذلك اعتبر الإيمان بمحمد 88 شرطًا لصحة الإيمان بالله . 

do A سبال‎ ti ab 
EEE SCENE ذل با‎ E 
AÑ (محمد‎ lla al O as Só من‎ 

ولا تحسين هذا غلوًا فى تزكية مخلوق » أو افتيانًا على حق GIA‏ أو تبنيًا على 
أتباع الرسل الأولين . 

› عيسى وموسى - صلوات الله عليهما - سارا بالناس إلى الله على بصيرة‎ OLS 
. وهم لا يدرون ما فعل أشياعهم من بعدهم‎ 

ولو عادوا إلينا أحياء لكانوا Jal‏ من يبرا من الكتب المدسوسة pele‏ 4 وأول من 
يستمع why‏ الذكر الحكيم ويبادر إلى تنفيذ أحكامها ووصاياها . 

ثم إن الله لما ضم الإيمان برسله إلى الإيمان به » جعل الكفر بواحد منهم DAS‏ 

. لا - وبهم جميعا‎ 
يكفرون بالله ورسله ويريدون ؛ أن يقَرقُوا بين الله ورسله ويقولُون تؤمن‎ wally 
en a Sy sn 
la ee Le a a دنا‎ aE 
. (1oY_t00: act) Di 06% gel gah Bu ead fg 

ومحمد ولق خام المرسلين » أكمل الله به صرح النبوات وم به حقيقة الرسالات ٠‏ 

«إن مثلى ومثل الأنبياء قبلى كمثل رجل بنى بنيانًا فأحسنه وأجمله إلا 


موضع لبنة من زاوية من زواياه » فجعل التاس يطوفون ويتعجبوك له ویقولون : 
هلا وضعت هذه اللبنة؟ » فأنا a!‏ » وأنا خام النبيين» ‏ 


aE 


فإذا جاء من يدعى النبوة بعده فهو كاذب » ومن صدقه فى دعواه فهو كافر. 

وقد ظهرت:طوائف من الحمقى تتبع رجلاً اسمه البهاء يدعى النبوة » ويطوون 
نحلتهم وراء قناع من التمسح بالإسلام » وإظهار التصديق به وبغيره من الأديان › 
وهم ليسوا من دين الله فى شىء . 

وبهاؤهم دجال » وتعاليمه زور وبهتان » وليس بعد القرآن وحى . 
ay la y‏ الْحَقّ إلا الضّلال )(بونس : )٠۲‏ . 

وقد حذرنا النبى يي قبل موته من هؤلاء الخرفين قال : 

«يكون فى آخر أمتى أناس دجالون كذابون , يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم 
ولا آباؤكم . فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم» . 

وفى حديث آخر: «أنه سيكون فى أمتى ثلاثون كذابًاء كلهم يدعى أنه 
نبى » وأنا خخاتم النبيين لا نبى بعدى! ء ولا تزال طائفة من أمتى على الحق لا 
يضرهم من خالفهم حتى يأتى أمر الله وهم على ذلك» . ْ 

u. 


وقد عرفنا رسول ANG al‏ عن أمور تتصل بعقائدنا لم تكن عقولنا لتستطيع 
وحدها أن تدركها أو تعى تفاصيلها » وهى تتعلق le‏ وراء الحياة من غيوب ٠‏ 

وقد قلنا : إن العقل المجرد قد يعرف أطرافًا منها بالتأمل والنظر . 

ولكن المعصوم قد أعطانا عنها فكرة كاملة » فسندرسها عن طريقه »ونۇمن بها 
تبعًا له » فهى مما جاء به . 








هذ الحياة 


قبل أن نأتى إلى الحياة الدنيا » كم سبقتنا من عصور؟ 

وبعد أن نغادر هذه الحياة » كم ستعقبنا من أجيال؟ 

وما نسبة هذا العمر ا محدود بين ما سبقه وما لحقه من أزمنة؟ إنه قليل قليل » 
ولكن من هذا القليل الممنوح لى ولك » تتكون الحياة الدنيا!! 

من هذا الظهور الحفوف بالفناء قبله والخفاء بعده تعمر الأرض! 

فى طريق الحياة الممتد يجرى جيل من البشر ولا يزال يجرى » حتى إذا نال منه 
الكلال وأدركه الإعياء مات . 

وقبل أن يخلو الطريق من الأنفاس اللاهثة ات اللاغبة ينبت جيل آخر 
يستأنف السعى » ويمثل الدور نفسه . 

ويُسحب الجيل المنهوك » فيلف فى الأكفان » ويوارى فى التراب . 

وينفرد اليل الحديد بالسعى » حتى إذا لحقه ما أصاب سلفه » سحب - كذلك 
- وجىء بآخرين » وهكذا دواليك . 

هذه هى مواكب الحياة . . عمل متواصل من أعمار متقطعة! 

والعجب أن هذا العمل الموصول يسخر من القائمين به » فهم لا يحسبون 
أنفسهم حلقة من السلسلة المتقطعة المتراخية مع الأمس . والمتطاولة مع الغد . 

بل إن الواحد منهم يخدعه الغرور » فما يفكر أنه جديد على الدنياء وأنه - كما 
ظهر فيها فجأة - سيختفى بغتة . 

كلا إن الغرور يخيل إليه أنه كان من الأزل وسيبقى إلى الأبد !! 

فإذا جاءه الموت دهش لمقدمه » كأن الموت حدث غريب . 

غير أن الدهشة لا تدفع اليقين e‏ وكذلك يترك الإنسان الحياة الدنيا . 


اف 


من الخير للمرء ‏ وهو فى صحته البدنية ويقظته الذهنية ‏ أن يعرف طبيعة الدار 
التى يعيش فيها » فلا يبنى طباقًا عالية على دعائم منهارة . 
لكن ما معنى ذلك؟ 
أهذا فقط كل حظ الإنسان من الوجود؟ 
ونبادر إلى الإجابة الحاسمة : لا . 
لعن كانت الحياة على ظهر الأرض بهذه المثابة » إن الحياة التى تليها هى الأمل 
الأسمى والحظ الأوفر. 
ولو كان العيش فى هذه الدنيا هو كل Leg‏ ؛ لكان الانتتحار العاجل أولى 
إن الدار الآخرة ھی الحيوان ‘ والاستعداد لها هو وظيفة العقلاء is‏ هذه الفترة 
خُلقَّالناس للب قاءف ضلّت il‏ سلب وتهمللتفاد 
إنمايُنقلون من دار A AGA Y er‏ 
Cámad‏ هو الذى يوزع اهتمامه على كلتا الدارين بقدر ما تستحقانه » فيجعل 





ماوراء الحياةالدنيا 


يعلم الناس جميعًا أن الموت نهاية حاسمة لكل حى » ومصير لابد أن ترده كل 
نفس . ولكن أكثرهم يأخذ عن الموت فكرة غامضة » ويكون له صورة مخلوطة مشوهة . 

ينال الإنسان منها ما ينال الدواب النافقة » تحت أكوام التراب » أو الأنعام المهضومة 

فى بطون الآكلين! ثم لا شىء بعد ذلك . 

وهذا ضلال بعيد . . فليس الموت فناء ولا شبه فتاء . 

: ! كان الموت نومة طويلة » كما أن النوم الذى نعرفه وفاة قصيرة‎ Le, 

وقد جعل القرآن الموت قسيمًا للنوم » وجعل الحالتين أعراضًا للأنفس لا تتأثر كثيرا بها . 
ee re dei‏ 
الموت ويرسل الأخرئ إلى (ev) o e‏ 

ولثئن كانت الروح تفارق السد إلى حين »إن ذلك لا يغير من حقيقة الإنسان شيئًا . 

فالجسد كالثوب » يكتسى الإنسان به ويعرى عنه » ولا مدخل له فى جوهره . 

ولا يجوز أن نعد الموت إلا انتقالاً من مكان إلى مكان » لا ينقص فيه إدراك المرء 
لحقائق الوجود شيثًا » ولا يخف إحساسه بها بل قد يتضح ويزيد . 

ولو فهمنا تلك الحقيقة لما اكترثنا للموت » ولا تهيبنا الإقبال عليه » ولما شعرنا 
بالتوجس من بوادره ومواطنه . 





ال ». 


لا يكاد المرء يترك دنيانا هله. حتى يبدأ حسابه » ويظهر ثوابه أو عقابه ».وقد 
ساق لنا القرآن الكريم طرفًا من أحوال الناس فى هذه المرحلة من pe‏ الآخرة » 
فهو يقول عن الكفار من آل فرعون : 
«التاريعرضون عليها عدوا وعشيًا ويوم تقوم الساعة أَدخلوا آل فرعون شد 
chil‏ #(غافر: 41) . 

ويصف نعيم الشهداء » وترقبهم لإخوانهم وأبنائهم كى يقدموا عليهم 
ويشاركوهم فى السعادة التتى غمروا بها : 
id aud God‏ فى A de‏ عند A e‏ 
فُرحين بما آتاهم الله من فضله وَيَستَبْشْرون بالذين لم يلُحقوا بهم من ego‏ 
{ve na: ee‏ 

وبوادر الشر أو بواكير الخير تظهر فى اللحظة Le‏ من عمر الإنسان على آخر 
منازل الدنيا وأول مراتب الآخرة . 

فقد جاء فى السئّة أنه فى تطمين المؤمن حين يحتضر نزل قوله تعالى : 
yall Sy‏ قَالُوا ربنا الله نم استقاموا تسَزّل MiS elo‏ تَحَافُوا ولا تحزنوا 
نشوا A‏ (نصت: .0 . 

كما أن lil pi‏ الأليم تواجه الفسّاق والظلمة فى تلك الساعة الحرجة . 
ds)‏ ترئ إذ الظّنُونَ فى غَمَرَات الْمَوت وَالْمَلائكّة باسطوا أيديهم أَخْرجوا 
أنفسكم ايوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير احق وكنتم عن 
آياته تستکبر ون (الأتعام (r:‏ . 


A a lh L053 
) الله يس بعلم ليد‎ Of, أَيْدِيكُم‎ eats عذاب الحريق © ذلك بم‎ 
(01 < ه٠‎ : (الأنفال‎ 
جزاء تفريطهم فى الواجب‎ Y) وللعصاة من المؤمنين حظهم من المتاعب‎ 
. واستهانتهم با حرام‎ 
: وقد جاء : أن النبى 6لا مر على قبر دفن فيه شخصان » فقال‎ 
«يعذبان وما يعذبان فى كبيرء كان أحدهما لا يستبرئ من بوله . وكان‎ 
. الآخر يمشى بالنميمة بين الناس»‎ 
A al والأدلة على ثواب القبر وعذابه كثيرة » تتضافر على إثبات أن قبل‎ 
مقدمات تحفل بالبشرى » أو تطفح بالإنذار.‎ 
إن‎ ٠ وفى الحديث : «إن أحد كم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى‎ 
. . كان من أهل الجنة » فمن أهل الجنة . وإن كان من أهل النار فمن أهل النار‎ 
. فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة»‎ 
ala SA إن الموت  على الحقيقة‎ 
. كالطفولة والرجولة والكهولة‎ 
. إلا أن هذا الطور يمتاز بأن الروح فيه أقوى إدراكا وأصدق حسًا‎ 
ولو تصور المقدمون على الانتحار أى حياة يقبلون عليها » أو أى مرحلة يصيرون‎ 
. إليها لفكروا طويلا » قبل أن يرتكبوا حماقتهم‎ 
إنهم يريدون  بفعلتهم الشنعاء  أن يفروا من الشعور بالضيق » ومواجهة النتائج‎ 
. امحزنة إلى عالم يحسبونه خاليًا من الشعور . . . ومن رؤية العواقب امحذورة‎ 
وما دروا أن قوام العالم الجديد الذى يقتحمون أسواره هو الإحساس المضاعف‎ 
. ومجابهة شتى النتائج‎ 
. وفكرة الكثيرين عن الموت تغلب عليها الجهالة والكفران‎ 
فى نظرهم  مكان يخيم عليه الصمت والظلام  وتعبث فيه الديدان‎  ربقلاو‎ 
ale 


A a un 


ولسنا نتجاهل هذا المنظر dy es‏ أنه النهاية الحاسمة للعواطف 
الحياشة بالخير » والمشاعر المهتاجة بالشر» وما انبنى على هذه وتلك من حضارات 
el plas y Olas 9‏ 

إن هذا المنظر يخفى وراءه ‏ فى عالم لا ندريه ‏ سهولاً فسيحة تحفل بالأزهار 
والنوؤار» وتفوح منها العطور المنعشة أعدها الله للمؤمئين الصالحين : 

وثم slay‏ أخرى y‏ فيها الأنفس الشريرة »> وتگن تحت وقع المطارق المنهالة 
والمقاطع ala‏ » أعدها الله للفاسقين عن أمره 3 الظالمين لخلقه . 
المتصلة بهذا العالم dl‏ » حتى ليكاد سامعوه يروك آفاقه él;‏ العين » الصحو 
منها والنائم . وذلك حتى يؤسس فى أفئدتهم يقينًا بأن الموت المرتقب مرحلة تلى 
هذه الحياة كما تلى الرجولة الطفولة . 

وإن وقفة مفاجئة لوجيب هذا القلب الدائب الخفقان » ترمى بالمرء فى أحضان 
هذا العالم الحق . 

“er 

وإليك هذا الوصف المفصل لمقدمات اليوم الآخر كما يعرفنا به رسول الله as‏ : 
«أن العبد المؤمن إذا كان فى انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة» نزل عليه ملائكة من 
السماء بيض الوجوه؛ كأن وجوههم الشمسء معهم كفن من أكفان الجنة» وحنوط من 
حنوط الجنة» حتى يجلسوا منه مد البصرء ويجىء ملك الموت.عليه السلام .حتى يجلس 
عند رأسه فيقول: ْ 

أيتها النفس الطيبة» اخرجى إلى مغفرة من الله ورضوان. 

قال: فتخرج فتسيل كماتسيل القطرة من السسّقاء فيأخذها. 

فإذا أخذهال يدعوهافى يده طرفة عين» حتى يأخذوها فيجعلوها فى ذلك الكفن 
وفى ذلك الحنوط» ويخرج منه كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض. 


قال: فيصعدو ن بها فلايمر ون على ملأمن اللائكة إلا قالوا:ماهذاالروح الطيب؟ 


واو س 


فيقولون: فلان ابن فلان» بأ حسن أسمائه التى كان يسمّى بهافى الدنياء حتى ينتهوا 
بها إلى السماء الدنياء فيستفتحون له فيفتح له. 
فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التى تليهاء حتى ينتهى بها إلى السماء 


السابعة. 
فيقول الله.عز وجل.: اكتبوا كتاب عبدى فى عليين» وأعيد وه إلى الأرض فى 
Dub‏ 


فیأتیه ملکان فیجلسانه» فيقولان: من ربك؟ فيقول: ربى الله» فيقولان: مادينك؟ 
فيقول: دينى الإسلام . 

فيقولان: ماهذا الرجل الذى بعث فيكم؟ فيقول:هو رسول الله فيقولون: مايدريك» 
فيقول: قرأت كتاب الله, وآمنت به وصد قته. 

ادى نوالا :ان قدصدق عبدىء فأفرشوه من الجنة, و افتحواله بابا إلى الجنة. 

قال: فيأتيه من روحها وطيبهاء ويفسح له فى قبره مد بصره. 

قال: ويأتيه رجل حسن الوجه؛ حسن الثياب» طيب الريح» فيقول: 

أبشر بالذى يسرك هذا يومك الذى كنت توعد. 

فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه الحسن يجىء بالخير» فيقول: أناعملك الصالح. 

فيقول: رب أقم الساعة» رب أقم الساعة! حتى أرجع إلى أهلى ومالى. 

وإن العبد الكافر إذا كان فى انقطاع من الآخرة وإقبال من الدنيا؟ نزل إليه ملائكة 
سود الوجوه؛ معهم المسوح, فيجلسون منه مد البصرء ثم يجىء ملك الموت حتى يجلس 
عند رأسه فيقول: ْ 

أيتها النفس الخبيثةء اخرجى إلى سخط من الله وغضب. 

coa y gd‏ فينزعهاكمايُنْرَ السفودمن الصوف المبلولء في أ خذها. 

فإذا أخذهالم يدعوهافى يده طرفةعين حتى يجعلوها فى تلك المسوح» ويخرج 
منها كأنتن جيفة وجدت على وجه الأرض» فيصعد ون بها. 

فلايمرون بهاعلى ملأ من الملائكة إلا قالوا: ماهذه الريح الخبيثة!. 


لل ل 


N ee‏ كان يسمى بهافى الدنيا حتى ينتهى 
بها إلى السماء الدنياء فيستفتح له» فلا يفتح له . 
تمق رأرسول الله وَل : 


عي 008.8„ 
. 


إلا تف لهم باب ee‏ 
(الأعراف : )٤١‏ 
فيقول الله۔عز وجل.:اکتبوا کتابه فی سجين» فى الأرض السفلىء ثم تطرح روحه 
طرحتائم قرأ: 
RI, oy >‏ خَر من السّمَاء فتَخْطَُهُ لطر أو تهوى به الريح فى مكان, 
سحیق :1( 
فتعادروحه فى جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقو لان له: من ربك؟ فيقول: هاه 
هاه لاأدرى. 
قال: فيقولان: مادينك؟ فيقول: هاههاه لاأدرى. 
قال: فيقولان له: ماهذا الرجل الذى بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدرى . فينادى مناد 
من السماء: أن كذب فأفرشوه من النار» وافتحواله باب إلى النار. فيأتيه من حرها 
وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه. 
ويأتيه رجل قبيح الوجه. قبيح الثياب» منتن الريح» فيقول: 
أبشر بالذى يسوو ك» هذا يومك الذى كنت توعد. 
فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه القبيح يجىء بالشر. 
فيقول:أناعملك الخبيث» فيقول: رب لا تقم الساعة. 
«وفى رواية له بمعناه» وزاد: فيأتيه آت قبيح الوجه؛ قبيح الثياب» منتن الريح 
فيقول: أبشر بهوان من الله وعذاب مقيم. 
Li dd‏ الله بالشرء من أنت؟ 
فيقول: أناعملك الخبيث» كنت بطيئا عن طاعة الله» سريع ًا فى معصيته› 
فجزاك الله شرا . 


و 


ثم o 9 we oy el eo racha ar‏ بها جبل کان تراب فيضربه 
فيصير ترابًا. 

ثم يعيده الله كماكان» فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعه كل شىء إلا الثقلين». 

ونحن لا ندرى عن كته الجزاء قى القبور شيئًا Vy‏ حدود ما يصيب الأبدان 
والأرواح منه . 

نعم » نحن نوقن بهذا الجزاء . 

أما كيف يقح 6 وأما البحث فى التفاصيل الواردة به « Lif,‏ التساؤل عن طرائقه 
بعد بلى اللحم والعظم ؛ فهذا ما لا نستطيع الخوض فيه . 

oy‏ أمر المادة كأمر الروح غريب ».وما يتجلى للناس من خصائص الحياة 
وأسرارها Gy‏ بعد يوم ı‏ يجعلنا نصدق ما تخبرنا به الوحى ؛ ونكل دقائقه للمستقبل 
ولا نحب أن نرجم فيه بغيب . 





عمرالفرد وعمرالدنيا 


عندما ينقضى أجل الإنسان من فوق ظهر الأرض » يسافر إلى الآخرة تاركًا 
خلفه الناس « يكدحون ويؤملون . 

فإلى متى يتصل هذا العمران » ويبقى بنو آدم 0955 رسالتهم فى هذه الحياة . 
Dg ou‏ من تجاربها المضنية » إما إلى الجنة » وإما إلى النار؟ 

متى يأذن الله بانتهاء عالمنا هذا الذى تتوارث الأجيال أفراحه وأحزانه » وتزحمه 
بصراعها الدائم ؛ تارة على الحق » وتارات وتارات على الباطل ؟؟ متى؟ 

الظاهر من نصوص الدين أن للدنيا نهاية مقررة لا تعدوها . 

تشَفَقّ بعدها السماء ‏ وتنْهدٌ الأرض » وتغيض البحار» ويهلك الحرث والنسل » 
وتطوى الصفحة ال حافلة يتاريخ رهيب » من بدء الخلق إلى فنائه . 

وكما أن للإنسان عادة ‏ قبل أن يحين أجله ‏ أعراضا تؤذن بموته من شيخوخة 
أو مرض أو غيرها » فللإنسانية كلها قبل انتهاء أجلها أعراض . 

إذا ظهرت عليها دل ذلك على أن عمرها أوشك » ومصيرها اقترب . 

وعندى أن المبرر الأول لوجود الحياة وبقائها هو وجود أناس- قلوا أو كثروا - 
pen 08 yu‏ ويؤدون واجبه حقا . 

فإذا خلت الدنيا من هؤلاء , وبدا أن مثلهم لن يتمخض عنه امجتمع البشرى فى 
طول البلاد وعرضها » فمعنى ذلك أن الدنيا أفلست وحقت عليها الكلمة » وأن 
فض هذه السوق أصبح محتوما! 

وعلامات الساعة التى ذكرها القرآن الكريم » وأفاضت فيها السنة تشير إلى هذا 
فى جلاء . 

إن الرسل الكرام بذلوا جهود الجبابرة فى محاربة الجاهلية » وقيادة الناس إلى 
الله » وقد استجابت لهم أمة من الناس » ومشت حيتا من الدهر تحت لوائهم › 
وستظل تمشى إلى ما شاء الله . 


ee‏ ي 


فإذا انكمشت أمتهم » ونكس لواؤهم » وطمست شرائعهم » وهان على الناس 
أمرهم » وقامت الحضارات الختلفة على إنكار وحيهم وإقصاء هديهم .. ثم شاع 
الفساد واستبيحت الحرمات » وغلقت المعابد ‏ ونُسىّ الله جل وعلا ‏ وماج الناس 
بعضهم فى بعض . . يومئذ يستحصد هذا العمران كله » ويقترب للناس حسابهم . 
أجل . . . قد تقدم البشرية خطوات رحيبة إلى الأمام فى ميادين العلم » حتى 
لتسخر كل شىء لخدمة الإنسان وترفيه عيشه . 

بيد أن الإنسان عندما يصل إلى هذه الدرجة من الارتقاء المادى يكون قد وصل 
إلى الحضيض من الناحية الأدبية . 

: سيطغى » ويقتل » ويعربد » ويتأله‎ 
ET nes 
AN cl فَجَعَلنَاهًا حصيدا‎ TC 
(YE: (يونس‎ © Oy Sá 

وإليك من حكم النبوة ما يدلك على أن الساعة تقوم عقب فساد عريض لا 
ينتظر لظلامه فجر! . 

وفى فترة تخلد الدنيا فيها إلى أهوائها » فلا يتوقع لها طهر أو ارتقاء . 

عن أنس » عن النبى ب قال : «لا تقوم الساعة على أحد يقول : الله الله» 

وعن حذيفة »عن النبى كلك : «لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس 
بالدنيا لكع بن لکع» . 

ويبلغ من انمحاء معالم الدين أن تعود الوثنية إلى الجزيرة مرة أخرى : «لا تقوم. 
الساعة حتى تضطرب إليّات نساء دوس حول ذى الخلصة» . 

وهو صنم كان العرب يعبدونه فى الجاهلية الأولى . 

ويتهاوى الناس على اللذائذ يطلبونها من كل سبيل ويدفعون ثمنها شرفهم 
ومروءتهم : «يكون بين يدى الساعة فتن كقطع الليل المظلم ؛ يصبح الرجل 
مؤمئًا ويمسى كافرًا » ويمسى مؤمنًا ويصبح e AUS‏ يبيع أقوام دينهم بعرض من 
الدنيا» . 

وتهيج نيران الحروب فى الأرض نتيجة سقوط الضمائر وخراب الذم : 


ی 


» وما الهرج؟ قال : القتل القتل»‎ : ee 
. تمحق البركة من الأعمار۔ فهى مهما طالت قصيرة ؛ تمر ما يكاد أحد يشعر بها‎ 

a‏ تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر » والشهر 
كالجمعة . والجمعة كاليوم » واليوم كالساعة » والساعة كالضرمة من النار» - 
كإشعال age‏ من الثقاب . 

والأحاديث متكاثرة على أن الساعة ت تقوم على أشرار الناس . 

ولا يذهبن بك التشاؤم مذهب بعض الواهمين كلما رأوا منكرًا يفشو ضربوا كفا 
على كف » وقالوا : قامت الساعة !! 

إنها ستقوم حتمًا » بيد أن تربصها بهذا الأسلوب غير مستساغ . 

إن الأرض - من قديم ‏ مسرح للفساد وسفك الدماء . 

والعراك بين الخير والشر ناشب من قرون سحيقة » والأيام بينهما دول . 

وانهزام الخير حيئًا » لا يعنى أن يفض الله هذا EU atl‏ . 

ولكن الذى نزعمه هنا : أن الإنسانية المبتلاة بوجودها على ظهر الأرض » قد 
يُرخى لها العنان ما أثمرت حضارة أو أمة أو طائفة تستقيم على الطريق » وتسبح 
بحمد الله » وقد يغتفر شر كثير إلى جوار هذا الخير . 


RER 
من رشد الئاس » وأطبق أهل الأرض على العبث فيها . خلا‎ a فإذا انقطع‎ 
صلت شأفتهم » ثم جمع الأولون والآخحرون أمام الله محاكمة عامة‎ al e بعد سلف‎ 


شاملة . 
as o _‏ اال ا 
عليها صعيدا جرزا #(الكهف : ۷ (Ak‏ 





من أشراطالساعسة 


على أن هناك علامات حاسمة تسبق الختام الأ خير لهذا العالم . 

نذكر - فى إيجاز- بعضها » حتى لا يستطرد بنا الحديث . 

- منها : جوع عيسى بن مريم إلى الحياة الدنيا مرة أخرى » ولعله خص بذلك 
من بين الأنبياء ؛ لأن الخرافة التى تعلقت بشخصه ملأت الأرجاء » وقامت 
باسمها دول قوية » فليكذب الرجل نفسه ما أشاع الخلق عن ألوهيته » وهو ليس إلا 
عبد لله . Us‏ کانت الحياة وحدة متماسكة فنزوله فی آخر الزمان كاف فى الدلالة 
على هذا zul‏ » وزت جاء عقب ضلال طويل !! 

- ومن علامات الساعة : ظهور الدجال » وهو رجل أعور داهية » يبدو من 
صفاته المذكورة له » أنه ماهر فى علوم الطبيعة »وقد يوفق إلى طائفة le El ye‏ 
الرائعة ؛ ويؤتى القدرة على خداع العامة ¿ls le‏ من وسائل ليست بأيديهم . وهذا 
الأعور الدجال من عباقرة اليهود يدعى الألوهية » وقد حذرتنا السنة من الاستماع 
له » وسيطوف فى البلاد » يدعو لنفسه » حتى يقتل آخخر الأمر. 

- ومن علامات الساعة : شروق الشمس من حيث تغرب » وهذا الانقلاب 
الفلكى » إيذان بأن النظام الدقيق الذى تماسك به أجرام السماء يوشك أن يختا 
باذن صاحبه » ثم تنكدر pl‏ » وقسير الحبال » وتحشر الوحوش wf!‏ 

- ومن علامات الساعة : خروج الدابة » وعندی أن هذه العلامة نوع من 
العتاب والتقريع لبنى آدم الذين جهلوا ريهم » وجحدوا 4am‏ 6 مع ما آتاهم من عقل 
وفكرء قلا بأس أن CAS‏ سلالة من البغال أو ا حمير لتضرب حوافرها جباه الساسة 
والقادة » وتقول لهم : أما لكم رأى يصلكم بالله رب العالمين؟ أين الذكاء والفهم؟! 
كيف تلحدون؟ 
وإذا 05 el le we J yall‏ دَابَة من الأرض 3 OF gal‏ الاس کانرا بآياتنا 
لا يوقنون #(الدمل : 87) . 


=—_—_ 


البتوالجسراء 


سننتهى من هذه الدنيا » وستنتهى هذه الدنيا بعدنا . . . ثم ماذا؟ 

تحب أن نقول ولا » أو تكد ما قلناه قبلا : إن الله - سبحانه وتعالى - ماجد 
عظيم » وإن كماله الأسنى لا ترقى إلى كنهه العقول » وإنه آوجد البشر تفضلاً 
وأعطاهم ‏ على ظهر هذا الكوكب الضيق- فرصة خطيرة لو أحسنوا استغلالها ء 
وإنه - سبحانه وتعالى . لن يمنح الخلود فى جواره الكريم إلا لمن ينتهزون هذه 
الفرصة . . فترشحهم أعمالهم وأحوالهم للصعود إلى الرفيق أ ee Y‏ | 

إن الله الجيد لا يقبل إلى جواره الأوغاد . 

إن الله العليم لا يقبل إلى جواره الجهلة . 
إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا .70 

إن الله نظيف يحب النظافة . 

إن السفلة الذين التصقوا BE da‏ 
oll Oy >‏ كَذَبوا باياتنا واستكبروا عنها لا تفتّح لهم أبوَاب السّمَاء (ee‏ 

من الخير للإنسان أن يعلم علم اليقين » أن عمره امحدود فى هذه الدنيا ‏ إن لم 
يكن وسيلة للتكمل والترقى ؛ فلن يشرق غده » ولن يخرج منه بطائل . 

فالجنة التى وعد الله بها المتقين لا تدسع لخسيس ولا مهين » وإذا لم يكن 
الإنسان على حظ من الكمال والفضيلة » فلن يجد بها منزلاً . 3 

لما استكبر بها إبليس طرد منها » وقال الله له : © فاهبط منها فَمَا يكون لَك أن 
SS‏ فَاخْرج إِنكَ من الصاغرين 4 (الاعراف : 1) . 

ونا غفل آدم عن حق ربه » ووهنت فى الخنير عزيمته ؛ أخرج منها وزوجه 
وعرفهما الله - عز وجل - وعرف ذريتهما من بعدهما أن للجنة مستوى خاصا من 
الكمال من فقده لم يبق لها أهلاً . 


فمن بقيت فى نفسه أثارة من شرء وأدركه الموت ولم يتطهر منها ؛ حبس على 
شواطيع الآخرة , ولم يدخل جنة ربه على تلك الحال . 

قال النبى لل : «يخلص المؤمنون Dy Selb LN ope‏ عل قنطرة بين الجنة 
والنارء فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم فى الدنياء حتى إذا 
{gag pn‏ أذن لهم فى دخول الجنة) . 

أرأيت؟ لابد من تهذيب وتنقية؟ 

فمن لم يستو وينضج ويطب فى الدنيا انتظرته جهنم لتكمل له ما نقصه ء 
وتعويض ما فاته . 
gala Coe patie CS CE) pa tae JG of ap‏ 0 

(المعارج : ۳۸ ۳۹۰) 

لقد خلق الإنسان من أصول » فيها كدر وكثافة وهوان » Lao ¿ya‏ مسون » ونطفة 
أمشاج » وأمامه فى الدنيا فسحة من الأجل » ينبغى أن يستغلها فى ترشيح نفسه 
للملا الأعلى » فيقهر أهواءه » ويمسح أكداره » ويرقق من طينته » ويسمو بطبيعته » 
ويتعهد روحه بالصقل والتهذيب حتى يطيب ويطهر: فإذا جاءته رسل ربه لتنقله 
As‏ تَتَوقَاهم pú pd A‏ 
(FY: Joao es es as dl 1 Se‏ 

إن هناك أقوامًا تشم فى أعمالهم نتن الطين الذى خلقوا منه » وتلمح فى 
أخلاقهم كدره وسواده! هؤلاء ليسوا أصحاب الجنة مهما زعموا وأمّلوا !! . 

wer 

يعقد الإسلام صلة و ثيقة بين فعل الخير فى الدنيا وما يعقبه من سعادة فى 
الآخرة » كما يعقد الصلة نفسها بين اقتراف الشرور » واستحقاق العذاب الأليم . 

وقد يحاول بعض الناس بأساليب ملتوية » وعلل مكذوبة أن يشكك فى هذه 
الصلات القائمة » ولكن هيهات !! 

. لابد أن يلقى عقوبته » وأن يواجه الجزاء من جنس العمل‎ eel 


لس ل 


إن ال لا يصلح عَمَلَ ED ne‏ بَكَلماته ولو كره 
المجرمون 4 (يونس : (AYE AY‏ 

وعندما يتلاوم العصاة يوم القيامة » ويحاول كل فريق منهم إلقاء التبعة على 
الآخر ليتنصل من الذنب » ويفر من العقاب » عندئذ يقرع أذانهم صوت الحق © . 
YD‏ تختصموا لد وقد قَدمت إِليَكُم بالوعيد 69 ما يبدل القول لدئ وما أنا 
بظلم للعبيد 4(ق :م1 (rd:‏ 

والحسن لا يتخحلف عنه الوعد الحق » ولا تنقص مكافأته على صالح عمله ذرة : 
طإِنّ الذين آمنوا les‏ الصاخات لهم جنات التعيم © خَالدين فيها وعد الله 
حقًا وهو العزيز الحكيم 4 (لقمان:/ 80( 

ونحب أن ننبه إلى تلاعب طائفة من أدعياء العلم بالنصوص الواردة » وخبثهم 
فى فصل العلاقة بين العمل وجزائه » والاحتيال بذلك على تحقير مظهر الخير فى 
العمل الطيب » و مظهر الشر فى العمل الفاسد . | 

والحيلة التى يتوسلون بها إلئ ذلك » إيهام الناس أن التزاء مرتبط | بالمشيئة العليا 
لا بعمل الإنسان . 

وأن الفسقة قد ينالهم العفو مهما ارتكبوا » وينشد شاعرهم : 

وإنى وإن أؤعسدته أؤوعدته لخلف إیعادی ومتجزموعدی !! 

وأنه يجوز أن يدخل القانتون العابدون نار جهنم ..! لأن الله لا يسأل عما 

وهذا كلام يخالف الحقاثق المقررة فى دين الله . 

EA E‏ ل ل فك 
يرجو مؤمن حسنة . 

وهذه الفلسفة الحقيرة أدت عملها فى إفساد الأمة › وتلويث lab « E‏ 
الدين وتعاليمه . 


ee 


: سبحانه وتعالى ¬ يكذب ذلك كله بأسلوب صريح‎ _ ally 
thal آمنوا وعمِلُوا‎ lis alas حسب الّذينَ اجتر حوا السيئات أن نجع‎ ald 


cee OSB oe OF rag eae 
0 


سواء محياهم ومماتهم be sl‏ يحكمون #(الجائية : (N‏ 
م تجعل ll‏ منوا id a la‏ فى الأرض أم نجعل il‏ 


A مبارك ليدبروا آياته‎ ai CD 
(Y4e YA: Ge) 
» إن أولى الألباب يوقنون بأن عموم المشيعة لا يعنى التسوية بين خائن وأمين‎ 
. وأن جواز العفو لا يعنى إبطال الشرائع وتعطل القوانين‎ 





حول شفاعة إمام الأنبياء 


يلغط عوام المسلمين بأحاديث واردة فى شفاعة النبى و لبعض العصاة . 

وتعلق = العوام بأحاديث الشفاعة يخيل إليك أن قوانين الجزاء بطلت » وأن 
نيران الجحيم توشك E‏ تتحول بردا وسلاما على عصاة المؤمنين . 

وكشيرا ما يفرط هؤلاء الجهال فى الفروض » ويقعون فى أوخم الذنوب » ثم 
يقولون : أمة محمد بخيرا! 

وهذا مسلك ساقط . 

ومحمد يغ أول من يستنكره ويحارب أصحابه » وينذرهم بأنهم أصحاب 
الجحيم . 

فأما أن الجزاء حق » وأنه يتناول الذرة من احير والشر› وأنه يعم الناس 
أجمعين e‏ فذلك صريح je‏ 
> فمن يعمل مثقال ذْرَة خيرا يره (©) ومن يعمل (he ve abba Gaia (pb B55 Slike‏ 

والقول بأن قوانين الجزاء توقف بالنسبة لأتباع نبى ما سخف فارغ » وقد CAS‏ 
القرآن الكريم فى مواضع شتى مزاعم الأولين والآخرين لما جمحت يهم أمانيهم 
إلى هذا الوهم الباطل . 

ولسنا نرد ما صح من أحاديث الشفاعة » بل نثبتها فى مواضعها التى لا تعدوها 
حتى لا نحرف الكلم عن مواضعه . 

روى الشيخان : قال رسول الله بإ : «إن لكل نبى دعوة مستجابة وإنى 
اختبأت دعوتى شفاعة لأمتنى » فهى نائلة منكم إن شاء الله » من مات لا يشرك 
as UL‏ 

هل معنی هذا للدي أن الشفاعة التى يرجوها الرسول وك تنقذ مرتكبى 
الفواحش والناکر من ماتوا لا یشرکون all‏ شیئًا » دون أن يستوفوا جزاءهم؟؟ 

إن الرسول يه نفسه يرد هذا الزعم . 
i‏ 


ay‏ روى البخارى حديئًا يصف فيه أهؤال الحشر » وأحوال أهل النار قال النبى 
فيه : 


«يضرب الصراط بين ظهرانى جهنم ؛ فأكون انو بأمته »ولا 
يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل » وكلام الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم. » وفى جهنم 
كلاليب مثل شوك السعدان »هل رأيتم شوك السعدان ؟ قالوا: نعم » قال : فإنه 
za‏ شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله » تخطف الناس بأعمالهم ء 
فمنهم من Ji‏ بعمله » ومنهم من يُخحردل ثم ينجو ء حتى إذا أراد الله رحمة من 
أراد من أهل النار ؛ أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم 
ويعرفونهم بآثار السجود , وحرّم الله على النار أن تأكل آثار السجود , فيخرجون من 
النارء فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود فيخرجون 0 امتحشواء 
فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة فى. حميل السيل . . 

وهذا الحديث يفيد أن من المسلمين الذين يعبدون.الله وجده قومًا سيدخلون 
النار» وأن لهبها سینال ملامحهم » فلا يعرفون إلا بأثار السجود . 

. رحمة الله فحسب » هى التى تدركهم فتنقذهم ما يعانون من بلاء‎ fy 

الل Do‏ الحياة لينبتوا بعد خلقًا جديدً! يصلح للنعيم والرضوان . 

| 3557 

فليس للشفاعة هذا النطاق الواسع الذى يبرر به ابره إصرارهم » وما تفيدهم 
أمانيهم فيها شيئًا . 

وقد بيّن الله سبحانه وتعالى أن الشقاعة لا تجدى على كافر» ولا على فاسق 
مثقل بالخطايا . | , 

قال الله تعالى : « واه Jeet te opt ty‏ 
ولا تتفعها شفاعة ولا هم ينصرون 6(البقرة (vr:‏ 

وقال كذلك جد فر ووو أذ وق مقن سني لامشل 
شیء ولو کان ذا رب (فاطر: 18).. 


والنفس المثقلة بالخطايا ‏ ولو كانت لرجل من المصلين ‏ لا يفوتها جزاؤها كما 

رأيت فى du ins‏ وهو يصف أمته عند اجتيازها الصراط . 
ERA‏ 

والظاهر أن الشفاعة التى يرجوها التبى الكريم إنما تدرك صنقًا من الناس 
تأرجحت موازين الحق والباطل فى أعماله » فهو بين السقوط والنجاح . 

ونحن فى حياتنا ننظر إلى التلامذة الذين يقتربون من النهاية الصغرى للنجاح 
نظرة رأفة » وتميل إلى منحهم درجة أو درجتين جبرا لنقصهم . | 

أما الذين يبتعدون عن المستوى الأدنى للنجاح مسافة بعيدة » فإننا نحكم 
بسقوطهم قور . 

فلعل الشفاعة المنسوبة للرسول الكريم تنقذ أمثال هؤلاء المقاربين للنجاة » وبهذا 
التفسير يتم الجمع بين النصوص . 

ER 

وقد يكون المقصود من هذه الشفاعة التنويه بمكانة النبى ‏ صلوات الله وسلامه 
عليه » والإشادة بمنزلته الكبرى عند الله . . 

ومثال ذلك فى مجتمعنا أنه فى مناسبات نخاصة - كعيد ميلاد املك أو جلوسه 
- يفرج عن طوائف المسجونين ممن قضوا أغلب المدد المحكوم عليهم بها ء ويراد 
إشعارهم . بفضل ال مناسبة التى ستسوق لهم العفو والحرية . 

وهذه الحرية الممنوحة بالعفو العام ؛ لا تخدش أصل العقوبة المقررة . 

ولا يفهم منها أنه لا ضرورة لسن القوانين » وبناء الحاكم » وتعيين القضاة » كما 
يريد أن يفهم ذلك عوام المسلمين من أحاديث الشفاعة المنسوبة لنبيهم 8 » 
والتى تشير إلى أن الله قد يجيب دعاء نبيه وهو جاث بين يدى ربه يسأل الصفح 
عن الأمم الغفيرة من الأولين والآخرين » التى أدركها حر الموقف المعنت » وألهب 
عصاتها شواظ من النار المستعرة » فهى تضرع إلى الله أن يرفع غضبه » وتتردد على 
أنبيائه جميعًا كيما يشاركوهم الرجاء والدعاء . 


| | 


على أنه مهما بلغت منزلته عند الله فلن يتجاوز فى الله حد الملق والزلفى 
لولاه ‏ وما كان لنبى أن يفرض رأيًا أو يقرر حكما : 
A > sf AY clue Seti Aid YD‏ عن SB ISL 1g fog‏ ربكم 
قالوا الحق وهو ET‏ 

(vA: Call) 

فلا كلام إلا بإذن »ولا كلام إلا بصواب » ومردٌ الأمر لله وحده : 

فإذا كان من الناس من يقترف الموبقات المهلكة اعتمادا على شفاعة موهومة 
فليذكر قول الحق فى أهل النار : 
ما سكم فى ein‏ وم نك نطبم 
المسكين 25 وكا َخُوض مع Op q O pr‏ 
> أتَانا اليقين 9 فما تنفعهم شفاعة الشافعين (المدثر: 49 -48) . 

ونحن يعد هذه المقدمات الواجبة نروى حديث الشفاعة العظمى معتقدين أن 
قارئه لن يتجاوز بيه حدوده . 

عن أنس أن النبى يغ قال : «يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون 
لذلك » وفى رواية : فيلهمون لذلك . فيقولون : لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا 
من مكاننا . فيأتون آدم فيقولون : أنت آدم أبو البشرء خخلقك الله بيده وأسكنك 
جنته » وأسجد لك ملائكته » وعلمك أسماء كل شىء ؛ اشفع لنا عند ربك 
حتى يريحنا من مكاننا هذا . فيقول : لست هناكم » فیذ كر خطيئته التى أصاب 
فیستحی ربه منها › ولكن ائتوا نوحًا أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض ٠‏ 
فيأتون نوحًا فيقول : لست هناكم » فيذ كر خطيئته التى أصاب فيستحى ربه 
منهاء ولكن ائتوا إبراهيم الذى اتخذه الله خليلا . فيأتون إبراهيم » فيقول : 
لست هناكم » ويذ كر خطيئته التى أصاب فيستحى ربه منها . ولكن ائتوا 
موسى الذى كلمه الله وأعطاه التوراة . قال : فيأتون موسى » فيقول : لست 
هناكم » ويذ كر خطيئته التى أصاب » فيستحى ربه منهاء ولكن ائتوا عيسى 


اس ساس 


روح الله وكلمته . فيأتون عيسى روح الله وكلمته » فيقول : لست هناكم » ولكن 
ائتروا محمد 3% »عبد قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . قال : قال 
رسول الله يك : فيأتون » فأستأذن على ربی- تعالى- فيؤذن لى » فإِذا انا 
رأيته . وقعت ساجد! » فيد عنى ما شاء الله . فيقال : يا محمد ء ارفع رأسك !» 
قل تسمع » سل تعطه . واشفع تشفع . فأرفع رأسى » فأحمد ربى بتحميد 
يعلمنيه ربى ‏ د ثم أشفع » فيحد لى حد! فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة .ثم 
opel‏ فأقع ساجدا ء فيدعنى ما شاء الله أن يدعنى »ثم يقال لى : ارفع يا 
محمد رأسك » قل تسمع »سل تعطه » اشفع تشفع . فأرفع رأسى فأحمد ربى 
بتحميد يعلمنيه pty‏ › د ثم أشفع » فيحد لى حدا فأخرجهم من النار وأدخلهم 
الحنة. قال : فلا أدرى فى الثالثة أو فى الرابعة قال فأقول :يا رب ما بقى فى 
النار إلا من حبسه القرآن (أى من وجب عليه الخلود)» . 

إن أتباع الدين يجب أن يعرفوا أن الحساب الإلهى لا يغفل الذرة من الخير 
أو الشرء وأن هذه الدقة تنفى كل تصرف ينطوى على الفوضى › وكيل الجزاء 
جزافًا . وقد ندد القرآن الكريم باليهود » لما سرت بينهم هذه الآراء الغريبة » حتى 
ظن عامتهم أن الجنة حكر لهم ولذرياتهم - لأمر ما - فأقبلوا على ملذات العيش 
9 يتنه ووو فى NS ie od‏ 


ee ne ee 
» أَفَلا تعقلون‎ a de 
(V4 : (الأعراف‎ 
والمؤسف أن هذا القطع بين العمل وال حزاء رسب فى أوهام العامة » فأساءوا به‎ 
» إلى أنفسهم وإلى دينهم » ثم إن عوج سلوك المنسوبين إلى الدين وقلة تفقههم‎ 
. وسوء ذوقهم ء > مكن للإلحاد فى الأرض » ورفع الشقة من الأديان وبمثليها جملة‎ 
: والعجب للمسلمين» يصابون بهذه اللوثة وهم يقرأون قول الله‎ 


ne 


« ليس بأمانيكم ولا ماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد لَه من دون 
الله وليا ولا نصيرا (التساء : ۱۲۲( A‏ 


FREE 
الجزاء حق » ولققد أكثر القرآن من التذكير » ومن سوق النذير بعد النذيز ؛ لأن‎ 
| . أكثر الناس يذهلهم ما أمامهم عما وراءهم‎ 


بل رما أنكروه وسخروا منه غير عابئين بهذا الغد الزاحف . 

ولو عقلوا لعرفوا أن الآخرة هى المستقيل الذى يجب على كل راشد أن يوفر فيه 
أسباب سعادته » وأن يجعل حاضره من الدنيا تمهيدا له » وأن يجعل سعيه فى 
حياته غراسًا لا تنتظر ثمراته القزيبة يقدر ما تؤمل عند الله عواقبه المذخورة . 

إن.تتائج أعمالنا فى الدنيا خطيرة جد . 

سنقضى سنوات احتواها كتاب مؤجل » ثم تصير الدنيا - بعد أن تتركها كما 
كانت قبل أن نطرقها ‏ صفر »إلا ما تزودنا به متها 20000705 

ولو كان أكثر الناس وطيد الرجاء فى حياة مقبلة ما أزخص عمره .وما احتسب 
وقته أهون ما لديه من متاع ٠‏ . 


a cia 


فكونوا من أبناء الدار المقبلة» ولاتكونوا من أبناء الدارالمدبرة: فإن ا 
حسابء وغد حساب ولاعمل) , 





منكرو البعث وسخف مزاعمهم 


من العصور الخالية وأقطار الأرض منكوبة بصنف من الناس! » يظنون أنهم 
مربوطون بأعباء الحياة » كما تربط الحمير بعريات القمامة » تظل تدور بها حتى 
يغلبها الإعياء » وتدركها الشيخوخة » فتموت حتف أنفها ء أو يطلق عليها 
اران ا شا 

يقولون : إن هى إلا أرحام تدفع » وأرض تبلع » وما يهلكنا إلا الدهر . 

وهؤلاء كثيرًا ما يشغبون على المؤمنين » ويجادلونهم بالباطل! » ويحاولون توكيد 
Fae a BO}‏ بالإصرار والحلف !! الحلف با لا يؤمنون!« os‏ جهد 
يمانم hey oh oops E‏ عليه حَقًا YET‏ يعلَمُونَ 
een‏ 
Ús‏ لشىء إذا اردنا أن قول AYA: Jot) $0558 oS‏ 8( 1 

وما يحفظ للمعرى فى ترجيح حياة المصدق بالآخرة » وتقبيح حياة الإلحاد وما 
يكتئفها من فساد : 


لاتحشرالأجسساد قلت إليكما 
أوصح قولي فالخسارعليكما 
طهر فأين الطهر من جسديكما 
خلدي بذاك فأوحشاخلديكما 
منه ولاترعص ان من برديكما 
آتى فهل من عاند بيديكما؛ 
خيببعلماللهمنبرديكما 


قا المنجم والطبيب كلاهمسا 
إن صح قولكمسافلست بخاسر 
طهر ثوبي للصلاة وقبله 
وذكرت ربي في الضمائر مؤنسا 
وبكرت في البردين أبغي رحمة 
Gl li Sl ile po‏ 
بردالتقى وإن تهلهل نسجحه 


ERA 


AR 


وهذا الكلام من المعرى يصف من الموضوع ناحية جانبية فقط . 
فإن الدين يحفظ القلوب أن year‏ ويصون الأعراض أن تخدش . 


بل يقى الأبدان - بمسلكه النظيف - عوادى شتى تتمخض عنها الشهوات 
المنطلقة والأهواء العاصفة > 


لكن هذه الثمار الجميلة ليست الدليل الفذ . 

ويبدو أنها ذكرت فقط ء إغلاقًا لباب الجدل مع السفهاء . 

روى أن واحدا من أولئك المنكرين جاء إلى النبى يغ بعظم بال وعرضه عليه › 
يحسب المغفل أنه سيفحمه إذ يريه العظم ثم يتساءل كيف يتحول هذا إلى بشر سوى؟ 
« وضرب لنا مثلا ونسى حَلْقه 6(يس:8/) . 

وهذا الاعتراض صفعة للسائل المستبعد » ترده إلى مكانته التى يتطاول فوقها . 
e y JB‏ الام وھی ریم 9© فل یبا ای انشاھا أول مرة وهو يكل 
De eg‏ 
ee‏ مثلهم بلى وَهُوَ الْخَلاقَ 
peal‏ (یس :۷۸- (Av‏ 

نعم يحييها المبدع المنفرد فى شئون الخلق والإيجاد والتصوير . 

ودلائل البعث ترجع - فى جملتها - إلى لفت أنظار الناس نحو حقائق بدهية 
مسلمة ؛ فالذى بدأ الخلق يستطيع - إذا أفناه - أن يعيده . 
ota a As «‏ 
من قبل ولم يلك (We ie)‏ 

وهذا الخلق المعاد تت رتحت أعيننا صور شتى له كل يوم » بل كل لحظة . 
فالرجل من حيث لا يشعر تصنع غدده الجنسية ألوف الألوف من الحيوانات 


لل ل 


ولعل لهذه الكثرة فى إيجاد أصول الحياة يقصد بها إلى الدلالة على أن الموجد 
على درجة من الغنى فى خلق أسباب الحياة » تجعل إنشاء الناس أمرًا تافها بالنسبة 
إلى قدرته . 
Set ee‏ 
camino ral‏ 
JA Ca eal I GD‏ فلولا تذكُرون )(الراقعة . 

م oa a‏ الخلق؟ وما آية 
ذلك؟ قال : أما مررت بوادى قومك جدبًا » ثم مررت به يهتز خضرًا؟ قال : نعم 
قال : فتلك آية الله فى خلقه » كذلك يحيى الله الموتى! . 

والواقع أن الزروع التى تكسو وجه الأرض ؛وقشى فيها بالحياة oe‏ » ليست 
rn le‏ 

إن الفلاح يستودع ظلمات التراب حبة واحدة » أو ساقًا واحدّاء فإذا حقله 
يتحول - باسم الله - إلى جنان يانعة وثمار شهية وحصاد ميمون . . 

كيف تحول الكدر والقذر والطين إلى ثمار وأغصان ورياحين؟! 
« وترى الأرض هامدة فَإِذَا أنزلنا al Ll do‏ وربت وأنبتت من کل زوج 
هيج © ذلك بان coe af, Gallo Uh‏ الْموتئ وأنّهُ CO pd sob JS le‏ 
OF‏ السَاعة آتية Y‏ ريب فيها وان الله ييعث من فى القبور احج :0 = 

والمادة الميتة تتحول - فى كل غذاء نتناوله - إلى خلايا حية فى جسومناء 
يسرى فيها الشعور » وتنتفض بالحركة . 

فما معنى استنكار ما يقع شبيهه بيننا أبدا؟ هل النشور إلا هذا؟!! 

ثم ماظن الإنسان بنفسه؟ 

إن الأرض ومن عليها خلق ee‏ بالنسبة إلى الوجود الضخم الذى 
يزحم an le ee ea‏ 
الأخرى قليل . 


ie 


Gr ET glo yo 5H oh ofp y 
(ev: (غافر‎ 

فكيف يُستكثر على مَنْ يقيم قصرًا منيف الشرفات » سامق العمد أن يبنى 
کوخًا تافها بعد هدمه؟ 

إن البعث عقيدة فوق الشبهات .» فلنتهياً له بالزاد الطيب » من الهدى 
والتقى والعفاف . 

خطب النبى i‏ أول بعشه فقال: mal ob:‏ لايكذب أهلهٍ والله لو 
والله E‏ كما تنامون ac sus ah.‏ او 
إحسانًا » وبالسوء سوءاء وإنها لجنةٌ أبد! أو لنارٌ أبد!!» : 

فإذا طلعت عليك شمس يوم من أيام الدنيا بعد نوم مستغرق » فاذكر أن هناك 
يقظة » سوف تعقب الهجعة المؤقتة فى القبرء يساق بعدها أهل الشر إلى سقرء 
ويساق أهل الخير إلى فا مقعَد صلاق (os: an) den el se‏ 





الملوضوع الصف 
E a te Weeks cl tutes he ne erect he Sa all‏ 
الحقيقةالأولى E‏ ا طق A‏ 
الله ere ohh‏ دم فو nD Oa‏ البو م ا 
وجوده N aa Oa hee SRE raa‏ 
هل العالم خلق صدفة؟ ل 
عقيدة الألوهية عند الفلاسفة والعلماء O acia‏ 
لاريب فى وجود الله Ol rennen‏ 
لماذا كقروا؟ iaa‏ 
هو الأول NO‏ 
والآخر وا n O O‏ 
حاجة العالم إلى ali‏ امد E‏ 
ليس كمثله شىء PA ernennen‏ 
ما نعلم وما لا نعلم N es ee‏ 
الغنى المطلق ال لا ا وال ولاق لجرو با ولحاي ee ee‏ جار 
الوحدةالمطلفة EN a SRS ars‏ 
da rn Da Js al‏ 
عيسى ابن مريم مقواقة 6 ففم م مف يةةة ثم م مث هة ةم فيه ناميه لم مانن فييا. DV‏ 
مغالطة MEA A A A A AS Ts‏ 
عرض واقعى وجدل نظرى est‏ ل ري ا بق ا أو 
إخلاص التوحيد ان ل Ve an nennen‏ 
مقارنات بين الشركاء والعبيد UN RITA‏ 
توحيد العامة وما يعلوه من غبار O‏ 
حول توحيد العامة او نوا موت مالو مك انا لل لمشي لما ا AN‏ 
الكمال الأعلى Penner ese oe‏ 


الإرادة NE ee ed‏ 
الحكمة it is‏ سك 
الحياة ا ل ا ا ا و ما EE‏ له مه NK‏ 
العلم ASE‏ ب ال Nie‏ 
السمع والبصر O‏ 
الكلام ee in RES esse‏ 
أنت أنت الله EEE SEARED‏ 
القضاءوالقدر ا ا فته تعن اام A De‏ 
الإيمان بالقضاء والقدر A ÓN‏ 
نحن مجبورون فى هذا كله NEN Coe eee Orcas Mee eet ator one ete wes‏ 
هنا إرادتنا حرة ta.‏ ا 1 
معنى يضل من يشاء ويهدى من يشاء NO AD iw wife yates‏ 
كذب على دين الله A Een ne ee‏ 
الاعتذار بالأقدار ee es O‏ ا 
إجابة ساخرة ae‏ امد الو ااا ا 
على هامش الأقدار Nieren‏ 
العمل أساس الإيمان O ee‏ 
سوء العمل بالدين سر أزمته فى العالمين iure‏ 
الإيمان والعمل A nceaess‏ 
لا يعلمون الكتاب إلا أمانى eu‏ 
فى ميدان التربية VERSUS OSA SA‏ 
الخطيئةوالمئاب EN een)‏ 
الإيمان والخطيئة ا سج سود باس Vene‏ 
بين التوبة والعصمة NONE Se SLAs e‏ 
من مخلفات حرب الحدل VONT SSR AS a Sa a‏ 
هل المعصية مرض؟ Vu ne‏ 
خلافات لا مبررلها ا Won sat‏ 


بين النبوة والفلسفة A en ee ee‏ 
الوحى aS‏ ا ا ب ري كا 
العصمة O abe‏ ل ل ا 
المعجزة , AAA une‏ 
المغجزة بين الرسالة اخاتمة والرسالات الأولى Minis‏ 
مقترحات كافرة اواو و ان لبف اود بورك مدق اواو كاوق A‏ 
حقيقة الإعجاز المادى تود nern‏ شوو ابه واي NAN‏ 
النبى الإنسان Vi cn iaa‏ 
بين التبوة والعبقرية ees‏ لي VEN ANE Se SAS‏ 
العباقرة au eetaite‏ ل 0101010001 A‏ 
الأنبياء Ea Oa een ee ee‏ 
مسك الختام ee‏ 115 
موثل البطولات VEN ae ae ee we A ea‏ 
الإيمان بالنبوات كلها ESE sS‏ م 7 
الخلود iii da NS‏ 
هذى الحياة ا ا ا ا ار 
ما ورأء الحياة الدنيا Ae N O era‏ 
البرزخ امنا Velen est ee SANSAR‏ 
عُمر الفرد وعمر الدنيا TS EOS SA SS‏ 
من أشراط الساعة A‏ 
البعث والجزاء We N ge‏ 
حول شفاعة.إمام الأنبياء et‏ ا ع رم ل O‏ 
مدكرو البعث وسخف مزاعمهم e A ds‏ 


مؤلذاى فضيلة لشي 
eee‏ 

















© سوم داعهية. © AA o —Á‏ 
As‏ © حقيقة القومية العربية. 
© مشكلات فى طريق الحياة الإسلامية . © الإسلام والطاقات المعطلة . 
@ سر تأخر المرب والمسلمين . © كيسق نتعامل مع القرآن؟ 
Y)‏ دنم عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين . © — N ya‏ 

© مع الله . . دراسة فى الدعوة والدعاة . © النسساه السيساسى فى 
AA! ©‏ والمناهمج الاشتراكية . اختبمعات العربية والإسلامية . 
6 الإسسلام والأوضاع الاقتصادية . © جهاد الدعوة بين عجز الد اخمل وكيد الخارج . 

© قرت فى القتلسرآن. © تأملات فى الدين والحيساة. 
0 الحق المسر. . «دستة أجزاء» NN‏ © الإسلام فى وجه الزحف الأحمر. 
© الإس لم المفسسترى عليه . © صيحة تحذير من دعاة التنصير . 
Y‏ معركة المصحف فى العالم الإسلامى . © مقالات (أربعة أجزاء) من YI‏ 

‚lu 0‏ © حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام 
© الإسلام والاستبداد السياسى . E‏ المتسحدة. 
©الاستعمار أحقدادد وأطماع . © الجانب العاطفى من الإسلام . 
ä © yp s®‏ 9 #المسلم . 


: والتلامح‎ al @ 


| قريبا 
الموسوعة الكاملة لكافة أعمال فضيلة الشيخ | محمد الشزالى 
CD Ob unta ¿le‏ 


للتعرف على أحدث إصداراتنا الثقافية بمختلف أشكالها(كتاب / 60) 
: زوروا مو قعناعلى الإنترنت:12110©170151-60111. الالالال على الرقم المجاني 07775666 








www.nahdetmisr.com 


Bibliotheca Alexandrina 


x 


$ 
$ 















المسلم لم يتخل مطلقا عن عقيدته» فلقد ظل مؤمنا 
متديناء ولكن عقيدته تجردت من فاعليتهاء لأنها فقدت 
| إشعاعها الاجتماعى فأصبحت جذبيّة فردية؛ وصار 
الإيمان إيمان فرد متحلل من صلاته بوسّطه الاجتماعى, 
وعليه فليست المشكلة أن نعلّم المسلم y‏ 
وإنما المهم أن نرد إلى هذه العقيدة فاعليتها وقوتها 





الايجابية وتأثيرها الاجتماعى: وفى كلمة واحدة: 


oe we 





cd‏ بقدر ما هى فى أن نشعره بوجوده وثملاً به نفسه 


باعتباره مصدراأ للطاقة . 





¿ala Y dado ood‏ وشعور لا (Aula‏ وخلق